منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

#34677
العرب السالبة والعرب الهاربة
خللف الحرب
يحلو لعلماء الأنساب تقسيم العرب الى ثلاثة أقسام: عرب عاربة ومستعربة وبائدة، ولكن في هذا الزمن أعيد تقسيم الأقسام، وسرعان ما انسجم العرب (المقسمون أصلا) مع تقسيمهم الجديد الذي جعلهم : عرب سالبة, وعرب متفتتة, وعرب هاربة.
أما العرب السالبة فهم الأغلبية الساحقة وتسميتهم بالسالبة لم تأت من قدرتهم الخاصة على السلب فهم مسلوبون الى الأبد، ولكن جاء الاسم بفعل سلبيتهم التي عرفوا بها حتى اصبحت جزءا اساسيا من هويتهم، وهم للأمانة لم يلبسوا ثياب السلبية بارادتهم بل ألبسوا هذه الثياب عنوة، حيث طاردهم الإحباط منذ الطفولة وحين كبروا وجدوا أنفسهم في مراتع تكثر فيها أشجار الفساد وتنبت في كل زواياها أشواك المحسوبية والواسطة والعنصرية، وهي مراتع تخلو تماما من أزهار الأمل وتكثر فيها الحفر والكهوف المظلمة وتتجول فيها الثعابين وتسود في أنحائها الثعالب والضباع، ولم يجد هؤلاء القوم وسيلة أفضل من السلبية التي منحوها اسما أكثر فخامة هو: ( الواقعية) حيث تملكتهم قناعة ان مرابعهم موعودة بالاشواك والعواصف الرملية مدى الدهر وليس ثمة فائدة من الاستماع لدعوات تغيير الواقع أو مطاردة الأحلام المستحيلة، ولولا بعض الحياء لطالبوا بأن يكون نشيدهم الوطني: (لقد أسمعت لو ناديت حياً).
أما العرب المتفتتة فهم مثل أخوتنا في العراق وفلسطين ولبنان وهم قوم رغم كل المصائب التي حلت بهم والمؤامرات التي تحاك ضدهم أصبحوا يعشقون حالة التشظي والتفتت, حيث تنشب بينهم صراعات الفتات, فتحاول كل فتاتة القضاء على الفتاتة الأخرى متوهمة أن هذا النزاع هو الطريق الأمثل للقضاء على حالة التفتت، هم قوم يفتتون آمالهم في العودة الى صورتهم الموحدة، حتى أعداؤهم تعبوا من ادارة فتاتهم واعترفوا بأن هؤلاء القوم أمهر منهم في تفتيت أنفسهم، والعرب المتفتتة يكتبون تاريخهم بممحاة، حيث يمحوا كل واحد منهم تاريخ صاحبه ظنا منه أنه يكتب تاريخهما معا ، وهم حتى لو حفظوا نشيدهم الوطني الا انهم حائرون بسبب كثرة الأعلام والبيارق التي يعزف حولها هذا النشيد.
أما العرب الهاربة فهم قوم وجدوا أن الحل الأمثل لمواجهة إحباطات الواقع هو الانسلاخ من حقيقتهم والتنكر لعروبتهم والهروب الفاضح باتجاه تمجيد الاخر ليس بغرض الاستفادة من خبرته بل لجلد الذات والالتفاف على الهوية، العرب الهاربة لا يعملون ولا يتصارعون ولا يتقدمون ولا يتراجعون، هم يثرثرون فقط، ينتقدون ولا يقترحون، يسخرون أحيانا، يصرخون يجادلون ولايستجيبون، وأمام المحطة التي غادرها القطار يغنون للناس نشيدهم الوطني: ( لقد فاتكم القطار أيها الكسالى) فيستغرب الناس هذا النشيد الشامت فيسألونهم: ( ألم يفتكم أنتم أيضا؟ ألستم معنا؟)