منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
#34824
وسط الجدل والخلافات والانقسام كان مولد الحزب الاشتراكى الفرنسى، ووسط هذا الوضع سيكون موته أيضا، هذا ان كانت الاشتراكية تموت. فمن بين المتلازمات فى تاريخ الحزب الاشتراكى الفرنسى هى قدرة الحزب على اعادة توحيد نفسه خلف قائد واحد.كما ان المجتمع نفسه لا يستغنى عن وجود اليسار. بل ان اليمين الفرنسى فى حاجة الى وجود الحزب الاشتراكى الفرنسى حيا، وهذا ما أقر به مؤخرا مقربون من الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى. فبدون وجود حزب يسارى مسؤول – كالحزب الاشتراكى- من الممكن ان تميل المعارضة الفرنسية الى العنف والغوغائية.

فهذا الحزب الاشتراكى تمكن من البقاء فى ظل الظروف المتقلبة منذ عهد كيمونة باريس رغم كل الانقسامت التى مر بها.وفى الاغلب يكون السبب وراء الانقسام هو نفسه القديم. وفى الاسبوع الماضى عقد الحزب الاشتراكى حملة انتخابات داخلية كانت من بين الحملات الاعنف فى تاريخ الحزب. وفازت بها مارتين أوبري، عمدة مدينة ليل، شمال فرنسا.

وهى مشهورة بالفترة التى عملت فيها من 1997 الى 2002 فى حكومة ليونيل جوسبين، عندما (اخترعت) تشريع تحديد ساعات العمل فى الاسبوع بـ 35 ساعة فقط، وتمكنت من حمل البرلمان الفرنسى على تمرير القانون. وقتها كانت وزيرة للعمل. لكن هذا الاختراع لم يثبت جدوى كبيرة فى الاعمال الصغيرة أو الكبيرة. أو حتى فى المؤسسات مثل المستشفيات.

وصارت أوبرين ، وهى التى تحمل اجندة محددة وعقيدة سياسية محددة، صارت شخصية بارزة فى الحزب الاشتراكى الفرنسى. وهى الآن تمتلك ما بقي للحزب بعد خسارته لثلاثة انتخابات رئاسية متعاقبة ، ومابقي من المعاناة والانقسام والصراعات الداخلية على الزعامة والقيادة والتى بدأتها سيجولين روايال فى العام 2007 عندما تمكنت من خطف ترشيح الحزب لها لانتخابات الرئاسة من عمالقة الحزب، المعروفين باسم الافيال.ورغم خسارة روايال امام مرشح اليمين ، ساركوزى، فالفارق الضئيل فى الخسارة يجعلها حتى الآن الشخصية الاكثر احتمالية ان تنافس فى العام 2012 على الرئاسة مرة اخرى.

المصدر:http://forum.an3m1.com/t17029.html
وللمرة الثانية تخسر روايال.هذه المرة امام اوبرى على زعامة الحزب.وقد اثبت التنافس على الزعامة هذه المرة حقيقة استعراضات الطموح والاتهامات والتقذيع والمناورات والكراهية بين الافيال ، والذين وجهوا جل طاقاتهم نحو معاداة روايال، والتي تريد بالفعل اصلاح الحزب. وسيكون هذا معقولا لو رأيناه على ضوء الخلافات السابقة، و استطلاعات الرأى. لكن هذا فى حد ذاته تهديد لمكانة الافيال الكبيرة وتاريخهم الطويل فى الاشتراكية.

ومعظم هؤلاء الافيال هم من الجيل الذى أتى به فرانسوا ميتران فى الثمانينيات الى ساحة السياسة القومية ، وهم يعرفون ان عام 2012 هو آخر فرصة لهم للمنافسة على الرئاسة: فالجيل الاصغر عمرا من الاشتراكيين يحاول الضغط على الافيال لإخلاء الساحة.

عموما، على الرغم من طموح أوبرى ، المرشحة الوحيدة المحتملة للمنافسة على الرئاسة بخلاف روايال، يبدو انه –اوبرى- ستكون نسخة اخرى من دومونيك ستروس ، رئيس صندوق النقد الدولى، ( استقطب انتباه العالم له مؤخرا، لانه لم يكتف بان يكون عقبة فى وجه مهنته فى فرنسا، بل جلب لبلاده فضيحة عندما ذهب الى امريكا .

والفرنسيون يلومونه لفضحه فرنسا فى الخارج، ولانه لم يتبع القاعدة الفرنسية الشهيرة:" ليس أمام الاطفال"). ومهما كان المرشح للمنافسة على الرئاسة فى انتخابات 2012 ، سيكون الخاسر امام ساركوزى، خاصة اذا أبقى الاخير على نشاطه المحموم فى الاصلاح والتغيير فى اليمين واليسار معا داخل فرنسا، وجهوده على الصعيد الاوروبى والعالمى.

ويجب الا ننسى ان ساركوزى توقف عن متابعة اوليمبياد بكين الماضية ، وارسل وزير خارجيته الى جورجيا وقت بدء الصراع الجورجى الروسى لوقف القتال بين الدولتين، وتابع بنفسه عملية صياغة هدنة بين الطرفين، يشرف على تطبيقها قوات حفظ السلام الاوروبية. وبعد ذلك أسس لعلاقات روسية اوروبية جيدة ، رغم غضب واشنطن.

لذا يمكن القول ان أزمة الاشتركيين منذ البدايات هى الاختيار من بين احتضان الايديولوجيا اليسارية – التروتيسكيين وابناء العالم الثالث والاشتراكيين – وضمهم جميعا تحت خيمة واحدة. او التحرك نحو الوسط – الديمقراطية الاشتراكية.