صفحة 1 من 1

ســاس ،، يــســوس .. السياسة

مرسل: الثلاثاء إبريل 12, 2011 1:37 am
بواسطة صالح أباحسين 1
قال النورسي: لعن الله (ساس يسوس)، ولكن الكثير لا يتوب منها حتى تعضّه بأنيابها، وتطأه بأخفافها، وتنطحه بقرونها.
والبصر بالسياسة موهبة لايكفى فيها الإخلاص ولا الاستقامة وليست مشكلة الأمة في السياسيين ذوي العقائد المتباينة، بقدر مشكلتها في السياسيين ذوي الأهواء المتباينة. ولسياسي متوسط الثقافة ذكي مخلص أنفع للأمة من مائة سياسي فلاسفة عباقرة تتحكم فيهم الأهواء والشهوات.
وأكثر السياسيين كذباً: أكثرهم احتقاراً لوعي الشعب، وأكثرهم تبدلاً: أكثرهم مهانة في نفسه، وأكثرهم حرصاً على الفتن: أكثرهم فقداناً للمؤهلات، وأكثرهم جرأة على الحق والفضيلة: أكثرهم فقراً في الدين والأخلاق.
وللنجاح في معترك السياسة لابد من سلامة القلب، ونظافة اليد، وصحة العقيدة، واستقامة الأخلاق، لا تكفي وحدها للنجاح في معترك السياسة ما لم يضف إليها: ألمعية الذهن، ومرونة العمل، وحرارة الروح، وتفهم مشكلات المجتمع وطبائع الناس.
وليس في السياسة عواطف بل عقول، ولا مجاملات بل مصالح، والسياسي الإنساني هو الذي يعمل لمصالح قومه ضمن مبادئ الحق والخير والسلام .
كما أنه لا يوجد في السياسة خصومة دائمة، ولا صداقة دائمة؛ فصديق اليوم قد يكون خصم الغد، وخصم الأمس قد يصبح صديق اليوم، ذلك شأنه في الأفراد والشعوب وأصعب شيء على السياسي المستقيم أن يرى الدجالين في السياسة يستهوون الغوغاء بكاذب القول ومعسول الوعود.
ومن عجيب ما نرى ونشاهد أن بعض السياسيين في أمتنا يبدأون حياتهم السياسية كالعاشقة، وينتهون إلى أن يكونوا كبائعة الهوى.
ولقد تطور السياسة في بلادنا فلقد كانت السياسة في بلادنا وطنية، ثم غدت استغلالاً، ثم حاولت أن تكون إصلاحاً، ثم أصبحت اليوم إما تضحية تجعل صاحبها من الأبطال، وإما وصولية تجعل صاحبها من الأنذال.
والسياسي الذي يعتمد على الجماهير الجاهلة وحدها سياسي دجال، والسياسي الذي يعتمد على المثقفين وحدهم سياسي فاشل، والسياسي الناجح هو الذي يستطيع أن يجمع حوله المثقفين والجاهلين.
السياسي الملوث هو السياسي الذي ينسى ماضيه الملوث، سرعان ما ينسى مبادئ الشرف والاستقامة حين يكون في الحكم.
والسياسي الذي لم تملأ قلبه مشاعر الإيمان بالله ومراقبته: لم يؤمن على وطن، ولا على شعب، ولا على مبدأ كريم.
والسياسي الذي يفرح بالثناء، ويستاء من النقد، ويهتز سروراً لتصفيق المحبين، ويضطرب غضباً من تصفير المعارضين: هو سياسي لا ينجح.
مصارع الساسة!!
انظر لمن تأوَّل مجتهداً في طلب الرئاسة والاشتغال بالسياسة ماذا حصل له ؟ ويكفيك أن تقرأ أخبار الحكّام ومصارع من قتلته السياسة، فالحسين بن علي قُتِل مظلوماً شهيدا، وابن الزبير مصلوبا، وأخوه مصعب مذبوحا، والأمين مخلوعا، والمعتمد بن عبّاد مسجونا، وابن بقية مقطّعا، وابن مقلة ممزَّقا، ومروان الحمار محترقا، والقاهر مسمولا، وابن المعتز معفَّرا، والوليد بن يزيد مسحولا، والمتوكل منحورا، وابن الفرات مخنوقا، والسادات مقتولا، ويحـيى حميد الدِّين مغتالا، والأرياني منفيا، والحمدي مشدوخا، والغشمي مرضوخا، وابن بِلاَّ مفصولا، وعيدي أمين مضاعا، وشاه إيران مبعدا، وهتلر منتحرا، وضياء الحق ملغَّما، وكندي مغدورا، وصدام مشنوقا، حتى انتهى الحال بالأستاذ الشيخ محمد عبده إلى أن قال: أعوذ بالله من (ساس يسوس فهو سائس).
وأخيرا ما زالت أمتنا تنتظر البطل الذي يملأ فراغها السياسي منذ غاب صلاح الدين، وما تزال تمنح قلوبها وتأييدها كلما خالت مخايل البطولة فيمن يدعيها، حتى إذا اكتشفت بذكائها "زيف" البطل الممثل؛ تخلت عنه بين فجيعة الخيبة وتجدد الأمل في بطل جديد، وما زالت تبحث، وما زالت تنتظر.
*****
ويقول الشاعر اليمني محمد الشامي:
عِفتُ السيَاسَةَ حتى ما ألِمُّ بها ... لأنَّها جَشَّمتني كلَّ نائبةٍ
وقد رددتُ إليها كلَّ ميثاقِ ... وأنّها كلَّفتني غيرَ أخلاقِي
****



مجموعة آراء منقولة :)