- الأحد مايو 08, 2011 11:27 pm
#34923
ماليزيا هي دولة تقع في جنوب شرق آسيا مكونة من 13 ولاية وثلاثة أقاليم اتحادية، بمساحة كلية تبلغ 329,845 كم2 (127,354 ميل مربع).[3][4] العاصمة هي كوالالمبور، في حين أن بوتراجايا هي مقر الحكومة الاتحادية. يصل تعداد السكان أكثر من 28 مليون نسمة. ينقسم البلد إلى قسمين يفصل بينهما بحر الصين الجنوبي، هما شبه الجزيرة الماليزية وبورنيو الماليزية (المعروفة أيضاً باسم ماليزيا الشرقية). يحد ماليزيا كل من تايلند، اندونيسيا، سنغافورة وسلطنة بروناي. تقع ماليزيا بالقرب من خط الاستواء، ومناخها مداري. رأس الهرم الماليزي هو يانغ دي بيرتوان اغونغ، وهو ملك منتخب، بينما يترأس الحكومة رئيس الوزراء.[5][6] تبنى الحكومة بشكل قريب جداً من نظام وستمنستر البرلماني.[7]
لم يكن لماليزيا كدولة موحدة وجود حتى عام 1963. في السابق، بسطت المملكة المتحدة نفوذها في مستعمرات في تلك المناطق أواخر القرن الثامن عشر. تكون النصف الغربي من ماليزيا الحديثة من عدة ممالك مستقلة. عرفت هذه المجموعة من المستعمرات باسم مالايا البريطانية حتى حلها عام 1946، عندما تم إعادة تنظيمها ضمن اتحاد الملايو. نظراً للمعارضة الواسعة، أعيد تنظيمها مرة أخرى ضمن اتحاد مالايا الفدرالي في عام 1948، ثم حصلت على الاستقلال في وقت لاحق في 31 آب 1957.[8] دمجت كل من سنغافورة، ساراواك، وبورنيو الشمالية البريطانية واتحاد مالايا جميعها لتشكل ماليزيا يوم 16 أيلول 1963.[9] حصلت في السنوات التاية توترات ضمن الاتحاد الجديد أدت إلى نزاع مسلح مع اندونيسيا، وطرد سنغافورة في 9 أب 1965.[10][11]
خلال أواخر القرن 20، شهدت ماليزيا طفرة اقتصادية وخضعت لتطور سريع. حيث يحدها مضيق ملقا، وهو طريق بحري مهم في الملاحة الدولية، كما أن التجارة الدولية جزء أساسي من اقتصادها.[12] تشكل الصناعة أحد القطاعات الرئيسية في اقتصاد البلاد.[13] تمتلك ماليزيا تنوعاً حيوياً من النباتات والحيوانات، حيث تعتبر من بين الدول 17 الأكثر تنوعاً.[14]
التاريخ
تكشف الأبحاث الأثرية وجود آثار من تلك المرحلة في جميع أنحاء شبه جزيرة ماليزيا وصباح وساراواك. يعود أقرب دليل على أن الإنسان سكن المنطقة إلى 40,000 عاماً. هؤلاء الصيادون الميزوليتيون هم على الأغلب أسلاف سيمانغ، وهي مجموعة نيغريتو عرقية ذات أصول عميقة في شبه جزيرة الملايو.
يبدو أن سينوي مجموعة مركبة، حيث يعود ما يقرب من نصف سلالات أمهات الحمض النووي إلى أسلاف سيمانغ والنصف الآخر إلى الهجرات اللاحقة من الهند الصينية. يقترح العلماء بأنهم من نسل المزارعين الأوائل الناطقين بالأسترونيزية، الذين جلبوا كلاً من لغتهم وتقنيات الزراعة إلى الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة فيما يقرب من 5000 سنة مضت. حيث اندمجوا واتحدوا مع السكان الأصليين.
أسلاف المالايو الأوائل أكثر تنوعا. على الرغم من أنهم يظهرون بعض الارتباط بجزيرة جنوب شرق آسيا، يرتبط بعضهم بأنساب في الهند الصينية من العصر الجليدي الكبير الأخير، حوالي 20,000 سنة مضت. يدعم علماء الأنثروبولوجيا الفكرة القائلة بأن أسلاف الملايو نشئوا فيما يعرف اليوم باسم يونان في الصين. أعقب ذلك انتشار هولوسيني مبكر عبر شبه جزيرة الملايو إلى جزيرة جنوب شرق آسيا. نحو 300 ق.م، دفعوا داخلياً من قبل أسلاف الملايو الثانويين، وهم مجموعة من العصر الحديدي أو العصر البرونزي تنحدر جزئياً من شعب تشام من كمبوديا وفيتنام. كان أسلاف الملايو الثانويين المجموعة الأولى في شبه الجزيرة التي تستخدم الأدوات المعدنية، والسلف المباشر لشعب الملايو الماليزي الحالي.
الوصول البريطاني
أنشأت بريطانيا أولى مستعمراتها في شبه جزيرة الملايو في عام 1786، مع استئجار جزيرة بينانغ من قبل شركة الهند الشرقية البريطانية من قبل سلطان كيدا. في عام 1824، تولى البريطانيون السيطرة على ملقا بعد المعاهدة البريطانية الهولندية عام 1824 التي قسمت أرخبيل الملايو بين بريطانيا وهولندا، حيث المالايا ضمن المنطقة البريطانية. في 1826، أنشأت بريطانيا مستعمرة التاج من مستوطنات المضيق، موحدة بذلك ممتلكاتها الأربعة في المالايو: بينانغ، ملقا، سنغافورة، وجزيرة لابوان. أديرت هذه المستوطنات بداية من قبل شركة الهند الشرقية في كالكوتا، قبل أن تصبح كل من بينانغ أولاً، وسنغافورة لاحقاً مراكز إدارية لمستعمرة التاج، حتى عام 1867، عندما تم نقلها إلى وزارة المستعمرات في لندن.
خلال أواخر القرن التاسع عشر، اعتمدت العديد من الولايات الماليزية على المساعدة البريطانية في تسوية الصراعات الداخلية. أدت الأهمية التجارية للكشف عن القصدير لتجار مستوطنات المضيق في الملايو لتدخل الحكومة البريطانية في الدويلات المنتجة للقصدير في شبه جزيرة الملايو. اتبع البريطانيون دبلوماسية القوارب الحربية من أجل التوصل إلى حل سلمي للاضطرابات المدنية التي تسببت بها العصابات الصينية والملايو الناجمة عن الصراع السياسي الدائر بين نجاح إبراهيم ورجا مودا، مهدت معاهدة بانغكور عام 1874 الطريق لتوسيع نطاق النفوذ البريطاني في الملايو. مع مطلع القرن العشرين، كانت ولايات باهانغ، سيلانغور، بيراك، ونيغيري سيمبيلان، تعرف مجتمعة باسم ولايات الملايو المتحدة (ينبغي عدم الخلط بينها وبين اتحاد الملايو)، وكانت تحت السيطرة الفعلية للسكان البريطانيين المعينين لإسداء المشورة لحكام الملايو. كان البريطانين مستشارين بالاسم فقط، لكنهم في الواقع، أثروا بشكل كبير على حكام الملايو.
مبنى السلطان عبد الصمد في كوالالمبور والذي يحتوي على محكمة ماليزيا العليا والمحكمة التجارية. كوالالمبور عاصمة البلاد الحالية والعاصمة السابقة للاتحاد الفدرالي.أما الولايات الخمس المتبقية في شبه الجزيرة، والمعروفة باسم دول الملايو غير الموحدة، وإن لم تكن مباشرة تحت الحكم البريطاني، فقد قبلت بمستشارين بريطانيين مع منعطف القرن العشرين. كانت منها أربع دويلات شمالية هي برليس، كيدا، كيلانتان وتيرينجانو تحت سيطرة سيامية سابقة. أما جوهور فكانت الدولة الوحيدة التي تمكنت من الحفاظ على استقلالها طوال معظم القرن التاسع عشر. كان السلطان أبو بكر من جوهور والملكة فيكتوريا على معرفة شخصية، واعترفا ببعضهما البعض على قدم المساواة. دام الأمر كذلك حتى عام 1914 عندما قبل خليفة السلطان أبو بكر، السلطان إبراهيم مستشاراً بريطانياً.
في جزيرة بورنيو، حكمت ساباه ككونها مستعمرة التاج بورنيو الشمالية البريطانية، بينما كانت ساراواك تحت سيطرة بروناي كمملكة شخصية لعائلة بروك، الذين حكموا باسم راجا الأبيض.
نمت الرغبة الوطنية بالاستقلال في أعقاب الغزو الياباني للملايو واحتلالها لاحقا خلال الحرب العالمية الثانية.[22] في مرحلة ما بعد الحرب وضعت بريطانيا خططاً لتوحيد الإدارة في ماليزيا تحت مستعمرة وحيدة للتاج ودعيت اتحاد الملايو الذي تعثر بسبب معارضة قوية من قبل الملايو الذي عارضوا التخلص من حكامهم ومنح الجنسية للعرقية الصينية.[23] انحل هذا الاتحاد الذي أنشئ في عام 1946 وتألف من جميع الممتلكات البريطانية في الملايو باستثناء سنغافورة، في عام 1948 والاستعاضة عنها باتحاد الملايو الفدرالي، الذي اعاد الحكم الذاتي لحكام ولايات الملايو في ظل الحماية البريطانية.
وخلال هذا الوقت، أطلق المتمردون تحت قيادة حزب الملايو الشيوعي حرب عصابات تهدف إلى طرد الإنكليز من الملايو. دامت حالة الطوارئ في الملايو، كما هو معروف، بين عامي 1948-1960، وشملت حملة طويلة لمكافحة التمرد من قبل قوات الكومنولث في ماليزيا. وعلى الرغم من توقف العمليات المسلحة لبثت قوات الكومنولث في المنطقة، على خلفية الحرب الباردة.[24] وفقاً لذلك منح الاتحاد الاستقلال في إطار الكومنولث في 31 آب 1957.
ما بعد الاستقلال
في عام 1963، شكلت المالايا مع مستعمرات التاج البريطاني في ذلك الوقت صباح (بورنيو الشمالية البريطانية) وساراواك وسنغافورة دولة ماليزيا. انسحبت سلطنة بروناي، على الرغم من الاهتمام الأولي في الانضمام إلى الاتحاد، لكنها تراجعت بسبب معارضة من قطاعات معينة من السكان، وكذلك الجدل حول دفع إتاوات النفط ووضعية السلطان في عملية الاندماج المزمعة.[25][26] كان التاريخ المقترح لإعلان تشكيل ماليزيا هو 31 آب 1963، ليتزامن مع يوم استقلال الملايو ومنح الحكم الذاتي لساراواك وصباح. بأي حال، تأخر الموعد بسبب معارضة من الحكومة الاندونيسية بقيادة سوكارنو ومحاولات أخرى من جانب حزب الشعب المتحد في ساراواك لتأخير تشكيل ماليزيا. نظراً لهذه العوامل، تشكل فريق من الأمم المتحدة يضم ثمانية أعضاء للتأكد من رغبة صباح وساراواك في الانضمام إلى ماليزيا.[27]
شهدت السنوات الأولى من الاستقلال نزاعاً مع اندونيسيا حول تشكيل ماليزيا، وخروج سنغافورة في نهاية المطاف في عام 1965، والصراعات العرقية التي نحت اتجاه أعمال شغب عرقية في عام 1969.[10][28] كما أدلت الفلبين بدلوها أيضاً ضد صباح بناء على ادعاء أن سلطنة بروناي تنازلت لسلطنة سولو عن صباح في عام 1704. لا تزال هذه المسألة مع الفلبين جارية.[29] بعد اعمال الشغب العرقية 13 أيار عام 1969، أطلقت السياسات الاقتصادية الجديدة المثيرة للجدل والتي تهدف إلى زيادة حصة "السكان الأصليين" (أغلبية شعب المالايو) بالمقارنة مع غيرها من الجماعات العرقية، والتي أطلقها رئيس الوزراء عبد الرزاق. حافظت ماليزيا منذ تلك الحين على توازن عرقي وسياسي دقيق، مع نظام حكم يحاول الجمع بين التنمية الاقتصادية الشاملة والسياسات الاقتصادية والسياسية التي تعزز المشاركة العادلة لجميع الأعراق المشكلة للبلاد.[30]
بين الثمانينيات ومنتصف التسعينات، شهدت ماليزيا نموا اقتصاديا كبيرا في ظل حكومة مهاتير بن محمد.[31] شهدت هذه الفترة تحولا من الاقتصاد القائم على الزراعة إلى اقتصاد يرتكز على الصناعة في مجالات مثل أجهزة الكمبيوتر والمستهلكات الإلكترونية. كان خلال هذه الفترة أيضاً أن تغير المشهد الماليزي مع ظهور العديد من المشاريع الضخمة. لعل أبرز هذه المشاريع هو برجا بتروناس التوأمان (حينها أعلى مبنى في العالم، وما زالا يحتفظان بوضعهما كأعلى مبنيين توأمين)، مطار كوالالمبور الدولي، الطريق السريع بين الشمال والجنوب، حلبة سيبانغ الدولية، ممر الوسائط المتعددة الخارق، سد باكون الكهرومائي وبوتراجايا العاصمة الإدارية الاتحادية الجديدة.
في أواخر التسعينات، اهتزت ماليزيا بسبب الأزمة المالية الآسيوية، فضلاً عن الاضطرابات السياسية الناجمة عن إقالة نائب رئيس الوزراء أنور إبراهيم.[32] في عام 2003، تقاعد الدكتور مهاتير، أطول رؤساء الوزراء خدمة في ماليزيا لصالح نائبه عبد الله احمد بدوي. في تشرين الثاني 2007، شهدت ماليزيا مسيرتين مناهضتين للحكومة. مسيرة بيرسيه عام 2007 والتي جمعت 40,000 شخص في كوالالمبور في العاشر من تشرين الثاني لإصلاح النظام الانتخابي. كما سبقها اتهامات بفساد في نظام الانتخابات الماليزية الذي يدعم الحزب السياسي الحاكم، باريسان ناسيونال الذي استلم السلطة منذ الاستقلال عام 1957.[33] عقدت مسيرة أخرى في 25 تشرين الثاني العاصمة الماليزية من قبل (هندراف). دعى منظم المظاهرة، جبهة عمل حقوق الهندوس، إلى الاحتجاج على السياسات التمييزية لصالح عرقية الملايو. قدرت الحشود ما بين 5,000 و 30,000.[34] في كلتا الحالتين قامت الحكومة والشرطة بالبطش بالمتظاهرين ومحاولة منع التجمعات. في 16 تشرين الأول 2008، حظرت الحكومة منظمة هندراف كما وصفت المنظمة "خطراً على الامن القومي". تتبع ماليزيا النظام البريطاني في القيادة (اليد اليمنى أو الجهة اليسرى من الطريق).
الحكومة والسياسة
تعتبر ماليزيا دولة ملكية انتخابية دستورية فيدرالية. الرئيس الفيدرالي للدولة في ماليزيا هو يانغ دى بيرتوان أغونغ، ويشار إليه غالباً بملك ماليزيا. يتم انتخاب يانغ دى بيرتوان اجونج لفترة ولاية مدتها خمس سنوات من بين السلاطين التسعة لولايات الملايو، الولايات الأربع الأخرى، التي تمتلك حكاماً اسميين، لا تشارك في الانتخاب.[36]
نظام الحكم في ماليزيا شبيه جداً بنظام وستمنستر البرلماني، وهو من مخلفات الاستعمار البريطاني. منذ الاستقلال في عام 1957، تحكم ماليزيا من قبل تحالف متعدد الأحزاب المعروفة باسم باريسان ناسيونال (عرف سابقاً باسم التحالف). تتمتع السلطة القضائية باستقلالية عن السلطات الشريعية والتنفيدية.[37] يستند النظام القانوني من القانون المشترك الإنكليزي.[38]
يتم تقسيم السلطة التشريعية بين المجالس التشريعية الاتحادية والمحلية. يتألف البرلمان من مجلسين هما مجلس النواب أو ديوان راكيات (معناه مجلس الشعب)، ومجلس الشيوخ أو ديوان نيغارا (معناه مجلس الأمة).[39][40] يتم انتخاب أعضاء مجلس النواب 222 من خلال الدوائر الانتخابية ذات الممثل الوحيد لمدة أقصاها خمس سنوات. فترة ولاية جميع أعضاء مجلس الشيوخ 70 ثلاث سنوات، يتم انتخاب 26 منهم عن مجالس الولايات 13، بينما يمثل اثنان منطقة كوالالمبور الاتحادية، وواحد عن كل من لابوان وبوتراجايا، بينما يعين الملك 40 المتبقين. إضافة إلى مجلس النواب على المستوى الاتحادي، لكل ولاية مجلس تشريعي خاص بها (ديوان أوندانغان نيغيري) ويتم انتخاب أعضائه وفقاً للدائرة الانتخابية وحيد التمثيل. تجري الانتخابات البرلمانية على الأقل مرة واحدة كل خمس سنوات، حيث كانت آخرها في آذار/مارس 2008. الناخبون المسجلون في سن 21 وما فوق يحق لهم التصويت لانتخاب أعضاء مجلس النواب، وفي معظم الولايات، المجلس التشريعي الخاص بالولاية أيضاً. التصويت ليس إجبارياً.[41]
تناط السلطة التنفيذية إلى مجلس الوزراء برئاسة رئيس الوزراء، ينص الدستور الماليزي على ضرورة أن يكون رئيس الوزراء عضواً في مجلس النواب، والذي وفقاً لرأي يانغ دى بيرتوان أجونغ، يجب أن يتمتع بأغلبية في البرلمان.[42] يتم اختيار مجلس الوزراء من بين أعضاء مجلسي البرلمان وهم مسؤولون أمامهما.[43]
يقود حكومات الولايات من رئيس وزراء (مينتيري بيسار في ولايات الملايو أو كيتوا مينتيري في الولايات دون الحكم الوراثي)، وهو عضو في برلمان الولاية من حزب الأغلبية في ديوان أونداغان نيغيري. يجب أن يكون رئيس وزراء الولاية الملايو مسلماً، على الرغم من أن هذه القاعدة تخضع لاجتهادات الحكام.
لم يكن لماليزيا كدولة موحدة وجود حتى عام 1963. في السابق، بسطت المملكة المتحدة نفوذها في مستعمرات في تلك المناطق أواخر القرن الثامن عشر. تكون النصف الغربي من ماليزيا الحديثة من عدة ممالك مستقلة. عرفت هذه المجموعة من المستعمرات باسم مالايا البريطانية حتى حلها عام 1946، عندما تم إعادة تنظيمها ضمن اتحاد الملايو. نظراً للمعارضة الواسعة، أعيد تنظيمها مرة أخرى ضمن اتحاد مالايا الفدرالي في عام 1948، ثم حصلت على الاستقلال في وقت لاحق في 31 آب 1957.[8] دمجت كل من سنغافورة، ساراواك، وبورنيو الشمالية البريطانية واتحاد مالايا جميعها لتشكل ماليزيا يوم 16 أيلول 1963.[9] حصلت في السنوات التاية توترات ضمن الاتحاد الجديد أدت إلى نزاع مسلح مع اندونيسيا، وطرد سنغافورة في 9 أب 1965.[10][11]
خلال أواخر القرن 20، شهدت ماليزيا طفرة اقتصادية وخضعت لتطور سريع. حيث يحدها مضيق ملقا، وهو طريق بحري مهم في الملاحة الدولية، كما أن التجارة الدولية جزء أساسي من اقتصادها.[12] تشكل الصناعة أحد القطاعات الرئيسية في اقتصاد البلاد.[13] تمتلك ماليزيا تنوعاً حيوياً من النباتات والحيوانات، حيث تعتبر من بين الدول 17 الأكثر تنوعاً.[14]
التاريخ
تكشف الأبحاث الأثرية وجود آثار من تلك المرحلة في جميع أنحاء شبه جزيرة ماليزيا وصباح وساراواك. يعود أقرب دليل على أن الإنسان سكن المنطقة إلى 40,000 عاماً. هؤلاء الصيادون الميزوليتيون هم على الأغلب أسلاف سيمانغ، وهي مجموعة نيغريتو عرقية ذات أصول عميقة في شبه جزيرة الملايو.
يبدو أن سينوي مجموعة مركبة، حيث يعود ما يقرب من نصف سلالات أمهات الحمض النووي إلى أسلاف سيمانغ والنصف الآخر إلى الهجرات اللاحقة من الهند الصينية. يقترح العلماء بأنهم من نسل المزارعين الأوائل الناطقين بالأسترونيزية، الذين جلبوا كلاً من لغتهم وتقنيات الزراعة إلى الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة فيما يقرب من 5000 سنة مضت. حيث اندمجوا واتحدوا مع السكان الأصليين.
أسلاف المالايو الأوائل أكثر تنوعا. على الرغم من أنهم يظهرون بعض الارتباط بجزيرة جنوب شرق آسيا، يرتبط بعضهم بأنساب في الهند الصينية من العصر الجليدي الكبير الأخير، حوالي 20,000 سنة مضت. يدعم علماء الأنثروبولوجيا الفكرة القائلة بأن أسلاف الملايو نشئوا فيما يعرف اليوم باسم يونان في الصين. أعقب ذلك انتشار هولوسيني مبكر عبر شبه جزيرة الملايو إلى جزيرة جنوب شرق آسيا. نحو 300 ق.م، دفعوا داخلياً من قبل أسلاف الملايو الثانويين، وهم مجموعة من العصر الحديدي أو العصر البرونزي تنحدر جزئياً من شعب تشام من كمبوديا وفيتنام. كان أسلاف الملايو الثانويين المجموعة الأولى في شبه الجزيرة التي تستخدم الأدوات المعدنية، والسلف المباشر لشعب الملايو الماليزي الحالي.
الوصول البريطاني
أنشأت بريطانيا أولى مستعمراتها في شبه جزيرة الملايو في عام 1786، مع استئجار جزيرة بينانغ من قبل شركة الهند الشرقية البريطانية من قبل سلطان كيدا. في عام 1824، تولى البريطانيون السيطرة على ملقا بعد المعاهدة البريطانية الهولندية عام 1824 التي قسمت أرخبيل الملايو بين بريطانيا وهولندا، حيث المالايا ضمن المنطقة البريطانية. في 1826، أنشأت بريطانيا مستعمرة التاج من مستوطنات المضيق، موحدة بذلك ممتلكاتها الأربعة في المالايو: بينانغ، ملقا، سنغافورة، وجزيرة لابوان. أديرت هذه المستوطنات بداية من قبل شركة الهند الشرقية في كالكوتا، قبل أن تصبح كل من بينانغ أولاً، وسنغافورة لاحقاً مراكز إدارية لمستعمرة التاج، حتى عام 1867، عندما تم نقلها إلى وزارة المستعمرات في لندن.
خلال أواخر القرن التاسع عشر، اعتمدت العديد من الولايات الماليزية على المساعدة البريطانية في تسوية الصراعات الداخلية. أدت الأهمية التجارية للكشف عن القصدير لتجار مستوطنات المضيق في الملايو لتدخل الحكومة البريطانية في الدويلات المنتجة للقصدير في شبه جزيرة الملايو. اتبع البريطانيون دبلوماسية القوارب الحربية من أجل التوصل إلى حل سلمي للاضطرابات المدنية التي تسببت بها العصابات الصينية والملايو الناجمة عن الصراع السياسي الدائر بين نجاح إبراهيم ورجا مودا، مهدت معاهدة بانغكور عام 1874 الطريق لتوسيع نطاق النفوذ البريطاني في الملايو. مع مطلع القرن العشرين، كانت ولايات باهانغ، سيلانغور، بيراك، ونيغيري سيمبيلان، تعرف مجتمعة باسم ولايات الملايو المتحدة (ينبغي عدم الخلط بينها وبين اتحاد الملايو)، وكانت تحت السيطرة الفعلية للسكان البريطانيين المعينين لإسداء المشورة لحكام الملايو. كان البريطانين مستشارين بالاسم فقط، لكنهم في الواقع، أثروا بشكل كبير على حكام الملايو.
مبنى السلطان عبد الصمد في كوالالمبور والذي يحتوي على محكمة ماليزيا العليا والمحكمة التجارية. كوالالمبور عاصمة البلاد الحالية والعاصمة السابقة للاتحاد الفدرالي.أما الولايات الخمس المتبقية في شبه الجزيرة، والمعروفة باسم دول الملايو غير الموحدة، وإن لم تكن مباشرة تحت الحكم البريطاني، فقد قبلت بمستشارين بريطانيين مع منعطف القرن العشرين. كانت منها أربع دويلات شمالية هي برليس، كيدا، كيلانتان وتيرينجانو تحت سيطرة سيامية سابقة. أما جوهور فكانت الدولة الوحيدة التي تمكنت من الحفاظ على استقلالها طوال معظم القرن التاسع عشر. كان السلطان أبو بكر من جوهور والملكة فيكتوريا على معرفة شخصية، واعترفا ببعضهما البعض على قدم المساواة. دام الأمر كذلك حتى عام 1914 عندما قبل خليفة السلطان أبو بكر، السلطان إبراهيم مستشاراً بريطانياً.
في جزيرة بورنيو، حكمت ساباه ككونها مستعمرة التاج بورنيو الشمالية البريطانية، بينما كانت ساراواك تحت سيطرة بروناي كمملكة شخصية لعائلة بروك، الذين حكموا باسم راجا الأبيض.
نمت الرغبة الوطنية بالاستقلال في أعقاب الغزو الياباني للملايو واحتلالها لاحقا خلال الحرب العالمية الثانية.[22] في مرحلة ما بعد الحرب وضعت بريطانيا خططاً لتوحيد الإدارة في ماليزيا تحت مستعمرة وحيدة للتاج ودعيت اتحاد الملايو الذي تعثر بسبب معارضة قوية من قبل الملايو الذي عارضوا التخلص من حكامهم ومنح الجنسية للعرقية الصينية.[23] انحل هذا الاتحاد الذي أنشئ في عام 1946 وتألف من جميع الممتلكات البريطانية في الملايو باستثناء سنغافورة، في عام 1948 والاستعاضة عنها باتحاد الملايو الفدرالي، الذي اعاد الحكم الذاتي لحكام ولايات الملايو في ظل الحماية البريطانية.
وخلال هذا الوقت، أطلق المتمردون تحت قيادة حزب الملايو الشيوعي حرب عصابات تهدف إلى طرد الإنكليز من الملايو. دامت حالة الطوارئ في الملايو، كما هو معروف، بين عامي 1948-1960، وشملت حملة طويلة لمكافحة التمرد من قبل قوات الكومنولث في ماليزيا. وعلى الرغم من توقف العمليات المسلحة لبثت قوات الكومنولث في المنطقة، على خلفية الحرب الباردة.[24] وفقاً لذلك منح الاتحاد الاستقلال في إطار الكومنولث في 31 آب 1957.
ما بعد الاستقلال
في عام 1963، شكلت المالايا مع مستعمرات التاج البريطاني في ذلك الوقت صباح (بورنيو الشمالية البريطانية) وساراواك وسنغافورة دولة ماليزيا. انسحبت سلطنة بروناي، على الرغم من الاهتمام الأولي في الانضمام إلى الاتحاد، لكنها تراجعت بسبب معارضة من قطاعات معينة من السكان، وكذلك الجدل حول دفع إتاوات النفط ووضعية السلطان في عملية الاندماج المزمعة.[25][26] كان التاريخ المقترح لإعلان تشكيل ماليزيا هو 31 آب 1963، ليتزامن مع يوم استقلال الملايو ومنح الحكم الذاتي لساراواك وصباح. بأي حال، تأخر الموعد بسبب معارضة من الحكومة الاندونيسية بقيادة سوكارنو ومحاولات أخرى من جانب حزب الشعب المتحد في ساراواك لتأخير تشكيل ماليزيا. نظراً لهذه العوامل، تشكل فريق من الأمم المتحدة يضم ثمانية أعضاء للتأكد من رغبة صباح وساراواك في الانضمام إلى ماليزيا.[27]
شهدت السنوات الأولى من الاستقلال نزاعاً مع اندونيسيا حول تشكيل ماليزيا، وخروج سنغافورة في نهاية المطاف في عام 1965، والصراعات العرقية التي نحت اتجاه أعمال شغب عرقية في عام 1969.[10][28] كما أدلت الفلبين بدلوها أيضاً ضد صباح بناء على ادعاء أن سلطنة بروناي تنازلت لسلطنة سولو عن صباح في عام 1704. لا تزال هذه المسألة مع الفلبين جارية.[29] بعد اعمال الشغب العرقية 13 أيار عام 1969، أطلقت السياسات الاقتصادية الجديدة المثيرة للجدل والتي تهدف إلى زيادة حصة "السكان الأصليين" (أغلبية شعب المالايو) بالمقارنة مع غيرها من الجماعات العرقية، والتي أطلقها رئيس الوزراء عبد الرزاق. حافظت ماليزيا منذ تلك الحين على توازن عرقي وسياسي دقيق، مع نظام حكم يحاول الجمع بين التنمية الاقتصادية الشاملة والسياسات الاقتصادية والسياسية التي تعزز المشاركة العادلة لجميع الأعراق المشكلة للبلاد.[30]
بين الثمانينيات ومنتصف التسعينات، شهدت ماليزيا نموا اقتصاديا كبيرا في ظل حكومة مهاتير بن محمد.[31] شهدت هذه الفترة تحولا من الاقتصاد القائم على الزراعة إلى اقتصاد يرتكز على الصناعة في مجالات مثل أجهزة الكمبيوتر والمستهلكات الإلكترونية. كان خلال هذه الفترة أيضاً أن تغير المشهد الماليزي مع ظهور العديد من المشاريع الضخمة. لعل أبرز هذه المشاريع هو برجا بتروناس التوأمان (حينها أعلى مبنى في العالم، وما زالا يحتفظان بوضعهما كأعلى مبنيين توأمين)، مطار كوالالمبور الدولي، الطريق السريع بين الشمال والجنوب، حلبة سيبانغ الدولية، ممر الوسائط المتعددة الخارق، سد باكون الكهرومائي وبوتراجايا العاصمة الإدارية الاتحادية الجديدة.
في أواخر التسعينات، اهتزت ماليزيا بسبب الأزمة المالية الآسيوية، فضلاً عن الاضطرابات السياسية الناجمة عن إقالة نائب رئيس الوزراء أنور إبراهيم.[32] في عام 2003، تقاعد الدكتور مهاتير، أطول رؤساء الوزراء خدمة في ماليزيا لصالح نائبه عبد الله احمد بدوي. في تشرين الثاني 2007، شهدت ماليزيا مسيرتين مناهضتين للحكومة. مسيرة بيرسيه عام 2007 والتي جمعت 40,000 شخص في كوالالمبور في العاشر من تشرين الثاني لإصلاح النظام الانتخابي. كما سبقها اتهامات بفساد في نظام الانتخابات الماليزية الذي يدعم الحزب السياسي الحاكم، باريسان ناسيونال الذي استلم السلطة منذ الاستقلال عام 1957.[33] عقدت مسيرة أخرى في 25 تشرين الثاني العاصمة الماليزية من قبل (هندراف). دعى منظم المظاهرة، جبهة عمل حقوق الهندوس، إلى الاحتجاج على السياسات التمييزية لصالح عرقية الملايو. قدرت الحشود ما بين 5,000 و 30,000.[34] في كلتا الحالتين قامت الحكومة والشرطة بالبطش بالمتظاهرين ومحاولة منع التجمعات. في 16 تشرين الأول 2008، حظرت الحكومة منظمة هندراف كما وصفت المنظمة "خطراً على الامن القومي". تتبع ماليزيا النظام البريطاني في القيادة (اليد اليمنى أو الجهة اليسرى من الطريق).
الحكومة والسياسة
تعتبر ماليزيا دولة ملكية انتخابية دستورية فيدرالية. الرئيس الفيدرالي للدولة في ماليزيا هو يانغ دى بيرتوان أغونغ، ويشار إليه غالباً بملك ماليزيا. يتم انتخاب يانغ دى بيرتوان اجونج لفترة ولاية مدتها خمس سنوات من بين السلاطين التسعة لولايات الملايو، الولايات الأربع الأخرى، التي تمتلك حكاماً اسميين، لا تشارك في الانتخاب.[36]
نظام الحكم في ماليزيا شبيه جداً بنظام وستمنستر البرلماني، وهو من مخلفات الاستعمار البريطاني. منذ الاستقلال في عام 1957، تحكم ماليزيا من قبل تحالف متعدد الأحزاب المعروفة باسم باريسان ناسيونال (عرف سابقاً باسم التحالف). تتمتع السلطة القضائية باستقلالية عن السلطات الشريعية والتنفيدية.[37] يستند النظام القانوني من القانون المشترك الإنكليزي.[38]
يتم تقسيم السلطة التشريعية بين المجالس التشريعية الاتحادية والمحلية. يتألف البرلمان من مجلسين هما مجلس النواب أو ديوان راكيات (معناه مجلس الشعب)، ومجلس الشيوخ أو ديوان نيغارا (معناه مجلس الأمة).[39][40] يتم انتخاب أعضاء مجلس النواب 222 من خلال الدوائر الانتخابية ذات الممثل الوحيد لمدة أقصاها خمس سنوات. فترة ولاية جميع أعضاء مجلس الشيوخ 70 ثلاث سنوات، يتم انتخاب 26 منهم عن مجالس الولايات 13، بينما يمثل اثنان منطقة كوالالمبور الاتحادية، وواحد عن كل من لابوان وبوتراجايا، بينما يعين الملك 40 المتبقين. إضافة إلى مجلس النواب على المستوى الاتحادي، لكل ولاية مجلس تشريعي خاص بها (ديوان أوندانغان نيغيري) ويتم انتخاب أعضائه وفقاً للدائرة الانتخابية وحيد التمثيل. تجري الانتخابات البرلمانية على الأقل مرة واحدة كل خمس سنوات، حيث كانت آخرها في آذار/مارس 2008. الناخبون المسجلون في سن 21 وما فوق يحق لهم التصويت لانتخاب أعضاء مجلس النواب، وفي معظم الولايات، المجلس التشريعي الخاص بالولاية أيضاً. التصويت ليس إجبارياً.[41]
تناط السلطة التنفيذية إلى مجلس الوزراء برئاسة رئيس الوزراء، ينص الدستور الماليزي على ضرورة أن يكون رئيس الوزراء عضواً في مجلس النواب، والذي وفقاً لرأي يانغ دى بيرتوان أجونغ، يجب أن يتمتع بأغلبية في البرلمان.[42] يتم اختيار مجلس الوزراء من بين أعضاء مجلسي البرلمان وهم مسؤولون أمامهما.[43]
يقود حكومات الولايات من رئيس وزراء (مينتيري بيسار في ولايات الملايو أو كيتوا مينتيري في الولايات دون الحكم الوراثي)، وهو عضو في برلمان الولاية من حزب الأغلبية في ديوان أونداغان نيغيري. يجب أن يكون رئيس وزراء الولاية الملايو مسلماً، على الرغم من أن هذه القاعدة تخضع لاجتهادات الحكام.