صفحة 1 من 1

نبذة عن تاريخ الدبلوماسية والقانون الدبلوماسي

مرسل: الأربعاء مايو 11, 2011 8:53 am
بواسطة فهد الحيدر1

أصل كلمة الدبلوماسية.
هي
كلمة يونانية اشتقت من كلمة دبلوم او دبلون ومعناها طبق أو طوى أو ثنى
فلقد كانت تختم جميع جوازات السفر ورخص المرور على طرق الامبراطورية
الرومانية، و قوائم المسافرين والبضائع على صفائح معدنية ذات وجهين مطبقين
ومخيطين سوياً بطريقة خاصة وكانت تذاكر المرورهذه تسمى (دبلومات ) واتسعت
كلمة دبلوما حتى شملت وثائق رسمية غير معدنية الألعاب الأولمبية و كان عقد الصلح والسلم بالنسبة للإغريق أقرب الاستخدامات والأسماء الى القلوب .
و قد تميزت أساليب الدبلوماسية وممارستها في عهد الاغريق بثلاث مراحل :
1-
مرحلة المنادين او حملة الاعلام البيضاء قد أسبغت على هؤلاء سلطات شبه
دينية و وضعوا تحت حماية الإله هرمس الذي يمثل السحر والحيلة والخداع
ويقوم بدور الوسيط بين العالم العلوي والعالم السفلي حيث كان الدبلوماسي
المنادي يستخدم كرسول لاعلان رغبة السيد أو الملك حول موضوع معين والتفاوض
بشأن بعض الأمور .
2-
مرحلة الخطباء: و هي مستوى أعلى من مستوى المنادي وكان يتم اختيار
المبعوثين من بين الخطباء والفلاسفة والحكماء وهي مرحلة الدبلوماسي
الخطيب.
3- مرحلة ازدهار حضارة الدولة المدنية وتقدم وسائل الاتصال حيث اعتمدت على أسس ثابتة في مجال السلم و الحرب( ومبدأ الحصانات).
أ‌-
في زمن السلم قامت العلاقات الدبلوماسية على التعاهد والتحكيم وايفاد
الممثلين الدبلوماسيين مثلاً نصت المعاهدة المبرمة بين طيبة واثينا على ان
تقوم مدينة لاميا بدور الحاكم بينهما في حال نشأ خلاف حول تفسير المعاهدة.

ب‌- في زمن الحرب : فقد خضعت العلاقات بين المدن الاغريقية لقواعد خاصة اهمها:
1-لا
تبدأ الحرب إلا بعد الاعلان والحرب لتسوية الخلافات الدولية و كان الاغريق
قبل الحرب يلجأون الى المفاوضات الدبلوماسية الفردية وعقد المؤتمرات التي
كان يطلق عليها الامفكتونية ويقول نيكلسون :" أن الاغريق قد اوجدوا نظاماً
خاصاً للعلاقات الدبلوماسية الدائمة وان أعضاء البعثات الدبلوماسية منحوا
حصانات معينة و كان لهم اعتبار عظيم وانهم اعترفوا بأن العلاقات بين الدول
لا يمكن توجيهها فقط عن طريق المكر، والشدة ( فثمة قانون ضمني معين كان
فوق المصالح الوطنية المباشرة أوالمنافع غير الدائمة.
2- تكون حرمة المعابد والملاعب مصونة وخاصة كانت بعض المعابد تستخدم لحفظ الوثائق ومحفوظات الدولة كمعبد مترون.
3-
لا يعتدى على الجرحى والأسرى: حيث حكموا على صورالوحشية التي ترتكب بحق
الجرحى والموتى في المعركة انها بمثابة امور تليق بالبرابرة .
العوامل
التي أدت الى تأخر استتباب الاستقرار في العلاقات الدبلوماسية بين الدول
المدنية الاغريقية خاصة في مجال التمثيل الدبلوماسي اهمها :
1- ان المدن اليونانية لم يعترف بعضها للبعض بالمساواة في السيادة.
2-
ان العلاقات الدبلوماسية بين هذه الدول المدنية كانت في الواقع علاقات
داخلية بين مدن ترتبط بروابط الدم واللغة و الدين والجوار أكثر مما كانت
علاقات دولية.
3-
لم تكن لتلك الدول المدنية القوة التي تمكنها من فرض نظمها على غيرها أو
ضم الدول اليها، ولم تبرز هذه القوة إلا إبان عصر الاسكندر المقدوني حيث
بلغ مبدأ القوة اليها، والاخضاع على مبدأ الاقناع والتفاوض أي ( الأسلوب
الدبلوماسي).
تميز الأسلوب والممارسة الدبلوماسية عند الاغريق بعدة خصائص هي :
1-
عدم وجود ممثلين دائمين ، فقد كانت مجالس الشعب اوجمعية المدنية هي التي
تقوم بتفويض السفراء المؤقتين بمهامهم وتسلمهم خطابات الاعتماد و تقوم
باستقبالهم .
2-
كانت الديمقراطية الاغريقية تضع مبعوثيها موضع الشك دائماً ولذلك كانت
السفارة تتكون غالباً من أكثرمن مبعوث واحد بحيث تمثل جميع الأحزاب ومختلف
وجهات النظرأي كانت البعثة بشكل عام(جماعية ).
3- كان السفراء يحملون تصريحات بالسفر والانتقال عبر البلدان كما كانت الدولة تكفل لهم نفقات الاقامة والسفر والمعاملات بسخاء.
4-
كان للسفراء حصانات وامتيازات لا يخضعون لسلطة القضاء المدني والجنائي
المحلي في البلد الموفد اليه وخاصة ان المبعوث كان يتمتع بحماية الآلهة و
كثيراً ما كانت الحرب تعلن بسبب انتهاك حرمة سفيرها اوالاعتداء عليه ،
*مثال أعلنت الحرب على تساليا لأن سفراء قد اعتقلوا أو سجنوا في تساليا .
5- كان يحرم على السفراء قبول الهدايا مدة القيام بمهامهم .
6-
إذا نجح السفير في مهمته وعاد الى وطنه و وافقت الجمعية الوطنية على ما
قام به منح حديقة من الزيتون و دعي الى وليمة تقام خصيصاً له دار البلدية
وكان موضع حفاوة و تبجيل، اما إذا اخفق فكان يتعرض لأقصى العقوبات
الجنائية و كان عليه ان يعيد النفقات التي اقتضتها مهمته .
7-
من أبرز ماعرفه اليونان في تاريخ العلاقات الدولية هو نظام القناصل و هكذا
يلاحظ ان الاغريق قد مارسوا الدبلوماسية وضرورة اتباع هذه القواعد التي
تنظم العمل الدبلوماسي.
الدبلوماسية في عهد الرومان :
1- ورث الرومان عن الاغريق بعضاً من التقاليد والقواعد الدبلوماسية .
2-
في عهد الرومان وصلت العلاقات الدبلوماسية الى مرحلة متقدمة من التطور
والانتظام من خلال المؤتمرات والاتحادات التعاضدية وقد سار تطور العلاقات
الدولية ضمن اطار ( خدمة الاهداف الخارجية لروما ) التي ارتكزت على مبدأ
السيطرة وخضوع الشعوب الأخرى و كيفية استيعابها وصهرها في البوتقة
الرومانية.
3-
لجأت روما الى رفض فكرة المفاوضة والدخول في معاهدات وتحالفات بين روما
وغيرها من المدن ، والشعوب المغلوبة على أمرها، و هذه المعاهدات أبقت لتلك
المدن والشعوب نوعاً من الحكم الذاتي.
و كان أفضل( ! ) ما ابتدعته الرومان مبدأ ( سحق خصمهم العنيد والصفح عمن يخضع لهم ).
آثار العقلية الرومانية القانونية وغلبتها على الأسلوب الدبلوماسي في النقاط واهمها :
1- عرف الرومان المعاهدات وصياغتها وأشكالها حيث أقروا مبدأ احترام العهود وقدسية المواثيق كأساس لاستقرار العلاقات الدولية.
2-
في العصرالاول لسيادة روما برزت العقلية القانونية من خلال تلاشي العادات
الدينية وتلاشي القانون المقدس ومسألة القسم في تنفيذ المعاهدة امام قانون
الشعوب وأصبح يحكم علاقات روما بغير مواطنيها من الشعوب الصديقة والاجانب
المتحالفين معها.
3-
مع تطورالامبراطورية الرومانية نشأ قانون الأجانب الذي يطبق على سكان
الأقاليم المفتوحة حديثاً من غير الارقاء الذين لم يكتسبوا بعد حق
المواطنية الرومانية .
ويقول نيكولسون :" إن نظام الرومان الدبلوماسي لم يكن يتسق مع الاعتراف بمبدأ المساواة القانونية ذات السيادة .
و هكذا نلاحظ بأن الرومان كانوا يفضلون استعمال القوة على استعمال الأساليب الدبلوماسية ( اي انها كانت علاقة استعمارية).
تميزت الممارسة والأسلوب الدبلوماسي الروماني و هذه الخصائص تركزت في الأمور التالية :
1-
كان اهتمام الرومان يتركزعلى الشكل قبل المضمون في اجراءات عقد و تسجيل
المعاهدات فمثلاً انصرف اهتمام الرومان الى النظر بصحة اعلان الحرب
بالشروط المرسومة قبل بدئها و كذلك بما يتعلق بعقد الصلح طبقاً لمراسم
معينة.
2- كان مجلس الشيوخ الروماني هو الذي يديرالخارجية ثم أصبح للاباطرة من تدبيرهذه السياسة و لكن بعد استشارة هذا المجلس.
3- كان مجلس الشيوخ يقوم بقبول سفراء الدول الأجنبية والاستماع الى مطالبهم و قبولها أو رفضها.
4-
في عصر الرومان أصبح تكوين البعثة الدبلوماسية بمثابة لجنة تمثل مجلس
الشيوخ يتراوح عددها بين شخصين او عشرة أشخاص وان السفراء عادة من درجة
الشيوخ او من الفرسان البارزين أو البعثات الدبلوماسية الهامة، فكانت
تتكون من عدد من القناصل اوالفرسان يرأسهم أحد أعضاء ديوان الخارجية .
5- عند عودة السفراء من مهمتهم يقدمون إلى مجلس الشيوخ تقريراً مفصلاً يصوت عليه المجلس بالموافقة او الرفض.
6- كانت تجري مراسم واجراءات متعددة لاستقبال السفراء.
7- عندما يقترف السفراء الأجانب عملاً مخالفاً للقانون يبعث بهم الى دولتهم لتقوم سلطاتهم بمحاكمتهم و معاقبتهم.
8- كان الممثلون الدبلوماسيون لدى روما يتمتعون بالحصانة الشخصية حتى وقت الحرب.
بعد انهيار الامبراطورية الرومانية في القرن الخامس الميلادي أصبحت منقسمة الى قسمين :
1-
الدولة الرومانية العربية وعاصمتها (ميلانو) والتي سقطت على أيدي القبائل
الجرمانية أفقدها هيبتها القديمة ولم تعد سوى مقر للبابوية حتى قيام دولة
الفرنجة في بلاد الغال( فرنسا) و ظهور شارلمان سنة 800 م الذي اعاد لروما
مجدها الروحي القديم.
2-
الدول الرومانية الشرقية: التي تأسست في بيزنطة وأدت لقيام روما جديدة (
هي القسطنطينية ) واستمرت هذه الدولة كقوة جبارة حتى عصر شارلمان و ظهور
الإسلام، والدولة الإسلامية.
الدبلوماسية في عهد البيزنطيين:
1- كانت الدبلوماسية البيزنطية أكثر مهارة في استخدام الدبلوماسية وممارستها.
2- اتبع البيزنطيون أسلوب من التفاوض في استخدام الدبلوماسية في علاقاتهم مع الأمم الأخرى بدهاء تام.
3- بعد ان وجدوا أباطرة بيزنطة ان فض الخلافات بحد السيف وحده لا يكفي .
ابتكروا ثلاثة أساليب رئيسية هي :
1-
سياسة اضعاف للشعوب والقبائل البرابرة من خلال نشر التفرقة وإثارة التنافس
بينهم و ايقاع الخصومات و ذلك بهدف تقوية وحدتهم الداخلية.
2- شراء صداقة الشعوب والقبائل المجاورة بطريق الرشوة والهدايا ، أي التملق والمساعدات المالية.
3-
ادخال أكبر عدد ممكن في الديانة المسيحية كما حصل مع العرب في جنوب
الجزيرة أيام دولة الحميريين اليهودية، حيث قامت قامت أول سفارة مسيحية في
العصر الحميري في عدن سنة 365 م و قد تم كل ذلك كان بمساعدة أبرهة نائب
ملك الحبشة.
-
لقد استخدم البيزنطيون عنصر التحري، و جميع المعلومات المتعلقة بأسرار
الدولة التي يبعث اليها البيزنطيون بمبعوث حيث يجب عليه ان يتعرف على
مواطن الضعف فيها واطماع حاكميها و كيفية استغلال كل ذلك لصالح دولته
البيزنطية عن طريق المراقبة وجمع المعلومات.
تميزت الممارسة والأسلوب الدبلوماسي عند البيزنطيين بخصائص وسمات أهمها:
1- اعتمد البيزنطيون على فن المفاوضة وممارسة الدبلوماسية بأشكال وصيغ معينة.
و اعتمدوا أسلوب الدبولماسي المراقب بدل الدبلوماسي الخطيب وهذا الأسلوب يستند الى شخصية الدبلوماسي المحترف ذي الخبرة و الدراية .
و
يقول نيكلسون ان البيزنطيين في تقاليدهم الدبلوماسية سبقوا غرب أوروبا
بخمسة قرون على أساس المساواة في السيادة و قواعد حسن الجوار، وتبين أشكال
العلاقات الدبلوماسية لتصبح وسيلة تحقيق التضامن بين الأسر الأوروبية.
2-
أنشأ البيزنطيون في القسطنطينية ديواناً خاصاً للشؤون الخارجية قام بتدريب
المفاوضين المحترفين الذين يقومون بأعمال السفارة لدى الدول الأجنبية
وأنشأ الى جانب ذلك ديوان الأجانب او حسب تعبيرهم ( ديوان البرابرة) وهو
يختص بمصالح المبعوثين الأجانب وشؤونهم و كان من تعليمات ديوان الشؤون
الخارجية لسفراء بيزنطة ان يراعوا قواعد الذوق و اللياقة في بعثاتهم ،
ومعاملاتهم مع الاجانب والمجاملة في أحاديثهم و ان لا ينتقدوا البلد
الموفدين اليه في شيء بل عليهم امتداحه قدر المستطاع.
3-
أهداف السفارات البيزنطية هو ان تقوم باعداد تقارير عن الاوضاع الداخلية
في البلاد الموفد اليها فكانوا يسكنون في مبان خاصة و يكرمونهم ويراقبونهم
ويحيطيونهم بحرس الشرف.
4-
الاهتمام الزائد بالمراسم و إجراءات الضيافة وحسن الضيافة والاستقبال كما
في روما ومن هذه المراسم احتفاظ البيزنطيين لسفراء العرب بمكان الصدارة
بين جميع الدبلوماسيين الموفدين اليها ، وهو احترام بيزنطة الكبير لسفارات
بغداد والقاهرة وقرطبة و تفضل سفراء العرب المشرف قبل عرب المغرب، حتى
اعتبر ان العرب المشرق و خاصة بغداد الأفضلية على سفراء قرطبة .