صفحة 1 من 1

تعريف الوجودية .....

مرسل: الأحد إبريل 10, 2011 1:38 am
بواسطة عساف جزاء المطيري
(منقول )

تعريف بالوجودية:

نمت الأفكار الرئيسية التي دارت حولها الفلسفة الوجودية من التأزم العميق الذي عاشه الإنسان بكل وجدانه نظراً لوجوده في عالم مهموم، عالم لا مخرج له مما هو فيه، عالم منغلق. لكنها ولدت من الثورة على هذا الانغلاق، ومن توكيد قدرة الإنسان التي لا تقهر على مقاومة العدم، وإعطائه معنى وتجاوزه.

وقد عبر سارتر عن الفكرة الجوهرية في هذا الشأن بقوله: ( كان لابد أن يشعر جيلان بوجود أزمة في الأيمان وأزمة في ميدان العلم، لكي يصنع الأنسان يده على تلك الحرية الخلاقة التي كان ديكارت قد أودعها بين يدي الله وحده، ومن أجل أن يطمئن الناس أخيرا إلى تلك الحقيقة التي تعد الأساس الرئيسي في كل نزعه إنسانية وهي: أن الأنسان هو الوجود الذي يتوقف وجود العالم على ظهوره).

أن الفلسفة الوجودية حينما قامت إنما جاءت مناقصة صريحة وعاملة في اتجاه مضاد لتلك الحركات الجماعية وتلك الفلسفات التي تدعو إلى صب الناس في قوالب معينة من ناحية الاعتقاد والتفكير وأسلوب الحياة ونوع السلوك. فهي فلسفة في وضع مقابل لكل حركة تقيميه، ولكل مشروع جماعي ولكل طائفة تتخذ ضروباً معينة لا تتعداها من القواعد والآراء. يقول ياسبرز: (يكفي للفرد أن يوجد، فبهذه الواقعة نفسها نتجاوز الموضوعية. وهذا هو مبدأ كل فلسفة للوجود. ولا أهمية لها إلا في نظر الأشخاص الذين ارتضوا أن يكونوا أنفسهم، واختاروا الوجود الحقيقي الأصل، لا الوجود الزائف المبتذل. وهذا الوجود يبدأ من الصمت، وينتهي بالصمت، وغايته الوحيدة هي التعبير عن الوجود والوصول إلى الوجود ).

وأهم خاصية تميز هذا النمط من التفلسف هي أنه يبدأ من الإنسان ولا يبدأ من الطبيعة. إنه فلسفة للذات Subject، أكثر منه فلسفة للموضوع Object فالذات هي التي توجد أولاً… والذات التي يهتم بها الوجوديون ليست هي الذات المفكرة، بل هي الذات الفاعلة، الذات التي تكون مركز للشعور… الذات التي تدرك مباشرة وعينياً في فعل الوجود المشخص.

يرى مارسيل أنه حينما يشعر الإنسان بالاغتراب وما يصاحبه من يأس وقلق، يشعر في قرارة نفسه بالحاجة إلى الوجود الحق، ويتولد لدى الإنسان الإحساس بأن هذا العالم ليس إلا حيز من واقع مستور محجوب عنه. حينها يكون بمواجهة سر من الأسرار، ولا حل له، لأنه ليس مشكلة، وهو حاضر حضوراً دائماً، ونحن نشارك في هذا السر دون أن نمتلكه، ونتعرف عليه ونشعر به وبدون أن نحيط بمعرفته أو نسبر غوره تماماً.

فلذلك تتميز الفلسفة الوجودية بميلها إلى الوجود، فهي لا تبالي بماهيات الأشياء وجواهرها، كما لا تبالي بما يسمى بالوجود الممكن والصور الذهنية المجردة. إن غرضها الأساسي هو كل موجود، أو بتعبير آخر هو كل ما هو موجود في الواقع والحقيقة.



الأسلوب الوجودي في التفلسف:

إن أول ما تهتم به الوجودية هو العودة إلى الواقع الحقيقي. يقول مارسيل (أرى أنني أميل، فيما يختص بي إلى نفي القيمة الفلسفية المحض عن كل أثر لا أستطيع أن أتميز فيه ما أسميه عضة الواقع ). ويقول كيركجارد: ( فيما يجهد الفكر المجرد ليفهم المحسوس فهماً تجريدياً، نجد الفكر الذاتي أو الوجودي، يجهد على العكس ليفهم المجرد فهماً محسوساً). والوجوديون عموماً، سواء المؤمنين أو الملحدين يؤمنون جميعاً إن الوجود سابق على الماهية أو أن الذاتية تبدأ أولاً. ويقول سارتر : (لو تناولنا أياً من الأشياء المصنوعة، مثلاً هذا الكتاب أو سكينة من السكاكين، نجد إن السكينة قد صنعها حرفي، وأن هذا الحرفي قد صاغها طبقاً لفكرة لديه عن السكاكين، وطبقاُ لتجربة سابقة في صنع السكاكين، وأن هذه التجربة أكتسبته معرفة هي جزء لايتجزأ من الفكرة المسبقة التي لديه عن السكاكيي، والتي لديه عن السكينة التي يصنعها. وأن الصانع كان يعرف لأي شئ ستستخدم السكين وأنه صنعها طبقاً للغاية المرجوة منها. وأذن فماهية السكين، مجموعة صفاتها وشكلها وتركيبها والصفات الداخلة في تركيبها وتعريفها، كلها سبقت وجودها، وبذلك يكون لهذا النوع من السكاكين وجوداً معيناً خاصاً بها، وأنه وجود تكنيكي، بمعنى أن السكين بالنسبة لي هي مجموعة من التركيبات والفوائد، ونظرتي لكل الأشياء بهذه الطريقة تكون نظرة تكنيكية يسبق فيها الإنتاج على وجود الشيء وجوداً محققاً، أي أنه قبل أن يوجد الشيء لابد أن يمر على مراحل عدة في الإنتاج.

ونحن عندما نفكر في الله كخالق، نفكر فيه طوال الوقت على أنه صانع أعظم، ومهما كان اعتقادنا، سواء كنا من أشياع (ديكارت) أو من أنصار ( ليبنتز ) فأننا لابد أن نؤمن بأن إرادة الله تولد أساساً، أو على الأقل تسير جنباً إلى جنب مع عملية الخلق، بمعنى أنه عندما يخلق فهو يعرف تمام المعرفة ما يخلقه، فإذا فكر في خلق الإنسان، فأن فكرة الإنسان تترسب لدى الله، كما تترسب فكرة السكين في عقل الصانع الذي يصنعها، بحيث يأتي خلقها طبقاً لمواصفات خاصة وشكل معين. وهكذا الله فأنه يخلق كل فرد طبقاً لفكرة مسبقة عن هذا الفرد ).

ويضيف سارتر على ذلك: (أن النظريات الإلحادية في القرن الثامن عشر قضت على فكرة الله فلسفياً، ولم تقض على فكرة أن الماهية تسبق الوجود، فنجدها مسيطرة عند ديدرو وعند فولتير وحتى عند كانت فالإنسان له طبيعة بشرية، وهذه الطبيعة البشرية هي ما يصاغ عليها الإنسان، وهي ما يتسم به كل إنسان، أو يشترك في صفاتها مع غيره من البشر، وبذلك تكون الإنسانية، كلها أو أفرادها، قد خلقوا طبعاً لفكرة عامة، أو مفهوم عام أو نموذج عام يجب أن يكون عليه البشر. والفيلسوف كانت قد وصف هذه الطبيعة العامة للبشرية، بحيث يساوي بين الإنسان الذي يعيش في الغابة والإنسان المدني، والبرجوازي ويجعل الثلاثة يشتركون في صفات عامة. وهكذا نجد فكرة الإنسان في التاريخ أسبق على حقيقته… أي إن الماهية تسبق الوجود مرة أخرى. لكن الوجودية الملحدة، التي أنا أمثلها، تعلن في وضوح وجلاء تامين، إنه إذا لم يكن الله موجوداً، فأنه يوجد مخلوق واحد على الأقل قد تواجد قبل أن تتحدد معالمه وتبيّن. وهذا المخلوق هو الإنسان أو أنه كما يسميه هيدجر الإنساني، بمعنى أن وجوده كان سابقاً على ماهيته.

…أن الإنسان يوجد ثم يريد أن يكون، ويكون ما يريد أن يكونه بعد القفزة التي يقفزها إلى الوجود، والإنسان ليس سوى ما يصنعه هو بنفسه ).

ويعتقد الوجوديون أن الهرب من الطريق الوجودي في البحث يعزلنا عن فهم ذواتنا فهماً صحيحاً ويجعلنا لا نواجه المشكلات الحقيقية التي تعتمد وجودنا الفردي المشخص. لأن الوجودية ترى إن الموقف الإنساني ممتلئ بالتناقضات والتوترات التي لا يمكن حلها بواسطة الفكر المضبوط والنقي. إن هذه التناقضات لا ترجع ببساطة إلى الحدود الحاضرة لمعرفتنا أو إلى ما نحصل عليه من تقدم علمي، أو إلى تفسيرات فلسفية… إنها ترجع إلى أن الإنسان حر، وهو مسؤول عن حريته، كما أنه يشعر بالندم والذنب إزاء ما يقترفه من أفعال.

ويقول هيدجر: ( الموجود كله في الوجود. مثل هذا القول يرن في أسماعنا كأنه قول مبتذل، إن لم يكن مهيناً، لأنه ما من أحد بحاجة إلى أن يهتم بأن الموجود يرجع إلى الوجود، فالعالم كله يعلم جيداً أن الموجود هو ما هو، فأي شيء آخر يبقى للموجود سوى أن يكون؟ ومع ذلك فهذه الحقيقة التي تقول بأن الموجود يبقى مجمعاً في الوجود، وإن الموجود يظهر في ضوء الوجود، هي التي أوقعت اليونانيين في الاندهاش. الموجود في الوجود: هذه هي الحقيقة التي أصبحت بالنسبة لليونانيين أكثر الأشياء إثارة للدهشة ).

ربما حكمت الأجيال القادمة بأن أعظم إسهامات الفلسفة الوجودية تألقاً وأكثرها دواماً إنما يوجد في دراستها لموضوع آخر لا يزال يتكرر وجوده في كتابات أصحابها وهو : الحياة العاطفية للإنسان، وهو موضوع أهمله الفلاسفة، وأسلموه إلى علم النفس فكلما سيطرت على الفلسفة الأنماط الضيقة من العقلانية.. اعتبرت العواطف المتقلبة، والأمزجة والمشاعر التي تظهر في الذهن البشري، شيئاً لا يناسب مهام الفيلسوف، بل حتى بدت عقبة في طريق المثل الأعلى للمعرفة الموضوعية. غير أن الوجوديين يذهبون إلى أن هذه هي بعينها الموضوعات التي تجعلنا نندمج بكياننا كله في العالم وتتيح لنا أن نتعلم عنه أشياء يتعذر علينا تعلمها عن طريق الملاحظة الموضوعية وحدها، ولقد زودنا الوجوديون من كيركجارد إلى هيدجر و سارتر. بتحليلات مشوقة لحالات وجدانية: كالقلق، والملل، والغثيان، وحاولوا أن يبينوا إن مثل هذه الحالات ليست غير مغزى فلسفي.

بعد انقضاء الحرب العالمية أصبحت الوجودية حديث الساعة في كثير من البلدان، ولقد حظيّ مؤلف ( الوجود والعدم ) جان بول سارتر بنجاح كبير، وهو مُؤَلفْ بالغ الصعوبة ينم عن إلمام عميق بتاريخ الفلسفة إذ أن التحليلات الفلسفية التي تضمنها هي من الصيغة الاصطلاحية ومن التجريد بحيث يعسر فهمها على غير المتخصصين من ذوي الثقافات الراسخة.

إن الوجودية هي فلسفة تتصدى لمعالجة تلك المشاكل الوجودية، وهي مشاكل إنسانية تتناول مدلولات الحياة والموت والمعانات والألم إلى جانب قضايا أخرى، بيد أن الوجودية ليست هي التي ابتدعت هذه المشاكل، فهي مشاكل تقليدية عرفها الفكر الفلسفي وبحثها في جميع العصور. فلقد تناولها من قبل كثير من المفكرين من أمثال القديس أوغسطين وباسكال والناقد الأسباني ميجوويل دي أونامونو والروائي الروسي دوستويفسكي والشاعر والألماني ريزماريا ريلكه، فأن جميع هؤلاء الكتاب والشعراء قد عالجوا في مؤلفاتهم مختلف القضايا الإنسانية وعرضوها في قالب بليغ، ومع ذلك فأننا نخطئ حين نضمهم إلى فلاسفة الوجود.

وقد عبر سارتر قائلاً ( في حوالي عام 1880 عندما حاول بعض المدرسين الفرنسيين أن ينشئوا أخلاقاً علمانية كانوا يقولون شيئاً من هذا الكلام: القول بوجود الله فرض لا غنى فيه ومبهظ، ولهذا فأننا نلغيه من حسابنا، ولكن من أجل أن تقوم ويقوم مجتمع ويشيد عالم يخضع للنظام أن تؤخذ بعض القيم مأخذ الجد، ولا بد أن ننظر أليها أنها ذات وجود أولي،… على العكس من ذلك تماماً، فأن الوجودية ترى أن افتراض عدم وجود الله سيؤدي إلى عاقبة وخيمة… وذلك لأن كل القيم التي كان من الممكن أن يقول بوجودها كمقولات مفارقة ستختفي معه… ). وكان دوستويفسكي قد كتب يقول ( إذا لم يكن الله موجوداً، فسيصبح كل شئ مباحاً ).

كانت هذه هي نقطة البداية في الوجودية.

يتمرد الوجوديون، عادةً على الوضع القائم في مجالات كثيرة، في اللاهوت والسياسة والأخلاق والأدب، ويناضلون ضد السلطات التي يقبلها الناس وضد الشرائع التقليدية. حتى الوجوديون المسيحيون نادراً ما يكونوا معتدلين، فقد توج كيركجارد حياته بهجوم مرير على الوضع الكنسي القائم في الدنيمارك، ويعتقد معظم الباحثين أن هذه المرحلة الأخيرة من علمه لم تكن انحرافاً في تفكيره وإنما هي نتيجة منطقية لتفكيره المبكر. أما الوجوديون غير المتدينين فأنهم يسيرون بالتمرد إلى آفاق أبعد من ذلك بكثير، حتى لقد أطلق على هيدجر وسارتر وكامو، في بعض الأحيان أسم العدميين.



فكرة الوجود :

الوجود والماهية :

إن الوجودي لا يهتم بوجود الوجود وحده، بتجريده مما هو، لتركيز تفكيره على عملية وجوده بل أن هدف الوجودي، كما يقول مارسيل (هو إبراز وحدة الوجود والموجود، تلك الوحدة التي لا انفصام لها). ويقول أيضاً (هذا الوجود الذي يتخذ جسداً مشتركاً مع الموجود ).

أن التمييز بين الوجود والماهية من أقدم المسائل التي درستها الفلسفة وقد طبق هذا التمييز على أوسع نطاق، كانت له نتائج غاية في الفائدة، فالقول بأن شيئاً ما موجود يشير ببساطة إلى واقعة وجوده هنا أو هناك، فالوجود يتسم بالعينة والجزئية وبأنه معطى محض كذلك. فالعملة الفضية الموضوعة على المائدة موجودة بوصفها أحد أشياء العالم، ووجودها ماثل أمامي بوصفه واقعة ينبغي قبولها. وليس في استطاعتي أن أرغب في وجود هذه العملة أو في حذفها من الوجود، على الرغم من أنني أستطيع أن أغير من الشكل الذي توجد عليه. ولكن ما أن نتحدث عن الشكل الذي توجد عليه، حتى نكون قد بدأنا بالفعل في الانتقال من الوجود إلى الماهية. وإذا كان وجود الشيء يرتبط بواقعة أنه موجود فأن ماهيته تعتمد على واقعة (ما هو) فماهية موضوع ما تتألف من تلك السمات الأساسية التي تجعله موضوعاً معيناً، وليس موضوعاً آخر.

فالاشتقاق اللغوي: أن الفعل يوجد مشتق من الفعل اللاتيني (كان). يعني أصلاً (يبرز) أو ينبثق ومن المرجح إذن أن هذا الفعل كان يعطي إيحاء أكثر إيجابية مما هو عليه الآن. بمعنى أن يوجد الشيء هو أن يبرز أو أن ينبثق خلفية معينة بوصفة شيئاً موجوداً هناك وجوداً حقيقياً. ولو وضعنا هذه الفكرة في صيغة فلسفية أكثر لقينا إن معنى أن يوجد الشيء هو أن ينبثق من العدم. غير أن فكرة الوجود قد أصبحت في وقتنا الراهن أكثر سلبية بكثير، إذ أصبح المعنى الذي نفهم به كلمة يوجد أقرب بكثير إلى ملقى به حولنا في مكان ما بدلاً من يبرز مكان ما.

فالقول بأن شيئاً ما موجود يعني أننا سوف نلتقي به مصادفة في مكان ما من العالم ولو قال أن، وحيد القرن موجود، فأنه يعني بذلك أنك في مكان ما من العالم سوف تلتقي بوحيد القرن إذا ما بحثت عنه بحثاً طويلا وشاقاً بقدر كاف. وبتعبير أدق في مكان ما من العالم الذي استخدمناه مرتين في هذه الفقرة لا يأتي عرضاً فيما يبدو، إذ أمن كلمة يوجد تدل على أن للشيء مكاناً وزماناً في العالم الفعلي… لكن هنالك مشكلة أخرى يثيرها تعبير وجود الله فما الذي نعنيه بقولنا أن الله موجود…؟ أن الله أياً كان تصورنا له، ليس موضوعاً يوجد داخل العالم على نحو ما توجد الأشياء، حتى لو قلنا أنه محايث، وكامن في العالم بقدرٍ ما، فهو بالتأكيد ليس أحد أشياء هذا العالم. فالقول بأن الله موجود لا يمكن أن يعني أن هناك احتمالاً للالتقاء به مصادفة في العالم على نحو ما يلتقي المرء مصادفة بوحيد القرن. فأن ما تتميز به طريقة الوجوديين في استخدامهم لكلمة الوجود هو أنهم يحصرونه في ذلك النوع الذي ينتمي إلى الإنسان.

إن فلسفات الوجود انطلقت من تأملات كيركجارد الدينية في جوهرها وكيركجارد هو هذا الفرد الذي يشعر عن طريق خطأه أنه أمام الله. وأن شعور المرء بخطئه، هو شعوره أنه أمام الله أصلاً، وأن فكرة ( الوجود أمام الله ) هي مقولة أساسية في نظر كيركجارد. إن الفرد هو الوجود، والله هو العلو. فما تحت أبصارهم، أن هو إلا الوجود في علاقته مع العلو. أن الفكر في نظره، يشعر في أعلى درجاته بصعوباته، دون أن يحاول الحيدة عنها. أن فكرنا أمام الأخر المطلق في حالة من التناقض والتمزق بالضرورة. أن العالي الآخر على وجه الإطلاق. أي الله إنما هو بمعنى الاشتقاقي للكلمة. بيد أن لي من ناحية أخرى، علاقة بهذا المطلق بل أن هذه العلاقة القوية بالمطلق بالذات، هي التي تجعلني موجوداً. وفي كثير مما كتبه كيركجارد، نرى أن الموجود يعتقد أيضاً، أن المنطق لا يوجد إلا بهذه العلاقة التي يرتبط الموجود بها معه. فإذا ما فصلت فكرة الله عن توجهي نحو الله، فلن يعود هنالك وجود لفكرة الله في الواقع. وفي هذا يكمن الافتراق الأساسي: أنني في علاقة، بل في علاقة مجهدة قوية، بشيء من الأشياء لا علاقة لـه، وهذا الافتراق ذاتـه هو الذي يحدد الوجود، بقدر مـا يمكن له أن يتحدد. لقد كتب كيركجارد: ( لا يمكن لامرئ أن يؤكد على الوجود بقوة أكبر مما فعلت ). ويقول أيضاً ( أن المسيح لا يعلم، بل لا يعلم أنه موجود ). ويضيف من ناحية أخرى: ( أن الوجود يوافق الفرد، الذي هو في تعليم أرسطو، كل ما يبقى خارج دائرة المفاهيم ).

ويقول ياسبرس: (أن كلمة وجود هي أحد مرادفات كلمة واقع، بيد إنها قد اتخذت وجهاً جديداً، بفضل التوكيد الذي أكده عليها كيركجارد فأصبحت تدل على ما أنا إياه بصورة أساسية ذاتي). ويقول أيضاً: (إن الواقع قد دخل في تاريخ طويل أبتدأ من بداية غامضة في نتاج كيركجارد). وأيضاً: (ليست كلمة وجود إلا إشارة غايتها أن توجهني نحو هذا اليقين، الذي ليس يقيناً ولا معرفة موضوعية، بل نحو هذا الوجود الذي لا يمكن لأي شخص أن يؤكده لذاته بالذات ولا لذوات الآخرين. ) وكما تبيين من قبل: كان عند كيركجارد كلمة الوجود تعني أساساً للوجود العيني الفريد لشخصية الموجود البشري الفرد. فالموجود أذن هو الجزئي العارض الذي لا يندرج ضمن مذهب أو نسق يبينه الفكر العقلي. أما المذهب الماهوي كما عرّفه كيركجارد في الهيجلية فيحاول أن يسلك الناس والأشياء جميعاً في بنية عضوية يتم فيها تجاوز المتناقضات … فالإنسان يرتبط بداخله، على نحو ينطوي على مفارقة بين المتناهي واللامتناهي بين الزماني والأبدي، والفكر يعجز عن أن يجد في هذا شيئاً ذا معنى أو عن الجمع بين هذين الجانبين، من كينونة الإنسان في كل متكامل، أن الوجود ليس فكرة ولا ماهية يمكن تناولها عقلياً. والحق أن الإنسان يتحول إلى ما هو أدنى من الوجود البشري أن هو سمح لنفسه ولكينونته بأن تستوعب في تخطيط عضوي للوجود، أو في نسق فكري عقلي، بل أن هو سمح لنفسه ولكينونته على وجه الدقة بأن يوجد وجوداً بشرياً وبأن يظهر على أنه شخص فريد على نحو ما هو عليه، وبأن يرفض بإصرار وعناد، أن يستوعبه مذهب ما.

ويقول جابريل مارسيل ( لا يمكن للمرء أن يقول، أن لي بدناً، والبدن ليس أداة، وعلى العلاقة القائمة بين الروح والبدن، والتي لا يمكن تحديدها لأمر من الأمور إنما أنشئت العلاقات الأخرى ما بيننا وبين الموضوعات الخارجية، أنه لا ينبغي لنا أن نفهم العلاقة القائمة بين الروح والبدن، على نمط هذه العلاقات الأخرى، التي هي مشتقة منها خلافاً لذلك. ويرى مارسيل أيضاً ( أنه ما من ماهية عقلية لذواتنا، وإنما هناك ماهية وجدانية، وهي عبارة عن حضور ذاتي لذاتي، ونوع من الماهية المقنعة، كما أن كل قيمة هي ماهية مقنعة ).

ولقد أستخدم هيدجر مصطلحات ثلاثة في محاولة لتجنب الخلط حول كلمة الوجود.

المصطلح الأول فهو يدعوه الوجود المتعين ( الوجود هنا أو هناك ) وهو مصطلح يستخدم عادةً للدلالة على أنواع مختلفة من الوجود ولكن هيدجر يقصر استخدامه على الوجود المتمثل في حالة الإنسان.

والمصطلح الثاني مصطلحاً يقترحه هيدجر هو ( الحضور المباشر أو الحضور في متناول اليد )، يعني أنه شيء يمكن أن يلتقي به المرء في العالم مصادفة.

المصطلح الثالث الذي أستخدمه هيدجر هو (الوجود البشري) وهو تحديد للكينونة، ويخصص للوجود المتعين وحده ويضيف هيدجر فيقول: (أن ماهية المتعين تكمن في وجوده ). أي أنه يعني ماهية الوجود المتعين لا تتألف من خصائصه بل من الطرق الممكنة لوجوده ).

ويعّرف سارتر الوجود على أنه: ( الوجود الفردي العيني هنا والآن ). ومصطلح سارتر ( الوجود لأجل ذاته يعرف من خلال فكرتيّ السلب والحرية، فما هو لأجل ذاته، يظهر في الوجود أو ينبثق، بأن يفصل نفسه عما هو في ذاته وما وجود بذاته وهو وجود ماهوي. أما ما هو لأجل ذاته فهو حر في اختيار ماهيته، لأن وجوده هو حريته ).

ويصور لنا جان بول سارتر في روايته الغثيان، من خلال بطل قصته (روكنتان)، الذي اكتفى حتى ذلك العهد، بأن يراقب الأشياء وكيف هي أو اكتفى، بتعبير أبسط باستخدام الأشياء وهنا هو يكتشف الوجود فجأةً. ( إذن، كنت جالساً في تلك الساعة، على مقعد من مقاعد الحديقة العامة. وكانت جذور شجرة الكستناء تغوص في الأرض، تماماً تحت مقعدي، وكنت قد نسيت أن تلك جذور. وتلاشت الكلمات ومعها معاني الأشياء ووجوه استخدامها، والمرتكزات الضعيفة التي خطها الناس على سطحها. إذن كنت أجلس، منحني الظهر قليلاً منكس الرأس، وحيداً في مواجهة هذه الكتلة السوداء المعقدة، وهي جامدة تماماً تبث الذعر في قلبي ثم ألّم بي فجأةً هذا الإلهام: وكأن هذه الرؤيا قطعت أنفاسي. وقبل هذه الأيام الأخيرة، لم أحس قط بما تعني كلمة وجود، إحساسي بها الآن. غذ كنت كالآخرين، الذين يتنزهون على شاطئ البحر في ثيابهم الربيعية، وكنت أقول مثلهم : البحر لونه أزرق، وهذه النقطة هي بيضاء وهذه هي قبرة تحلق في الفضاء، ولكنني ما كنت أحس بأن هذه الأشياء توجد، بأن القبرة هي قبرة موجودة. أن الوجود يتخفى عادةً ويخبئ نفسه، فهو هنا حولنا وفينا، وهو نحن، ولا نستطيع لفظ كلمتين دون أن نتحدث عنه، وفي النهاية لا نستطيع لمسه، وإذا كنت أظن أنني أفكر فيه، تبين لي أنني لم أكن أفكر في شئ فقد كان رأسي خالياً، أو كان فيه واحدة هي كلمة الكينونة، أو كنت أفكر… ماذا أقول؟ وحتى حين كنت أنظر إلى الأشياء كنت بعيداً جداً عن التفكير في أنها موجودة : إذ كانت تلوح لي وكأنها إطار أو زينة فآخذها في يدي وأستعملها أدوات. وقد أتصور مقاومتها، ولكن هذا كله كان يحدث على سطح الأشياء وفي قشرتها الخارجية دون أن يغير شيئاً من طبيعتها، ثم إليك ما حدث : رأيت فجأةً كل شئ. وكان ذلك جلياً كالنهار. لقد كشف الوجود النقاب عن وجهه فجأة وتخلى عن صيرورته اللامبالية. بوصفه صنفاً أو نوعاً مجرداً. وأضحى لحمة الأشياء نفسها، وهذه الجذور أضحت مغرقة بالوجود.

وقد عبر ياسبرز عن الوجود إضافةً لما ذكرت سابقاً بقوله ( أننا نجد الوجود بوصفه التجربة غير المبنية على تفكير لحياتنا في العالم، إنها تجربة مباشرة وبغير تساؤل : وهي الواقع الحقيقي الذي لابد أن يدخل فيه كل شئ ليصبح واقعياً بالنسبة لنا … إننا لا نتغلب قط على الرهبة التي نشعر بها في عبارة أنا أوجد …

ويشير ياسبرز إلى ثلاث نقاط بخصوص مصطلح الوجود :

1- الوجود ليس لوناً من الوجود بالفعل وإنما هو وجود بالقوة. بمعنى أنني ينبغي إلا أقول أنني موجود بل ممكن. فأنا لا أمتلك ذاتي الآن، وإنما أصبح ذاتي فيما بعد.

2- الوجود هو الحرية … لا الحرية التي تصنع نفسها ويمكن إلا تظهر، وإنما الوجود هو الحرية من حيث هي فقط هبة العلو التي تعرف واهبها. فليس هناك وجود بغير علو.

ج- الوجود هو الذات الفردية التي تظل دائماً فردية والتي لا يمكن الاستعاضة عنها أو استبدالها أبداً.



الصفات الأساسية المشتركة بين الفلسفات الوجودية :

1- تشترك جميع الفلسفات الوجودية، وهي أي هذه الفلسفات على اختلاف أنواعها تنبع من تجربة حياتية يطلق عليها أسم التجربة الوجودية. وأنها تتخذ طابعاً خاصاً عند كل واحد من هؤلاء الفلاسفة. فهي تعني عند ياسبرز الإحساس إحساساً مرهفاً بمدى ميوعة وهشاشة الوجود الإنساني. وتعني عند هيدجر المعنى نحو الموت، وعند سارتر الإحساس بالغثيان والتقزز.

2- هم يجعلون من الوجود المركز الأساسي الذي تدور حوله أبحاثهم. ولأن الإنسان هو وحده الذي يحتوي على الوجود، وأنه هو عين وجوده. وإذا كان للإنسان من ماهية، فأن ماهيته هي وجوده أو هي حصيلة وجوده.

3- لا يمكن إدراك الوجود إلا من حيث أنه وجود آني صائر. والوجود يمر بكينونة متواصلة، فهو لا يسكن أبداً بل إنه في صيرورة دائبة تبدع نفسها عن طريق الحرية، فهو مشروع خلاّق.

4- إن الوجوديين يعتبرون الإنسان ذاتية محضة، وتتخذ الذاتية عند الوجوديين دلالة إبداعية، فالإنسان هو وحده الذي يخلق ذاته بمطلق حريته، لأنه لا فرق عندهم بين الإنسان وحريته.

5- والإنسان عند الوجوديين ليس كائناً انفرادياً، منغلقاً على نفسه كما قد يعتقد البعض، إنه شديد الصلة بالعالم وبالآخرين. وذلك من حيث إنه ماهية ناقصة في حاجة إلى الانفتاح على الغير. فالوجوديون جميعهم يفترضون قيام صلة مزدوجة بين الأنا والغير ويقولون بوجود ارتباط بين الأفراد لأن الارتباط بالآخرين هو الوعاء الذي يضم الوجود الفردي. فنجد إن هيدجر قد أسماه الوجود مع الآخرين. وياسبرز أسماه الاتصال، ومارسيل أسماه اقتحام وجود الأنت.

6- وهم جميعاً يرفضون تمييز التقليدي بين الموضوع والمحمول والذي قالت به الفلسفة العقلانية. فالوجوديون من أشد أعداء المعرفة العقلانية، لأن العقل في رأيهم لا يوصل إلى معرفة حقيقية، فالمعرفة لا تأتي إلا عن طريق ممارسة الواقع أي ممارسته لتجربة القلق، فالقلق هو الموقف الذي يدرك فيه الإنسان قمة تلاشي ماهيته الإنسانية كما يدرك من خلاله مدى ضآلته وضياع موقفه في العالم. ويرى هيدجر إن الإنسان ما ألقيَّ في العالم، إلا ليبدأ مسيرته نحو الموت.



الوجودية المؤمنة والملحدة :

يوجد في الوجودية فوارق عميقة تميز بين فلاسفتها، فيما يتعلق بموقفهم الفكري تجاه الدين. حيث نجد إن كلاً من كيركجارد ومارسيل، يمثلان الوجودية المؤمنة. إن الفكرة الرئيسية في فلسفة مارسيل هي إن الإيمان ليس حالة، من حالات الفكر بوجه عام، وهو لا ينتسب إلى العقل بأي حال من الأحوال، وإنما هو واقعة من وقائع الذات الفردية المتجسدة، ولا يمكن أن يُرَد إلى الأنا التجريبية.

يقول مارسيل : ( إن الحياة الخاصة بالفرد هي وحدها التي تمثل المرآة التي ينعكس عليها وجود اللامتناهي. والعلاقات الشخصية وحدها التي ترشدنا إلى وجود شخص آخر له وجود يتعدى نطاق نظراتنا اليومية. إنه بالإمكان قيام الاتصال بين الأنا والأنت يمكن أن يتصاعد فيصبح تواصلاً مع الأنت المطلق الذي هو الله. والوفاء الحقيقي للغير هو الذي يصعد بنا إلى الله، لأن الله هو الأنت الذي يبادلنا الوفاء دائماً، ولا يتخلى أبداً عن الإنسان، ولا يمكن أن يغدر به. وما الوفاء إلا نداء إلى الله لكي يشهد على وفائنا، ولكي يكون له ضامناً وحافظاً. والوفاء يكون دائماً مطلقاً وبلا أية تحفظات أو شروط، لأن الوفاء المكبّل بالشروط والقيود ليس وفاءً، بل ارتياباً وشكاً، وبالتالي فأن هذا الوفاء المطلق، يرغمني بواسطة طبيعته نفسها على الصعود شيئاً فشئ حتى أصل إلى المطلق الإلهي. وهذه الصلة بيني وبين الله، الذي هو أقرب من نفسي إلى نفسي، هي صلة بين شخصين، وهي بالنسبة لي مبدأ الإبداع الحقيقي، لأنني بالصلاة والدعاء أشارك في منبع وجودي، وفي الحب الذي جعلني موجوداً في اتحاد لا يبلغ مداه التعبير).

بينما نجد الفلاسفة الذين يمثلون الوجودية الملحدة مثل هيدجر التي تعتبر فلسفته ذات طابع إلحادي معروف وأن هو رفض أن يصف فلسفته بأنها فلسفة إلحادية.أما سارتر فهو صاحب مذهب إلحادي صريح. وكذلك نيتشه الذي ارتبطت فلسفته منذ البداية وحتى لحظة جنونه بمشكلة الله. وقد كان أشد الفلاسفة نقداً للمسيحية. ويبدأ نيتشه هجومه على الدين ببحثه في نشأة فكرة الألوهية من الوجهة التاريخية. فيقارن بين تصور الله في مختلف الأديان، وينتهي إلى وجود اختلاف أساسي بين هذه التصورات بما يقضي عليها كلها معاً. وهو يحمل بوجه خاص على تصور الألوهية في المسيحية واليهودية، فهذا التصور مرتبط برغبة الإنسان في معاقبة نفسه، ومرتبط بشعوره بالذنب، وهذه الرغبة والشعور هي التي تتجسم في فكرة الله ذاتها، فتصوره على نحو مضاد للإنسان تماماً، وتنسب إليه من الأوامر ما يقف في وجه الطبيعة البشرية ويعوق سيرها التلقائي. ويعيب نيتشه على الأخلاق المسيحية إنها حطمت كل فكرة عن تجاوز الإنسان لذاته، بأن وضعته في راحة داخلية، ورضى عن نفسه كلها تعد بالنسبة للعظمة الإنسانية أسوأ أنواع تنازل الإنسان عن حقوقه. إذ لا وجود للعظمة إلا في الحرية التي يبني بها الإنسان لنفسه مصيراً جديراً به. لأن الحياة هي الخير الأسمى، وكل ما يدعو إلى الزهد فيها، والقضاء عليها شر وخيم. الحياة نفسها قيمة في ذاتها وهي قادرة على أن تجعل من نفسها غرضاً وغاية….



سورين كيركجارد :

حياته :

ولد سورين كيركجارد في الخامس من أيار 1813 في كوبنهاكن في الدنيمارك. وكان آخر أبناء والدين تقدمت بهما السن، فقد كان أبوه في السادسة والخمسين من العمر، وأمه في الرابعة والأربعين، عندما ابصر النور. وقد كان الفيلسوف في شبابه شديد التأثر بأبيه، وكان أبوه شخصية غنية ومضطربة معاً. وكان أبوه يدعى مايكل بدرسن كيركجارد وقد عمل في بداية حياته راعياً صغيراً في كوتلاند وكان غاضباً ومتمرداً على قسوة الحياة عليه، وأنعكس ذلك بثورة عصيان على الله في مشهد جدير بأسفار العهد القديم. وبعد أن لعن الله ذهب ينشد الثروة في العاصمة وقد أصاب بعض النجاح من جراء عمله بالبقالة. وحين بلغ الأربعين أعتزل العمل، وتفرغ بقية حياته طلباً للثقافة العامة. وقد أنتابه شعور بتأنيب الضمير، بسبب لعنته وتمرده على الله. وبعدما تزوج من خادمته بعد وفاة زوجته الأولى. قد زاده شغفاً بطلب الحقيقة الدينية.

وكان أبنه سورين يرجح صحبة أبيه الذي كان يكشف له عن مسيحية مليئة بالقلق على الحياة مع أمه وأخوته. وكان أبوه يلاعبه بما يهيج خياله بإسراف. لقد كان طالباً متحرراً جداً وذا مال كاف، عاش بين 1830 – 1838 حياة سطحية مضطربة. لقد كان شغوفاً بالمسرح وقرأ لكثير من الشعراء. ولكنه تأثر بالإبداع الفلسفي لدى فخته وشيلنج وخصوصاً هيجل.

لقد أحب فتاة وخطبها تدعى ريجينا أولسن ابنة مستشار المحكمة. لكنه سرعان ما تخلى عنها وفسخ خطوبته، عندما وجدها عائقاً في طريق رسالته التي كان يقول أنه يحملها. وأن هي تركت أثراً كبيراً في نفسه وفلسفته، ونجد صورة ريجينا تسود كل مؤلفاته. وقد ألف العديد من الكتب، التي ساد فيها الجانب الوجداني والذاتي، في رؤيته ومعالجته للحياة. وفي آخر حياته وقع فريسة للمرض نقل على أثرها إلى المستشفى، وقد مات بعد شهر من العذاب وكان في11 تشرين الثاني1855.