اذا اردنا حقا ان نحارب الفساد
مرسل: الأربعاء إبريل 20, 2011 12:06 am
إذا أردنا حقاً أن نحارب الفساد
الثلاثاء, 19 أبريل 2011 17:27
د. وليدأحمد فتيحي
قضايا ومناقشات أصبح الفساد ومحاربته هو حديث الساعة، وتُطالعنا الصحف اليومية في صفحاتها الأولى كل يوم بما يؤكد أن قضية محاربة الفساد أصبحت بالفعل من أولى أهداف وغايات الإصلاحات الداخلية في البلاد،
وكيف لا يكون ذلك ونحن نعلم علم اليقين أن والدنا ومليكنا الغالي الملك عبدالله يحفظه الله هو من يقود هذه الثورة المباركة على الفساد والمفسدين، الذي كثيراً ما يوصف بأنه مرض فتاك بالمجتمع بل ويسمى بسرطان المجتمع...
وتبدأ خطوات الأخذ بالأسباب لعلاج أي مرض بالاعتراف بوجوده أولا، ثم تشخيصه...
وأحمد الله أننا صرنا في أيامنا هذه لا ينكر تفشي هذا المرض في المجتمع أحد، كما كنا نفعل ونخفي رؤوسنا في الرمال عقوداً مضت، وهذا في حد ذاته أهم خطوة لمعرفة مدى انتشاره ومن ثم تحديد أنجع الطرق لعلاجه.
وقد كتبت ثلاثة مقالات بعنوان (الفساد سرطان المجتمعات، قصة نجاح سنغافورة"مُنعت من النشر" ، دائرة التحقيق في الممارسات الفاسدة) في شهري يونيو، يوليو من العام 2010م.
واستشهدت بسنغافورة كمثال حي لدولة استطاعت على مدى عقدين من الزمن أن تنتقل من تصنيفها في الستينيات كواحدة من أسوأ الدول في الفساد، إلى واحدة من أقل دول العالم فساداً، وذلك بناءً على تصنيف منظمة الشفافية الدولية بل وتم تصنيفها من قبل مؤسسة (الدراسات الإستشارية عن المخاطر السياسية والإقتصادية) في تقريرها المعد عام 1996م بأنها الدولة الأنظف والأكثر خلواً من الفساد في آسيا تحت قيادة رئيس وزرائها السابق "لي كوان يو" الذي أصدر قراراً عام 1979م، أوضح فيه ضرورة المحافظة على سنغافورة خالية من الفساد حين قال: ( عندما يصبح قادة الأمة أقل من أن يكونوا غير قابلين للرشوة والفساد وأقل عزما على تحقيق المستويات القياسية العالية فعندئذٍ يضمحل وينهار الهيكل الإداري، وإننا في سنغافورة لا ننظر لعملية السيطرة على الفساد على أنها مجرد قضية أخلاقية أو فضيلة وإنما ضرورة وحاجة).
وهذا ما أكده تصريح مدير دائرة التحقيق في الممارسات الفاسدة في سنغافورة السيد شوسيرياك اذ يقول: (تدرك الحكومة تماماً أنها لا يمكنها البقاء أو الاستمرار في السلطة مهما كانت أهدافها ونواياها حسنة مادام هناك فساد في وسط منظمات ومؤسسات الدولة والخدمات المدنية التي تعّول عليها الحكومة كثيراً في وضع النظم والسياسات الإدارية الفعّالة لترجمة سياساتها الى أفعال ملموسة. وينبغي ان لا يكون القرار السياسي بمحاربة الفساد مجرد خطب وشعارات دينية جوفاء، فالعبرة بالأعمال وليس بالأقوال، وإلا سيكون القادة السياسيون قد وضعوا أنفسهم تحت المجهر وأصبحوا بذلك عرضة للمساءلة، كما يدركون تماماً أنهم إن كانت بيوتهم من زجاج فلن يستطيعوا أن يقذفوا حجرا واحدا في وجه الظلم والفساد. إن الأمر ببساطة يتطلب رجالاً أمناء ليقوموا بأعمال مخلصة ونزيهة تكريساً للسلطة الأخلاقية، فالأعمال المخلصة هي بكل تأكيد التعبير النهائي للقرار السياسي للسيطرة على الفساد. وقد شرعت الحكومة في إزالة كل العقبات التي تواجهها، فالقوانين الضعيفة تَقْوى عندما تُطوَّع وتُسخّر لدعم الأقلية من النخب الحاكمة لخدمة مصالحهم الفاسدة حيث يقوموا بتعبئة وتحريك الشعب والمجتمع والمؤسسات المدنية وكل أجهزة الدولة بما فيها الجهاز القضائي لمحاربة الفساد حيث لا تعارض في المقاصد وتصبح هناك وحدة في الهدف والعمل والقصد والتفكير والرأي وكأنهم مدفوعين في ذلك بمرسوم ملكي سامٍ) انتهى كلام السيد شو سيرياك.
وبفضل الله هيأ الله لبلادنا الغالية ذلك، فكان المرسوم الملكي السامي لمحاربة الفساد، وأنشأت الحكومة - مثل ماحدث في سنغافورة - دائرة التحقيق في الممارسات الفاسدة بصلاحيات واسعة تتبع مباشرة رئيس الوزراء وتحت حمايته ورعايته، ، كذلك أنشأت هيئة مكافحة الفساد بصلاحيات واسعة ودعم وحماية ورعاية والدنا ملك البلاد حفظه الله وكذلك تكون تابعة مباشرة له حفظه الله، حتى تقطع الطريق على أيه تدخلات قد تفسد نزاهة عملها.
لقد فصلت في مقالي الثالث عن الفساد بعنوان (الفساد.. سرطان المجتمعات) عن الوسائل المتعددة والمتطورة التي اتخذتها دائرة التحقيق في الممارسات الفاسدة في سنغافورة لمحاربة الفساد ومن أراد الرجوع اليها يجدها في الرابط (http://www.facebook.com/balkhadra#!/WalidFitaihi)
ومن هذه الوسائل استحداث قانون مصادرة الأموال والممتلكات وقانون إعلان المديونية حيث يتوجب على كل مسؤول حكومي تقديم تصريح علني كل عام بأنه غير مدين حالياً لأي جهة أو أحد، والإ سيكون عرضة للابتزاز ومدخلاً لاستغلاله واستدراجه لقبول الرشوة والفساد.
وقانون إعلان الأموال والممتلكات والاستثمارات يلزم كل مسؤول حكومي أن يقدم بياناً كل عام بتاريخ تعيينه في المنصب الذي يشغله، وعن حجم أمواله وممتلكاته واستثماراته في البنوك والمؤسسات بما في ذلك الأموال والممتلكات العائدة لزوجته وأبنائه، كما سيكون المسؤول الحكومي ملزماً بأن يعلن صراحة أنه ليس لديه أي ممتلكات خاصة كما عليه أن يوضح خلال أسبوع من شرائه أو امتلاكه لها، اذا كان يمتلك أكثر من عقار أو لديه أسهم في مؤسسات أو مصارف، خاصة إذا كانت قيمتها تفوق مرتبه ودخله الشهري وحينها سيكون عرضة للمساءلة القانونية عن مصدر ثرائه وكيفية اقتنائه لتلك الممتلكات بما يضمن عدم تضارب مصالحه الخاصة مع المصلحة العامة.
وقد بدأت سنغافورة بالكبير قبل الصغير لتعلنها أنه ليس من أحد أكبر من القانون، فأطاحت برؤوس الفساد وصادرت أموالهم وممتلكاتهم وزجت بهم في السجون، حتى اختفى الفساد ولم يعد أسلوبا للحياة في سنفاغورة بل لم يعد لشعب سنغافورة السماح به أو التغاضي عنه.
لتنتقل سنغافورة بذلك من أسوأ بلاد العالم فساداً الى أكثرها نزاهة ... هذا ماحققته سنغافورة مدعومة بقوانينها الوضعية وبتحكيم العقل والمصلحة العامة...
ونحن اليوم في بلادنا الغالية قد بدأنا معركتنا ضد الفساد والمفسدين بأمر ملكي سامٍ مدعوم بشرع السماء والمعايير الربانية في الحفاظ على حق كل إنسان والمساواة والعدل في تطبيق القوانين.
وإذا كنا حقاً جادين في محاربة الفساد فسنبدأ برؤوس الفساد والمنابع الرئيسية له ... وقبل أن نتتبّع صغار المفسدين، سنُوقع بكبارهم ممن كان لهم نصيب الأسد في عهد الفساد المالي والإداري والعقود الفاسدة والأراضي والمال العام المنهوب...
ولكن التحدي الكبير يكمن في سؤال سوف تجيب عليه الأيام القادمة: هل نحن قادرون حقاً على محاربة الفساد في ظل المعادلات القائمة؟
هل سنطالب كل مسؤول في الدولة، دون استثناء، من أصحاب النفوذ والثروات أن يقدموا تقاريرهم كاملة وفتح كشف حساباتهم وممتلكاتهم وثرواتهم داخل وخارج البلاد وكيفية اكتسابهم لها وتطبيق مبدأ من أين لك هذا تماماً كما فعلت سنغافورة؟
أم أنها ستكون هناك فئة ذات حصانة خاصة؟
فإن كان ذلك فستذهب مساعينا في محاربة الفساد أدراج الرياح، وسيصبح لسان حالنا يقول لمجتمعنا: (إذا أردت أن تسرق أو تنهب أو تختلس فافعل .... ولكن عليك أن تعرف مع من تسرق! وتحت ظل وحماية وكنف من ستكون!
وبذلك يحتكر الفساد في مجموعة أصغر ولكنها أقوى.. وتُجفف منابع الفساد الصغيرة وتبقى الكبيرة منها مُتسيَّدة مُتفرَّدة.
إن الفساد كالسرطان الفاتك للمجتمعات، وهو مصيبة كبرى على أي مجتمع، وجعل فئة من المجتمع أو مجموعة من الأفراد فوق المسائلة لأي سبب من الأسباب هو مصيبة أكبر، إذ يجمع مع الفساد الظلم، وذلك بعينه هو ما عاقب الله عليه بني اسرائيل، كانوا إذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وإذا سرق فيهم الشريف تركوه...
وهذا رسول الله يؤكد هذا المعنى أن قريشا أهمتهم المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: من يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن يجترئ عليه إلا أسامة، حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ( أتشفع في حد من حدود الله ) . ثم قام فخطب و قال : ( يا أيها الناس ، إنما ضل من كان قبلكم ، أنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه ، وإذا سرق الضعيف فيهم أقاموا عليه الحد ، والذي نفس محمد بيده، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها).
إن والدنا ومليكنا الغالي يحفظه الله بصدق نيته وقصده ونُبل هدفه وغايته ونحن معه ومن ورائه، معوّلون الكثير على هيئة مكافحة الفساد ونتطلع أن نرى قريباً رؤوس الفساد تسقط و منابعه الرئيسية تُجفف فتقر بذلك عين مليكنا الغالي وأعيننا..
الثلاثاء, 19 أبريل 2011 17:27
د. وليدأحمد فتيحي
قضايا ومناقشات أصبح الفساد ومحاربته هو حديث الساعة، وتُطالعنا الصحف اليومية في صفحاتها الأولى كل يوم بما يؤكد أن قضية محاربة الفساد أصبحت بالفعل من أولى أهداف وغايات الإصلاحات الداخلية في البلاد،
وكيف لا يكون ذلك ونحن نعلم علم اليقين أن والدنا ومليكنا الغالي الملك عبدالله يحفظه الله هو من يقود هذه الثورة المباركة على الفساد والمفسدين، الذي كثيراً ما يوصف بأنه مرض فتاك بالمجتمع بل ويسمى بسرطان المجتمع...
وتبدأ خطوات الأخذ بالأسباب لعلاج أي مرض بالاعتراف بوجوده أولا، ثم تشخيصه...
وأحمد الله أننا صرنا في أيامنا هذه لا ينكر تفشي هذا المرض في المجتمع أحد، كما كنا نفعل ونخفي رؤوسنا في الرمال عقوداً مضت، وهذا في حد ذاته أهم خطوة لمعرفة مدى انتشاره ومن ثم تحديد أنجع الطرق لعلاجه.
وقد كتبت ثلاثة مقالات بعنوان (الفساد سرطان المجتمعات، قصة نجاح سنغافورة"مُنعت من النشر" ، دائرة التحقيق في الممارسات الفاسدة) في شهري يونيو، يوليو من العام 2010م.
واستشهدت بسنغافورة كمثال حي لدولة استطاعت على مدى عقدين من الزمن أن تنتقل من تصنيفها في الستينيات كواحدة من أسوأ الدول في الفساد، إلى واحدة من أقل دول العالم فساداً، وذلك بناءً على تصنيف منظمة الشفافية الدولية بل وتم تصنيفها من قبل مؤسسة (الدراسات الإستشارية عن المخاطر السياسية والإقتصادية) في تقريرها المعد عام 1996م بأنها الدولة الأنظف والأكثر خلواً من الفساد في آسيا تحت قيادة رئيس وزرائها السابق "لي كوان يو" الذي أصدر قراراً عام 1979م، أوضح فيه ضرورة المحافظة على سنغافورة خالية من الفساد حين قال: ( عندما يصبح قادة الأمة أقل من أن يكونوا غير قابلين للرشوة والفساد وأقل عزما على تحقيق المستويات القياسية العالية فعندئذٍ يضمحل وينهار الهيكل الإداري، وإننا في سنغافورة لا ننظر لعملية السيطرة على الفساد على أنها مجرد قضية أخلاقية أو فضيلة وإنما ضرورة وحاجة).
وهذا ما أكده تصريح مدير دائرة التحقيق في الممارسات الفاسدة في سنغافورة السيد شوسيرياك اذ يقول: (تدرك الحكومة تماماً أنها لا يمكنها البقاء أو الاستمرار في السلطة مهما كانت أهدافها ونواياها حسنة مادام هناك فساد في وسط منظمات ومؤسسات الدولة والخدمات المدنية التي تعّول عليها الحكومة كثيراً في وضع النظم والسياسات الإدارية الفعّالة لترجمة سياساتها الى أفعال ملموسة. وينبغي ان لا يكون القرار السياسي بمحاربة الفساد مجرد خطب وشعارات دينية جوفاء، فالعبرة بالأعمال وليس بالأقوال، وإلا سيكون القادة السياسيون قد وضعوا أنفسهم تحت المجهر وأصبحوا بذلك عرضة للمساءلة، كما يدركون تماماً أنهم إن كانت بيوتهم من زجاج فلن يستطيعوا أن يقذفوا حجرا واحدا في وجه الظلم والفساد. إن الأمر ببساطة يتطلب رجالاً أمناء ليقوموا بأعمال مخلصة ونزيهة تكريساً للسلطة الأخلاقية، فالأعمال المخلصة هي بكل تأكيد التعبير النهائي للقرار السياسي للسيطرة على الفساد. وقد شرعت الحكومة في إزالة كل العقبات التي تواجهها، فالقوانين الضعيفة تَقْوى عندما تُطوَّع وتُسخّر لدعم الأقلية من النخب الحاكمة لخدمة مصالحهم الفاسدة حيث يقوموا بتعبئة وتحريك الشعب والمجتمع والمؤسسات المدنية وكل أجهزة الدولة بما فيها الجهاز القضائي لمحاربة الفساد حيث لا تعارض في المقاصد وتصبح هناك وحدة في الهدف والعمل والقصد والتفكير والرأي وكأنهم مدفوعين في ذلك بمرسوم ملكي سامٍ) انتهى كلام السيد شو سيرياك.
وبفضل الله هيأ الله لبلادنا الغالية ذلك، فكان المرسوم الملكي السامي لمحاربة الفساد، وأنشأت الحكومة - مثل ماحدث في سنغافورة - دائرة التحقيق في الممارسات الفاسدة بصلاحيات واسعة تتبع مباشرة رئيس الوزراء وتحت حمايته ورعايته، ، كذلك أنشأت هيئة مكافحة الفساد بصلاحيات واسعة ودعم وحماية ورعاية والدنا ملك البلاد حفظه الله وكذلك تكون تابعة مباشرة له حفظه الله، حتى تقطع الطريق على أيه تدخلات قد تفسد نزاهة عملها.
لقد فصلت في مقالي الثالث عن الفساد بعنوان (الفساد.. سرطان المجتمعات) عن الوسائل المتعددة والمتطورة التي اتخذتها دائرة التحقيق في الممارسات الفاسدة في سنغافورة لمحاربة الفساد ومن أراد الرجوع اليها يجدها في الرابط (http://www.facebook.com/balkhadra#!/WalidFitaihi)
ومن هذه الوسائل استحداث قانون مصادرة الأموال والممتلكات وقانون إعلان المديونية حيث يتوجب على كل مسؤول حكومي تقديم تصريح علني كل عام بأنه غير مدين حالياً لأي جهة أو أحد، والإ سيكون عرضة للابتزاز ومدخلاً لاستغلاله واستدراجه لقبول الرشوة والفساد.
وقانون إعلان الأموال والممتلكات والاستثمارات يلزم كل مسؤول حكومي أن يقدم بياناً كل عام بتاريخ تعيينه في المنصب الذي يشغله، وعن حجم أمواله وممتلكاته واستثماراته في البنوك والمؤسسات بما في ذلك الأموال والممتلكات العائدة لزوجته وأبنائه، كما سيكون المسؤول الحكومي ملزماً بأن يعلن صراحة أنه ليس لديه أي ممتلكات خاصة كما عليه أن يوضح خلال أسبوع من شرائه أو امتلاكه لها، اذا كان يمتلك أكثر من عقار أو لديه أسهم في مؤسسات أو مصارف، خاصة إذا كانت قيمتها تفوق مرتبه ودخله الشهري وحينها سيكون عرضة للمساءلة القانونية عن مصدر ثرائه وكيفية اقتنائه لتلك الممتلكات بما يضمن عدم تضارب مصالحه الخاصة مع المصلحة العامة.
وقد بدأت سنغافورة بالكبير قبل الصغير لتعلنها أنه ليس من أحد أكبر من القانون، فأطاحت برؤوس الفساد وصادرت أموالهم وممتلكاتهم وزجت بهم في السجون، حتى اختفى الفساد ولم يعد أسلوبا للحياة في سنفاغورة بل لم يعد لشعب سنغافورة السماح به أو التغاضي عنه.
لتنتقل سنغافورة بذلك من أسوأ بلاد العالم فساداً الى أكثرها نزاهة ... هذا ماحققته سنغافورة مدعومة بقوانينها الوضعية وبتحكيم العقل والمصلحة العامة...
ونحن اليوم في بلادنا الغالية قد بدأنا معركتنا ضد الفساد والمفسدين بأمر ملكي سامٍ مدعوم بشرع السماء والمعايير الربانية في الحفاظ على حق كل إنسان والمساواة والعدل في تطبيق القوانين.
وإذا كنا حقاً جادين في محاربة الفساد فسنبدأ برؤوس الفساد والمنابع الرئيسية له ... وقبل أن نتتبّع صغار المفسدين، سنُوقع بكبارهم ممن كان لهم نصيب الأسد في عهد الفساد المالي والإداري والعقود الفاسدة والأراضي والمال العام المنهوب...
ولكن التحدي الكبير يكمن في سؤال سوف تجيب عليه الأيام القادمة: هل نحن قادرون حقاً على محاربة الفساد في ظل المعادلات القائمة؟
هل سنطالب كل مسؤول في الدولة، دون استثناء، من أصحاب النفوذ والثروات أن يقدموا تقاريرهم كاملة وفتح كشف حساباتهم وممتلكاتهم وثرواتهم داخل وخارج البلاد وكيفية اكتسابهم لها وتطبيق مبدأ من أين لك هذا تماماً كما فعلت سنغافورة؟
أم أنها ستكون هناك فئة ذات حصانة خاصة؟
فإن كان ذلك فستذهب مساعينا في محاربة الفساد أدراج الرياح، وسيصبح لسان حالنا يقول لمجتمعنا: (إذا أردت أن تسرق أو تنهب أو تختلس فافعل .... ولكن عليك أن تعرف مع من تسرق! وتحت ظل وحماية وكنف من ستكون!
وبذلك يحتكر الفساد في مجموعة أصغر ولكنها أقوى.. وتُجفف منابع الفساد الصغيرة وتبقى الكبيرة منها مُتسيَّدة مُتفرَّدة.
إن الفساد كالسرطان الفاتك للمجتمعات، وهو مصيبة كبرى على أي مجتمع، وجعل فئة من المجتمع أو مجموعة من الأفراد فوق المسائلة لأي سبب من الأسباب هو مصيبة أكبر، إذ يجمع مع الفساد الظلم، وذلك بعينه هو ما عاقب الله عليه بني اسرائيل، كانوا إذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وإذا سرق فيهم الشريف تركوه...
وهذا رسول الله يؤكد هذا المعنى أن قريشا أهمتهم المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: من يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن يجترئ عليه إلا أسامة، حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ( أتشفع في حد من حدود الله ) . ثم قام فخطب و قال : ( يا أيها الناس ، إنما ضل من كان قبلكم ، أنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه ، وإذا سرق الضعيف فيهم أقاموا عليه الحد ، والذي نفس محمد بيده، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها).
إن والدنا ومليكنا الغالي يحفظه الله بصدق نيته وقصده ونُبل هدفه وغايته ونحن معه ومن ورائه، معوّلون الكثير على هيئة مكافحة الفساد ونتطلع أن نرى قريباً رؤوس الفساد تسقط و منابعه الرئيسية تُجفف فتقر بذلك عين مليكنا الغالي وأعيننا..