غفوه على سرير صدام
مرسل: الخميس مايو 05, 2011 6:27 pm
غفوه على سرير صدام
خلف الحربي
سبحانه يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء، فمن شاهد التقرير الذي عرضته قناة العربية قبل يومين عن أحد قصور صدام حسين الذي تحول إلى حديقة عامة وأجنحة فندقية يتم تأجيرها للعرسان الجدد يدرك أن التاريخ لا يتوقف عن تقديم العبر الكبيرة ولكن هل ثمة من يعتبر؟.
قبل عقدين من الزمان كنت في بغداد برفقة بعض الزملاء وقد اقترح زميل عراقي اصطحابنا إلى نادي الطلبة العرب وحين وصلنا إلى المكان وجدنا بعض الطلبة القادمين من اريتيريا (المحتلة في ذلك الزمان) كانوا يلعبون الكرة في الحديقة الخارجية، وحين دخلنا المبنى لاحظت أنه قصر أنيق فسألت زميلنا العراقي عن ذلك فقال وهو يشعر بالزهو: (نعم إنه قصر نوري السعيد رئيس الوزراء السابق.. فهل تخيل أحد أنه سيصبح ناديا للطلبة المغتربين في يوم من الأيام؟)، حينها لم يخطر ببالي إطلاقا ولا ببال أحد من الزملاء الذين كانوا معي أن القصور الفارهة لصدام حسين بطل القادسية ونبوخذ نصر الجديد وامبراطور المقابر الجماعية سوف تلاقي المصير ذاته.
في قصة صدام حسين كانت العبرة أكبر بكثير فقد تمت محاكمته في أحد قصوره الفاخرة وفي لحظة ما من لحظات تلك المحاكمة الهزيلة قال صدام للقاضي: (إن العراق بلد خير وقد شيد العديد من المنشآت منها هذا المكان الذي تتواجدون فيه!)، لقد تجرع صدام من ذات الكأس التي كان يسقيها أبناء شعبه، فقد شن الأمريكان حربا ظالمة عليه ولفقوا له تهمة باطلة وقدموه لمحاكمة صورية وقتلوا أولاده وشردوا أسرته في المنافي.. وهذا بالضبط ماكان يفعله بالآخرين!.
نحن قوم لا نتوقف عن فتح صفحات التاريخ والاستشهاد بها، ولكننا في حقيقة الأمر لا نقرأ التاريخ بل نتفرج عليه، وحتى لو استأجر الواحد منا جناحا فندقيا في قصر بابل ونام على سرير صدام حسين فإنه سيحلم لو كان مكان ذلك الديكتاتور في كل الأيام، نحن منذ سقوط الأندلس نردد قصيدة أبي البقاء الرندي الذي شاهد ملوك الأندلس وقد أصبحوا لاجئين مشردين دون أن نفهمها فهي بالنسبة لنا مجرد قصيدة جميلة:
لكل شيء إذا ماتم نقصان
فلا يغر بطيب العيش انسان
هي الأمور كما شاهدتها دول
من سره زمن ساءته أزمان
خلف الحربي
سبحانه يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء، فمن شاهد التقرير الذي عرضته قناة العربية قبل يومين عن أحد قصور صدام حسين الذي تحول إلى حديقة عامة وأجنحة فندقية يتم تأجيرها للعرسان الجدد يدرك أن التاريخ لا يتوقف عن تقديم العبر الكبيرة ولكن هل ثمة من يعتبر؟.
قبل عقدين من الزمان كنت في بغداد برفقة بعض الزملاء وقد اقترح زميل عراقي اصطحابنا إلى نادي الطلبة العرب وحين وصلنا إلى المكان وجدنا بعض الطلبة القادمين من اريتيريا (المحتلة في ذلك الزمان) كانوا يلعبون الكرة في الحديقة الخارجية، وحين دخلنا المبنى لاحظت أنه قصر أنيق فسألت زميلنا العراقي عن ذلك فقال وهو يشعر بالزهو: (نعم إنه قصر نوري السعيد رئيس الوزراء السابق.. فهل تخيل أحد أنه سيصبح ناديا للطلبة المغتربين في يوم من الأيام؟)، حينها لم يخطر ببالي إطلاقا ولا ببال أحد من الزملاء الذين كانوا معي أن القصور الفارهة لصدام حسين بطل القادسية ونبوخذ نصر الجديد وامبراطور المقابر الجماعية سوف تلاقي المصير ذاته.
في قصة صدام حسين كانت العبرة أكبر بكثير فقد تمت محاكمته في أحد قصوره الفاخرة وفي لحظة ما من لحظات تلك المحاكمة الهزيلة قال صدام للقاضي: (إن العراق بلد خير وقد شيد العديد من المنشآت منها هذا المكان الذي تتواجدون فيه!)، لقد تجرع صدام من ذات الكأس التي كان يسقيها أبناء شعبه، فقد شن الأمريكان حربا ظالمة عليه ولفقوا له تهمة باطلة وقدموه لمحاكمة صورية وقتلوا أولاده وشردوا أسرته في المنافي.. وهذا بالضبط ماكان يفعله بالآخرين!.
نحن قوم لا نتوقف عن فتح صفحات التاريخ والاستشهاد بها، ولكننا في حقيقة الأمر لا نقرأ التاريخ بل نتفرج عليه، وحتى لو استأجر الواحد منا جناحا فندقيا في قصر بابل ونام على سرير صدام حسين فإنه سيحلم لو كان مكان ذلك الديكتاتور في كل الأيام، نحن منذ سقوط الأندلس نردد قصيدة أبي البقاء الرندي الذي شاهد ملوك الأندلس وقد أصبحوا لاجئين مشردين دون أن نفهمها فهي بالنسبة لنا مجرد قصيدة جميلة:
لكل شيء إذا ماتم نقصان
فلا يغر بطيب العيش انسان
هي الأمور كما شاهدتها دول
من سره زمن ساءته أزمان