الليبرالية؛نشاة وتطور المفهوم
مرسل: الثلاثاء مايو 10, 2011 1:17 am
الكاتب : شهاب احمد الفضلي
الحوار المتمدن - العدد: 1347 - 2005 / 10 / 14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع
يعتبر عصر النهضة أو ما يسمى أيضاً عصر الانوار عصراً جديداً في تاريخ الانسانية ونقلة هامة في تاريخ الحضارة كونه وحسب وصف انجلز “اهم أنقلاب متدرج عرفه العالم حتى ذلك الحين” فالانقلاب شمل كل شيء ، العلم، العمل، الاقتصاد، السياسة وكذلك الفلسفة وإذا ما أردنا تحديداً عصر بداية الفلسفة البرجوازية، الذي أسس لظهور ديكارت وسيبنوزا ولاينبنز فيما بعد مما أتاح أزدهار العلم وتفتح الاذهان وتصادمها وجهاً لوجه ممهداً الطريق لظهور الفعل فالليبرالية تعني “التحررية” كان بروزها في أوربا منذ القرن السابع عشر مقترناً بالثورة الصناعية وصعود الطبقة البرجوازية الوسطى وما تمثله الليبرالية مقترناً بالطبقات الصناعية والتجارية الصاعدة ضد القوى التقليدية آنذاك والتي تجمع بين الملكية الاستبدادية التي تحكم وفق نظرية الحق الالهي بمباركة الكنيسة وطبقة الاقطاعيين، وأزاء التطور الحاصل في البنى الاجتماعية الممهدة لنهاية طبقة الاقطاع والتغيير الحاصل في علاقات الانتاج أصبح من الواضح والجلي أن البرجوازية حتى تتمكن من أقصاء تلك القوى المسيطرة عليها أن تطرح برنامجها في أنضواء الجماهير المتطلعة للتخلص من تلك العباءات الضاغطة على حركتها، فكان أن طرحت مفهومها السياسي الهادف الى اقامة حكومة برلمانية مهدت لظهور الديمقراطية والانتخابات فيما بعد، كذلك حرية الصحافة والكلمة وحرية العبادة والغاء الامتيازات الطبقية.
أما في الجانب الاقتصادي وهو المهم فكانت حرية التجارة الخارجية وعدم تدخل الدولة في شؤون الاقتصاد إلا في أضيق الحدود حفاظاً على أزدهار النشاط الاقتصادي وأن الدولة في تدخلها عليها أن تؤمن الحد الأدنى لحياة جميع المواطنين مما أشر لظهور الاتجاه الاشتراكي الديمقراطي فيما بعد.
أن الفلسفة الليبرالية أساساً تقوم على الاديان بالتقدم واستقلال الفرد الذاتي في جميع جوانبه وخصوصاً منها الجانب السياسي والمدني. وعلينا ان لا نتصور الليبرالية بدون الديمقراطية أو الديمقراطية بدون الليبرالية أن عصر النهضة أو ما يسمى بـ “الحركة الانسانية” برز كلمة أنسانية وذلك عام 1512 بعد ان بلغت تلك الحركة أوجها في أيطاليا “فليس من العجب أذن ان نرى عدداً من رجال الدين والصوفيين وعلماء العصر الوسيط يستغلون كلمة تجديد واللفظ نفسه موجود ايضاً في الفكر والافلاطون ويلعب فيه دوراً هاماً بحيث لم يكن التأكيد عليه من قبل الانسانيين ثورة في فلسفة المعتاوة”( ص176 الحركة الانسانية والنهضة) فالقرن الرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر شهد ثورة في الفن زاد أزائهتا الاحساس بأهمية الجمال وأهمية المؤلفات القديمة الاساسية مما ولد قناعة لدى الناس بأن العصر الذي يعيشون فيه هو عصر شديد الاختلاف عن الذي سبقه فهم بذلك “يعيدون اكتشاف الطبيعي لأول مرة تماماً في المكان الذي ينبغي دوماً البحث عنه فيه” (ص180 الحركة الانسانية والنهضة). وقد نجح مفكرو تلك الحقبة من تحديد بعض سمات النهضة الاساسية والمبدئية في ظهور النزعة الفردية والتأثر بالثقافة الكلاسيكية والأراء الدينية الحرة بعد أن حطم العلم كثيراً من الاملاءات آت الدينية وخصوصاً ما جاء به كوبر نيكوس وكيلر وغاليلو غاليلي وبرونو مما دفع بالكثيرين الى اللامبالاة بالأراء الدينية مانحاً فرصة جديدة لتأسيس وظهور أخلاق جديدة تحمل معها طابع التسامح والحرية. “يرى الانسانيون أن أنسجاماً قد يصل حد التطابق يوجد أو يمكن وجوده بين الأراء القديمة جداً والمفاهيم الحديثة، ويمكن القول أن الحركة الانسانية لا تقر بسلطة غير سلطتها شرط أن لا ننسى أن الانسانيين يستقون من جميع أنواع الينابيع التي قد تكون أحياناً عكرة ولكنها كثيرة الصفاء في نظرهم” (ص185 الحركة الانسانية والنهضة). وقد عمل الانسانيون على مركزة الانسان أي جعله مركزاً وهذا بحد ذاته يعد تحولاً جديداً يوصف بالثورة مما جعلهم لا يولون الخطيئة الاصلية من الاهمية الأ أقلة، كما علينا أن لا ننسى مارافق تلك الحقبة من حرق وقطع للرؤوس المتنورة - إلا أنها انتهت أخيراً بفرض نفسها، والفضل في ذلك يعود الى ما نادت به من مفاهيم أنسانية وبفضل الكثير من دعاتها مثل إراسس ومونتين ويمكن أجمال ذلك ان الحركة الانسانية في عصر النهضة رأت في الانسان إلهاً أرضياً خالقاً ومخلوقاً لأله في السماء يقوم بعمله على طريقته الخاصة وفي كل مرة تدفعه للبدء من جديد.
أسست الحركة الانسانية - النهضة- البلاد الجديدة بما قدمته في ميادين الفكر، الروح، المعرفة والعلوم..الخ وكذلك الفلسفة والفكر السياسي وما أحتوته من أفكار جديدة مركزة الاهتمام على الانسان محوراً، عكس الموقف السابق الذي كان فيه تابعاً للمتعالي الخالق. ومن بنائي هذا العصر ليوناردو دافنشي عملاق النهضة وكوبر نيكوى وغاليلو، وكبلر وفي نيوتن يتوج العلم بالدخول الى عصر التقنية التي تنتصر على السحر والأسطورة فاتحة الباب على مصراعيه لظهور العقل سيداً والذي سلاحه المفاهيم والمقولات.
يعتبرمونتسكيو (1689-1755) منظر مبدأ فصل السلطات ونصير الليبرالية الأرستقراطية أجمل ذلك في كتابه الكبير والهام “روح القوانين” .
أما الثاني في تلك المرحلة هو جان جاك روسو (1712- 1742) في مؤلفه (العقد الاجتماعي) الذي أسس فيه كيان الدولة في الحقوق والواجبات المترتبة على المحكومين والحاكمين والصلاحية التي يمنحها المجتمع لكل منهم، وفيه أرسى روسو مفاهيم حقوق الانسان في العصر الحاضر. والعقد في نظر روسو مبني على الارادة والعاقلة التي يمكن للأخر عقد اتفاق وبحرية يلزم الطرفين. والقانون هنا تعبير عن الارادة العامة والقانون يعني العدل. والعدل يعني العقل وهو خاصية كل أنسان مستنير.
أما في الجانب الاقتصادي فكان آدم سميث (1723-1790) في مؤلفه الشهير “محاولة حول طبيعة وأسباب ثروة الأمم” يؤمن آدم سميث بالتقدم الاقتصادي الثابت وأن الثروة الحقيقية هي العمل القومي ويؤكد على المنافسة كونها تؤدي الى تصاعدية في الانتاج والثروة. وليبرالية آدم سميث الاقتصادية تسند للدولة وظيفة تسهيل الانتاج، وأشاعة النظام، واحترام العدالة وحماية الملكية. لذا فأن مؤلف آدم سميث لا يهم الاقتصاد فقط بل وكذلك التاريخ السياسي وهو بذلك يستند الى مبدأ المنفعة التي ركز عليها لوك ومن بعده هيوم والتي اصبحت أكثر وضوحاً على يد آدم سميث وبنتهام. وهي عقيدة حقبة، وبلد وطبقة. وتنطلق من نوع التيوترنية الاخلاقية والرغبة في تفسير مجموعة من الظاهرات الاجتماعية بواسطة مبدأ فرد “واحدي” والمنفعة غريبة عن أي شكل من أشكال الرومانسية أنها فلسفة تجارية، انها ميكانيك ومحاسبة.
الخلاصة:
يمكن القول أن المذهب الانساني للقرون الرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر حمل معه السمات العقلية للطبقة الجديدة التي هي قيد التكوين أو البرجوازية ففي أطار المذهب الإنساني ظهر التصور العلماني للعالم الذي يتباه الفكر البرجوازي معارضاً به سلطة الكنيسة القوية في زمن الاقطاع مبشراً بمبدأ تفتح الشخصية الانسانية وقد أعطت الثورة الانجليزية في القرن السابع عشر بما شهدته من صراع بين المصالح الاجتماعية والبرامج السياسية دفعة قوية للبرجوازية في تطورها اللاحق. وساهم المفكرون الانجليز بشكل لا يستهان به في تكوين الأفكار السياسية البرجوازية وأكتمل التصور فيما بعد قبل الثورة الفرنسية إذ بلغ الفكر البرجوازي آنذاك ذروته.
في تلك المرحلة أيضاً تطور الوعي الطبقي على نحو متفاوت بعد أن أضحى التطور القوى الانتاج وعلاقات الانتاج مستحيلاً في أطار البنية الاجتماعية القديمة. وهذا يؤشر أن مرحلة جديدة وصراعاً جديداً قد بدأ هو ما نسميه بالمرحلة الثورية والنضال الطبقي وظهور الافكار الاشتراكية.
الحوار المتمدن - العدد: 1347 - 2005 / 10 / 14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع
يعتبر عصر النهضة أو ما يسمى أيضاً عصر الانوار عصراً جديداً في تاريخ الانسانية ونقلة هامة في تاريخ الحضارة كونه وحسب وصف انجلز “اهم أنقلاب متدرج عرفه العالم حتى ذلك الحين” فالانقلاب شمل كل شيء ، العلم، العمل، الاقتصاد، السياسة وكذلك الفلسفة وإذا ما أردنا تحديداً عصر بداية الفلسفة البرجوازية، الذي أسس لظهور ديكارت وسيبنوزا ولاينبنز فيما بعد مما أتاح أزدهار العلم وتفتح الاذهان وتصادمها وجهاً لوجه ممهداً الطريق لظهور الفعل فالليبرالية تعني “التحررية” كان بروزها في أوربا منذ القرن السابع عشر مقترناً بالثورة الصناعية وصعود الطبقة البرجوازية الوسطى وما تمثله الليبرالية مقترناً بالطبقات الصناعية والتجارية الصاعدة ضد القوى التقليدية آنذاك والتي تجمع بين الملكية الاستبدادية التي تحكم وفق نظرية الحق الالهي بمباركة الكنيسة وطبقة الاقطاعيين، وأزاء التطور الحاصل في البنى الاجتماعية الممهدة لنهاية طبقة الاقطاع والتغيير الحاصل في علاقات الانتاج أصبح من الواضح والجلي أن البرجوازية حتى تتمكن من أقصاء تلك القوى المسيطرة عليها أن تطرح برنامجها في أنضواء الجماهير المتطلعة للتخلص من تلك العباءات الضاغطة على حركتها، فكان أن طرحت مفهومها السياسي الهادف الى اقامة حكومة برلمانية مهدت لظهور الديمقراطية والانتخابات فيما بعد، كذلك حرية الصحافة والكلمة وحرية العبادة والغاء الامتيازات الطبقية.
أما في الجانب الاقتصادي وهو المهم فكانت حرية التجارة الخارجية وعدم تدخل الدولة في شؤون الاقتصاد إلا في أضيق الحدود حفاظاً على أزدهار النشاط الاقتصادي وأن الدولة في تدخلها عليها أن تؤمن الحد الأدنى لحياة جميع المواطنين مما أشر لظهور الاتجاه الاشتراكي الديمقراطي فيما بعد.
أن الفلسفة الليبرالية أساساً تقوم على الاديان بالتقدم واستقلال الفرد الذاتي في جميع جوانبه وخصوصاً منها الجانب السياسي والمدني. وعلينا ان لا نتصور الليبرالية بدون الديمقراطية أو الديمقراطية بدون الليبرالية أن عصر النهضة أو ما يسمى بـ “الحركة الانسانية” برز كلمة أنسانية وذلك عام 1512 بعد ان بلغت تلك الحركة أوجها في أيطاليا “فليس من العجب أذن ان نرى عدداً من رجال الدين والصوفيين وعلماء العصر الوسيط يستغلون كلمة تجديد واللفظ نفسه موجود ايضاً في الفكر والافلاطون ويلعب فيه دوراً هاماً بحيث لم يكن التأكيد عليه من قبل الانسانيين ثورة في فلسفة المعتاوة”( ص176 الحركة الانسانية والنهضة) فالقرن الرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر شهد ثورة في الفن زاد أزائهتا الاحساس بأهمية الجمال وأهمية المؤلفات القديمة الاساسية مما ولد قناعة لدى الناس بأن العصر الذي يعيشون فيه هو عصر شديد الاختلاف عن الذي سبقه فهم بذلك “يعيدون اكتشاف الطبيعي لأول مرة تماماً في المكان الذي ينبغي دوماً البحث عنه فيه” (ص180 الحركة الانسانية والنهضة). وقد نجح مفكرو تلك الحقبة من تحديد بعض سمات النهضة الاساسية والمبدئية في ظهور النزعة الفردية والتأثر بالثقافة الكلاسيكية والأراء الدينية الحرة بعد أن حطم العلم كثيراً من الاملاءات آت الدينية وخصوصاً ما جاء به كوبر نيكوس وكيلر وغاليلو غاليلي وبرونو مما دفع بالكثيرين الى اللامبالاة بالأراء الدينية مانحاً فرصة جديدة لتأسيس وظهور أخلاق جديدة تحمل معها طابع التسامح والحرية. “يرى الانسانيون أن أنسجاماً قد يصل حد التطابق يوجد أو يمكن وجوده بين الأراء القديمة جداً والمفاهيم الحديثة، ويمكن القول أن الحركة الانسانية لا تقر بسلطة غير سلطتها شرط أن لا ننسى أن الانسانيين يستقون من جميع أنواع الينابيع التي قد تكون أحياناً عكرة ولكنها كثيرة الصفاء في نظرهم” (ص185 الحركة الانسانية والنهضة). وقد عمل الانسانيون على مركزة الانسان أي جعله مركزاً وهذا بحد ذاته يعد تحولاً جديداً يوصف بالثورة مما جعلهم لا يولون الخطيئة الاصلية من الاهمية الأ أقلة، كما علينا أن لا ننسى مارافق تلك الحقبة من حرق وقطع للرؤوس المتنورة - إلا أنها انتهت أخيراً بفرض نفسها، والفضل في ذلك يعود الى ما نادت به من مفاهيم أنسانية وبفضل الكثير من دعاتها مثل إراسس ومونتين ويمكن أجمال ذلك ان الحركة الانسانية في عصر النهضة رأت في الانسان إلهاً أرضياً خالقاً ومخلوقاً لأله في السماء يقوم بعمله على طريقته الخاصة وفي كل مرة تدفعه للبدء من جديد.
أسست الحركة الانسانية - النهضة- البلاد الجديدة بما قدمته في ميادين الفكر، الروح، المعرفة والعلوم..الخ وكذلك الفلسفة والفكر السياسي وما أحتوته من أفكار جديدة مركزة الاهتمام على الانسان محوراً، عكس الموقف السابق الذي كان فيه تابعاً للمتعالي الخالق. ومن بنائي هذا العصر ليوناردو دافنشي عملاق النهضة وكوبر نيكوى وغاليلو، وكبلر وفي نيوتن يتوج العلم بالدخول الى عصر التقنية التي تنتصر على السحر والأسطورة فاتحة الباب على مصراعيه لظهور العقل سيداً والذي سلاحه المفاهيم والمقولات.
يعتبرمونتسكيو (1689-1755) منظر مبدأ فصل السلطات ونصير الليبرالية الأرستقراطية أجمل ذلك في كتابه الكبير والهام “روح القوانين” .
أما الثاني في تلك المرحلة هو جان جاك روسو (1712- 1742) في مؤلفه (العقد الاجتماعي) الذي أسس فيه كيان الدولة في الحقوق والواجبات المترتبة على المحكومين والحاكمين والصلاحية التي يمنحها المجتمع لكل منهم، وفيه أرسى روسو مفاهيم حقوق الانسان في العصر الحاضر. والعقد في نظر روسو مبني على الارادة والعاقلة التي يمكن للأخر عقد اتفاق وبحرية يلزم الطرفين. والقانون هنا تعبير عن الارادة العامة والقانون يعني العدل. والعدل يعني العقل وهو خاصية كل أنسان مستنير.
أما في الجانب الاقتصادي فكان آدم سميث (1723-1790) في مؤلفه الشهير “محاولة حول طبيعة وأسباب ثروة الأمم” يؤمن آدم سميث بالتقدم الاقتصادي الثابت وأن الثروة الحقيقية هي العمل القومي ويؤكد على المنافسة كونها تؤدي الى تصاعدية في الانتاج والثروة. وليبرالية آدم سميث الاقتصادية تسند للدولة وظيفة تسهيل الانتاج، وأشاعة النظام، واحترام العدالة وحماية الملكية. لذا فأن مؤلف آدم سميث لا يهم الاقتصاد فقط بل وكذلك التاريخ السياسي وهو بذلك يستند الى مبدأ المنفعة التي ركز عليها لوك ومن بعده هيوم والتي اصبحت أكثر وضوحاً على يد آدم سميث وبنتهام. وهي عقيدة حقبة، وبلد وطبقة. وتنطلق من نوع التيوترنية الاخلاقية والرغبة في تفسير مجموعة من الظاهرات الاجتماعية بواسطة مبدأ فرد “واحدي” والمنفعة غريبة عن أي شكل من أشكال الرومانسية أنها فلسفة تجارية، انها ميكانيك ومحاسبة.
الخلاصة:
يمكن القول أن المذهب الانساني للقرون الرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر حمل معه السمات العقلية للطبقة الجديدة التي هي قيد التكوين أو البرجوازية ففي أطار المذهب الإنساني ظهر التصور العلماني للعالم الذي يتباه الفكر البرجوازي معارضاً به سلطة الكنيسة القوية في زمن الاقطاع مبشراً بمبدأ تفتح الشخصية الانسانية وقد أعطت الثورة الانجليزية في القرن السابع عشر بما شهدته من صراع بين المصالح الاجتماعية والبرامج السياسية دفعة قوية للبرجوازية في تطورها اللاحق. وساهم المفكرون الانجليز بشكل لا يستهان به في تكوين الأفكار السياسية البرجوازية وأكتمل التصور فيما بعد قبل الثورة الفرنسية إذ بلغ الفكر البرجوازي آنذاك ذروته.
في تلك المرحلة أيضاً تطور الوعي الطبقي على نحو متفاوت بعد أن أضحى التطور القوى الانتاج وعلاقات الانتاج مستحيلاً في أطار البنية الاجتماعية القديمة. وهذا يؤشر أن مرحلة جديدة وصراعاً جديداً قد بدأ هو ما نسميه بالمرحلة الثورية والنضال الطبقي وظهور الافكار الاشتراكية.