صفحة 1 من 1

الرشوه

مرسل: الخميس إبريل 21, 2011 9:39 am
بواسطة محمد العمري 8
أبحاث:
الرّشوة - بالكسر - : ما يعطيه الشّخص للحاكم أو غيره ليحكم له ، أو يحمله على ما يريد.(المصباح:رشا) وجعلها بعضهم مثلثة الراء .
واتفق الفقهاء على حرمة الرشوة ، وعدوها من الكبائر ، قال ابن قدامة : فأما الرشوة في الحكم ورشوة العامل فحرام بلا خلاف . المغني (10/118) . وعدها ابن حجر الهيتمي الشافعي من الكبائر ، وعلل ذلك لما فيها من الوعيد الشديد واللعنة الوارد في الأحاديث . الزواجر (ص 628-630) .
والدليل على ذلك قول الله تعالى وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) البقرة:188 ولا ريب أن اللفظ عام فيشمل الرشوة ، قال الشوكاني : هذا يعم جميع الأمة وجميع الأموال لا يخرج عن ذلك إلا ما ورد دليل الشرع بأنه يجوز أخذه . فتح القدير (تفسير الآية السابقة) .
وأشار جل شأنه إلى تحريم الرشوة فقال : (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ) المائدة:42
قال غير واحد من المفسرين : هو الرّشوة. كما في الدر المنثور . وفي الحديث الشريف عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال :"لعن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي" ، رواه أبو داود (3580) والترمذي (1337) وقال : حديث حسن صحيح .
فدل لعن الشارع لفاعله على أنه كبيرة .
ويستثنى من ذلك : إذا لم يتوصل صاحب الحق إلى حقه إلا بدفع الرشوة ولا يجد سبيلا غير ذلك كما نص على ذلك غير واحد ، قال السيوطي : قاعدة : "ما حَرُمَ أخْذُه حَرُمَ إعطاؤه"كالربا و مهر البغي و حُلْوان الكاهن و الرشوة و أجرة النائحة و الزامر ، ويستثنى صور منها : الرشوة للحاكم ليصل إلى حقه و فك الأسير وإعطاء شيء لمن يخاف هجوه و لو خاف الوصي أن يستولي غاصبٌ على المال فله أن يؤدي شيئا ليخلصه و للقاضي بذل المال على التولية و يحرم على السلطان أخذه . الأشباه والنظائر(ص280). وقال ابن قدامة : فأما الراشي فإنْ رشاه ليحكم له بباطل أو يدفع عنه حقا فهو ملعون ، وإنْ رشاه ليدفع ظلمه ويجزيه على واجبه فقد قال عطاء وجابر بن زيد والحسن : لا بأس أن يصانع عن نفسه ، قال جابر بن زيد : ما رأينا في زمن زياد أنفع لنا من الرشا ، ولأنه يستنفذ ماله كما يستنفذ الرجل أسيره . المغني (10/118).
وحُجَّة ذلك أنّ الصّادر من المُعين عصيان لا مفسدة فيه ، والجَحْد والغصب عصيان ومفسدة ، وقد جوّز الشّارع الاستعانة بالمفسدة - لا من جهة أنّها مفسدة - على دَرْء مفسدةٍ أعظم منها ، كفداء الأسير ، فإنّ أخذ الكفّار لمالنا حرام عليهم ، وفيه مفسدة إضاعة المال ، فما لا مفسدة فيه أوْلى أن يجوز.