- الأربعاء إبريل 20, 2011 12:12 pm
#34231
جامعة الشعوب العربية؟
الخميس, 14 أبريل 2011
الياس حرفوش
شكّل موقف جامعة الدول العربية من الأزمة الليبية تحولاً مهماً في سلوك الجامعة حيال مشكلة داخلية تقع بين الحكم والمعارضة في أحد الدول الأعضاء. فقد كان هذا الموقف، الذي تمثل بتجميد عضوية ليبيا في الجامعة، ثم بتوفير الغطاء لفرض منطقة الحظر الجوي، الذي تأكد بقرار مجلس الأمن رقم 1973، مخالفاً في الشكل لصلاحيات الجامعة ولحدود عملها، كما سبق أن أكدها الأمين العام عمرو موسى في تصريح له مع بداية الأحداث، وقبل أن يتغير موقفه الى المطالبة بالتدخل. فقد قال موسى في تصريحه (في 20 شباط/فبراير) الماضي: إن الجامعة لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء إلا بعد موافقة هذه الدول.
موقف الجامعة من الوضع في ليبيا كان مخالفاً بل مناقضاً لموقفها من الأزمات الداخلية الأخرى التي تعصف بالمنطقة. الجامعة لم تتدخل مثلاً في أزمتي تونس ومصر، رغم الانحياز المتأخر لأمينها العام بصفته الشخصية الى جانب الثوار المصريين، ولاعتبارات يطغى عليها الشأن الخاص على العام. وكذلك لم تتدخل الجامعة في أحداث اليمن والبحرين، حيث تركت المهمة لمجلس التعاون الخليجي. وطبعاً لا صوت للجامعة بالنسبة الى ما يجري في سورية، حيث يبدو أنها غائبة عن السمع حيال ما يجري هناك، مع أن طبيعة المشكلة لا تختلف كثيراً عما يجري في ليبيا.
كل هذا يدفع الى السؤال عمّا إذا كان هناك معيار جديد وضعته جامعة الدول العربية للتدخل في البلدان العربية التي تشهد «ثورات» هذه الأيام، لتحقيق الهدف النبيل الذي أعلنت عنه لتبرير تدخلها في ليبيا، وهو حماية المدنيين؟ هل يقتصر دور الجامعة على حماية المدنيين من قصف النظام لهم بالطائرات مثلاً؟ وهل تتيح قوانينها لنظام أن يقتل شعبه بالدبابات والقذائف، حيث لا يستدعي ذلك تدخلها أو مطالبتها بحماية دولية للمدنيين؟ وإذا كان ما قاله الأمين العام عن عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء صحيحاً، فعلى أي أساس قرّر أن الحدث الليبي لم يعد شأناً داخلياً، وبات في مقدور الجامعة أن تتدخل فيه؟
من الطبيعي أن يصفق المرء للجامعة العربية إذا قررت أن تمارس اللعبة الديموقراطية الى جانب الشعوب العربية، وأن تحميها من قمع الأنظمة وانتهاك الحقوق والحريات. فعلى رغم الشلل التقليدي للجامعة خلال عمرها المديد، فان الأفضل أن يأتي تحركها متأخراً من أن لا يأتي أبداً. غير أن المقلق في موقفها من الأحداث في ليبيا أنه انتهى الى ما يشبه توفير الغطاء للموقف الدولي والمنفّذ لقراراته، وهو ما بدا من مؤتمري لندن والدوحة اللذين خصصا لبحث الوضع الليبي، والذي من المؤكد أن يظهر في مؤتمر القاهرة اليوم، على رغم أن الجامعة هي التي تحتضن، من حيث المبدأ، هذا المؤتمر.
لقد مرت بالعالم العربي في السنوات الأخيرة أزمات كثيرة، كان طابعها جميعاً من النوع الذي يفرض تدخل الجامعة، كونها تتصل بتدخل دولة عربية في شؤون دولة مجاورة. على سبيل المثال الغزو العراقي للكويت في مطلع التسعينات، والأزمة الممتدة في العلاقات السورية اللبنانية، والنزاع المفتوح بين المغرب والجزائر حول قضية الصحراء الغربية، وسواها. ولم يكن للجامعة دور فاعل في كل هذه الأزمات. وحتى عندما تدخلت، كما فعل أمينها العام للتوسط لحل الأزمة في لبنان عام 2008، التي عطلت انتخاب رئيس الجمهورية وشلّت العمل الحكومي، فقد كان هذا التدخل لتوفير الغطاء للدور الفعلي الذي لعبته دولة قطر آنذاك. ومن هنا كان اسم الاتفاق الذي تم التوصل إليه هو «اتفاق الدوحة» وليس «اتفاق الجامعة» أو «اتفاق عمرو موسى».
مرة جديدة، ليس عيباً أن تلعب الجامعة دوراً إيجابياً وأن يكون لها صوت الى جانب شعوب المنطقة، بحيث تصبح «جامعة الشعوب» فعلاً، على أن لا يكون هذا الدور انتقائياً أو موسمياً.
الخميس, 14 أبريل 2011
الياس حرفوش
شكّل موقف جامعة الدول العربية من الأزمة الليبية تحولاً مهماً في سلوك الجامعة حيال مشكلة داخلية تقع بين الحكم والمعارضة في أحد الدول الأعضاء. فقد كان هذا الموقف، الذي تمثل بتجميد عضوية ليبيا في الجامعة، ثم بتوفير الغطاء لفرض منطقة الحظر الجوي، الذي تأكد بقرار مجلس الأمن رقم 1973، مخالفاً في الشكل لصلاحيات الجامعة ولحدود عملها، كما سبق أن أكدها الأمين العام عمرو موسى في تصريح له مع بداية الأحداث، وقبل أن يتغير موقفه الى المطالبة بالتدخل. فقد قال موسى في تصريحه (في 20 شباط/فبراير) الماضي: إن الجامعة لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء إلا بعد موافقة هذه الدول.
موقف الجامعة من الوضع في ليبيا كان مخالفاً بل مناقضاً لموقفها من الأزمات الداخلية الأخرى التي تعصف بالمنطقة. الجامعة لم تتدخل مثلاً في أزمتي تونس ومصر، رغم الانحياز المتأخر لأمينها العام بصفته الشخصية الى جانب الثوار المصريين، ولاعتبارات يطغى عليها الشأن الخاص على العام. وكذلك لم تتدخل الجامعة في أحداث اليمن والبحرين، حيث تركت المهمة لمجلس التعاون الخليجي. وطبعاً لا صوت للجامعة بالنسبة الى ما يجري في سورية، حيث يبدو أنها غائبة عن السمع حيال ما يجري هناك، مع أن طبيعة المشكلة لا تختلف كثيراً عما يجري في ليبيا.
كل هذا يدفع الى السؤال عمّا إذا كان هناك معيار جديد وضعته جامعة الدول العربية للتدخل في البلدان العربية التي تشهد «ثورات» هذه الأيام، لتحقيق الهدف النبيل الذي أعلنت عنه لتبرير تدخلها في ليبيا، وهو حماية المدنيين؟ هل يقتصر دور الجامعة على حماية المدنيين من قصف النظام لهم بالطائرات مثلاً؟ وهل تتيح قوانينها لنظام أن يقتل شعبه بالدبابات والقذائف، حيث لا يستدعي ذلك تدخلها أو مطالبتها بحماية دولية للمدنيين؟ وإذا كان ما قاله الأمين العام عن عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء صحيحاً، فعلى أي أساس قرّر أن الحدث الليبي لم يعد شأناً داخلياً، وبات في مقدور الجامعة أن تتدخل فيه؟
من الطبيعي أن يصفق المرء للجامعة العربية إذا قررت أن تمارس اللعبة الديموقراطية الى جانب الشعوب العربية، وأن تحميها من قمع الأنظمة وانتهاك الحقوق والحريات. فعلى رغم الشلل التقليدي للجامعة خلال عمرها المديد، فان الأفضل أن يأتي تحركها متأخراً من أن لا يأتي أبداً. غير أن المقلق في موقفها من الأحداث في ليبيا أنه انتهى الى ما يشبه توفير الغطاء للموقف الدولي والمنفّذ لقراراته، وهو ما بدا من مؤتمري لندن والدوحة اللذين خصصا لبحث الوضع الليبي، والذي من المؤكد أن يظهر في مؤتمر القاهرة اليوم، على رغم أن الجامعة هي التي تحتضن، من حيث المبدأ، هذا المؤتمر.
لقد مرت بالعالم العربي في السنوات الأخيرة أزمات كثيرة، كان طابعها جميعاً من النوع الذي يفرض تدخل الجامعة، كونها تتصل بتدخل دولة عربية في شؤون دولة مجاورة. على سبيل المثال الغزو العراقي للكويت في مطلع التسعينات، والأزمة الممتدة في العلاقات السورية اللبنانية، والنزاع المفتوح بين المغرب والجزائر حول قضية الصحراء الغربية، وسواها. ولم يكن للجامعة دور فاعل في كل هذه الأزمات. وحتى عندما تدخلت، كما فعل أمينها العام للتوسط لحل الأزمة في لبنان عام 2008، التي عطلت انتخاب رئيس الجمهورية وشلّت العمل الحكومي، فقد كان هذا التدخل لتوفير الغطاء للدور الفعلي الذي لعبته دولة قطر آنذاك. ومن هنا كان اسم الاتفاق الذي تم التوصل إليه هو «اتفاق الدوحة» وليس «اتفاق الجامعة» أو «اتفاق عمرو موسى».
مرة جديدة، ليس عيباً أن تلعب الجامعة دوراً إيجابياً وأن يكون لها صوت الى جانب شعوب المنطقة، بحيث تصبح «جامعة الشعوب» فعلاً، على أن لا يكون هذا الدور انتقائياً أو موسمياً.