اعرف سياسة ببساطة
مرسل: الثلاثاء إبريل 19, 2011 3:18 pm
اعرف سياسة ببساطة
حمود أبو طالب
الدستور: «يعني الأساس اللي بتتبني عليه العمارة، ولو الأساس مش سليم لا يمكن العمارة تكون سليمة»..
السياسة العامة للدولة: «يعني البلد حتمشي إزاي»..
رقابة البرلمان على الموازنة: «يعني إن الشعب يعرف فلوس البلد رايحة فين وجاية منين ويحاسب الحرامية لو بيسرقوها»..
التنمية: «يعني تحسين مستوانا فلوس وعيشة»..
هذه أمثلة على التبسيط لبعض المفاهيم والمصطلحات السياسية والقانونية الذي يقوم به بعض شباب مصر الآن من خلال حملة شعارها «اعرف سياسة ببساطة» متوجهين إلى سكان المناطق الشعبية الفقيرة لرفع وعيهم بلغة سهلة يستطيعون استيعابها، لاسيما أن سكان هذه المناطق يمثلون الشريحة الكبرى من السكان الذين تنتشر بينهم الأمية والفقر بشكل فاحش..
في مدينة كالقاهرة مثلا ليس كل السكان هم القاطنين في أحياء أرستقراطية كالزمالك والمهندسين والمعادي وجاردن سيتي، أو المدن الجديدة التي أنشأها الاستثمار الجديد لتكون سكناها متاحة للنخبة فقط.. وفي مصر عموما ليس كل السكان من خريجي أقسام السياسة أو الحقوق في الجامعات الكبرى، وليس كل السكان على ضفتي النيل من جنوب الصعيد إلى شاطئ البحر المتوسط هم من الإنتلجنسيا.. غالبية الشعب في أي دولة عربية إلى الآن ليس الذين يجلسون في المكاتب ويتابعون القنوات الفضائية ويقضون وقتهم في الجدل السياسي لينتهوا بالاتفاق على مكان سهرة المساء.. الشعب الحقيقي هو تلك النسبة الكبيرة المغيبة والمهمشة التي تستيقظ عند طلوع الفجر لتبحث عن رغيف الخبز بكدها وعرقها وشقائها. هو تلك الشريحة الكبرى من ضحايا السياسات الانتقائية الخاطئة التي تسببت في الفقر والأمية وشظف العيش في كثير من مدن وقرى وأرياف العالم العربي.. إنها الشريحة التي «تبحلق» في التلفزيون إذا سمح لها الوقت فتسمع أهل السلطة يرددون كلمات لا يفهمونها وعبارات ومصطلحات لا يعرفون معناها.. التجهيل بالسياسة والقوانين والحقوق هو من أهم الركائز التي تقوم عليها الأنظمة الفاسدة التي كونتها الشللية والدوائر الضيقة التي تتخاطب مع فئة ضئيلة من الشعب تعتبرها كل الشعب، وتحاول إرضاء شريحة صغيرة تراها فوق الشعب.. إنه الاستعلاء على المواطن البسيط، وتعمد إبقائه جاهلا بحقوقه وكيف يسير وطنه ومن هم الحقيقيون الذين يسيرونه.. قليل جدا أن تجد مواطنا عربيا متواضع التعليم يعرف جيدا المعنى الحقيقي للمفاهيم السابق ذكرها لأن السلطات الحاكمة حورت معانيها وشوهتها وأعادت صياغتها كما تريد، وبالتالي فإن من أهم الأشياء التي يجب على المواطن العربي البعيد عن بؤرة الأحداث وما تتداوله النخب أن يعرفها هي المصطلحات التي تتماس مع حياته الحقيقية وهمومها التي تتراكم كل يوم.. على النخب الثقافية والقانونية العربية أن تقتدي بهذا الشباب الرائع الذي أنشأ حملة «اعرف سياسة ببساطة» وأن تنهض بدورها الأخلاقي تجاه الشعوب التي غيبت طويلا.
حمود أبو طالب
الدستور: «يعني الأساس اللي بتتبني عليه العمارة، ولو الأساس مش سليم لا يمكن العمارة تكون سليمة»..
السياسة العامة للدولة: «يعني البلد حتمشي إزاي»..
رقابة البرلمان على الموازنة: «يعني إن الشعب يعرف فلوس البلد رايحة فين وجاية منين ويحاسب الحرامية لو بيسرقوها»..
التنمية: «يعني تحسين مستوانا فلوس وعيشة»..
هذه أمثلة على التبسيط لبعض المفاهيم والمصطلحات السياسية والقانونية الذي يقوم به بعض شباب مصر الآن من خلال حملة شعارها «اعرف سياسة ببساطة» متوجهين إلى سكان المناطق الشعبية الفقيرة لرفع وعيهم بلغة سهلة يستطيعون استيعابها، لاسيما أن سكان هذه المناطق يمثلون الشريحة الكبرى من السكان الذين تنتشر بينهم الأمية والفقر بشكل فاحش..
في مدينة كالقاهرة مثلا ليس كل السكان هم القاطنين في أحياء أرستقراطية كالزمالك والمهندسين والمعادي وجاردن سيتي، أو المدن الجديدة التي أنشأها الاستثمار الجديد لتكون سكناها متاحة للنخبة فقط.. وفي مصر عموما ليس كل السكان من خريجي أقسام السياسة أو الحقوق في الجامعات الكبرى، وليس كل السكان على ضفتي النيل من جنوب الصعيد إلى شاطئ البحر المتوسط هم من الإنتلجنسيا.. غالبية الشعب في أي دولة عربية إلى الآن ليس الذين يجلسون في المكاتب ويتابعون القنوات الفضائية ويقضون وقتهم في الجدل السياسي لينتهوا بالاتفاق على مكان سهرة المساء.. الشعب الحقيقي هو تلك النسبة الكبيرة المغيبة والمهمشة التي تستيقظ عند طلوع الفجر لتبحث عن رغيف الخبز بكدها وعرقها وشقائها. هو تلك الشريحة الكبرى من ضحايا السياسات الانتقائية الخاطئة التي تسببت في الفقر والأمية وشظف العيش في كثير من مدن وقرى وأرياف العالم العربي.. إنها الشريحة التي «تبحلق» في التلفزيون إذا سمح لها الوقت فتسمع أهل السلطة يرددون كلمات لا يفهمونها وعبارات ومصطلحات لا يعرفون معناها.. التجهيل بالسياسة والقوانين والحقوق هو من أهم الركائز التي تقوم عليها الأنظمة الفاسدة التي كونتها الشللية والدوائر الضيقة التي تتخاطب مع فئة ضئيلة من الشعب تعتبرها كل الشعب، وتحاول إرضاء شريحة صغيرة تراها فوق الشعب.. إنه الاستعلاء على المواطن البسيط، وتعمد إبقائه جاهلا بحقوقه وكيف يسير وطنه ومن هم الحقيقيون الذين يسيرونه.. قليل جدا أن تجد مواطنا عربيا متواضع التعليم يعرف جيدا المعنى الحقيقي للمفاهيم السابق ذكرها لأن السلطات الحاكمة حورت معانيها وشوهتها وأعادت صياغتها كما تريد، وبالتالي فإن من أهم الأشياء التي يجب على المواطن العربي البعيد عن بؤرة الأحداث وما تتداوله النخب أن يعرفها هي المصطلحات التي تتماس مع حياته الحقيقية وهمومها التي تتراكم كل يوم.. على النخب الثقافية والقانونية العربية أن تقتدي بهذا الشباب الرائع الذي أنشأ حملة «اعرف سياسة ببساطة» وأن تنهض بدورها الأخلاقي تجاه الشعوب التي غيبت طويلا.