القدس عاصمة العشائر العربية
مرسل: الأربعاء إبريل 20, 2011 12:17 am
القدس عاصمة العشائر العربية
الثلاثاء, 19 أبريل 2011 00:46 راسم عبيدات استدارة نحو الخلف
لا بد من التأكيد إلى أن الكاتب والأديب محمود شقير في كتابه الأخير "قالت لنا القدس" والذي هو عبارة عن نصوص يومية.... وشهادات قد أشار إلى مثل هذه الظاهرة، حيث تحدث عن تسييد وطغيان للتراتبية الاجتماعية المقلوبة في القدس والقائمة على صعود نجم القيادات والوجاهات العشائرية والحمائلية المستمدة لنفوذها وقوتها من قوة عشائرها وحمائلها العددية وكذلك ما تتمتع به من نفوذ مالي واقتصادي.
فبعدما كانت القيادات والكفاءات المهنية من أطباء ومهندسين ومحامين وصحفيين وكتاب تحتل موقعاً متقدماً في السلم الاجتماعي المقدسي، وكذلك قيادات الحركة الوطنية الفلسطينية بمختلف ألوان طيفها السياسي والتي كانت الآمر الناهي في كل ما يخص الشأن المقدسي في الانتفاضة الأولى- انتفاضة الحجر- وما أعقب تلك الانتفاضة وإجهاضها وغياب الحواضن العربية والدولية وخصوصاً بعد انهيار المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفياتي سابقاً واحتلال العراق.
هذه العوامل الذاتية والموضوعية شكلت محطات هامة نحو هزيمة قاصمة للثورة الفلسطينية وحركة التحرر العربي ومعسكر المقاومة، هذه الهزيمة أنتجت اتفاق أوسلو وما تمخض عنه من آثار وتداعيات جداً خطيرة على الشعب والمشروع الوطني الفلسطيني، ما زال يدفع ثمنها انقساماً مجتمعيا وسياسياً وتقسيماً للأرض وللجغرافيا، وهذا بدوره عزز من سلطة العشائر والقبائل والمليشيات التي وجدت لها حواضن في قمة الهرمين السياسي والأمني الفلسطيني، ناهيك أن الاحتلال المباشر بكل تمظهراته وأشكاله وقمعه المستمر والمتواصل للحركة الوطنية الفلسطينية ساهم في تراجع وإضعاف دورها وتأثيرها وفعلها مقدسياً خدمة لأجندات وأهداف خاصة وشخصية، وهذا شكل ظرفاً وفرصة للقيادات العشائرية والقبلية والجهوية لكي تملاْ هذا الفراغ، ولكي يصبح لها دور هام في التقرير وقيادة الشأن المقدسي وفق رؤيتها وتصوراتها في أكثر من جانب ومجال، وخاصة في القضايا المتعلقة بالصراعات والخلافات الاجتماعية، بل وضعف المبنى الوطني دفع بهذه القيادات العشائرية والجهوية لكي تطرح نفسها بديلاً للحركة الوطنية، وفي ظل سلطة تُعلي شأن العشيرة والقبيلة والطائفة على الشأن الوطني العام، فإن ما حدث وما حصل ليس بالمستغرب، ولكن الشيء الذي يثير الكثير من علامات التساؤل والقلق، هو وقوف قيادات فلسطينية من حركة فتح على رأس تلك المؤتمرات العشائرية، وبما يعزز من نهج وثقافة العشائر في المجتمع، ويسد آفاق إقامة مجتمع مدني وبناء دولة تقوم على سيادة القانون والمواطنة الكاملة، وبغض النظر عن أي حجج وذرائع او مصوغات سيطرحها القائمين على تلك المؤتمرات، فهي خطوة في الاتجاه الخاطئ، وخصوصاً الشعار الذي عقد على أساسه ما يسمى بالمؤتمر العشائري الأول في جامعة القدس "القدس عاصمة العشائر العربية"، فالقدس هي العاصمة السياسية والثقافية والحضارية والدينية للشعب الفلسطيني، وهذه العاصمة العربية كان لها شرف أن تكون عاصمة الثقافة العربية في عام 2009، وهذا شرف وفخر كبير للشعب العربي الفلسطيني، والقدس المفروض ان تكون عاصمة الحضارة، وليس أن تصبح عاصمة للعشائر والقبائل، فهذه خطوة ليس فقط الى الخلف، بل لها الكثير من التداعيات والمخاطر على المجتمع الفلسطيني، فهي لا تشكل خطراً فقط على وحدة ولحمة النسيج الاجتماعي المقدسي خاصة والفلسطيني عامة، بل من شان ذلك هتك وتدمير الثقافة والقيم الوطنية، لصالح ولاءات عشائرية وقبلية وجهوية ضيقة، وأنت تتلمس البعد العشائري والقبلي في أكثر من جانب ومجال، ففي الوقت الذي كان فيه نجم الثورة والحركة الوطنية يصعد ويسطع أيام النهوض والمد الثوري، كانت الكتل الطلابية والأطر الجماهيرية، هي من تقدم التهاني لأنصارها وأصدقائها بالنجاح في امتحان الثانوية العامة أو التخرج من الجامعة أو الفوز في انتخابات طلابية وغيرها، ولكنك اليوم نادراً ما تجد ذلك، بل يغلب على تلك التهاني الطابع العشائري والقبلي والجهوي.... الخ.
إنني أتفهم، أن تحتضن الجامعة أنشطة ثقافية وعلمية وسياسية، تؤكد على وحدة الشعب والمجتمع وتنبذ الاحترابات القبلية والعشائرية والجهوية، وكذلك التكتلات من ذلك القبيل، ولكن مؤتمرات تكرس العشائرية والجهوية والقبلية فهذا شيء يؤسف له، والمستغرب هو موقف اللجنة التنفيذية والمؤتمر الوطني الشعبي من مثل هذا المؤتمر وغيره من المؤتمرات المتعلقة بهذا الشأن، كيف يشارك أعضاء من اللجنة التنفيذية في مثل هذا المؤتمر؟، والذي عنوانه يخبر ويدل على مضمونه، فاليوم القدس عاصمة العشائر العربية وتوصية بأن تصبح العشائرية من ضمن المنهاج لكي ندرسها ونثقف بها العشائر العربية، أي إرتداد هذا؟، فأوروبا لم تنتقل الى الحضارة والعلم والتقدم، إلا بعد ان خاضت نضالاً عنيداً ضد العشائرية، وصنعت دولاً وحضارة، ونحن نشهد ما صنعته العشائرية والقبلية في مجتمعنا العربي وما أنتجته من جهل وتخلف وانطواء وتغليب لمصالح العشيرة والقبيلة على مصلحة الوطن، وما يحدث ويجري في اليمن وليبيا خير دليل ومثال على ذلك، فلو كان هناك دول ومؤسسات ومجتمع مدني، لما جند القذافي وصالح عشائرهما لخدمة مصالحهما وأهدافهما، ولما حولوا بلدانهم الى مزارع واقطاعيات خاصة، وأدخلوا بلدانهم في اقتتال واحتراب عشائري وقبلي.
نحن لا نرى في العشائرية شراً مستطيراً، ونقدر كل الجهود التي يبذلها وتبذلها كل القيادات والوجاهات العشائرية في معالجة وحل الخلافات الاجتماعية، ولكن تلك القيادات والوجاهات، بالضرورة أن تكون ممن يمتلكون الرؤيا والفهم الوطني، والمرتبطين بهذا المبنى والخاضعين له، فالكثير من المشاكل والخلافات الاجتماعية يتم معالجتها بلغة "الطبطبة وتبويس اللحى" وبما يفاقم من تلك الخلافات والمشاكل ويعمقها، فالجذر والأساس هنا هو ضرورة سيادة المفاهيم الوطنية وتسييد القانون.
إن التراتبية الاجتماعية المقلوبة يجب أن تصحح، لا ان يعمل البعض خدمة لأجنداته ومصالحه الخاصة على تكريسها وتعميقها في المجتمع، وهذا رهن باستعادة الحركة الوطنية لدورها وحضورها وفعلها وهيبتها، وهو وحده الكفيل بتصحيح هذه التراتبية الاجتماعية المقلوبة في القدس، وهو أيضاً لن يكون ممكناً بدون مرجعية وطنية وإسلامية ومجتمعية موحدة تقود وتنظم وتوجه كل الفعل والعمل الجماهيري والشعبي المقدسي، تبني وتؤطر على أساس وطني وقومي وعروبي، وتتصدى لثقافة الدروشة والشعوذة والأساطير والانغلاق والتكفير والتخوين وأصحاب امتلاك الحقيقة المطلقة، تبني مجتمعا يقوم على احترام قيم التعددية والديمقراطية والتسامح وحرية الرأي والتعبير والمواطنة
الثلاثاء, 19 أبريل 2011 00:46 راسم عبيدات استدارة نحو الخلف
لا بد من التأكيد إلى أن الكاتب والأديب محمود شقير في كتابه الأخير "قالت لنا القدس" والذي هو عبارة عن نصوص يومية.... وشهادات قد أشار إلى مثل هذه الظاهرة، حيث تحدث عن تسييد وطغيان للتراتبية الاجتماعية المقلوبة في القدس والقائمة على صعود نجم القيادات والوجاهات العشائرية والحمائلية المستمدة لنفوذها وقوتها من قوة عشائرها وحمائلها العددية وكذلك ما تتمتع به من نفوذ مالي واقتصادي.
فبعدما كانت القيادات والكفاءات المهنية من أطباء ومهندسين ومحامين وصحفيين وكتاب تحتل موقعاً متقدماً في السلم الاجتماعي المقدسي، وكذلك قيادات الحركة الوطنية الفلسطينية بمختلف ألوان طيفها السياسي والتي كانت الآمر الناهي في كل ما يخص الشأن المقدسي في الانتفاضة الأولى- انتفاضة الحجر- وما أعقب تلك الانتفاضة وإجهاضها وغياب الحواضن العربية والدولية وخصوصاً بعد انهيار المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفياتي سابقاً واحتلال العراق.
هذه العوامل الذاتية والموضوعية شكلت محطات هامة نحو هزيمة قاصمة للثورة الفلسطينية وحركة التحرر العربي ومعسكر المقاومة، هذه الهزيمة أنتجت اتفاق أوسلو وما تمخض عنه من آثار وتداعيات جداً خطيرة على الشعب والمشروع الوطني الفلسطيني، ما زال يدفع ثمنها انقساماً مجتمعيا وسياسياً وتقسيماً للأرض وللجغرافيا، وهذا بدوره عزز من سلطة العشائر والقبائل والمليشيات التي وجدت لها حواضن في قمة الهرمين السياسي والأمني الفلسطيني، ناهيك أن الاحتلال المباشر بكل تمظهراته وأشكاله وقمعه المستمر والمتواصل للحركة الوطنية الفلسطينية ساهم في تراجع وإضعاف دورها وتأثيرها وفعلها مقدسياً خدمة لأجندات وأهداف خاصة وشخصية، وهذا شكل ظرفاً وفرصة للقيادات العشائرية والقبلية والجهوية لكي تملاْ هذا الفراغ، ولكي يصبح لها دور هام في التقرير وقيادة الشأن المقدسي وفق رؤيتها وتصوراتها في أكثر من جانب ومجال، وخاصة في القضايا المتعلقة بالصراعات والخلافات الاجتماعية، بل وضعف المبنى الوطني دفع بهذه القيادات العشائرية والجهوية لكي تطرح نفسها بديلاً للحركة الوطنية، وفي ظل سلطة تُعلي شأن العشيرة والقبيلة والطائفة على الشأن الوطني العام، فإن ما حدث وما حصل ليس بالمستغرب، ولكن الشيء الذي يثير الكثير من علامات التساؤل والقلق، هو وقوف قيادات فلسطينية من حركة فتح على رأس تلك المؤتمرات العشائرية، وبما يعزز من نهج وثقافة العشائر في المجتمع، ويسد آفاق إقامة مجتمع مدني وبناء دولة تقوم على سيادة القانون والمواطنة الكاملة، وبغض النظر عن أي حجج وذرائع او مصوغات سيطرحها القائمين على تلك المؤتمرات، فهي خطوة في الاتجاه الخاطئ، وخصوصاً الشعار الذي عقد على أساسه ما يسمى بالمؤتمر العشائري الأول في جامعة القدس "القدس عاصمة العشائر العربية"، فالقدس هي العاصمة السياسية والثقافية والحضارية والدينية للشعب الفلسطيني، وهذه العاصمة العربية كان لها شرف أن تكون عاصمة الثقافة العربية في عام 2009، وهذا شرف وفخر كبير للشعب العربي الفلسطيني، والقدس المفروض ان تكون عاصمة الحضارة، وليس أن تصبح عاصمة للعشائر والقبائل، فهذه خطوة ليس فقط الى الخلف، بل لها الكثير من التداعيات والمخاطر على المجتمع الفلسطيني، فهي لا تشكل خطراً فقط على وحدة ولحمة النسيج الاجتماعي المقدسي خاصة والفلسطيني عامة، بل من شان ذلك هتك وتدمير الثقافة والقيم الوطنية، لصالح ولاءات عشائرية وقبلية وجهوية ضيقة، وأنت تتلمس البعد العشائري والقبلي في أكثر من جانب ومجال، ففي الوقت الذي كان فيه نجم الثورة والحركة الوطنية يصعد ويسطع أيام النهوض والمد الثوري، كانت الكتل الطلابية والأطر الجماهيرية، هي من تقدم التهاني لأنصارها وأصدقائها بالنجاح في امتحان الثانوية العامة أو التخرج من الجامعة أو الفوز في انتخابات طلابية وغيرها، ولكنك اليوم نادراً ما تجد ذلك، بل يغلب على تلك التهاني الطابع العشائري والقبلي والجهوي.... الخ.
إنني أتفهم، أن تحتضن الجامعة أنشطة ثقافية وعلمية وسياسية، تؤكد على وحدة الشعب والمجتمع وتنبذ الاحترابات القبلية والعشائرية والجهوية، وكذلك التكتلات من ذلك القبيل، ولكن مؤتمرات تكرس العشائرية والجهوية والقبلية فهذا شيء يؤسف له، والمستغرب هو موقف اللجنة التنفيذية والمؤتمر الوطني الشعبي من مثل هذا المؤتمر وغيره من المؤتمرات المتعلقة بهذا الشأن، كيف يشارك أعضاء من اللجنة التنفيذية في مثل هذا المؤتمر؟، والذي عنوانه يخبر ويدل على مضمونه، فاليوم القدس عاصمة العشائر العربية وتوصية بأن تصبح العشائرية من ضمن المنهاج لكي ندرسها ونثقف بها العشائر العربية، أي إرتداد هذا؟، فأوروبا لم تنتقل الى الحضارة والعلم والتقدم، إلا بعد ان خاضت نضالاً عنيداً ضد العشائرية، وصنعت دولاً وحضارة، ونحن نشهد ما صنعته العشائرية والقبلية في مجتمعنا العربي وما أنتجته من جهل وتخلف وانطواء وتغليب لمصالح العشيرة والقبيلة على مصلحة الوطن، وما يحدث ويجري في اليمن وليبيا خير دليل ومثال على ذلك، فلو كان هناك دول ومؤسسات ومجتمع مدني، لما جند القذافي وصالح عشائرهما لخدمة مصالحهما وأهدافهما، ولما حولوا بلدانهم الى مزارع واقطاعيات خاصة، وأدخلوا بلدانهم في اقتتال واحتراب عشائري وقبلي.
نحن لا نرى في العشائرية شراً مستطيراً، ونقدر كل الجهود التي يبذلها وتبذلها كل القيادات والوجاهات العشائرية في معالجة وحل الخلافات الاجتماعية، ولكن تلك القيادات والوجاهات، بالضرورة أن تكون ممن يمتلكون الرؤيا والفهم الوطني، والمرتبطين بهذا المبنى والخاضعين له، فالكثير من المشاكل والخلافات الاجتماعية يتم معالجتها بلغة "الطبطبة وتبويس اللحى" وبما يفاقم من تلك الخلافات والمشاكل ويعمقها، فالجذر والأساس هنا هو ضرورة سيادة المفاهيم الوطنية وتسييد القانون.
إن التراتبية الاجتماعية المقلوبة يجب أن تصحح، لا ان يعمل البعض خدمة لأجنداته ومصالحه الخاصة على تكريسها وتعميقها في المجتمع، وهذا رهن باستعادة الحركة الوطنية لدورها وحضورها وفعلها وهيبتها، وهو وحده الكفيل بتصحيح هذه التراتبية الاجتماعية المقلوبة في القدس، وهو أيضاً لن يكون ممكناً بدون مرجعية وطنية وإسلامية ومجتمعية موحدة تقود وتنظم وتوجه كل الفعل والعمل الجماهيري والشعبي المقدسي، تبني وتؤطر على أساس وطني وقومي وعروبي، وتتصدى لثقافة الدروشة والشعوذة والأساطير والانغلاق والتكفير والتخوين وأصحاب امتلاك الحقيقة المطلقة، تبني مجتمعا يقوم على احترام قيم التعددية والديمقراطية والتسامح وحرية الرأي والتعبير والمواطنة