في عالم الثورات العربية هناك مصباح علاء الدين
مرسل: الأربعاء إبريل 20, 2011 12:21 am
في عالم الثورات العربية هناك مصباح علاء الدين
الثلاثاء, 19 أبريل 2011 00:46 د. علي الخشيبان قضايا ومناقشات المرحلة التي يمر بها العالم العربي اليوم مثيرة للأسئلة المهمة حول كيف ولماذا يحدث هذا..؟ وهذا السؤال ليس متأخرا ولا متقدما كما قد يعتقد البعض منا ومع ذلك، ليس هناك إجابة واضحة يمكن الاعتماد عليها على الأقل في الوقت الحالي كما انه ليس هناك تحليل اجتماعي دقيق يشرح تحولات أصابت بعض المجتمعات العربية ولكن العامل المشترك أن شكلا من الأسباب الاجتماعية أدت للتحرك الاجتماعي المقترن بغوغائية هي السبب الخفي وراء ما يحدث.
العالم العربي ظل مرتبطا بالتخلف وصفا وتحليلا طوال هذه الأعوام وفجأة تغيرت هذه المفاهيم لدى الذين كانوا يصفونه بهذه الصفات، مع العلم انه لم تحدث مقومات تطويرية لتغيير مفاهيم التخلف المربوطة بهم، فهناك فرضية تبدو قصصية في ظاهرها ولكنها تبدو مقنعة في دلائلها تقول هذه الفرضية إن سكان العالم العربي وجدوا مصباح علاء الدين وعندما قدم العالم العربي طلباته المعهودة لمارد المصباح من المنازل والمال والضياع والمركبات رفض مارد مصباح علاء الدين هذه المطالب لأنها أصبحت تقليدية وأصبح الحصول عليها مهمة يستطيع البشر تحقيقها ببساطة وهو ما يتعارض مع فرضية أسطورة علاء الدين حيث يحقق ماردها شيئا خارق للعادة.
لذلك اقترح مارد مصباح علاء الدين للقرن الحادي والعشرين شكلا جديدا من الاستجابة الفورية لمن أخرجه من المصباح السحري فاختار الثورات العربية كما يبدو ولكن هذا الاختيار لم يكن موفقا إلى حد كبير فهناك شعوب دفعت ثمنا غاليا في سبيل أمنها واستقرارها لمجرد أن مصباح علاء الدين اختار أن يحقق للعرب شكلا من المطالب حيث سيوفر هذا الاتجاه نحو الثورات في العالم العربي فرصة كبيرة لمارد مصباح علاء الدين لان ينام بعيدا عن الإزعاج والإخراج لقرون مقبلة حيث سينشغل العرب بأنفسهم مدة طويلة.
فكما يبدو أن مارد هذا المصباح السحري تم استهلاكه كثيرا خلال العقود الماضية فقد رأيناه يحقق الكثير من المطالب الخارقة للكثيرين من أبناء العالم العربي ففي بعض بلدان العالم العربي حدثت معجزات للكثيرين كان سببها هذا المصباح.
فرضية مصباح علاء الدين ليست فرضية يمكن تجاوزها بسهولة فكما يبدو أن احدهم وجد هذا المصباح في عربة خضار الشاب (البوعزيزي) مندسا بين أكوام الطماطم والبطاطس فلما بدأ ذلك العربي بتقديم الطلبات تلو الطلبات لمارد المصباح توقف المارد برهة منزعجا من تكرار تلك الطلبات وتقليديتها فقرر أن ينفذ تلك المطالب ولكن بطريقة جديدة بدأت بالانتحار فكما يبدو واضحا أن ثورات العالم العربي اليوم تتخذ من الانتحار مسارا لها حيث تبدأ بانتحار فرد من الشعب ثم ينتحر الشعب كله ثم تنتحر السياسة ثم تنتهي المشكلة دون حلول ودون أن يستطيع مصباح علاء الدين أن يحقق سوى الراحة له وللمارد الذي يسكنه للقرون القادمة لان أحدا لن يستدعيه فالنتيجة فتاكة والآثار التي سوف تتركها الثورات العربية سوف تتطلب زمنا طويلا حتى تعود مرة أخرى إلى البحث عن مصباح علاء الدين هذا إذا بقيت متذكرة لمصباح علاء الدين، فكما يبدو أن هذا هو آخر الأزمان لرواج الأساطير الشعبية.
يقول دوركايم عالم الاجتماع المشهور إن هناك أربعة أنواع من الانتحار هي: الانتحار الأناني، الإيثاري، اللامعياري والقدري، في النوعين الثالث والرابع من أنواع الانتحار يشير العالم دوركايم إلى "أن الانتحار اللامعيارى يحدث في الحالات التي تضعف فيها الضوابط بينما الانتحار القدري يحدث في الحالات التي تكون فيها الضوابط متجاوزة للحد المرغوب فيها".
الأسباب الأقرب إلى الحقيقة حول تفسير ما يحدث في العالم العربي تشير إلى أن الأزمة ذات علاقة (بالمجتمع الكيان) وليس لها علاقة بالسياسية أو الاقتصاد فهذان العاملان (السياسة والاقتصاد) هما نتيجة وليسا سببا مباشرا، السبب الاجتماعي يتمثل في مؤشرات ارتباك وضمور في الطبقة الوسطى في الكثير من مجتمعات العالم العربي كنتيجة طبيعية لزيادة معدلات الأفراد في الأسرة الواحدة نتيجة المواليد في مقابل انخفاض في الدخل حيث تسربت نسبة كبيرة من الطبقة الوسطى إلى الطبقة الأقل منها وصارت تشكل ضغطا على الثقافة المجتمعية بمكوناتها الاقتصادية.
الكتلة البشرية التي نزلت إلى مستويات طبقية أقل بينما المفترض أن تصعد في كثير من دول عالمنا العربي شكلت سحبا سواء كسحب التلوث التي تغطي الكثير من عواصم العالم العربي وتضاعفت المشكلة الاقتصادية وأصبحت الحلول الاقتصادية - المهمة المستحيلة- في مقابل مشكلة السكان.
في العالم العربي وفي الدول التي تتعرض اليوم للثورات أيضا هناك عوامل مشتركة تتقاسمها الطبيعة السياسية لتلك البلدان فأول تلك العوامل يتمثل في صعود فئات اجتماعية على مستوى الأفراد من وسط المجتمع أو قاعه في كثير من الأحيان إلى مرتبة الطبقة السياسية هذا الصعود ساهم في اندماج غير متكامل ومعادلة ناقصة.
من وجهة نظري أن تناظرا وتكاملا اقتصاديا وسياسيا أحدثته طبقة جديدة من المجتمع حيث خلقت هذه الطبقة ذات العدد المحدود من البشر في موقع بين الطبقة الوسطى والتي تليها هذا الصعود أوجد الأرضية المناسبة لدى الطبقات الاجتماعية التي نزلت بفعل اقتصادي فقد ساهمت هذه العملية في غرس أهم نوعين من أنواع الانتحار تحدث عنهما دوركايم (اللامعياري والقدري).
لقد ضعفت الضوابط الخاصة بتلك الطبقات المستجدة وفي ذات الوقت فرضت ضوابط صارمة على المجتمعات التي تكاثر فيها التسرب من الطبقة الوسطى إلى ما دونها في المجتمع وهذا أسس وبشكل فعال لمسببات الانتحار الاجتماعي والذي تمثل في الثورات التي توهم الكثير أنها بحث عن ديمقراطية أو بحث عن حرية بينما هي ذات علاقة مباشرة بالتوازن السكاني، فكل مجتمع تختل طبقته الوسطى بشكل كبير يتجاوز ثلاثين بالمائة فهذا نذير اختلال للجسد الاجتماعي.
الثورات العربية التي تحدث ما زالت ضمن الظواهر الاجتماعية السلبية الناتجة عن خلل في التركيبة السكانية وانحسار الموارد واختلال أهم الطبقات الاجتماعية وهذا ليس موقفا سلبيا بقدر ما هو موقف تحليلي يجبرنا إلى العودة نحو الواقع الاجتماعي لسكان العالم العربي الذي تعرضت دوله لتلك الحركات، الثورات العربية وهو ما أعتقد جازما لم تكن نتيجة تلقائية لمرحلة من التحول التاريخي الذي يحدث في المجتمعات الإنسانية إنما هو شكل من الظواهر الاجتماعية التي يمكن مرورها دون اثر يذكر
الثلاثاء, 19 أبريل 2011 00:46 د. علي الخشيبان قضايا ومناقشات المرحلة التي يمر بها العالم العربي اليوم مثيرة للأسئلة المهمة حول كيف ولماذا يحدث هذا..؟ وهذا السؤال ليس متأخرا ولا متقدما كما قد يعتقد البعض منا ومع ذلك، ليس هناك إجابة واضحة يمكن الاعتماد عليها على الأقل في الوقت الحالي كما انه ليس هناك تحليل اجتماعي دقيق يشرح تحولات أصابت بعض المجتمعات العربية ولكن العامل المشترك أن شكلا من الأسباب الاجتماعية أدت للتحرك الاجتماعي المقترن بغوغائية هي السبب الخفي وراء ما يحدث.
العالم العربي ظل مرتبطا بالتخلف وصفا وتحليلا طوال هذه الأعوام وفجأة تغيرت هذه المفاهيم لدى الذين كانوا يصفونه بهذه الصفات، مع العلم انه لم تحدث مقومات تطويرية لتغيير مفاهيم التخلف المربوطة بهم، فهناك فرضية تبدو قصصية في ظاهرها ولكنها تبدو مقنعة في دلائلها تقول هذه الفرضية إن سكان العالم العربي وجدوا مصباح علاء الدين وعندما قدم العالم العربي طلباته المعهودة لمارد المصباح من المنازل والمال والضياع والمركبات رفض مارد مصباح علاء الدين هذه المطالب لأنها أصبحت تقليدية وأصبح الحصول عليها مهمة يستطيع البشر تحقيقها ببساطة وهو ما يتعارض مع فرضية أسطورة علاء الدين حيث يحقق ماردها شيئا خارق للعادة.
لذلك اقترح مارد مصباح علاء الدين للقرن الحادي والعشرين شكلا جديدا من الاستجابة الفورية لمن أخرجه من المصباح السحري فاختار الثورات العربية كما يبدو ولكن هذا الاختيار لم يكن موفقا إلى حد كبير فهناك شعوب دفعت ثمنا غاليا في سبيل أمنها واستقرارها لمجرد أن مصباح علاء الدين اختار أن يحقق للعرب شكلا من المطالب حيث سيوفر هذا الاتجاه نحو الثورات في العالم العربي فرصة كبيرة لمارد مصباح علاء الدين لان ينام بعيدا عن الإزعاج والإخراج لقرون مقبلة حيث سينشغل العرب بأنفسهم مدة طويلة.
فكما يبدو أن مارد هذا المصباح السحري تم استهلاكه كثيرا خلال العقود الماضية فقد رأيناه يحقق الكثير من المطالب الخارقة للكثيرين من أبناء العالم العربي ففي بعض بلدان العالم العربي حدثت معجزات للكثيرين كان سببها هذا المصباح.
فرضية مصباح علاء الدين ليست فرضية يمكن تجاوزها بسهولة فكما يبدو أن احدهم وجد هذا المصباح في عربة خضار الشاب (البوعزيزي) مندسا بين أكوام الطماطم والبطاطس فلما بدأ ذلك العربي بتقديم الطلبات تلو الطلبات لمارد المصباح توقف المارد برهة منزعجا من تكرار تلك الطلبات وتقليديتها فقرر أن ينفذ تلك المطالب ولكن بطريقة جديدة بدأت بالانتحار فكما يبدو واضحا أن ثورات العالم العربي اليوم تتخذ من الانتحار مسارا لها حيث تبدأ بانتحار فرد من الشعب ثم ينتحر الشعب كله ثم تنتحر السياسة ثم تنتهي المشكلة دون حلول ودون أن يستطيع مصباح علاء الدين أن يحقق سوى الراحة له وللمارد الذي يسكنه للقرون القادمة لان أحدا لن يستدعيه فالنتيجة فتاكة والآثار التي سوف تتركها الثورات العربية سوف تتطلب زمنا طويلا حتى تعود مرة أخرى إلى البحث عن مصباح علاء الدين هذا إذا بقيت متذكرة لمصباح علاء الدين، فكما يبدو أن هذا هو آخر الأزمان لرواج الأساطير الشعبية.
يقول دوركايم عالم الاجتماع المشهور إن هناك أربعة أنواع من الانتحار هي: الانتحار الأناني، الإيثاري، اللامعياري والقدري، في النوعين الثالث والرابع من أنواع الانتحار يشير العالم دوركايم إلى "أن الانتحار اللامعيارى يحدث في الحالات التي تضعف فيها الضوابط بينما الانتحار القدري يحدث في الحالات التي تكون فيها الضوابط متجاوزة للحد المرغوب فيها".
الأسباب الأقرب إلى الحقيقة حول تفسير ما يحدث في العالم العربي تشير إلى أن الأزمة ذات علاقة (بالمجتمع الكيان) وليس لها علاقة بالسياسية أو الاقتصاد فهذان العاملان (السياسة والاقتصاد) هما نتيجة وليسا سببا مباشرا، السبب الاجتماعي يتمثل في مؤشرات ارتباك وضمور في الطبقة الوسطى في الكثير من مجتمعات العالم العربي كنتيجة طبيعية لزيادة معدلات الأفراد في الأسرة الواحدة نتيجة المواليد في مقابل انخفاض في الدخل حيث تسربت نسبة كبيرة من الطبقة الوسطى إلى الطبقة الأقل منها وصارت تشكل ضغطا على الثقافة المجتمعية بمكوناتها الاقتصادية.
الكتلة البشرية التي نزلت إلى مستويات طبقية أقل بينما المفترض أن تصعد في كثير من دول عالمنا العربي شكلت سحبا سواء كسحب التلوث التي تغطي الكثير من عواصم العالم العربي وتضاعفت المشكلة الاقتصادية وأصبحت الحلول الاقتصادية - المهمة المستحيلة- في مقابل مشكلة السكان.
في العالم العربي وفي الدول التي تتعرض اليوم للثورات أيضا هناك عوامل مشتركة تتقاسمها الطبيعة السياسية لتلك البلدان فأول تلك العوامل يتمثل في صعود فئات اجتماعية على مستوى الأفراد من وسط المجتمع أو قاعه في كثير من الأحيان إلى مرتبة الطبقة السياسية هذا الصعود ساهم في اندماج غير متكامل ومعادلة ناقصة.
من وجهة نظري أن تناظرا وتكاملا اقتصاديا وسياسيا أحدثته طبقة جديدة من المجتمع حيث خلقت هذه الطبقة ذات العدد المحدود من البشر في موقع بين الطبقة الوسطى والتي تليها هذا الصعود أوجد الأرضية المناسبة لدى الطبقات الاجتماعية التي نزلت بفعل اقتصادي فقد ساهمت هذه العملية في غرس أهم نوعين من أنواع الانتحار تحدث عنهما دوركايم (اللامعياري والقدري).
لقد ضعفت الضوابط الخاصة بتلك الطبقات المستجدة وفي ذات الوقت فرضت ضوابط صارمة على المجتمعات التي تكاثر فيها التسرب من الطبقة الوسطى إلى ما دونها في المجتمع وهذا أسس وبشكل فعال لمسببات الانتحار الاجتماعي والذي تمثل في الثورات التي توهم الكثير أنها بحث عن ديمقراطية أو بحث عن حرية بينما هي ذات علاقة مباشرة بالتوازن السكاني، فكل مجتمع تختل طبقته الوسطى بشكل كبير يتجاوز ثلاثين بالمائة فهذا نذير اختلال للجسد الاجتماعي.
الثورات العربية التي تحدث ما زالت ضمن الظواهر الاجتماعية السلبية الناتجة عن خلل في التركيبة السكانية وانحسار الموارد واختلال أهم الطبقات الاجتماعية وهذا ليس موقفا سلبيا بقدر ما هو موقف تحليلي يجبرنا إلى العودة نحو الواقع الاجتماعي لسكان العالم العربي الذي تعرضت دوله لتلك الحركات، الثورات العربية وهو ما أعتقد جازما لم تكن نتيجة تلقائية لمرحلة من التحول التاريخي الذي يحدث في المجتمعات الإنسانية إنما هو شكل من الظواهر الاجتماعية التي يمكن مرورها دون اثر يذكر