صفحة 1 من 1

إدارة الازمات

مرسل: الجمعة مايو 06, 2011 1:31 pm
بواسطة راكان بن فهد المليكي
(اعداد*د. فهد بن عبدالرحمن المليكي* ) المفهوم العلمي لأي مجال من المجالات يتطلب في البداية الرجوع إلى تاريخ هذا المجال ومعرفة طبيعته وأصله، ومن هذا المنطلق، نجد هناك خلطا وغموضا في مفهوم إدارة الأزمات (Understanding of Crisis management)، وقد قام الباحثون والمتخصصون وأصحاب الخبرات والتجارب في إدارة الأزمات بعدة دراسات علمية وعملية يحاولون كشف وتوضيح المعاني المفيدة التي تشرح وتبين مفهوم كلمة (الأزمات) مع تحديد الخطوط العريضة المتبعة في تطبيقها، ولكن الهدف من إدارة الأزمات هو تقديم المساعدات الأمنية الطارئة من أجل مكافحة الجريمة والمصائب غير المتوقعة مع تقليل الخسائر والأضرار التي تصيب المجتمع، وتعتبر هذه الإدارة جزءا لا يتجزأ من استراتيجيات وعمليات الاستقرار الأمن الوطني للدولة، حيث إنها تتكون من مجموعة إداريين مدربين تدريباً خاصاً، ويملكون فن المهارات والتكتيكات العالية الأمنية، ولديهم القدرات العلمية والعملية في مجالات مكافحة الأزمات ووضع الخطط والاستعدادات الأمنية لمواجهتها بالطرق الحديثة والتعامل بأسلوب علمي مع جميع حالات الطوارئ والأحداث التي تقع ضد المصالح العامة أو الخاصة.

فالسؤال هنا يطرح نفسه: ما هو المقصود بالأزمات؟

فنجد أن مفهوم (الأزمة) على المستوى الفرد أو المواطن العادي الذي يعيش في المجتمع بأنها في مفهومه الشخصي هي مشكلة شخصية يكون تأثيرها على حالته النفسية أو في وضعه المالي، أو حالته الصحية أو مشاكل تحدث في حياته الزوجية أو صعوبات في بيئة العمل الوظيفي.

فنجد في هذه الحالات أو الأزمات يلجأ هذا الفرد لحل أزماته بواسطة البحث عن قرض مالي أو طلب الإسعافات الطبية من قسم الطوارئ (Emergency Department) بالمستشفيات أو طلب المساعدة من الطبيب النفسي لحل أزمته، أو استخدام شرعية الطلاق المتعارف عليه في الشريعة الإسلامية للتخلص من المشاكل العائلية أو تقديم استقالته الوظيفية للخروج من العمل.نحن نسمع دائماً عبارة يرددها بعض الأشخاص الذين يعانون من الأزمات في حياتهم مثال على ذلك (أنا والله أمر بأزمة..... وأبحث عن العلاج أو الحل السريع لمواجهتها)، ففي هذه الحالة تكون الأزمة فردية من صنع الشخص من خلال تجاربه وخبراته في الحياة الاجتماعية التي يعيش فيها.

ولكن من النواحي العملية البحتة، نجد هناك العديد من النظريات العلمية والدراسات والبحوث التطبيقية والتعريفات المختلفة الأبعاد للأزمات--، فمنهم من قال عن الأزمات - إنها الصراعات والتوتر الاجتماعي والإداري والسياسي المفاجئ الذي يصيب الهيئات والمؤسسات العامة الحكومية، أو المؤسسات الخاصة التجارية والصناعية في المجتمع.

أما القواميس الإنجليزية نجد أن قاموس ويستر (Waster Dictionary) عرف الأزمة على أنها زمن حاسم أو زمن خطر عظيم ستقرر نتائجه ما إذا كان ستتبعه عواقب سيئة كالأزمة المالية أو الاقتصادية (1977م - صفحة 275). ولكن قاموس أمريكا هيرتيج The American Heritage Dictionary) )وضع الأزمة بأنها وقت أو قرار حاسم أو حالة غير مستقرة تشمل تغيراً حاسماً متوقعاً، كما في الشؤون السياسية، أو المشاكل الدولية، أو الشؤون الاقتصادية. (1982م - صفحة 340)، ولكن قاموس (Longman New Universal Dictionary) عرّف الأزمة بأنها هجوم مؤلم مفاجئ وغير متوقع، تتميز بالخطر خاصة في الشؤون السياسية أو الاقتصادية. (1982م - صفحة 232).

ولكن كلمة (أزمة) هي كلمة عامة ومعروفة في الوسط الاجتماعي بأنها مشكلة يثير استخدامها في كثير من المجالات والنقاشات الحادة حول تحديد مفهوم معين أو اتجاه معين في القضايا العامة أو الخاصة، قد تكون سياسية أو اقتصادية أو عسكرية أو اجتماعية. والمقصود بفكرة (أزمة) هنا - هي المشاكل أو الأحداث التي تحدث في المجتمع وتزعزع استقرار الأمن الوطني للدولة وغير المتوقع حدوثها، ومن الصعب السيطرة عليها قبل حدوثها.وقد صنف العلماء والمتخصصون الأزمات إلى عدة أنواع منها أزمات كوارث (Disasters Natural) طبيعية غير مستهدفة أو غير متعمدة مثل: الفيضانات التي تسببها الأمطار الغزيرة- الزلازل- الرياح والعواصف- الثلوج- الحريق- البراكين- الجفاف من قلة المياه- أو انتشار مرض معد في المجتمع)، ولكن هناك أزمات مستهدفة ومتعمدة، وتعتبر من صنع البشر - بمعنى آخر فعل فاعل مثل المظاهرات السياسية، أو الإرهاب (Terrorism) بهدف زعزعة أمن الدولة وقتل الأبرياء من الأطفال والنساء وحجز الرهائن وتدمير المنشآت العسكرية والمدنية مثل المطارات المدنية ومراكز التسوق والمجمعات التجارية والسكنية ومقر البعثات الدبلوماسية والتخريب والتفجير والهجوم على المصالح الأجنية والمحلية، أو الهجوم العسكري أو الانهيار الاقتصادي، أو الشغب والفساد الإداري الاجتماعي في المؤسسات العامة للدولة أو الخاصة، أو دخول مواد غذائية أو أدوية سامة غير صالحة للاستعمال أو تجارة المخدرات التي أصبحت السم القاتل الخفي في المجتمعات. جميع هذه الأعمال والنشاطات الإجرامية تؤدي إلى الفساد الاجتماعي الذي لا يرضاه الله ورسوله، بل ضد المبادئ الإسلامية والأنظمة الشرعية أو القانونية. - الآية {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }(33)سورة المائدة، - الآية - {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ، أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ} سورة البقرة 10-11 .

وعندما تقع الأزمة تتكون الصراعات التي تتحول من أزمة إلى أزمات وتسبب الإثارة والعنف وعدم الاستقرار في المجتمع ومصالحه وأهدافه، وكذلك هي التحول الفجائي والتفاعلات التي تهدد الأمن والاستقرار والقيم والعادات والتقاليد أو المصالح الرئيسة في الدولة، وفي هذه الحالة وجب سرعة التدخل وصنع القرار وتنفيذه في وقت ضيق وسريع، وفي ظروف قد تكون صعبة وعدم التأكد منها، وذلك حتى لا تتفجر أمور من الصعب السيطرة عليها واحتواءها وحصرها ومنعها من الانتشار.