منتديات الحوار الجامعية السياسية

خاص بالمعاهدات والمواثيق الدولية
#34099
وثيقة إيلون- نسيبة (6أغسطس 2002)

نص الوثيقة:

يعترف الشعب الفلسطيني والشعب اليهودي كل واحد للآخر بالحقوق التاريخية في ذات الأرض. فعلى مدى الأجيال سعى الشعب اليهودي إقامة الدولة اليهودية في كل أرجاء أرض "إسرائيل"، فيما سعى الشعب الفلسطيني هو الآخر على إقامة دولة فه في كل أرجاء فلسطين..بهذا، يتفق الطرفان على حل وسط تاريخي يقوم على مبدأ دولتين ذات سيادتين قابلتين للعيش تعيشان جنباً إلى جنب، وإعلان النوايا التالي هو تعبير عن إرادة أغلبية الشعبين. فالطرفان يؤمنان بأن هذه المبادرة ستتيح لهما التأثير على قياداتهم، وبالتالي فتح فصل جديد في تاريخ المنطقة. كما يتحقق هذا الفصل بدعوة الأسرة الدولية إلى ضمان أمن المنطقة والمساعدة في ترميم وتطوير اقتصادها.

إعلان النوايا:

دولتان للشعبين: يعلن الطرفان أن فلسطين هي الدولة الوحيدة للشعب الفلسطيني و"إسرائيل" هي الدولة الوحيدة للشعب اليهودي.

الحدود:

تتفق الدولتان على إقامة حدود دائمة بينهما على أساس خطوط الرابع من يونيو1967، وقرارات الأمم المتحدة ومبادرة السلام العربية (المسماة بالمبادرة السعودية).
التعديلات الحدودية ستقوم على أساس تبادل الأراضي بشكل متساوٍ ( بنسبة 1:1) وفقاً للأغراض الحيوية للطرفين، بما في ذلك الأمن التواصل الإقليمي والاعتبارات الديمغرافية.
المنطقتان الجغرافيتان اللتان ستشكلان الدولة الفلسطينية-الضفة الغربية وقطاع غزة- تكونان متصلتين.
بعد إقامة الحدود المتفق عليها لا يبقى مستوطنين في الدولة الفلسطينية.
القدس: القدس ستكون مدينة مفتوحة، عاصمة للدولتين..الحرية الدينية وحرية الوصول الكاملة إلى الأماكن المقدسة تكون مضمونة للجميع. لا يكون لأي طرف سيادة على الأماكن المقدسة. دولة فلسطينية توصف كوصية(guardian) على الحرم الشريف لصالح المسلمين. وإسرائيل توصف كوصية على الجدار الغربي لصالح الشعب اليهودي. يجري الحفاظ على الوضع الراهن في موضوع الأماكن المسيحية المقدسة. لا تجرى أي حفريات داخل الأماكن المقدسة أو في نطاقها.
حق العودة: انطلاقاً من الاعتراف بمعاناة وأزمة اللاجئين الفلسطينيين، فإن الأسرة الدولية و"إسرائيل" والدولة الفلسطينية تبادر وتتبرع بالأموال لصندوق دولي لتعويض اللاجئين.
لا يعود اللاجئين الفلسطينيون إلا إلى دولة فلسطين، ولا يعود اليهود إلا لدولة "إسرائيل".
الأسرة الدولية تقترح منح التعويض لتحسين وضع اللاجئين الساعين إلى البقاء في الدولة التي يعيشون فيها حالياً أو الساعين إلى الهجرة إلى دولة ثالثة.
الدولة الفلسطينية تكون مجردة من السلاح والأسرة الدولية تضمن أمنها واستقلالها.
نهاية النزاع: مع التطبيق الكامل لهذه المبادئ يوضع حد لكل المطالب من الطرفين ويصل النزاع "الإسرائيلي"-الفلسطيني إلى منتهاه.


الحدود التي رسمتها الوثيقة تضمن هزيمة "إسرائيل"

بقلم:آري شابيط- هآرتس 5/9/2002.

وثيقة مبادئ السلام التي بلورها عامي إيلون وساري نسيبة هي وثيقة مثيرة للاهتمام. فخلافاً لمعظم الوثائق "الإسرائيلية". الفلسطينية التي وضعت في السنوات الأخيرة، فإنها تتضمن إنجازين "إسرائيليين" ملموسين: الأول، هو اعتراف بالشعب اليهودي، بحقوقه في أرض "إسرائيل" وبأن إسرائيل هي دولته الشرعية. والثاني هو ما بدا كتنازل فلسطيني حقيقي عن مطلب تحقيق حق العودة في نطاق الخط الأخضر. وإذا كان يائير هيرشفيلد ورون بوندك قد طرحا هذين المبدأين الأساسيين كشرط "إسرائيلي" أساسي لدى وصولهما العاصمة النرويجية في بداية العام 1993، فلعله من المحتمل جداً أن يكون الواقع اليوم مغير.فمن الناحية العملية، يعد اتفاق إيلون نسيبة اتفاق غير قابل للتنفيذ، كونه يتطرق إلى خطوط الرابع من يونيو 1967 كأساس للحدود المستقبلية ويقرر أي ألا يبقى أي مستوطن خلف تلك الحدود لأنه بذلك يخلق آلية من شأنها أن تؤدي إلى اقتلاع نحو 400 ألف "إسرائيلي" من منازلهم ( نحو 210 ألفاً في الضفة وغزة، وأكثر من 170 ألف يهودي، "إسرائيل" في شرقي القدس).
ومعنى الأمر هو كارثة إنسانية، ليس لها أي مبرر أخلاقي أو غطاء واقعي. ولما كان الاتفاق يتعهد بأن تكون المنطقتان الجغرافيتان للدولة الفلسطينية متصلتين فيما بينهما دون التحفظ على ذلك بعدم المساس بالسيادة "الإسرائيلية"، فإن الاتفاق يخلق آلية من شأنها أن تؤدي إلى تقسيم "إسرائيل" إلى قسمين: بنتوستان يهودي شمالي محور غزة-الخليل، وبنتوستان يهودي جنوبي.
ولما كان الاتفاق يتضمن ذكراً للمبادرة السعودية، التي تتحدث عن حق العودة وعن قرار194، ولقرارات الأمم المتحدة بشكل عام، بما فيها، كما هو معروف، قرارا التقسيم181، فإنه يفتح ثغرة لتآكل ذات المبادئ الأساسية التي هي إنجازه الأساسي. ولما كان الحل الذي يقترحه الاتفاق لمسالة القدس هو حل طوباوي تماماً، فإن الآلية التي من شأنه أن يخلقها في أكثر الأماكن حساسية في العالم هي آلية الفوضى.
بيد انه فضلاً عن المشاكل المحددة التي تنطوي عليها، ثمة في وثيقة إيلون-نسيبة إشكالية مبدئية: ففي سبتمبر 2000، شرعت الدولة الفلسطينية في هجوم على دولة "إسرائيل". وحتى قبل أو يولد، اختار الكيان السياسي للشعب الفلسطيني العمل على هزها وجرحها وسد سبيل التنفس أمامها. وكان هدف هذا العمل العنيف استراتيجياً: انتزاع التنازلات الإقليمية وغير الإقليمية من "إسرائيل" بالقوة، تلك التنازلات التي إن آجلاً أم عاجلاً ستؤدي إلى تدمير أسس وجودها، ولما كان هذا هو الحال، فإن كل سير "إسرائيلي" راهن إلى ما هو أكثر من الخط الذي كانت تسير عليه المسيرة السياسية عشية رأس السنة قبل عامين لهو بمثابة الاستسلام للإرهاب... معناه انتصار فلسطيني في المعركة الراهنة.
في مقابلة تلفزيونية لا تنسى أجرتها "إيلانا دايان" مع عامي إيلون، قبل نحو نصف عام، طرح حجة مفادها: لا يجوز لـ"إسرائيل" أن تنتصر، هكذا دعى في حينه رئيس المخابرات السابق، واتفاق التفاهم الذي بلوره إيلون مع نسيبة يضمن أن يتحقق المطلب المبسط عملياً. فالاتفاق يضمن أن تهزم إسرائيل في المعركة. فإذا ما نجح الفلسطينيون في أعقاب العمليات الانتحارية لعامي 2001و2002 في تحقيق الانسحاب الكامل إلى حدود الرابع من يونيو1967 والتنازل عن السيادة في حائط المبكى، فليس من الصعب التخمين ماذا سينجحون في تحقيقه في أعقاب جولة عمليات أخرى، فإذا حدث أنه في أعقاب القتل والأزمة وتثبيط المعنويات التي ألحقها بنا جيراننا في العامين الأخيرين نجحوا في تحقيق استعداد "إسرائيل" لتقسيم "إسرائيل" إلى قسمين واقتلاع مئات آلاف الأشخاص من منازلهم، فلا حدود لما يمكن أن يحققوا حين يهاجموننا مرة أخرى بعد التوقيع على الاتفاق وتطبيقه. فحسب إيلون-نسيبة فإن مردود الإرهاب هائل وإمكانية إنزال "إسرائيل" على ركبتيها هو أمر في متناول اليد.
عامي إيلون اليوم هو أغلب الظن شخص هامشي. ففي تصريحاته الغريبة وأفعاله غير المتزنة حول نفسه من قائد متفوق لسلاح البحرية إلى شخصية سياسية غريبة الأطوار. غير أن خطوات إيلون يجب أن تحمل للمجتمع "الإسرائيلي" هدفاً يجب أن يكون واضحاً: العمل على أن يحصل الفلسطينيون بعد هدوء العنف على قدر أقل مما كانوا سيتلقونه عشية اندلاع العنف. يمكن العودة إلى خطة كامب ديفيد، كما يقترح إيهود باراك، ويمكن الحديث عن مسار كلينتون ناقص، كما يقترح آخرون.
بيد أن على إسرائيل بهذه الطريقة أو تلك أن تضمن أن يكون درس الفلسطينيين من عدوانهم هو أن العدوان غير مجد. أما إذا كان الدرس مغايراً فإن كل اتفاق سلام يوقع معهم لن يصمد. كل اتفاق سلام لن يكون سوى مقدمة لجولة أخرى من القتل والإرهاب وسفك الدماء.


مبادرة إيلون-نسيبة خطوة تكشف

الديناميكية الحقيقية في الشعبين

في ذات يوم عاصف وبعد أن وصل نزيف الدماء إلى الحد الذي لا يمكن احتماله، قرر عدد من "الإسرائيليين" والفلسطينيين القفز فوق المتاهة التي علق بها الشعبان وكسر اتجاه المجريات. بعد عدد غير قليل من اللقاءات والصياغات، كتبت ورقة أطلق عليها أسم "وثيقة إيلون-نسيبة" تعد بمثابة انطلاقة لدولة "إسرائيل". الورقة تتحدث عن اعتراف فلسطين بدولة "إسرائيل" بما في ذلك الاتفاق حول نهاية الصراع والتنازل الفلسطيني عن تطبيق حق العودة، وعلى أساس العودة لحدود الرابع من يونيو 1967وإخلاء المستوطنات.
آلية تطبيق الورقة لا يفترض أن تتم من خلال المفاوضات السياسية أو الأمنية وإنما من خلال الحصول على الموافقة الشعبية الواسعة: جمع توقيعات آلاف "الإسرائيليين" والفلسطينيين على صيغة مشتركة يفترض ان تجبر قيادة الطرفين على الجلوس معاً وإنهاء المسألة.
في هذه الأيام، يعتبر ذلك، بمثابة شعا نور في الظلام دون أن يتعدى ذلك الوصف. هذا الشعاع نابع من مصدر الطاقة الوحيد في المنطقة والذي بذل جهوده حتى يكون نقياً من الترسبات والالتزامات: مواطنون خرجوا من الدوامة إلى الثقب الأسود الذي يجتذب المجتمع "الإسرائيلي" إليه... هؤلاء مواطنون خرجوا على التقاليد العسكرية لهيئة الأركان المهزومة، مؤمنون بأن الحلول العسكرية هي طريق مسدود بعد عامين من القتال وتزايد الدوافع للقتل في الجانب الثاني)، والذين خرجوا أيضاً على العقائد الأيديولوجية المتحجرة وخرجوا أيضاً عن الأطر السياسية الفاسدة (الأحزاب على اختلافها)، وخرجوا خصوصاً على المزاج الوطني العام. هؤلاء قاموا بإخراج أنفسهم من الدوامة الرأي العام الذي يتراوح بين مشاعر الغضب والخوف والانتقام، وقاموا بهذه الوثبة الضخمة للأمام.
العقل يقول أن إنجازاً من هذا القبيل سيحظى بدفعة متواضعة من الدعم، ولكن ما ظهر هو أنه أثار موجة عارمة من المعارضة إذا لم نقل الاستخفاف. الجناح اليميني-التقليدي- الديني يعتبر مبادرة إيلون ضربة قاسية لحرية حياة الشعب "الإسرائيلي" على أرض "إسرائيل".
جهاز الدفاع يمنع الفلسطينيين في هذه الأيام تحديداً من الوصول إلى اللقاءات من أجل جمع التوقيعات، والحكومة أيضاً تقوم بذلك إذ أن كل شرارة تعاون ستفسد عليها مسارها العملياتي القائم على الضغط على كل الملعب إلى أن يستسلم الفلسطينيون.
شابيط كتب عن إيلون إنه تحول اليوم إلى شخص تآمري وهامشي في السياسة "الإسرائيلية".وإيلون لا يحتاج لدفاعي... ومع كل الاحترام لخبرة شابيط ورفاقه في الصراع فإيلون يملك رصيد من يعرف جذور الصراع بشكلها الأعمق، ومعرفته هذه تعني أنه يستطيع اكتشاف اشرخ الذي يمكن من خلاله خلق فرص التسوية.
ما يوجد في وثيقة إيلون هذه هو حكمة الحياة الآن، لا توجد هناك وعود من الرب لإبراهيم ولا أوامر عسكرية دائمة للجندي على الحاجز، ولا تفسير لسياسة باراك أو للمبادرة السعودية حسب رأي الشيخ أحمد ياسين. حكمة الحياة هذه هي القدرة على اكتشاف الديناميكية الحقيقية في الشعبين باعتبارها قوة تملي التوجه نحو السلام وليس الخضوع للضغوط السياسة والأمينة . ومن الأفضل لكل الذين يتغذون من المشاجرات لأغراض المساومة أن يتركوا هذه المبادرة تنهض، أو يأتوا للجمهور بفكرة أكثر قبولاً.