متى يتوقف العبث الأمريكي والإسرائيلي بسيادة الدول العربية>>
ولكن الأمر لم يكن أبدا بتلك السذاجة البلهاء التي يتصورها العرب والمسلمون عن تلك المنظمات الدولية , ولن تتكرر السرعة ولا الجاهزية في إدانة وتجريد الجيوش ضد ما يحدث من جرائم الإبادة التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي مرارا وتكرارا ضد المواطنين الفلسطينيين العزل
قام القانون الدولي والذي أقرته جميع الدول المشتركة والذي أقيمت عليه المنظمات الدولية كالأمم المتحدة ومجلس الأمن وغيرها وما نتج عنه كميثاق حقوق الإنسان عام 1945 , وكان من أولوياته احترام سيادة الدول الأعضاء وضمان عدم انتهاك تلك السيادة من قبل الدول الأخرى وأيضا اتخاذ الإجراءات للمعاقبة - بشكل جماعي – للدول التي تخالف هذه المواثيق وتقوم بأي أعمال من شأنها انتهاك حقوق سيادية للدول الأخرى , وتتخذ أيضا الإجراءات التي تضمن للشعوب الحياة الآمنة وتتدخل عسكريا بشكل جماعي ضد قادة الدول الذين يقومون بأعمال تهدد حياة مواطنيهم .
وكم جُردت الجيوش في الفترات السابقة من التاريخ المعاصر , والتي رأينا كيف وقف مجلس الأمن والأمم المتحدة في مواجهة تلك الانتهاكات بشكل حازم ضد حكومات ورؤساء ووصلت إلى المواجهات العسكرية والحروب المستمرة , وكان هذا ما رأيناه في أزمة العراق والكويت السابقة والتي كان من تداعياتها الاحتلال الأمريكي للعراق حتى يومنا هذا , ورأينا ذلك مؤخرا في التدخل العسكري لقوات حلف الناتو ضد قوات القذافي للحيلولة – كما يبررون- بينه وبين إبادة شعبه , ورأيناه أيضا دور محكمة العدل الدولية في محاكمة البشير على قيامه بأعمال ضد المواطنين في غرب السودان .
ولكن الأمر لم يكن أبدا بتلك السذاجة البلهاء التي يتصورها العرب والمسلمون عن تلك المنظمات الدولية , ولن تتكرر السرعة ولا الجاهزية في إدانة وتجريد الجيوش ضد ما يحدث من جرائم الإبادة التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي مرارا وتكرارا ضد المواطنين الفلسطينيين العزل حتى بعد التقارير التي أدانت إسرائيل ومنها تقرير القاضي الجنوب إفريقي ريتشارد جولدستون والذي أقر توصياته مجلس حقوق الإنسان حول الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة , ولا زالت تلك القضية الفلسطينية معلقة منذ عام 1948 , ولم يستطع مجلس الأمن إصدار بيان إدانة واحد لكل تلك الجرائم الموثقة تاريخيا بسبب العبث القانوني والتشريعي في المنظمة والمجلس المسمى بحق الفيتو , ولم تتحرك لنجدة الفلسطينيين أية قوة من تلك القوى التي نراها .
وتتكرر الحوادث التي تصب في نفس الخانة من الإدارة الإسرائيلية المدعومة من الولايات المتحدة ومن المنظمات الدولية , ويصبح المجال الجوي للدول العربية والإسلامية نهبا مستباحا لضرب أهداف متعددة في سوريا والسودان وتونس والأردن وغيرهم دون رادع قوي من الأنظمة - التي تغض الطرف وتغلق الأفواه في حين تستأسد على شعوبها - ولا من المنظمات الدولية التي تكيل بأكثر من مكيال في نفس الحدث المتشابه .
ولا يستطيع أبسط الناس فضلا عن المحللين السياسيين الغفلة عما تعبث به الإدارة الأمريكية التي استباحت الساحات بطول الأمة والإسلامية وعرضها , ولقد أعادت الفكرة للأذهان تلك العملية التي تمت على الأرض الباكستانية والتي استهدف فيها أسامة بن لادن والتي تمت دون سند شرعي أو قانوني أو خلقي , وقامت بها الإدارة الأمريكية وهي تنتهك سيادة دولة أخرى لكي تقوم بعملية قرصنة ترجع للعصور الوسطى دون خوف من محاسبة أو معاقبة , ويتباهى بها الرئيس الأمريكي ويمنح منفذيها الأوسمة والنياشين .
وفي موضع آخر ينطلق صاروخ من طائرة بغير طيار استهدف أحد المقرّبين من تنظيم القاعدة وأحد أهم المطلوبين على لائحة الإرهاب الأمريكية – حسب البيان ألأمريكي - في جنوب اليمن على سيارة فجر الخميس قرب محافظة شبوة , ولم يصدر أي رد فعل من الأنظمة التي لا ترى غضاضة في هذا الاختراق الأمني والتعدي على سيادتها من قبل الإدارة الأمريكية .
فمتى تتخلص الدول العربية والإسلامية من تبعيتها المجحفة لتلك المنظمات الدولية التي لم تقدم خيرا لهم بل سوغت لغيرهم من الدول الاستعمارية الكبرى التعدي على سيادتهم وحقوقهم ..?
آن للدول الإسلامية وأنظمتها مراجعة وجودها وانتماءاتها لتلك المنظمات والتي لابد وأن تقوم على أساس متكافئ من الحقوق والواجبات
يحيى البوليني