صفحة 1 من 1

تخصيص إعانة للعاطلين سيضاعف أعدادهم إلى 3 ملايين

مرسل: الثلاثاء مايو 06, 2008 3:43 am
بواسطة عبدالمجيد الجارالله (380)

فيما لا تزال تصريحات وزير العمل السعودي الأخيرة حول إعانة البطالة تتفاعل داخل أوساط المهتمين؛ حذر عضو في مجلس الشورى مما أسماه العواقب الوخيمة لتخصيص هذه الإعانة وأثرها السلبي في تشجيع التواكل، وبالتالي زيادة أعداد العاطلين أضعافا مضاعفة عما هي عليه الآن.

وبحسب أحدث تقرير صادر عن مصلحة الإحصاءات في وزارة الاقتصاد والتخطيط، فقد قارب عدد المواطنين العاطلين عن العمل 454 ألفا بنهاية العام الماضي 2007، ما يشكل 11% من إجمالي القوة الوطنية العاملة.

100 ألف وظيفة سنويا

واعتبر رجل الأعمال المعروف عبد الرحمن الزامل أن مجالات العمل مفتوحة، والمواطن الذي يسعى لا بد أن يجد ضالته، شرط ألا "يتدلل"، مضيفا: "تنفرد السعودية من بين دول الخليج بتوفير فرص عمل سنوية تعادل 100 ألف وظيفة جديدة، وهناك 800 ألف سعودي موظفون في القطاع الخاص وحده".

ومن موقع عضويته في مجلس الشورى، بيّن الزامل أن المجلس ناقش قضية الإعانة أكثر من مرة، لكنه لم يصل إلى قناعة كاملة بها، نافيا أن يكون الخوف من تحميل الميزانية عبئا إضافيا هو السبب الرئيس وراء عدم تأييد مبدأ الإعانة والمطالبة الجادة بإقراره.

واستحضر الزامل في حديثه لـ"الأسواق.نت" تجربة دولة الكويت، التي قال: إنها ما إن وافقت على تخصيص إعانة لمواطنيها العاطلين، حتى قفزت أعدادهم من 3 آلاف تقريبا، إلى عشرات الآلاف، لا سيما في أوساط النساء اللائي تجاوزت أعدادهن 10 آلاف.

وتابع: "ما حصل في الكويت يجعلني أكثر إصرارا في رفضي للإعانة، لأن تطبيق تجربة مماثلة لدينا في السعودية سيرفع أعداد العاطلين عن العمل إلى 3 ملايين، وخصوصا في صفوف النساء اللواتي سيعمدن للتسجيل في قوائم العاطلات بكثافة، بينما بإمكاننا الاستعاضة عن ذلك وتجنبه عبر ما تقدمه الحكومة فعليا من إعانات شهرية للمنخرطين في العمل وليس العاطلين عنه".

فعلى مدى 3 سنوات -والكلام للزامل- ساهمت الحكومة من خلال صندوق التنمية البشرية في دعم حوالي 60 ألف موظف شاب، متولية دفع نصف مرتباتهم بالتقاسم مع أرباب العمل، وبسقف يصل إلى ألفي ريال شهريا للموظف الواحد.

نوصل أصواتهم

ونقلت وسائل إعلام محلية قبل أيام قليلة عن وزير العمل السعودي رفضه الحاسم تخصيص إعانة للعاطلين، باعتبار أن معظم البطالة في البلاد اختيارية، على حد وصفه، وهو ما لم يلاق ترحيبا في صفوف المعنيين بالمسألة، لا سيما من الشباب الذين هم في مقتبل حياتهم العملية، ممن بينت الإحصاءات الأخيرة أن نسبتهم تصل إلى 45% من إجمالي العاطلين.

وبما أن تصريح وزير العمل جاء خلال زيارته مقر هيئة حقوق الإنسان ولقائه بأعضائها، توجهت "الأسواق.نت" إلى الناطق باسم الهيئة للاستيضاح عن موقفهم من قضية الإعانة؛ حيث أبدى الدكتور زهير بن فهد الحارثي تفهمه لوجهة نظر وزراة العمل في هذا المجال، لا سيما أن المسألة شائكة، وتحتاج إلى دراسة مستفيضة، تأخذ بالحسبان المخصصات المالية اللازم رصدها، إضافة إلى توجهات الدولة العامة.

وشدد الحارثي على أن هيئة حقوق الإنسان بأغلبية أعضائها تولي اهتماما بمشكلة البطالة، وضرورة إيجاد حل مناسب لها، لكنها لا تملك عصا سحرية، لا سيما أن مهمتها تنحصر في إيصال أصوات أصحاب الحقوق إلى الجهات المعنية.

وحول حجم المناشدات التي ترد إلى هيئة الحقوق فيما يخص البطالة وتوفير الإعانة؛ أكد الحارثي أن الجهل بوظيفة الهيئة ودورها ربما يكون وراء تكاثر الطلبات من هذا النوع، حيث لا يوجد فصل بين الطابع الحقوقي للهيئة والسمة الخيرية لغيرها من الجمعيات لدى هؤلاء، ما يدفع هؤلاء للتقدم بطلبات توظيف أو منح إلى الهيئة وكأنها جمعية خيرية.

ومع ذلك، نفى الحارثي لموقعنا أن يكون هناك إهمال لأي طلب أو شكوى صغيرة أو كبيرة أيا يكن موضوعها أو مقدّمها، موضحا أنهم يخاطبون الجهات المختصة، كل فيما يعنيها من تلك الطلبات، وإن كان ضعف الصلاحيات وقلة الكادر يحولان دون تدخل الهيئة في مختلف القضايا، نظرا لصعوبة تغطيتها في بلد بمساحة قارة، على حد تعبيره.

بعيدا عن الضمان

من ناحيته، ذكّر الكاتب الاقتصادي فهد العجلان أن إعانة البطالة مطبقة في بعض الدول؛ إلا أن نقل جسد الفكرة دون روحها لن يقدم حلا مناسبا للوضع في المملكة، موضحا رؤيته: إقرار الإعانة يجب أن يأتي في سياق حزمة من الإجراءات المتكاملة، أما إذا تم التعامل مع القضية كنوع من الضمان الاجتماعي فقط فلن يكتب لها النجاح، بل إنها ستغرر ببعض العاملين وتشجعهم للانضمام إلى صفوف العاطلين، وستفتح الباب واسعا للانقضاض على الإعانة من قبل من لا يستحقها، كما نشهد في حالات الضمان نفسها.

وأوضح العجلان أن هناك فكرة لتأسيس ما يعرف بـ "Center Job" في السعودية، أسوة بتجربة المملكة المتحدة، وهو ما سيسمح -إن تم- بتسجيل جميع العاطلين وبياناتهم ومتابعة أوضاعهم بدقة، لمعرفة من توظف منهم ممن لم يحصل بعد على عمل، معتبرا أن الحديث عن عدالة أو نجاعة الإعانة قبل القيام بخطوة من هذا القبيل أمر بعيد المنال.

وحول نظرته للسبب الرئيس الذي يمنع الحكومة من تخصيص إعانة لمواطنيها العاطلين، رأى مدير التحرير الاقتصادي في صحيفة الجزيرة أن هناك جملة من الأسباب المتداخلة اقتصاديا واجتماعيا، وربما يكون العبء المترتب على الميزانية واحدا منها، خصوصا وأن الدولة ما تزال الموظِف الأكبر على المدى الطويل، وأن بند المرتبات هو البند الأضخم في النفقات، كما أن ظروف تحقيق الفوائض المالية لا يمكن ضمان استمرارها.

تظلم من المقياس الواحد

وربط العجلان بين التشكيك الحاصل بنسب البطالة المعلن عنها رسميا، وبين افتقار الجهة المكلفة بإصدار الإحصاءات إلى الدقة والشمولية في أرقامها، فضلا عن تأخرها في إصدار تلك الإحصاءات وتحديثها، مستشهدا ببيانات التضخم، التي تعكس نوعا من أزمة الثقة في الأرقام بين الموجود على الورق وما يعاينه الناس.

لكنه عاد واستدرك: لا أعتقد أن لدينا معدل بطالة ضخما جدا، ومع ذلك لا أستطيع أن أتفهم سحب فكرة الإعانة من التداول كليا، وأدعو من حكم بإبطالها أن يجد بديلا مناسبا عنها، لا أن يكتفي بمجرد الإلغاء.

تجديد وزارة العمل رفضها المطلق لإعانة البطالة أثار بدوره ردود فعل مستهجنة في صفوف العاطلين من الشباب، وأبان عدد من هؤلاء بلهجة لا تخلو من التظلم أن معاملة جميع الناس على مقياس واحد ووصفهم بالتكاسل وتفضيل البطالة؛ أسلوب يفتقد إلى العدالة، ويأخذ المستحق للإعانة بجريرة غير المستحق لها.

وقال عادل العطوي: إنه واحد من آلاف الشباب الذين يحملون شهادات جامعية دون أن يجدوا مكانا لهم في سوق العمل، سواء لعدم توفر فرص تناسب تخصصاتهم أو لضآلة المرتب إلى درجة تجعله أدنى من الحد الأدنى اللازم لتأمين متطلبات العيش الضرورية لفرد واحد لا أكثر.

وفي ظل غياب آليات التصنيف والإحصاء الدقيقة للعاطلين وأسباب بطالتهم، يبقى التثبت من صحة الكلام السابق أشبه بالمستحيل، وقس على ذلك ما ردده أمامنا أكثر من موظف شاب بأن أرباب العمل يستولون على ما يدفعه صندوق التمنية البشرية كإعانة للعامل.

وسبق لصندوق تنمية الموارد البشرية أن اعتمد عام 2004 استراتيجية جديدة لدعم أصحاب المنشآت التي تتكفل بتدريب الشباب السعودي وتوظيفه، عبر مساعدتها بدفع نسب تتراوح بين 50 و75% من تكاليف التدريب والتوظيف، وبحد أقصى يعادل ألفي ريال، ولمدة لا تتجاوز سنتين.