((معركة أجنادين))
مرسل: الأربعاء مارس 30, 2011 11:07 pm
((معركة أجنادين))
معركة أجنادين هي معركة وقعت بين المسلمين والبيزنطيين عام 634 م في فلسطين.
مقدمة
الصحابي الجليل عمرو بن العاص، أول قائد عقد له أبو بكر الصديق لواء فتح الشام، وأمره بأن يعسكر بجيشه في تيماء شمالي الحجاز، وأوصاه بعدم البدء في القتال إلا إذا قُوتل، وكان الخليفة الحصيف يقصد من وراء ذلك أن يكون جيش خالد عونًا ومددًا عند الضرورة، وأن يكون عينه على تحركات الروم لا أن يكون طليعة لفتح بلاد الشام.
وحدث ما كان منه بدٌ، فقد اشتبك خالد بن سعيد مع الروم التي استنفرت بعض القبائل العربية من بهراء وكلب ولخم وجذام وغسان لقتال المسلمين، ولم تكن قوات خالد تكفي لقتال الروم، فُهزم هزيمة قاسية في "مرج الصفر" في (4 من المحرم 13 هـ = 11 من مارس 634م) واستشهد ابنه في المعركة، ورجع بمن بقي معه إلى "ذي مروة" ينتظر قرار الخليفة.
* أبوبكر الصديق يعقد أربعة ألوية
ولما وصلت أنباء الهزيمة إلى الخليفة أبي بكر الصديق أهمه الأمر، وجمع كبار الصحابة لتبادل الرأي والمشورة، واستقر الرأي على دفع العدوان، ورد الروم الذين قد يغرهم هذا النصر المفاجئ فيهددون أمن الدولة التي بدأت تستعيد أنفاسها بعد قضائها على حروب الردة، وتوالي أنباء النصر الذي تحقق في جبهة العراق.
جهّز الخليفة الصديق أربعة جيوش عسكرية، واختار لها أكفأ قواده، وأكثرهم مرانًا بالحرب وتمرسًا بالقتال، وحدد لكل جيش مهمته التي سيقوم بها.
أما الجيش الأول فكان تحت قيادة "يزيد بن أبي سفيان"رضي الله عنه، ووجهته " البلقاء" في الأردن.ويذكر "المدائني" أنه كان أول أمراء الشام خروجًا.
- وكان الجيش الثاني بقيادة "شرحبيل بن حسنة"رضي الله عنه، ووجهته منطقة " بُصرى".
- وجعل أبو بكر الصديق رضي الله عنه قيادة الجيش الثالث لـ "أبو عبيدة بن الجراح"، ووجهته منطقة "الجابية"، وقد لحق خالد بن سعيد الذي ذكرناه آنفًا بجيش أبي عبيدة.
- أما الجيش الرابع فكان بقيادة "عمرو بن العاص" رضي الله عنه، ووجهته "فلسطين". وأمرهم أبو بكر الصديق بأن يعاونوا بعضهم بعضًا، وإذا اجتمعوا معًا فالقيادة العامة لـأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه.
*الاستعداد لأجنادين
بعد سقوط بُصرى استنفر هرقل قواته، وأدرك أن الأمر جد لا هذر فيه، وأن مستقبل الشام بات في خطر ما لم يواجه المسلمون بكل ما يملك من قوة وعتاد، حتى تسلم الشام وتعود طيعة تحت إمرته، فحشد العديد من القوات الضخمة، وبعث بها إلى بصرى حيث شرحبيل بن حسنة في قواته المحدودة، وفي الوقت نفسه جهّز جيشًا ضخمًا، ووجّهه إلى أجنادين من جنوب فلسطين، وانضم إليه نصارى العرب والشام.
تجمعت الجيوش الإسلامية مرة أخرى عند أجنادين، وهي موضع يبعد عن "بيت جبرين" بحوالي أحد عشر كيلو مترًا، وعن الرملة حوالي تسع وثلاثين كيلو مترًا، وكانت ملتقى مهمًا للطرق.
نظم خالد بن الوليد جيشه البالغ نحو 40 ألف جندي، وأحسن صنعه وترتيبه على نحو جديد، فهذه أول مرة تجتمع جيوش المسلمين في الشام في معركة كبرى مع الروم الذين استعدوا للقاء بجيش كبير بلغ 90 ألف جندي.
شكّل خالد جيشه ونظّمه ميمنة وميسرة، وقلبًا، ومؤخرة؛ فجعل على الميمنة "معاذ بن جبل"، وعلى الميسرة سعيد بن عامر، وعلى المشاة في القلب أبا عبيدة بن الجراح وعلى الخيل "سعيد بن زيد"، وأقبل خالد يمر بين الصفوف لا يستقر في مكان، يحرض الجند على القتال، ويحثهم على الصبر والثبات، ويشد من أزرهم، وأقام النساء خلف الجيش يبتهلن إلى الله ويدعونه ويستصرخنه ويستنزلن نصره ومعونته، ويحمسن الرجال.
وتهيأ جيش الروم للقتال، وجعل قادته الرجالة في المقدمة، يليهم الخيل، واصطف الجيش في كتائب، ومد صفوفهم حتى بلغ كل صف نحو ألف مقاتل.
* اتعال المعركة
وبعد صلاة الفجر من يوم (27 من جمادى الأولى 13 هـ = 30 من يوليو 634م) أمر خالد جنوده بالتقدم حتى يقتربوا من جيش الروم، وأقبل على كل جمع من جيشه يقول لهم: " اتقوا الله عباد الله، قاتلوا في الله من كفر بالله ولا تنكصوا على أعقابكم، ولا تهنوا من عدوكم، ولكن أقدموا كإقدام الأسد وأنتم أحرار كرام، فقد أبيتم الدنيا واستوجبتم على الله ثواب الآخرة، ولا يهولكم ما ترون من كثرتهم فإن الله منزل عليهم رجزه وعقابه، ثم قال: أيها الناس إذا أنا حملت فاحملوا ".
وكان خالد بن الوليد يرى تأخير القتال حتى يصلوا الظهر وتهب الرياح، وهي الساعة التي كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يحب القتال فيها، ولو أدى ذلك أن يقف مدافعًا حتى تحين تلك الساعة.
أعجب الروم بكثرتهم وغرتهم قوتهم وعتادهم فبادروا بالهجوم على الميمنة؛ حيث يقف معاذ بن جبل، فثبت المسلمون ولم يتزحزح أحد، فأعادوا الكرة على الميسرة فلم تكن أقل ثباتًا وصبرًا من الميمنة في تحمل الهجمة الشرسة وردها، فعادوا يمطرون المسلمين بنبالهم، فتنادى قادة المسلمين طالبين من خالد أن يأمرهم بالهجوم، حتى لا يظن الروم بالمسلمين ضعفا ووهنا ويعاودون الهجوم عليهم مرة أخرى، فأقبل خالد على خيل المسلمين، وقال: احملوا رحمكم الله على اسم الله" فحملوا حملة صادقة زلزلزت الأرض من تحت أقدام عدوهم، وانطلق الفرسان والمشاة يمزقون صفوف العدو فاضطربت جموعهم واحتلت قواهم.
*بطولة وفداء
وفي هذه المعركة أبلى المسلمون بلاءً حسنًا، وضربوا أروع الأمثلة في طلب الشهادة، وإظهار روح الجهاد والصبر عند اللقاء، وبرز في هذا اليوم من المسلمين "ضرار بن الأزور"، وكان يومًا مشهودًا له، وبلغ جملة ما قتله من فرسان الروم ثلاثين فارسًا، وقتلت "أم حكيم" الصحابية الجليلة أربعة من الروم بعمود خيمتها.
وبلغ قتلى الروم في هذه المعركة أعدادًا هائلة تجاوزت الآلاف، واستشهد من المسلمين 450 شهيدًا.
وبعد أن انقشع غبار المعركة وتحقق النصر، بعث خالد بن الوليد برسالة إلى الخليفة أبي بكر الصديق يبشره بالنصر وما أفاء الله عليهم من الظفر والغنيمة، وجاء فيها: ".. أما بعد فإني أخبرك أيها الصديق إنا التقينا نحن والمشركين، وقد جمعوا لنا جموعا جمة كثيرة بأجنادين، وقد رفعوا صلبهم، ونشروا كتبهم، وتقاسموا بالله لا يفرون حتى يفنون أو يخرجونا من بلادهم، فخرجنا إليهم واثقين بالله متوكلين على الله، فطاعناهم بالرماح، ثم صرنا إلى السيوف، فقارعناهم في كل فج.. فأحمد الله على إعزاز دينه وإذلال عدوه وحسن الصنيع لأوليائه"؛ فلما قرأ أبو بكر الرسالة فرح بها، وقال: "الحمد لله الذي نصر المسلمين، وأقر عيني بذلك".
كانت معركة اجنادين أول لقاء كبير بين جيوش الخلافة الراشدة والروم البيزنطيين في الصراع على الشام، وجرت بحوالي سنتين قبل اللقاء الفاصل والحاسم في معركة اليرموك عام 636 ميلادي.
معركة أجنادين هي معركة وقعت بين المسلمين والبيزنطيين عام 634 م في فلسطين.
مقدمة
الصحابي الجليل عمرو بن العاص، أول قائد عقد له أبو بكر الصديق لواء فتح الشام، وأمره بأن يعسكر بجيشه في تيماء شمالي الحجاز، وأوصاه بعدم البدء في القتال إلا إذا قُوتل، وكان الخليفة الحصيف يقصد من وراء ذلك أن يكون جيش خالد عونًا ومددًا عند الضرورة، وأن يكون عينه على تحركات الروم لا أن يكون طليعة لفتح بلاد الشام.
وحدث ما كان منه بدٌ، فقد اشتبك خالد بن سعيد مع الروم التي استنفرت بعض القبائل العربية من بهراء وكلب ولخم وجذام وغسان لقتال المسلمين، ولم تكن قوات خالد تكفي لقتال الروم، فُهزم هزيمة قاسية في "مرج الصفر" في (4 من المحرم 13 هـ = 11 من مارس 634م) واستشهد ابنه في المعركة، ورجع بمن بقي معه إلى "ذي مروة" ينتظر قرار الخليفة.
* أبوبكر الصديق يعقد أربعة ألوية
ولما وصلت أنباء الهزيمة إلى الخليفة أبي بكر الصديق أهمه الأمر، وجمع كبار الصحابة لتبادل الرأي والمشورة، واستقر الرأي على دفع العدوان، ورد الروم الذين قد يغرهم هذا النصر المفاجئ فيهددون أمن الدولة التي بدأت تستعيد أنفاسها بعد قضائها على حروب الردة، وتوالي أنباء النصر الذي تحقق في جبهة العراق.
جهّز الخليفة الصديق أربعة جيوش عسكرية، واختار لها أكفأ قواده، وأكثرهم مرانًا بالحرب وتمرسًا بالقتال، وحدد لكل جيش مهمته التي سيقوم بها.
أما الجيش الأول فكان تحت قيادة "يزيد بن أبي سفيان"رضي الله عنه، ووجهته " البلقاء" في الأردن.ويذكر "المدائني" أنه كان أول أمراء الشام خروجًا.
- وكان الجيش الثاني بقيادة "شرحبيل بن حسنة"رضي الله عنه، ووجهته منطقة " بُصرى".
- وجعل أبو بكر الصديق رضي الله عنه قيادة الجيش الثالث لـ "أبو عبيدة بن الجراح"، ووجهته منطقة "الجابية"، وقد لحق خالد بن سعيد الذي ذكرناه آنفًا بجيش أبي عبيدة.
- أما الجيش الرابع فكان بقيادة "عمرو بن العاص" رضي الله عنه، ووجهته "فلسطين". وأمرهم أبو بكر الصديق بأن يعاونوا بعضهم بعضًا، وإذا اجتمعوا معًا فالقيادة العامة لـأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه.
*الاستعداد لأجنادين
بعد سقوط بُصرى استنفر هرقل قواته، وأدرك أن الأمر جد لا هذر فيه، وأن مستقبل الشام بات في خطر ما لم يواجه المسلمون بكل ما يملك من قوة وعتاد، حتى تسلم الشام وتعود طيعة تحت إمرته، فحشد العديد من القوات الضخمة، وبعث بها إلى بصرى حيث شرحبيل بن حسنة في قواته المحدودة، وفي الوقت نفسه جهّز جيشًا ضخمًا، ووجّهه إلى أجنادين من جنوب فلسطين، وانضم إليه نصارى العرب والشام.
تجمعت الجيوش الإسلامية مرة أخرى عند أجنادين، وهي موضع يبعد عن "بيت جبرين" بحوالي أحد عشر كيلو مترًا، وعن الرملة حوالي تسع وثلاثين كيلو مترًا، وكانت ملتقى مهمًا للطرق.
نظم خالد بن الوليد جيشه البالغ نحو 40 ألف جندي، وأحسن صنعه وترتيبه على نحو جديد، فهذه أول مرة تجتمع جيوش المسلمين في الشام في معركة كبرى مع الروم الذين استعدوا للقاء بجيش كبير بلغ 90 ألف جندي.
شكّل خالد جيشه ونظّمه ميمنة وميسرة، وقلبًا، ومؤخرة؛ فجعل على الميمنة "معاذ بن جبل"، وعلى الميسرة سعيد بن عامر، وعلى المشاة في القلب أبا عبيدة بن الجراح وعلى الخيل "سعيد بن زيد"، وأقبل خالد يمر بين الصفوف لا يستقر في مكان، يحرض الجند على القتال، ويحثهم على الصبر والثبات، ويشد من أزرهم، وأقام النساء خلف الجيش يبتهلن إلى الله ويدعونه ويستصرخنه ويستنزلن نصره ومعونته، ويحمسن الرجال.
وتهيأ جيش الروم للقتال، وجعل قادته الرجالة في المقدمة، يليهم الخيل، واصطف الجيش في كتائب، ومد صفوفهم حتى بلغ كل صف نحو ألف مقاتل.
* اتعال المعركة
وبعد صلاة الفجر من يوم (27 من جمادى الأولى 13 هـ = 30 من يوليو 634م) أمر خالد جنوده بالتقدم حتى يقتربوا من جيش الروم، وأقبل على كل جمع من جيشه يقول لهم: " اتقوا الله عباد الله، قاتلوا في الله من كفر بالله ولا تنكصوا على أعقابكم، ولا تهنوا من عدوكم، ولكن أقدموا كإقدام الأسد وأنتم أحرار كرام، فقد أبيتم الدنيا واستوجبتم على الله ثواب الآخرة، ولا يهولكم ما ترون من كثرتهم فإن الله منزل عليهم رجزه وعقابه، ثم قال: أيها الناس إذا أنا حملت فاحملوا ".
وكان خالد بن الوليد يرى تأخير القتال حتى يصلوا الظهر وتهب الرياح، وهي الساعة التي كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يحب القتال فيها، ولو أدى ذلك أن يقف مدافعًا حتى تحين تلك الساعة.
أعجب الروم بكثرتهم وغرتهم قوتهم وعتادهم فبادروا بالهجوم على الميمنة؛ حيث يقف معاذ بن جبل، فثبت المسلمون ولم يتزحزح أحد، فأعادوا الكرة على الميسرة فلم تكن أقل ثباتًا وصبرًا من الميمنة في تحمل الهجمة الشرسة وردها، فعادوا يمطرون المسلمين بنبالهم، فتنادى قادة المسلمين طالبين من خالد أن يأمرهم بالهجوم، حتى لا يظن الروم بالمسلمين ضعفا ووهنا ويعاودون الهجوم عليهم مرة أخرى، فأقبل خالد على خيل المسلمين، وقال: احملوا رحمكم الله على اسم الله" فحملوا حملة صادقة زلزلزت الأرض من تحت أقدام عدوهم، وانطلق الفرسان والمشاة يمزقون صفوف العدو فاضطربت جموعهم واحتلت قواهم.
*بطولة وفداء
وفي هذه المعركة أبلى المسلمون بلاءً حسنًا، وضربوا أروع الأمثلة في طلب الشهادة، وإظهار روح الجهاد والصبر عند اللقاء، وبرز في هذا اليوم من المسلمين "ضرار بن الأزور"، وكان يومًا مشهودًا له، وبلغ جملة ما قتله من فرسان الروم ثلاثين فارسًا، وقتلت "أم حكيم" الصحابية الجليلة أربعة من الروم بعمود خيمتها.
وبلغ قتلى الروم في هذه المعركة أعدادًا هائلة تجاوزت الآلاف، واستشهد من المسلمين 450 شهيدًا.
وبعد أن انقشع غبار المعركة وتحقق النصر، بعث خالد بن الوليد برسالة إلى الخليفة أبي بكر الصديق يبشره بالنصر وما أفاء الله عليهم من الظفر والغنيمة، وجاء فيها: ".. أما بعد فإني أخبرك أيها الصديق إنا التقينا نحن والمشركين، وقد جمعوا لنا جموعا جمة كثيرة بأجنادين، وقد رفعوا صلبهم، ونشروا كتبهم، وتقاسموا بالله لا يفرون حتى يفنون أو يخرجونا من بلادهم، فخرجنا إليهم واثقين بالله متوكلين على الله، فطاعناهم بالرماح، ثم صرنا إلى السيوف، فقارعناهم في كل فج.. فأحمد الله على إعزاز دينه وإذلال عدوه وحسن الصنيع لأوليائه"؛ فلما قرأ أبو بكر الرسالة فرح بها، وقال: "الحمد لله الذي نصر المسلمين، وأقر عيني بذلك".
كانت معركة اجنادين أول لقاء كبير بين جيوش الخلافة الراشدة والروم البيزنطيين في الصراع على الشام، وجرت بحوالي سنتين قبل اللقاء الفاصل والحاسم في معركة اليرموك عام 636 ميلادي.