منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

By عبدالمجيد الجارالله (380)
#4079
سؤال طالما تردد في‮ ‬ذهني،‮ ‬لماذا تغيب عن اليابان ظاهرة تفريخ الأبطال؟


لماذا لا نشهد في‮ ‬سنغافورا أبطالاً‮ ‬كارتونيين كما هو عندنا نحن العرب؟
لماذا العالم العربي‮ ‬أكثر البلدان في‮ ‬العالم احتفاء بالأبطال الشعبويين ولو كانوا‮ ‬يقودونهم للمسالخ؟

قد‮ ‬يكون التفسير السيكولوجي‮ ‬مناسباً،‮ ‬باعتبار أن سيكولوجية الإنسان المقهور تدفعه إلى صناعة بطل،‮ ‬ولومن تمر،‮ ‬ليوجد بداخله التوازن ما بين إحباط وقهر الواقع والأمل بالمخلص‮. ‬إنه مفهوم‮ (‬البطل الضرورة‮) ‬الذي‮ ‬أضاع بلداننا العربية‮. ‬قلت ذلك سابقاً‮ ‬إنه‮ ‬يسمى بالتماهي‮ ‬الإسقاطي‮ ‬وهو إضفاء صفات خرافية خارقة على البطل‮. ‬العالم العربي‮ ‬أكثر مجتمع‮ ‬يفرخ أبطالاً‮ ‬ميكروفونيين ومن ورق‮. ‬ينتشي‮ ‬بالخطابات التي‮ ‬تقوده للموت والعدمية في‮ ‬الحياة،‮ ‬يسكر لأي‮ ‬خطاب عاطفي‮ ‬ولو كان سيقوده إلى الهلاك‮.‬
هل سمعتم عن بطل سنغافوري‮ ‬شعبوي‮ ‬يخرج الناس بالصراخ؟

هل سمعتم عن بطل صيني‮ ‬أو‮ ‬ياباني‮ ‬أو بريطاني‮ ‬أو ماليزي؟ لماذا نحن فقط في‮ ‬هذه المنطقة نقوم بتفريخ الأبطال المجانين؟

إن الجماهير العربية ألفت حب من‮ ‬يقودونها للمحارق‮. ‬إننا أكثر أمة تنتشي‮ ‬بالهزائم وتراها إنجازات عظيمة‮. ‬إنه بسبب العقل التبريري‮ ‬المركب في‮ ‬عقولنا‮. ‬فكل شيء نبرره بالقوة اللاهوتية‮. ‬كلسترول القداسة عمل على سد كل شرايين العقل‮. ‬رغم كل ما جرى في‮ ‬البصرة لن نتفاجأ من عدد المصلين في‮ ‬صلاة الجمعة لمقتدى الصدر،‮ ‬فهو‮ ‬يخرجهم من معركة إلى معركة،‮ ‬ومن حفرة إلى حفرة بمغامرات لا تنتهي‮ ‬إلا بأكفان‮. ‬ولكن من‮ ‬يستفيد من الدروس؟ العملية تتكرر كل‮ ‬يوم في‮ ‬دولة عربية أخرى وأمام جثة كل قتيل ترتفع صور للقائد العظيم على امتداد الخارطة العربية‮.‬

لا أعلم،‮ ‬هل قدر الأغلبية في‮ ‬العالم العربي‮ ‬أن تكون صامتة؟

هل خوف المثقفين واتخاذ خيار الانطواء في‮ ‬الصدفة سيبقى دائماً‮ ‬هو الخيار؟
إلى متى‮ ‬يبقى تعمية الرأي‮ ‬العام بهذه الطريقة؟ العالم‮ ‬يبني‮ ‬اقتصاداً،‮ ‬ونحن لا نبني‮ ‬إلا أقفاصاً‮ ‬طائفية،‮ ‬وزنزانات عرقية ثم نتفجر في‮ ‬مؤتمرات الوحدة بأننا كلنا إخوان ونبيع على الناس صناديق مشحونة بعلب التسامح المغشوشة‮. ‬إنه بحق جيل الحروب الخاسرة‮. ‬نحن فاشلون في‮ ‬الحروب،‮ ‬وأكثر فشلاً‮ ‬في‮ ‬التنمية‮. ‬السؤال‮: ‬هل‮ ‬يستطيع أي‮ ‬بطل شعبوي‮ ‬كارتوني‮ ‬أن‮ ‬يقدم اعترافاته لأخطائه أمام الجمهور كما فعل جان جاك روسو وطرح بكل جرأة اعترافاته أمام الناس وعن حياته الخاصة وهو الفيلسوف الذي‮ ‬قاد معركة التنوير في‮ ‬أوروبا؟‮ ‬

أم أن أبطالنا لا‮ ‬يخطئون؟ فعلاً،‮ ‬الشرقي‮ ‬لا‮ ‬يرضى بدور‮ ‬غير أدوار البطولة ولو بذبح الناس وقيادتهم للتهلكة‮.‬

اليوم أصبح الحزب أغلى من الوطن،‮ ‬والانتماء الإيديولوجي‮ ‬أفضل من الانتماء الإنساني‮. ‬أوطان تحرق بسبب العواطف ومن‮ ‬ينتقد سيطلق على حنجرته الرصاص لإسكاته‮. ‬يقول ديجول‮: ((‬الرجال فانون والأوطان باقية‮)). ‬اليوم أصبحنا نقول‮: ‬فليحرق الوطن في‮ ‬سبيل الرجال وجنون الرجال‮. ‬فليبق الجنون ولو احترق الوطن‮.‬

كم من وطن عربي‮ ‬يحترق بسبب هذه الخطابات؟

ليتنا نتعلم من الثقافة الصينية،‮ ‬وما أجمل مثلها‮!‬

‮((‬جميلة أو قبيحة إنها بلادي،‮ ‬قريباً‮ ‬كان أو‮ ‬غير قريب إنه مواطني‮)). ‬للأسف الخطاب السائد والخاطئ،‮ ‬أننا نعلم الناس أن من هو في‮ ‬بريطانيا أقرب لي‮ ‬من أخي‮ ‬مادام من حزبي،‮ ‬وأقرب إليّ‮ ‬حتى من أخي‮ ‬المواطن‮. ‬مللنا من الخطابات التي‮ ‬ما قتلت ذبابة،‮ ‬ومن الخطابات التي‮ ‬تثورنا كما تثور القناني‮ ‬الغازية ثم تهدأ بلا أي‮ ‬نتيجة‮.

‬اليوم كما قال أحمد زويل‮: ((‬التعليم والبحث العلمي‮ ‬هو الضرورة الملحة للشباب العربي‮)). ‬نعم التعليم وليس إمساك البندقية واختصار كل الحضارات والأمم في‮ ‬قطعة سلاح أو في‮ ‬مسدس‮. ‬السؤال‮: ‬هل من عاقل في‮ ‬زمن الجنون؟

هناك عقلاء ولكن الرهان على خروجهم من الصدفة ونقدهم الواضح لكل أسماك قرش الشرق التي‮ ‬اغتالت الجمال وسرقت ضوء الحب وذبحت الإبداع على مسلخ العقيدة‮.‬