منتديات الحوار الجامعية السياسية

خاص بالمشكلات السياسية الدولية
By سعد الخثران 8-4
#34472
سؤال البحث :
هل تصبح الصين قوة عظمى ؟ تأثير ذلك على السلام والأمن الدولي ؟
مقدمة :
تعددة الآراء والتحليلات والتنبؤات لدى الكثير من المحللين والمفكرين والباحثين السياسيين والإقتصادين في مدى نجاح الصين لقيادة العالم ، وموقعها في هيكل النظام العالمي الجديد المتوقع ولادته بعد فترة من التشكل قد تصل الى العشر أو الخمسة عشر سنة .
الصين بإعتبارها الدولة القيادية والأقد للقيادة من بين ( الاتحاد الأوربي ، روسيا ، الهند ، المانيا ) بالاعتماد على عدد من المؤشرات تقود الى القول بأن الصين قد تكون الدولة الخليفة للولايات المتحدة الأمريكية المخولة لقيادة العالم .
في هذه الموضوع محل الدراسة عن الصين وقياتها للعالم سوف اعتمد في دراستي على بعض من التقارير والموضوعات الاخبارية وبعض الآراء المنشورة عن هذا الموضوع ، وسوف أنطلق في هذا البحث من عدة عناصر رئيسية هي :
أولاً : لمحة تاريخية عن الصين ونظامها .
ثانياً : توجه الصين بعد اعتمادها سياسة الاصلاح والانفتاح .
ثالثاً : طموح الصين ومقومات التحول الى القوة العظمى .
رابعاً : استعراض لأهم المعوقات والتحديات لقيادة العالم .
خامساً : رأي الشخصي .
محاولاً قدر الإمكان عرض جميع التقارير بشكل مترابط بتناسب مع التسلسل الزمن للأحداث الإقتصادية والسياسية والإجتماعية والثقافية لدولة الصين محاولاً اتباع الحياد والموضوعية في التوفيق بين الأراء سواء من الداخل الصيني أو الرأي الناقد المعارض أو المؤيد أو حتى المتفائل .






أولاً : لمحة تاريخية لتطور الصين :
الصين الشعبية أو التنين كما يحلو لبعض السياسين والمراقبين تسميتها حققت قفزة سياسية واقتصادية وعسكرية منذو نجاح الثورة الشيوعية عام 1949م وعلى وجه التحديد بعد تبنيها وعزمها وانطلاقها في مسيرة سياسة الإصلاح والانفتاح عام 1978م . فالفترة التي سبقت هذه السياسة فترة قاسية بالنسبة للصينيين عانا فيها الشعب من الحروب والتمزق والانغلاق على الذات . الا انها في خلال الثلاثين عاماً المنصرم استطاعة الخروج من عزلتها وتحقيق درجات من التفوق في المجال الاقتصادي والعسكري والاجتماعي والثقافي ودفع مسيرة النمو والتحديث للأمام ، معتمدة على سياسة اقتصادية متركز على الداخل وسياسة خارجية هادئة وحذرة جداً .
استطاعة الصين رغم الصراعات الداخلية والتفاوت المجتمعي والتعدد الطبقي وتعدد الطوائف والنخب المتصارعة وان كان الصراع خفي ومعلن في نوع من حالات المعارضة المقموعة بشدة من الحزب الشيوعي الحاكم ، استطاعة تحقيق نمو اقتصادي سريع حقق نوع من الاستقرار الاجتماعي بدرجات متفاوته .
أما الصين الحاصلة على كرسي دائم في مجلس الأمن والدولة المعترف بها كا قوة نووية والتي تحتل المركز الأول عالمياً من حيث النمو ، والمركز الأول في الإحتياطي النقدي الأجنبي ، وتحتر المركز الثاني في الإنفاق العسكري ، وايضاً نفس المركز في جذب الإستثمارات الأجنبية على أرضها ، وتصنف في المركز الثالث في التجارة الدولية ويتوقع لها أن تقفز الى المركز الثاني ، وتحتل المركز الرابع من حيث الناتج المحلي ، والمركز الخامس من حيث عدد الرؤوس النووية وتعتبر من الدول ذات البرنامج الفضائي المتقدم .
الا انها مازالت متأخره بعض الشيئ من حيث الدخل الفردي فهي تحتل المركز ( 15 ) ويعود ذلك الى كثرة عدد السكان البالغ 1.300 مليون نسمة .
ومع ذلك فالصين مازالت تعاني من بعض التحديات الداخلية والخارجية والتي لها شأن في إعاقة تقدمها، والاخطر في ذلك الشؤون الداخلية المتمثلة في نظامها السياسي ومشاكل القمع والعنف السياسي والدرجة المنخفة من المشاركة السياسية ( الديموقراطية ) ومشكلات الحدود والنزعات الانفصالية في تايوان والتبت وشينكيانج والتهديدات الإقليمية وكذلك الصراع على القيادة ، هذه التحديات التي من شأنها اعاقة مضاهاتها للولايات المتحدة الأمريكية في تسلم دفة القيادة للنظام العالمي ويجعلها دوماً في حاجة للدول الكبرى على الصعيد السياسي والعسكري والتكنولوجي .
الصين تطمح للقيادة وتسير في خطى حذرة في التعامل مع القضايا الخارجية وتعتمد في سياستها الخارجية على القوة الناعمة التي جعلت منها مصدر إعجاب للناظرين اليها والمهتمين لأمرها فتسعى لإقامة العلاقات والتحالفات وتوقيع الإتفاقيات وعقد المعاهدات سواء تجارية أو سياسية أو أمنية كل لخدمة مصلحته ومن وجهة نظره . والظاهر على سياسة الصين الخارجية التغير بالتحديد بعد الأزمة المالية العالمية التي هيئة الفرصه لها للدخول والظهور على الساحة السياسية الدولية في جميع المجالات .
ثانياً : توجه الصين بعد اعتمادها سياسة الاصلاح والانفتاح :
يمكن تقسيم التطور الصيني والحداثة في مرحلتين هي :
المرحلة الأولى : مرحلة الانغلاق والبناء والتجريب وهي الفترة الممتدة بين عامي 1949م/1978والتي حققت فيها بعض المكاسب كما تعرضت فيها لبعض النكسات،هذه الفترة تمحورة في ثلاث مفاهيم هي :
أ‌- استمرار الثورة .
ب‌- الخوف والحذر من العدو الخارجي .
ت‌- فتح الباب اما التعاون والتبادل مع الدول النامية .
أما المرحلة الثانية : مرحلة انطلاق الثورة الاصلاحية والتطوير في عدة جوانب بعيدة عن المفاهيم بالمرحلة الأولى ، ومن أهم تلك الجوانب التي ركزت عليها مايلي :
أ‌- التركز على البناء الدخلي وتوفير فرص الاستقرار السياسي من خلال سيطرة الحزب الشيوعي وتدعيم سلطته والانفتاح وتبادل التعاون في جميع المجالات والاصلاح الاقتصادي والاعتماد على سياسة التصدير .
ب‌- بناء العلاقات الخارجية ، بإعتماد السياسة الحذرة والهادئة والحكيمة لخدمة مصالحها وتحقيق أهدافها من خلال اقامة العلاقات مع الدول المتقدمة للحصول على الخبرات والتكنولوجيا ومع الدول النامية للحصول على الموارد والطاقة مع تجنب النزاعات الدولية .
لاشك في ان تبنيها لهذه السياسة الداخلية والخارجية الهادئة والحذره وتركيزها على الجانب الاقتصادي بالدرجة الأولى ثم الجانب العسكر بالدرجة الثانية لتوفير الحماية لنفسها ، حققت الكثير من المكاسب من أهمها مايلي :
1- خلق نوع من الاستقرار الداخلي ، ناتج من تحقيق النمو الأقتصادي .
2- القوة العالمية الأولى في الاحتياطي النقدي الأجنبي الذي بلغ 2 تريليون دولار .
3- القوة العالمية الثانية في جذب الاستثمار .
4- القوة العالمية الثالثة في التجارة الدولية وحجم الانتاج الذي بلغ 4.4تريليون دولار عام 2008م.
5- دولة نووية وتملك أسلحة نووية ، تكسبها قوة معنوية في اتخاذ القرارات الدولية والاقليمية .
6- دولة لاعبة رئيسية في أهم القضايا الدولية ( البرنامج النووي الكوري الشمالي وإيران ) .
7- دولة رئيسية في لإقتصاد العالمي ( دول العشرين ) ( مجموعة الاثنين ) .
8- الغزو الفضائي .
رغم هذا التفوق السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي إلا أنها مازالت تنادي بأنها دولة نامية كبرى وفي نظري فإنها مازالت تفتقر الى نوع من الجرأة لإثبات الوجود الفعلي لتحقيق طموحها في قيادة العالم. ولعلي ادرج بعض الاحصائيات التي تعرض التطورات في الوضع الصيني والتي تعتبر من أهم المؤشرات ، والتي سأضعها في الجداول التالية :
الجدول رقم (1): البيانات الرئيسة عن الوضع الاقتصادي الصيني عام 2008
عدد السكان 1.3 مليار نسمة
الناتج المحلي الإجمالي 4.2 مليار دولار بأسعار السوق
الناتج المحلي الإجمالي 10.8 مليار دولار بالأسعار الحقيقية
القوة الشرائية 8.28 مليار دولار على أساس القوة الشرائية
معدل التضخم 3.6% -
متوسط الدخل الفردي 3.180 دولارا بأسعار السوق
متوسط الدخل الفردي 6140 دولارا وفقاً للقوة الشرائية
فائض الميزان التجاري 360.7 مليار دولار (315.4 مليار عام 2007)
الصادرات 1.4 تريليون دولار
الواردات 1.1 تريليون دولار

الجدول رقم (2): التجارة الصينية "أهم السلع" 2008
الصادرات الرئيسة الواردات الرئيسة
الآلات ومعدات النقل 47.1% الآلات ومعدات النقل 39%
السلع المصنعة 18.3% مواد خام 9.4%
مواد غذائية وحيوانات حية 5.5% السلع المصنعة 14.9%
وقود معدني 2.2% مواد غذائية وحيوانات حية 1.2%

الجدول رقم (3): أهم الشركاء التجاريين للصين 2008
اتجاه الصادرات اتجاه الواردات
الولايات المتحدة 17.6% اليابان 13.3%
هونغ كونغ 13.3% كوريا الجنوبية 9.9%
اليابان 8.1% تايوان 9.1%
كوريا الجنوبية 5.1% الولايات المتحدة 7.1

الجدول رقم (4): تجارة الصين مع التجمعات والدول الرئيسة في الشهور الخمسة الأولى لعام 2009
الترتيب الدولة بالمليار دولار النسبة
الأولى الاتحاد الأوروبي 129.9 29%
الثانية الولايات المتحدة 115.2 18.2%
الثالثة اليابان 91.2 15.5%

الجدول رقم (5): نسبة الصادرات والواردات للدخل الإجمالي 2008
الدولة الصادرات الواردات
الصين 34.7% 27.4%
الهند 14.2% 23.2%

الجدول رقم (6): متوسط الدخل الفردي لدول مجموعة الـ 20 عام 2008
الترتيب الدولة متوسط الدخل الفردي بالدولار
1 أميركا 45.550
2 فرنسا 39.922
3 ألمانيا 37.307
4 كندا 36.589
5 أستراليا 34.947
6 إيطاليا 33.253
7 بريطانيا 32.798
8 السعودية 14.656
9 روسيا 8230
10 تركيا 7840
11 الأرجنتين 7732
12 المكسيك 7703
13 البرازيل 6526
14 جنوب أفريقيا 4943
15 الصين 3180
16 إندونيسيا 2300
17 الهند 982
الجدول رقم (7): مقارنة تطور معدل النمو بين القوى الرئيسة في الاقتصاد العالمي
الدولة عام 2006 عام 2007 عام 2008
الصين 11.6 11.9 9.1
الولايات المتحدة 2.8 2 1.2
الاتحاد الأوروبي 2.8 2.6 1.1
اليابان 2.4 2.1 0.4
الهند 7.3 8.9 7.5
الجدول رقم (8) أكبر خمس دول في شراء السلاح التقليدي ما بين 2004 – 2008
الدولة المستوردة نسبة الاستيراد من التجارة العالمية % الدولة المصدرة
الصين 11 روسيا (92%)
الهند 7 روسيا (71%)
الإمارات العربية المتحدة 6 الولايات المتحدة (54%)
كوريا الجنوبية 6 الولايات المتحدة 73%
اليونان 4 ألمانيا 31%

الجدول رقم (9): مقارنة الناتج المحلي الإجمالي بين دول مجموعة العشرين أثناء قمة بيتسبرغ سبتمبر/أيلول 2009
الدول الناتج المحلي الإجمالي بالمليار دولار
الاتحاد الأوروبي 15343
أمريكا 14003
اليابان 4993
الصين 4833
ألمانيا 3060
فرنسا 2499
بريطانيا 2007
إيطاليا 1988
البرازيل 1269
كندا 1229
الهند 1186
روسيا 1164
المكسيك 827
أستراليا 755
كوريا 727
تركيا 552
اندونيسيا 468
السعودية 374
الأرجنتين 310

الجدول رقم (10): الإنفاق العسكري لعام 2008 وفقاً للأقاليم
الأقاليم الإنفاق بالمليار دولار نسبة الزيادة ما بين عامي 1999 - 2008 %
أفريقيا
شمال أفريقيا
أفريقيا جنوب الصحراء 20.4
7.8
12.6 + 40
+ 94
+ 29
الأمريكيتان
الكاربي
أمريكا الوسطى
أمريكا الشمالية
أمريكا الجنوبية 603
-
4.5
564
34.1 + 64
-
+ 21
+ 66
+ 50
آسيا والإقيانوسية
آسيا الوسطى
آسيا الشرقية
الإقيانوسية
آسيا الجنوبية 206
-
157
16.6
30.9 + 52
-
+ 56
+ 36
+ 41
أوروبا
أوروبا الشرقية
أوروبا الغربية والوسطى 320
43.6
277 + 24
+ 174
+ 5
الشرق الأوسط 75.6 + 56
العالم 1226 + 45




الجدول رقم (11): أكبر 10 دول في الإنفاق العسكري عام 2008
الدولة الترتيب الإنفاق بالمليار دولار نسبة الحصة في الإنفاق العالمي%
الولايات المتحدة 1 607 41.5
الصين 2 ( 84.9 ) 5.8
فرنسا 3 65.7 4.5
بريطانيا 4 65.3 4.5
روسيا 5 ( 58.6 ) 4
ألمانيا 6 46.8 3.2
اليابان 7 46.3 3.2
إيطاليا 8 40.6 2.8
السعودية 9 38.2 2.6
الهند 10 30 2.1
العالم - 1464 -


ابو عبدالله
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى ابو عبدالله
البحث عن كل مشاركات ابو عبدالله

24-01-2010, 12:10 PM #2
ابو عبدالله
عضو نشيط


تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 84 صعود الصين .... لقيادة العالم ....2

--------------------------------------------------------------------------------

ثالثاً : طموح الصين ومقومات التحول الى القوة العظمى .
من الملاحظ على السياسة الخارجية للصين وتفاعلها مع القضايا الدولية العالمية كان محدود التأثير في خلال السنوات الماضية ، فكانت دائماً تتبع سياسة الحذر والسير بخطى بطيئة ومتأخرة بعض الشيئ في تبني مواقف من أحد القضايا الدولية ، هذه السياسة قد تكون سبب في تماسك الصين وصمودها الى الوقت الحالي ، بل أعتبره من أهم الركائز الذي ارتبط بمفهوم التفوق وبلوغ المكانة العالمية الحالية . وهذا دليل على أن صانعي القرار يتسمون بصفة التخطيط الناجح وغير المتسرع في اتخاذ القرارات بشكل يخدم المصلحة الصينية سواء في المجال السياسي والاقتصادي ومحاولة تجنب التصادم مع قرارات الدولة العظمى المهيمنة في السنوات السابقة . مع أن العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية كانت على درجات متفاوته من التقارب والتباعد وخصوصاً في عهد الرئيس السابق جورج دبليو بوش الابن ، فكانت فبعد وصفها بالشريك الاستراتيجي في عهد الرئيس بل كلنتون سرعان ما أعلن الرئيس بوش الابن بأن الصين تعتبر المتحدي الأول للولايات المتحدة وكانت توصف أحيانناً بالعدو الصامت لأمريكا .
الأزمة المالية العالمية الأخيرة قلبت موازين النظر الى الصين ، بل قلبت السياسة الخارجية الصينية ودفعتها الى التحول للحضور بشكل مباشر وقوي لم يسبق له من قبل ، بل أصبحت تعتبر الشريك الرئيسي والإستراتيجي للولايات المتحدة في جميع القضايا . ومن المؤكد بأن كل من البلدين تجمعهم صفة مشتركة واحدة في التعامل مع بعضهما قائمة على أساس تحقيق المصالح . فالولايات المتحدة الأمريكية الخارجة من الأزمة المالية العالمية بخسائر فادحة تزامن ذلك مع تورطها في حربها على الإرهاب سواء في العراق أو افغانستان والتي استنزفت من الولايات المتحدة الأمريكية مدفوعات عالية بل أنها اصبح الهاجس لها يكمن في كيفية الخروج من ذلك المأزق ، على العكس من الصين التي خرجت من الأزمة المالية العالمية بخسائر قد لاتذكر ويعود الفضل الى عدم تحييدها للضغوط الأمريكية التي فرضتها عليها بإنتهاج الرأسمالية ، والتي تعاملت بذكاء كبير تمثل في توظيف الرأسمالية ذات البيئة الخارجية الغربية وتكييفها مع مبادئها الإقتصادية لتحقيق الأهداف .
الولايات المتحدة الأمريكية بعد الأزمة المالية العالمية ووصول الرئيس الجديد المتبني لسياسة خارجية هادئة بعيدة عن التوجه السابق المعتمد على القوة الصلبة ( القوة العسكرية ) والغرور والتمادي في استخدامه بدون التخطيط الصحيح لحساب التبعيات من اعتماد تلك السياسة ، و أضعف من مكانتها الدولية وخصوصاً بعد انكشاف الغطاء عن الأيديولوجيات التي صورت للعالم بأنها الأمثل والأقد على تجاوز الأزمات والنكسات . الوضع الحالي للولايات المتحدة الأمريكية والتي أعلنها الرئيس الجديد صراحة في التقليل من حجم القوة الأمريكية وأنها غير قادرة على التعامل مع المشكلات والقضايا الدولية بمفردها ، مما يتطل البحث عن شركاء حقيقين لحلها . ولعل من أحد مصالح امريكا هي اشراك الصين كا قوة اقتصادية وعسكرية وسياسية في مساعدتها لمواجهة الملف النووي الإيراني وملف كوريا الشمالية وافغانستان والعراق لمساعدتها على الأوضاع في تلك المنطق المتوترة والمتورطة فيها .
السياسة الخارجية الصينية بعد الأزمة المالية العالمية بدأت تسلك نهجا يقوم على الثقة ويتسم بأنه بناء و أقل مواجهة و أكثر تطور تجاه الشؤون الأقليمية والعالمية كما قال تانغ مين نائب السكرتير العام للمؤسسة الصينية لأبحاث التنمية (( بأن الصين ظلت لفترة طويلة خارج النظام الاقتصادي العالمي ، وقد منحت الأزمة المالية العالمية الصين فرص للمشاركة في اصلاح هذا النظام ، وقال إن الوقت الأمثل لبنوك الإستثمار قد ولى ، وثبت عدم فاعليته النظام القديم و أصبحت الحاجة ملحة لإقامة نظام جديد . ويبدو أن كل بلد يقف خلف نقطة انطلاق وسيكون للصين دور أكبر )) .
وبجانب الإقتصاد أصبحت الصين أحد اللاعبين الرئيسيين في الكثير من الشؤون الدولية مثل مؤتمر تغير المناخ في كوبنهاجن ، واصلاحات مجلس الأمن الدولي . وكما قال البروفيسور تشين يا تشنيغ نائب رئيس جامعة الشؤون الخارجية الصينية (( أن المسؤولية الحقيقية للصين أمام العالم في المستقبل تكمن في لجهود الرامية الى الحفاظ على الإزدهار والإستقرار العالميين وتحقيق أهداف الألفية التي وضعتها الأمم المتحدة )) .
كما ان الملاحظ على السياسة الخارجية الصينية هي محاولة تعزيز التعاون وعقد الاتفاقيات الدولية مع كثير من الدول وتوسيع مجال الشراكة الاقتصادية في الشرق الأوسط وافريقيا والاتحاد الاوربي ... الخ . وقد تم توقيع أكثر من ( 20 ) اتفاقية بين الصين والبلدان الخمس تغطي المجال الاقتصادي والتجاري والاستثمار وبناء البنية التحتية . كما وقعت (38) اتفاقية مع أوربا تتجاوز قيمتها (15)مليار يوان ( حوالي 2.2 مليار دولار أمريكي ) و وقعت عقود قيمتها (13) مليار دولار أمريكي .
فالعلاقات الصينية الايرانية تقوم على استيراد النفط من ايران بمانسبته 14 % كما انها تطور حقول نفطية في ايران ( حقل أزاديجان و حقل بارس الجنوبي ) كما انهما وقعا عقدين لتصدير النفط والغاز من ايران الى الصين ، وبالمقابل اصبحت الصين من اهم المصدرين الرئيسين للسلع والألات الإلكترونية والسيارات والمعدات المنزلية لإيران ، كما ان الصين تدعم ايران وتؤيدها في عملية حصولها على الطاقة النووية لأغراض سلمية الا انها لاتدعمها في أسلحة الدمار الشامل . كما ان العلاقات الصينية مع دول الخليج لا تقل أهمية عن علاقتها بالصين بإعتبار أن دول الخليج منطقة حيوية ومن اغنى الدول بالموارد الطبيعية .
فيمكن اعتبار عامل النمو الاقتصادي بمعد 9 % سنويا للصين جعل منها قوة اقتصادية لا تضاها كذلك سياسة القوة الناعمة للصين لا يمكن اغفالها في عملية صنع القوة الصينية وكذلك انظمامها للدول النووية وزيادة انفاقها على التسلح العسكري جميعها تجعل من الصين مؤهلات لقيادة العالم بوجه عام . إلا أن هذه النقاط تقودنا الى أهم التحديات التي تترض طريق تحقيق الحلم بقيادة العالم .
رابعاً : أهم التحديات أمام الصين :
يمكن تقسيم التحديات الى نوعين إقليمية وداخلية .
1- التحديات الداخلية :
من أهم التحديات الداخلية التي ستقود الى عدم الاستقرار الداخلي للصين مايلي :
أ‌- جمود النظام السياسي ، وتفرد الحزب الشيوعي بالسلطة والحكم .
ب‌- رفض وقمع الاصلاحات والمطالبة الشعبية بالمشاركة .
ت‌- اهمال حقوق الانسان ، وازدياد وتيرت العنف السياسي والقمع المنظم ضد المواطنين وأي حراك إصلاحي معارضة سياسية .
ث‌- الفساد الاداري والمالي .
ج‌- بروز الفوارق بين الطبقات والأقاليم المختلفة .
ح‌- التوترات والحركات الانفصالية ( التبت وتايوان شينجيانغ ) .
خ‌- مشكلة الحدود .
د‌- ارتفاع نسبة الادخار وانخفاض الاستهلاك .
ذ‌- الوحدة الوطنية ، في ظل التمييز الطبقي .
ر‌- مشكلة الضمان الاجتماعي .
ز‌- مشكلة المحافظة على مستوى التنمية الاقتصادية .
من شأن هذه العوامل أن تعيق الطموح للقيادة العالمية ، بل وتضعف ذلك الاتحتمال .
2- التحديات الاقليمية والدولية :
من أهم تلك التحديات هي :
أ‌- كبر المساحة الجغرافية للصين وطول حدودها .
ب‌- التنافس الياباني الصيني .
ت‌- ملف كوريا الشمالية النووي .
ث‌- تركيزها على الهيمنة الإقليمية .
التحديات الداخلية والاقليمية والدولية مرتبطة مع بعضها لبعض ، و أي خلل في إحداها في أي جانب من الجوانب سيشكل ضغطً على الجوانب الأخرى ، كما أن التحدي لحقيقي يكمن في تحقيق المصالح الدولية بما يخدم المصالح الداخلية والاقليمية والتي قد تتعارض في بعض القضايا .
خامساً : رأي الشخصي :
هنالك أربعة عناصر للدولة العظمى لتولي قيادة العالم منها ( القوة العسكرية و الاقتصادية و السياسية والثقافية ) . الصين الى الوقت الحاضر لم تجمع بين تلك العوامل جميعها ، وبهذا أرى بأنها ناقصة الأهلية للتحول الى قيادة العالم على المدى القريب ، قد يحدث ذلك ولكن على المدى الطويل .
كما أن الصين نفسها لاتملك الإرادة الكافية لبلوغ الطموح القيادي للعالم ، كما انها لاتستطيع الانراد بقيادة العالم نظراً لعدة عوامل ومن أهما ( التحديات الداخلية والاقليمية والخارجية ) كما أن الصين لاتملك قوة عسكرية استراتيجية مخزنة ( قواعد عسكرية ) في جميع الدول كما هو الحال بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية . كما أن الصين تسير دائما في خطى حذرة ، هذه الخطى لاتملك روح المغامرة ، وذلك لطبيعة العلاقات الدولية ، فهي لاتستطيع التضحية بمصالحها من اجل التخلي عن الولايات المتحدة الأمريكية ، كما أن درجة ثقتها بنفسها لقيادة العالم لم تبلغ الحد المطلوب ، كما أن التحالفات التي قد تؤدي الى تغير النظام الدولي من الأحادية القطبية الى التعددي تقوم على أساس المصلحة مع الحذر ايضاً ، فكون أن اتحالف معك ثم نخسر تحقيق الهدف هذا قد يجعل من الدولة العظمى منفذ لمعاداتي ، ثم ان انعدام الثقة بين جميع الاطراف المتحالفة لم تشتد وتتوطد فيما بينهم ، فهي تقوم على الحذر المتبادل ، والمصلحة الفردية وعدم الرغبة في خوض تجربة القيادة في الوقت الحاضر ، ثم أن هنالك عامل مهم يتمثل في أن النظام السياسي الأمريكي يملك إمكانيات للإصلاح الذتي ويتميز في ذلك ، وليس من السهل أن من قاد العالم بتوحد سيسمح لأي من كان أن يزيحه من تلك المنزلة .
وما وصلة اليه الصين من قوة اقتصادية لاتعني بأن الطريق ستكون ممهدة للصين لمواصلة المسيرة التنموية حتى تكون من الدول العظمى للقرن الحالي ، فاقيادة الصين للعالم ما زال بحاجة الى كثير من التهيئة بإحداث الكثير من التغييرات الداخلية وعلى وجه التحديد هيكل الدولة الاداري لتستطيع معالجة الكثير من النتائج السلبية لنموها السريع ، وهذا ما تتميز به الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوربا . وقد ذكر جيانغ يونغ وهو باحث بالمعاهد الصينية للعلاقات الدولية المعاصرة (( أن الصين أمامها فرصة تحمل مسؤوليات دولية أكبر ، لكن الفرصة لا تأتي بسهولة .
فالصين في الوق الحاضر لن يتعدى دورها بأن تكون شريك مساعد في القضايا الدولية ، ولكن ما ان وظفت هذه الشراكة وعززت وجودها وحضورها على الساحة الدولية في جميع المجالات كلما كانت فرص القيادة على المدى الطويل ممكنة . وكذلك التنبه الى جميع التحديات التي تعترض طريق الانفراد والهيمنة على الساحة الدولية ، وذلك لسحق الولايات وابعادها عن النظام العالمي ، او لمواجهة المنافسين لها على قيادة العالم مثل الاتحاد الأوربي وروسيا والهند .