منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

#34827
تتميز علاقات دبلوماسية خط موسكو ـ واشنطن بوجود العديد من الملفات المشتركة الفائقة الأهمية والحساسية ليس لجهة ملف العلاقات الثنائية الروسية ـ الأمريكية وحسب، وإنما لجهة مستقبل استقرار نسق النظام الدولي، وفي هذا الخصوص تشير إلى الملفات الآتية:
• مسألة ضبط التسلح: ترتبط روسيا وأمريكا بالعديد من الاتفاقيات المتعلقة بعمليات نشر القدرات الصاروخية البالستية، وحجم الرؤوس النووية الحربية غير التقليدية إضافة إلى أسلحة الدمار الشامل الأخرى، وما تزال هذه الاتفاقيات الثنائية الروسية ـ الأمريكية تفتقر إلى المزيد من المصداقية لجهة إنفاذها على أرض الواقع وذلك بسبب الشكوك المتبادلة والتوجس والريبة التي ينظر بها كل طرف إلى نوايا الطرف الآخر.
• مسألة إمدادات الطاقة: تعتبر روسيا المصدر النفطي الرئيس العالمي، وذلك لأن إنتاج روسيا اليومي هو في حدود 16 مليون برميل، وفي هذا الخصوص تستطيع موسكو التحكم في ارتفاع أو انخفاض أسعار النفط العالمية. بما يمكن أن يلحق الخسائر والأضرار الفادحة ليس باقتصاديات الاتحاد الأوروبي والاقتصاد الأمريكي وحسب، وإنما بكامل اقتصاديات المنظومة الرأسمالية العالمية.
• مسألة المجتمع الدولي: تسعى الولايات المتحدة الأمريكية بالتعاون مع فرنسا وبريطانيا لجهة توظيفها مجلس الأمن الدولي وبقية مؤسسات المجتمع الدولي في عملية بناء التحالفات والإجماع العالمي لجهة إنفاذ الترتيبات الإقليمية والدولية التي تعزز من قوة ونفوذ واشنطن وحلفاءها. وفي هذا الخصوص تتمتع موسكو بحق الفيتو والذي يمكن أن تتمادى روسيا في استخدامه بما يؤدي بلا شك إلى عرقلة استفادة واشنطن وحلفائها من المؤسسات الدولية.
• مسألة الضبط الإقليمي: تسعى واشنطن إلى توسيع تحالفاتها الإقليمية بما يشمل مناطق الجوار الروسي مثل آسيا الوسطى والقوقاز والبلطيق إضافة إلى أوكرانيا وبلدان شرق أوروبا السابقة. الأمر الذي أثار حساسية موسكو ودفعها إلى التفاهم مع واشنطن حول الترتيبات المشتركة الإقليمية المتعلقة بهذه المناطق.
• مسألة الاتحاد الأوروبي: تسعى واشنطن إلى استمرارية استدامة نفوذها عبر نافذة علاقات عبر الأطلنطي مع بلدان الاتحاد الأوروبي وبلدان حلف الناتو وبالمقابل تسعى موسكو إلى استخدام تمديد أنابيب نقل النفط والغاز كخيوط وحبال لربط بلدان الاتحاد الأوروبي وبلدان حلف الناتو بالتبعية النفطية بما يتيح لاحقاً بفرض التبعية الروسية على اقتصاديات بلدان الاتحاد الأوروبي.
• مسألة آسيا: تسعى واشنطن حالياً باتجاه استهداف القارة الآسيوية ضمن مسار مزدوج الأول يتمثل في تعزيز قدرة حلفائها وعلى وجه الخصوص اليابان ـ كوريا الجنوبية ـ الفلبين ـ إندونيسيا ـ تايلاند ـ الهند ـ باكستان. والثاني يتمثل في فرض طوق من التحالفات المعادية ضد الصين وكوريا الشمالية. ولتحقيق ذلك تسعى واشنطن إلى ضمان حيادية روسيا. ولكن بإمكان موسكو تعزيز التحالفات والروابط مع خصوم أمريكا الآسيويين بما يؤدي عملياً إلى إفشال المساعي الأمريكية.
على خلفية كل هذه المسائل وغيرها، فقد ظلت علاقات دبلوماسية خط واشنطن ـ موسكو تتأرجح بين حالة التعاون وحالة الصراع. وحالياً على ما يبدو فإن موسكو أصبحت تنظر باهتمام بالغ إلى التصعيدات الدولية القريبة الجارية حالياً ضد ليبيا باعتبارها تهدف على المستوى غير المعلن إلى الاحتلال الأمريكي لليبيا بما يتيح لأمريكا استخدام المزايا الجيوبوليتيكية والجيوستراتيجية التي تعزز قدرة واشنطن في فرض سيطرتها على بلدان الاتحاد الأوروبي وبلدان حلف الناتو. وذلك لأن سيطرة واشنطن على مخزونات الاحتياطي النفطي الليبي البالغ قدرها 65 مليار برميل سوف تؤدي عملياً إلى نسف مشروع موسكو المتعلق بتمديد أنابيب نقل النفط الروسي إلى أوروبا. وإضافة لذلك فإن سيطرة واشنطن على الساحل الليبي الذي يتميز بوجود خليج بنغازي وخليج سرت إضافة إلى التمدد الطولي بما يجعل منه بمثابة منصة عسكرية إقليمية فائقة الأهمية، وهي أمور سوف تعرقل أي تحركات استراتيجية هامة للبحرية الروسية في المستقبل وتأسيساً على ذلك، فقد امتنعت موسكو في مجلس الأمن الدولي عن التصويت لجانب المصادقة على قرار فرض الحظر الجوي على ليبيا. ولاحقاً بعد ذلك بدأت موسكو وهي أكثر إدراكاً لحقيقة عملية فرض الحظر الجوي، وبالتالي، فإن القراءة الواضحة لتصريحات وزير الدفاع الروسي تشير بجلاء إلى رسالة موسكو القائلة بأنه يتوجب على واشنطن وحلفاءها عدم السعي لجهة تطوير عملية فرض الحظر الجوي إلى عملية عسكرية تهدف إلى احتلال ليبيا.
المصدر:http://www.mostakbaliat.com/?p=8013