- الخميس مايو 05, 2011 6:45 pm
#34679
الجنرال الملون والمذيع الداخلي
خلف الحربي
سجلت جمعية حقوق الإنسان تجاوزات بحق400عامل آسيوي في مطار الملك عبدالعزيز بجدة وهو جهد تشكر عليه الجمعية متى ما تخطى مرحلة التسجيل, ولا أعلم ما إذا كان بين العمال الذين تقصدهم الجمعية أولئك الذين يحملون شنط المسافرين على عربات أم لا؟, هؤلاء العمال الذين يطلبون سعراً مضاعفاً للسعر المعلن ويتحججون بأن التسعيرة تذهب كلها للشركة فيبتزون المسافرين ويستغلون استعجالهم لاشك أنهم ضحايا الشركات التي تشغلهم فيحاولون تعويض الاستغلال الذي يتعرضون له باستغلال المسافرين, والمفارقة التي أتمنى أن ينتبه لها أعضاء الجمعية أن وجود هذه الوظيفة ضد حقوق الإنسان, ففكرة العامل الذي يحمل الحقائب بالنيابة عنك بدلا من أن (تتلحلح) وتدفع العربة بنفسك هي فكرة غير موجودة في أغلب مطارات العالم المتقدم, و لا أظن أن ثمة داعيا لوجودها في مطاراتنا إلا لخدمة المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة.
وقد ذكرتني هذه الوظيفة بالعديد من الوظائف الغريبة التي لا تتعارض بالضرورة مع مبادئ حقوق الإنسان ولاتحتاج إلى زيارة من أعضاء الجمعية لأنها وظائف شائعة في كل مكان في العالم ولكنها وظائف تستحق التفكير والتأمل لغرابتها وهي تشترك مع الوظيفة السابقة في كونها غير ضرورية.
فلو كانت الوظائف تقاس بالملابس والأزياء لكانت أفضل الوظائف هي وظيفة المضيف أو البواب أو (الفتاح) الذي يقف أمام باب الفندق الفخم و تتلخص مهمته في فتح الباب لكل شخص يدخل الفندق, هذا الرجل يرتدي ملابس زاهية تجمع في تصميمها الغريب بين ملابس الجنرال وملابس المهرج, وأشعر في أحيان كثيرة أنه يقوم بمهمة لا قيمة لها ومع ذلك هو منضبط جداً في عمله و حريص كل الحرص على إتقان مهمته التي لاتحتاج إلى إتقان, لا شئ يزعجه مثل الابواب الالكترونية التي تفتح تلقائيا دون أدنى حاجة لمساعدته, ولكن الجنرال الملون إذا وجد نفسه أمام باب الكتروني فهو يعوض انتفاء الحاجة له بإهداء زوار الفندق ابتسامة بلاستيكية لا معنى لها.
ومن بين الوظائف الغريبة في الفنادق وظيفة الشخص الذي يأخذ منك مفاتيح السيارة ليصفها في مكان مجهول ثم يعيدها إليك بمجرد خروجك من الفندق, وهي وظيفة أكثر أهمية من وظيفة الجنرال الملون ولكنني لا أعرف اسمها ويمكننا أن نسميها (أخصائي تلبيق), وهي وظيفة تحتاج إلى مهارات خاصة وقدرة عالية على التعامل مع المساحات الضيقة وقياس دقيق للمسافات كي تنجح عملية (التلبيق) دون ارتكاب أخطاء أو التسبب بخدوش للسيارات المتلاصقة, وليس مهما أن يكون (أخصائي التلبيق) ماهراً في قيادة السيارة بل أنه في بعض الأحيان لا يحمل رخصة قيادة فمهمته لا علاقة لها بالشارع بل هي محصورة في مواقف الفندق, وهو شخص يعرف جميع أنواع السيارات (باستثناء العراوي) ويستطيع أن يحدثك عن أفخم أنواع السيارات ويشرح لك تصميمها من الداخل.
وبعيداً عن الوظائف الفندقية تبدو وظيفة المذيع الداخلي في ملاعب كرة القدم وظيفة ذات معاناة خاصة, فهو رجل مخلص في مهمته التي لا ينتبه لها أحد, فالجماهير التي تحضر المباراة مشغولة عنه بالأهازيج الحماسية أو توجيه الشتائم لحكم المباراة, ولكنه مع ذلك يظل مخلصا لمهمته الغريبة: ( التبديل الأول للمنتخب السعودي اللاعب رقم 00), يفرح بالمباريات التي تقام دون جمهور لأن صوته حينها يملأ المدرجات الخالية رغم أن عدد المستمعين له يكون شبه معدوم ولكن هذا الوضع أفضل بالنسبة إليه من ضياع صوته وسط الضجيج الجماهيري المجنون, وأسوأ لحظة بالنسبة له حين يقوم الحكم بطرد أحد اللاعبين حيث تعلو صرخات الاحتجاج في المدرجات بمجرد إشهار الحكم للبطاقة الحمراء وخروج اللاعب من أرض الملعب فيضيع صوته وسط الضجيج وهو يردد معلومة يعرفها كل شخص موجود في الملعب: (طرد اللاعب رقم..), فيكاد يقول الناس: (لا ياشيخ!).
خلف الحربي
سجلت جمعية حقوق الإنسان تجاوزات بحق400عامل آسيوي في مطار الملك عبدالعزيز بجدة وهو جهد تشكر عليه الجمعية متى ما تخطى مرحلة التسجيل, ولا أعلم ما إذا كان بين العمال الذين تقصدهم الجمعية أولئك الذين يحملون شنط المسافرين على عربات أم لا؟, هؤلاء العمال الذين يطلبون سعراً مضاعفاً للسعر المعلن ويتحججون بأن التسعيرة تذهب كلها للشركة فيبتزون المسافرين ويستغلون استعجالهم لاشك أنهم ضحايا الشركات التي تشغلهم فيحاولون تعويض الاستغلال الذي يتعرضون له باستغلال المسافرين, والمفارقة التي أتمنى أن ينتبه لها أعضاء الجمعية أن وجود هذه الوظيفة ضد حقوق الإنسان, ففكرة العامل الذي يحمل الحقائب بالنيابة عنك بدلا من أن (تتلحلح) وتدفع العربة بنفسك هي فكرة غير موجودة في أغلب مطارات العالم المتقدم, و لا أظن أن ثمة داعيا لوجودها في مطاراتنا إلا لخدمة المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة.
وقد ذكرتني هذه الوظيفة بالعديد من الوظائف الغريبة التي لا تتعارض بالضرورة مع مبادئ حقوق الإنسان ولاتحتاج إلى زيارة من أعضاء الجمعية لأنها وظائف شائعة في كل مكان في العالم ولكنها وظائف تستحق التفكير والتأمل لغرابتها وهي تشترك مع الوظيفة السابقة في كونها غير ضرورية.
فلو كانت الوظائف تقاس بالملابس والأزياء لكانت أفضل الوظائف هي وظيفة المضيف أو البواب أو (الفتاح) الذي يقف أمام باب الفندق الفخم و تتلخص مهمته في فتح الباب لكل شخص يدخل الفندق, هذا الرجل يرتدي ملابس زاهية تجمع في تصميمها الغريب بين ملابس الجنرال وملابس المهرج, وأشعر في أحيان كثيرة أنه يقوم بمهمة لا قيمة لها ومع ذلك هو منضبط جداً في عمله و حريص كل الحرص على إتقان مهمته التي لاتحتاج إلى إتقان, لا شئ يزعجه مثل الابواب الالكترونية التي تفتح تلقائيا دون أدنى حاجة لمساعدته, ولكن الجنرال الملون إذا وجد نفسه أمام باب الكتروني فهو يعوض انتفاء الحاجة له بإهداء زوار الفندق ابتسامة بلاستيكية لا معنى لها.
ومن بين الوظائف الغريبة في الفنادق وظيفة الشخص الذي يأخذ منك مفاتيح السيارة ليصفها في مكان مجهول ثم يعيدها إليك بمجرد خروجك من الفندق, وهي وظيفة أكثر أهمية من وظيفة الجنرال الملون ولكنني لا أعرف اسمها ويمكننا أن نسميها (أخصائي تلبيق), وهي وظيفة تحتاج إلى مهارات خاصة وقدرة عالية على التعامل مع المساحات الضيقة وقياس دقيق للمسافات كي تنجح عملية (التلبيق) دون ارتكاب أخطاء أو التسبب بخدوش للسيارات المتلاصقة, وليس مهما أن يكون (أخصائي التلبيق) ماهراً في قيادة السيارة بل أنه في بعض الأحيان لا يحمل رخصة قيادة فمهمته لا علاقة لها بالشارع بل هي محصورة في مواقف الفندق, وهو شخص يعرف جميع أنواع السيارات (باستثناء العراوي) ويستطيع أن يحدثك عن أفخم أنواع السيارات ويشرح لك تصميمها من الداخل.
وبعيداً عن الوظائف الفندقية تبدو وظيفة المذيع الداخلي في ملاعب كرة القدم وظيفة ذات معاناة خاصة, فهو رجل مخلص في مهمته التي لا ينتبه لها أحد, فالجماهير التي تحضر المباراة مشغولة عنه بالأهازيج الحماسية أو توجيه الشتائم لحكم المباراة, ولكنه مع ذلك يظل مخلصا لمهمته الغريبة: ( التبديل الأول للمنتخب السعودي اللاعب رقم 00), يفرح بالمباريات التي تقام دون جمهور لأن صوته حينها يملأ المدرجات الخالية رغم أن عدد المستمعين له يكون شبه معدوم ولكن هذا الوضع أفضل بالنسبة إليه من ضياع صوته وسط الضجيج الجماهيري المجنون, وأسوأ لحظة بالنسبة له حين يقوم الحكم بطرد أحد اللاعبين حيث تعلو صرخات الاحتجاج في المدرجات بمجرد إشهار الحكم للبطاقة الحمراء وخروج اللاعب من أرض الملعب فيضيع صوته وسط الضجيج وهو يردد معلومة يعرفها كل شخص موجود في الملعب: (طرد اللاعب رقم..), فيكاد يقول الناس: (لا ياشيخ!).