صفحة 1 من 1

لماذا ليبيا دون غيرها ..

مرسل: الجمعة إبريل 15, 2011 10:41 pm
بواسطة عبدالعزيز الغامدي 8
لماذا ليبيا دون غيرها .. بقلم/ أحمد ابراهيم الحاج



يحق للمواطن العربي أن يتساءل، لماذا ليبيا دون غيرها من الدول العربية المنتفضة يتم معالجة أزمتها دولياً بتدخل مباشر من تحالف دولي؟
ليس هذا دفاعاً عن النظام الليبي الذي يتزعمه العقيد معمر القذافي، فالشعب الليبي وحده هو الأحكم والأعلم بنظامه وزعيمه، وهو صاحب الحق الحصري في تقرير مصيره وتغيير نظامه بالطرق المشروعة دون أي تدخل أجنبي. وما يقرره الشعب الليبي يفترض أن يكون قراره محل احترام الجميع. وليس من حق أحد أن يقرر مصير القذافي غير شعبه استناداً الى نصوص القانون الدولي الذي لم يعد محترماً من القوى الكبرى في العالم والتي هي بنفسها من وضعت نصوصه وقوانينه التي تحكم سيادة الدول المعترف بها وأعضاء في الأمم المتحدة.
لقد خلق الله لنا أذنين لنسمع بهما، وخلق لنا عينين لنرى بهما، وما نسمعه من أصوات ونراه من مشاهد تنتقل اشاراتها الى دماغنا لترسم لنا صورة على علاتها وغير مكتملة وبدون عنوان، وتحتاج الى التحليل والتفكير بالعقل لتعطينا الصورة الحقيقية والخبر اليقين والعنوان الحقيقي لكي نفهم ونعي ما نسمع وما نرى، فهماً ووعياً يقربنا من الحقيقة. ولا يجب أن نأخذ بما نسمع وبما نرى على حاله وعلاته ونعتبره صحيحاً نؤمن به كحقيقة واقعة نبني عليه قرارنا. لذلك جعل الله دماغنا متطورة عن باقي مخلوقاته لترتقى بعقلنا وفكرنا الذي يقود منظومة دماغنا وذلك لإدارة هذا الكون الذي استخلفنا الله عليه بما يخدم مصالحنا الدنيوية ويقدم ويجهز لمصالحنا الأخروية.
إن المتتبع للأحداث في الأزمة الليبية من بدايتها الى ما هي عليه اليوم يدرك اختلاف المعايير والمكاييل الدولية من أزمة لأزمة، إذا يضع لكل أزمة ميزاناً تختلف مقاييسه عن كل أزمة سواها طبقاً لمعايير متناقضة ومتنافرة وبعيدة عن الحق والعدل، وعن روح الشرائع السماوية ونصوصها وحتى عن روح ونصوص الشرائع الأرضية الوضعية.
بدأت الإحتجاجات الليبية سلمية، وواجها النظام الليبي بخشونة كغيره من الأنظمة العربية التي تصارع شعوبها اليوم تشبثاً بالسلطة. وفجأة تحولت هذه الإحتجاجات الى عمل مسلح سطا فيه أناس مجهولوا الهوية على مخازن اسلحة للجيش، واجتاح المحتجون المسلحون معظم المدن الليبية دون مقاومة من النظام حتى حاصروه في طرابلس. وهذا دليل قاطع على أن النظام لم يكن يواجههم بنفس الأسلوب والطريقة. وهنا وفي هذه اللحظة التي اشهر فيها المحتجون سلاحهم تحولوا من ثورة شعبية سلمية تطالب بحقوق شعبية عادلة الى حركة تمرد عسكري تقوم به فئة تهدد أمن وسلامة الوطن وتنتهك سيادة الدولة وتعرضها لحرب أهلية وربما الى تدخلات خارجية. فصحا النظام الليبي على نفسه وانتفض مدافعاً عن نفسه وعن هيبة الدولة التي ربما ستضعف وتدخل البلد في دوامة من العنف والعنف المضاد ضمن اقتتال شعبي. وقام باستعادة المدن التي سيطر عليها الثوار في زمن قصير جداً وأصبح على حدود وضواحي بنغازي المعقل الأخير للثوار. وهذا ما كفله القانون الدولي لأي دولة ذات سيادة لتحمي أمن شعبها وسيادة أوطانها. وعليه أمثلة كثيرة مثل روسيا التي قصفت الدوما (مجلس النواب)، وكذلك الصين عند اعلانها للعالم بوجود قاعدة في بلادها قمعت المحتجين بحزم وصرامة، وفعلته ايران في مواجهة المحتجين الإصلاحيين السلمية بعد فوز أحمدي نجاد بالرئاسة، وفعله شافيز عند حدوث محاولة انقلاب على نظامه.......الخ. لماذا لم يجرؤ المجتمع الدولي على التدخل في تلك الدول التي حصلت فيها احتجاجات وتم قمعها من الأنظمة الحاكمة؟
لماذا يكون التدخل الأجنبي في شئون الدول العربية عسكرياً وسياسياً وثقافيا وأمنياً كما حصل في العراق ويحصل في ليبيا. وهل أصبح الرئيس الأمريكي أو الفرنسي أو البريطاني أوصياء علينا في أوطاننا أو أننا نعيش في ولاية من ولاياتهم ليقولوا لمواطني الدول العربية ورؤوس الأنظمة فيها الذين ولدوا فيها وحكموها لسنوات طويلة "إرحل، إرحل، إرحل". هل هم من يحددون المواطنة والإقامة في عالمنا العربي ويمنحونا الجنسية وحرية الإقامة والتنقل. سؤال مطروح على شعوبنا العربية ومواطنيها الذين يهددهم الرحيل عن أوطانهم. فربما يأتي اليوم الذي يقولون فيه لشعوبنا العربية إرحلوا ارحلوا ارحلوا، نظراً للزحف الجليدي الذي يهدد اوروبا والزلازل والإعصارات التي تهدد أمريكا، فيصبح مصيرنا كمصير الهنود الحمر.
إذن ما يحصل الآن في ليبيا ليس ثورة وإنما تمرد على النظام والقانون وعلى سيادة وهيبة الدولة، ربما يغضب الكثير من أصحاب الأهواء والطموح السلطوي وهواة التغيير من أجل التغيير بالشكل فقط وبالوجوه وليس التغيير بالجوهر. ولكن لا تغضبوا فهذه هي الحقيقة على أساس القانون الدولي الوضعي وعلى اساس القانون السماوي.
لنعد الى الجواب على السؤال لماذا ليبيا دون غيرها؟

هنالك انفجار لبالونات الإقتصاد الرأسمالي الحر (الليبرالي) بدأ بانفجار البالون الأكبر وهو بالون الإقتصاد الأمريكي والذي يزود باقي البالونات الإقتصادية في العالم بالهواء نظراً لاستبدال الذهب بالدولار. وعندما ينفجر ويتسرب منه الهواء تتبعه فرقعات انفجارات البالونات الأخرى. وانعكست أزمة الإقتصاد الأمريكي على الإقتصاد العالمي. ففي هذه الحالة لا بد من إعادة تعبئة خزان الهواء الذي يزود البالون الأمريكي بالهواء والذي بدوره يضخ الهواء ويوزعه على اليالونات الأخرى وخاصة الأعضاء في حلف الناتو. وليبيا دولة تزخر بالنفط والغاز وعليه تعتبر مخرجاً لهذا المأزق الإقتصادي العالمي وعلى رأسه الولايات المتحدة ودول الغرب الآوروبي. وهذا من الأسباب التي أدت بالصين وروسيا الى عدم استخدام الفيتو ضد التدخل بالإضافة الى القرار العربي الذي شرّع التدخل ووضع روسيا والصين في حرج من استخدام الفيتو. إن الدول الكبرى والمتحكمة بالعالم تعيش على خيرات بلادنا ومواردها، يستوردون منا النفط والمواد الخام بأبخس الأثمان، ويعيدوا الينا النفط مكرراً بأسعار باهظة، ولأننا مجتمعات استهلاكية فيصدرون الينا قوتنا من القمح والتموين، ويبيعوننا صفقات الأجيال القديمة من الأسلحة والمخزنة بمخازنهم أو يضربوا بها أرضنا ومواطنينا وندفع نحن اثمانها من عائدات مواردنا التي يشترونها منا بثمن بخس. كما يصدرون لنا منتجاتهم الصناعية والتقنية الحديثة من آليات ثقيلة وسيارات وأجهزة كهربائية.......الخ. وحولوا اوطاننا الى دول تعتمد في مواردها على السياحة ليبددوا اموالنا على الفنادق والمنتجعات السياحية والأسواق التجارية الإستهلاكية وأدوات الرفاهية. وحولوا أراضينا الزراعية الى حجارة ومبانٍ وقصور مزخرفة تزخر بمنتجاتهم الصناعية.

لم تستطع أمريكا ودول الغرب ركوب الثورتين التونسية والمصرية وتحويل مسارهما والتحكم بهما نظراً لتنحي الرئيسين في وقت أفشل كل محاولات الركوب تحت ضغط الجيشين الوطنيين، ولذلك كانت الثورة الليبية سهلة الركوب نظراً لمساحتها الشاسعة وضعف قواتها العسكرية واختلاف عقيدتها العسكرية عن عقيدتي جيشي تونس ومصر، فعجزت عن حسم الأمور لصالح الشعب الليبي دون تدخل اجنبي. كما أن انهيار الدبلوماسية الليبية السريع في الخارج وتعاون المعارضة الخارجية للنظام مع دول التحالف أدى الى سهولة الركوب على الثورة الليبية، إذ لأول مرة في تاريخ الأمم أن يطلب مندوب دولة من الأمم المتحدة التدخل في بلاده، وهذا يعود لضعف الأداء الدبلوماسي للدولة الليبية من القمة الى القاع وهشاشة النظام الذي اعتمد على ولاء العائلة والأقارب والقبائل ونسي بقية الشعب واهتم بمنطقة ونسي بقية المناطق. فركوب الثورة الليبية سوف يؤدي الى تواجد هذه الدول في ليبيا بعد تغيير النظام نظراً لضعف النظام البديل للقذافي وتدمير البنية التحتية بقذائف وصواريخ التحالف وتحطيم الجيش وتقويض مؤسسات الدولة. وهذا خرق واضح وتناقض مع القرار 1973 الذي ينص على فرض حظر جوي، وما يحصل هو حرب حقيقية وضرب لقوات النظام وتحطيمها وتدمير مقدرات الدولة. وعليه فسوف يسهل عليهم مراقبة ورصد الثورتين التونسية والمصرية عن كثب. والتدخل السريع إن حادت هاتين الثورتين عن الخطوط الحمر المرسومة لهما وأهم هذه الخطوط الحمر هو أمن اسرائيل. والمقصود الأكبر من هذه المراقبة والرصد هو الثورة المصرية. فبعد تواجدهم في ليبيا سيكتمل الطوق على الثورة المصرية من جنوب السودان وليبيا واسرائيل. وستصبح مصر التي تمثل القلب النابض للأمة محاصرة من كل الجهات. فليبيا تملك ساحلاً يمتد على البحر حوالي 1200 كيلو وإنه من السهولة بمكان وزمان اختراقه والتدخل السريع منه في الشمال الأفريقي الذي هو بمجمله عربي. ومن خلال ليبيا يمكن مراقبة الجزائر كذلك والتي تتململ فيها الأوضاع.

من هنا تمت معالجة الأزمة الليبية بعملية جراحية بطواقم طبية أجنبية وممرضين عرب يشتركون في هذه العملية. فبتدخلهم في ليبيا اصطادوا كثيراً من العصافير في حجر واحد. ويتحمل المسئولية أولاً النظام الليبي الذي فشل في ادارتها بحكمة ووطنية، وخاصة رأس النظام العقيد القذافي الذي خانه التعبير وأفلت منه زمام الخطاب وبدا مهتزاً لا يتمالك نفسه ووصف المحتجين بأقبح الألفاظ والمصطلحات ورفض الحوار والتفاوض وأصر على المواجهة. وكذلك المعارضة الليبية التي رضعت من حليب دول التحالف الذين كانوا يناشدون الغرب بالتدخل، وأيضاً يتحمل المسئولية شباب ليبيا الثائر الذي تخلى عن سلمية الإحتجاجات ولجأ للعنف ورفض أي حوار. وكل الخسائر تصب في الجانب الليبي من ميزانية الأزمة، فقتلى قوات النظام ليبيون، وقتلى الثوار ليبيون، والأرض الليبية لوثت برماد القنابل والصواريخ وإشعاعاتها، ومقدرات الشعب الليبي وبنيته التحتية يتم تدميرها، وفي النهاية سيدفع الشعب الليبي الجريح فاتورة قوى التحالف كما دفع العراق الجريح فاتورة الحرب عليه وتدميره ولم يتم تطبيب جروحه لا بل تقيحت. وسيأتي الى ليبيا شركات قوى التحالف لتعيد بناء ما تهدم ودمر من مقدرات وبنى تحتية وتعيد بناء وتدريب القوات العسكرية والأمنية والمؤسسات الحكومية وتفصلها على هواها.