- الثلاثاء مايو 03, 2011 6:45 pm
#34581
البحث في المواقع الإسلامية
اجتماع الكلمة
2011-03-19 255 أرسل إلى صديق انشر على فيس بوك انشر على تويتر
لا ريب أَنَّ مِنْ أعظم قواعد الدين، وأجمعِ أصوله الجامعة تأليفَ القلوب، واجتماعَ الكلمة، والاعتصامَ بالجماعة، وإصلاحَ ذات البين؛ لما في ذلك من المصالح العظيمة، والأجور الكبيرة، والفضائل الجمة.
و لما للتفرق والاختلاف من الشرور والفساد، وتعطيل الأحكام. والنصوص في ذلك السياق كثيرة جداً، كما في قوله -تعالى-: " وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ". و قوله -عز وجل-: " فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ".
وهذا المعنى العظيم قد لا يخطر ببال كثير من الناس سواء ممن يحرصون على تفريق الكلمة، وإيغار الصدر، أو ممن لا تنبعث هممهم لجمع الكلمة ورأب الصدع.
ولقد كان علماء الإسلام الكبار يحرصون حرصاً كبيراً على تقرير هذا المبدأ. ولشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - قِدحٌ مُعَلَّى في ذلك الشأن مع أن عصره عصر يميدُ بالفتن، ويَعُجُّ بالصراعات، والخلافات. وإليك طرفاً من أقواله، ومواقفه في ذلك.
أنه غالباً ما يدعو لمخالفيه كما في قوله: " والله هو المسؤول أن يؤلف بين قلوبنا وقلوبكم، ويصلح ذات بيننا، ويهدينا سبل السلام، ويخرجنا من الظلمات إلى النور، والمقصود الأكبرُ إنما هو إصلاحُ ذات بينكم، وتأليفُ قلوبكم+.
لما أراد السلطان الناصر في زمن ابن تيمية حمله على الموافقة على قتل من عارضه من القضاة، واستفتى ابنَ تيمية في ذلك، قال له ابن تيمية: " إذا قتلت هؤلاء لا تجد بعدهم مثلهم.
فقال له: إنهم قد آذوك، وأرادوا قتلك مراراً. ففهم الشيخ مراده، وقال له: من آذاني فهو في حل، ومن آذى الله ورسوله فالله ينتقم منه، وأنا لا أنتصر لنفسي"
وما زال به حتى حلم عنهم السلطان وصفح".
قوله: " الواجب على المسلم إذا صار في مدينة من مدائن المسلمين أن يصلى معهم الجمعة والجماعة ويوالى المؤمنين ولا يعاديهم، وإن رأى بعضهم ضالاً أو غاوياً وأمكن أن يهديه ويرشده فعل ذلك، وإلا فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها ".
أنه أفتى بأن مَنْ دعي إلى طعام واشتبه أمره عليه: فلا بأس بتناول اليسير منه إذا كان فيه مصلحة راجحة، مثل تأليف القلوب، ونحو ذلك.
أنه يستحب للرجل أن يقصد إلى تأليف القلوب بترك بعض المستحبات؛ لأن مصلحة التأليف في الدين أعظم من مصلحة فعل مثل ذلك، والأولى متابعة الآثار التي فيها الاعتدال والائتلاف وتأليف القلوب؛ فيجهر بالبسملة لمصلحة الائتلاف، ويعدل عن فصل الوتر إلى وصله مراعاة لذلك، كما استحب الإمام أحمد ترك القنوت في الوتر؛ تأليفاً للمأموم.
بل إن ابن تيمية يعد التعصب لمسألة البسملة في كونها آية من القرآن وفي قراءتها - من شعائر الفرقة والاختلاف الذي نهينا عنه؛ فإن الفساد الناشئ من هذه الفُرْقة أضعاف الشر الناشئ من خطأ نفر قليل في مسالة فرعية.
هذه نبذه يسيرة عن بعض أقوال ابن تيمية ومواقفه في تأليف القلوب، واجتماع الكلمة؛ فما أحوجنا إلى أصحاب قلوب تنبض بالحب للمسلمين؛ وتعمل ما في وسعها لِلَمِّ شملهم، وتقريب بعيدهم، وإرشاد ضالهم.
ولا يتسنى ذلك -بعد توفيق الله- إلا بالعلم، والصبر، والتقوى، وسلامة المقاصد، والتخلي عن حظوظ النفس القريبة، والنظر في المصالح العليا العامة.
اجتماع الكلمة
2011-03-19 255 أرسل إلى صديق انشر على فيس بوك انشر على تويتر
لا ريب أَنَّ مِنْ أعظم قواعد الدين، وأجمعِ أصوله الجامعة تأليفَ القلوب، واجتماعَ الكلمة، والاعتصامَ بالجماعة، وإصلاحَ ذات البين؛ لما في ذلك من المصالح العظيمة، والأجور الكبيرة، والفضائل الجمة.
و لما للتفرق والاختلاف من الشرور والفساد، وتعطيل الأحكام. والنصوص في ذلك السياق كثيرة جداً، كما في قوله -تعالى-: " وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ". و قوله -عز وجل-: " فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ".
وهذا المعنى العظيم قد لا يخطر ببال كثير من الناس سواء ممن يحرصون على تفريق الكلمة، وإيغار الصدر، أو ممن لا تنبعث هممهم لجمع الكلمة ورأب الصدع.
ولقد كان علماء الإسلام الكبار يحرصون حرصاً كبيراً على تقرير هذا المبدأ. ولشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - قِدحٌ مُعَلَّى في ذلك الشأن مع أن عصره عصر يميدُ بالفتن، ويَعُجُّ بالصراعات، والخلافات. وإليك طرفاً من أقواله، ومواقفه في ذلك.
أنه غالباً ما يدعو لمخالفيه كما في قوله: " والله هو المسؤول أن يؤلف بين قلوبنا وقلوبكم، ويصلح ذات بيننا، ويهدينا سبل السلام، ويخرجنا من الظلمات إلى النور، والمقصود الأكبرُ إنما هو إصلاحُ ذات بينكم، وتأليفُ قلوبكم+.
لما أراد السلطان الناصر في زمن ابن تيمية حمله على الموافقة على قتل من عارضه من القضاة، واستفتى ابنَ تيمية في ذلك، قال له ابن تيمية: " إذا قتلت هؤلاء لا تجد بعدهم مثلهم.
فقال له: إنهم قد آذوك، وأرادوا قتلك مراراً. ففهم الشيخ مراده، وقال له: من آذاني فهو في حل، ومن آذى الله ورسوله فالله ينتقم منه، وأنا لا أنتصر لنفسي"
وما زال به حتى حلم عنهم السلطان وصفح".
قوله: " الواجب على المسلم إذا صار في مدينة من مدائن المسلمين أن يصلى معهم الجمعة والجماعة ويوالى المؤمنين ولا يعاديهم، وإن رأى بعضهم ضالاً أو غاوياً وأمكن أن يهديه ويرشده فعل ذلك، وإلا فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها ".
أنه أفتى بأن مَنْ دعي إلى طعام واشتبه أمره عليه: فلا بأس بتناول اليسير منه إذا كان فيه مصلحة راجحة، مثل تأليف القلوب، ونحو ذلك.
أنه يستحب للرجل أن يقصد إلى تأليف القلوب بترك بعض المستحبات؛ لأن مصلحة التأليف في الدين أعظم من مصلحة فعل مثل ذلك، والأولى متابعة الآثار التي فيها الاعتدال والائتلاف وتأليف القلوب؛ فيجهر بالبسملة لمصلحة الائتلاف، ويعدل عن فصل الوتر إلى وصله مراعاة لذلك، كما استحب الإمام أحمد ترك القنوت في الوتر؛ تأليفاً للمأموم.
بل إن ابن تيمية يعد التعصب لمسألة البسملة في كونها آية من القرآن وفي قراءتها - من شعائر الفرقة والاختلاف الذي نهينا عنه؛ فإن الفساد الناشئ من هذه الفُرْقة أضعاف الشر الناشئ من خطأ نفر قليل في مسالة فرعية.
هذه نبذه يسيرة عن بعض أقوال ابن تيمية ومواقفه في تأليف القلوب، واجتماع الكلمة؛ فما أحوجنا إلى أصحاب قلوب تنبض بالحب للمسلمين؛ وتعمل ما في وسعها لِلَمِّ شملهم، وتقريب بعيدهم، وإرشاد ضالهم.
ولا يتسنى ذلك -بعد توفيق الله- إلا بالعلم، والصبر، والتقوى، وسلامة المقاصد، والتخلي عن حظوظ النفس القريبة، والنظر في المصالح العليا العامة.