صفحة 1 من 1

ما اشبه اليوم بالبارحه

مرسل: الثلاثاء مايو 17, 2011 7:26 am
بواسطة احمد العثمان 15
ما أشبه اليوم بالبارحة، أو ربما وعلى النقيض تماما، لا شيء اليوم يشبه البارحة. قبل 29 سنة كانت حماه واليوم في 2011 درعا. يبدو أن قدر المدينتين السوريتين الريفيتين أن تسيل فيهما دماء كثيرة وتخرج منهما أصوات رافضة لكل ما يمثله النظام السوري من عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد وحتى عهد خلفه وابنه بشار الأسد، هنا ينتهي التشابه. منذ ثلاثة عقود انفردت "المجلة" بنشر صور لعناصر مسلحة لجماعة "الاخوان المسلمين" تستعد لـ"غزو" سوريا وافتكاك الحكم باسم "الثورة الاسلامية"، فكانت حماه. أما اليوم فلا شيء يمكن أن يوقف جماعة "الفيس بوك"، فكانت درعا.

تعرف سوريا في 2011 احتجاجات واسعة عمت جل المدن للمطالبة بالديمقراطية وبمزيد من الحريات ومحاربة الفساد والفقر والبطالة. هذه الاحتجاجات الشعبية انطلقت من مدينة درعا ذات الغالبية السنية التي عرفت أعنف المصادمات مع قوات الأمن السورية وراح من أبنائها المئات بين قتيل وجريح.

وعلى الرغم مما قيل عن وجود "جماعات متطرفة" مسلحة في درعا وعدد من المدن، بخاصة الجنوبية ذات الغالبية السنية، فإن الاحتجاجات أخذت طابعا سلميا ولم يثبت بعد، بحسب مصادر اعلامية وسياسية، وجود "مؤامرة" من خارج الحدود أو عناصر مسلحة تستعد لقلب نظام الحكم.

انتفاضتا تونس ومصر كانتا الملهم لـ"انتفاضة" سوريا، فكانت سلمية وإن دامية، وهنا المفارقة، وحتى اذا سلمنا بوجود "ارهابيين مسلحين" فيبدو أن لا تأثير ميدانيا لهم ولا يوجد بالتالي مبرر للنظام السوري أن يقوم بما قام به قبل 29 سنة.

النظام السوري تعلم الدرس، أو ربما لم يجد المبرر، وكذلك "الاخوان". مخطط "الثورة الاسلامية" الذي لم ير النور، راح ضحيته ما بين 20 و 30 ألف شخص، بحسب بعض الروايات، في ما بات يعرف بـ"مجزرة حماه" بعد قيام النظام السوري بتطويق المدينة وقصفها بالمدفعية ومن ثم اجتياحها عسكرياً.

في حينها، فرضت السلطات السورية تعتيماً على الأخبار لتفادي الاحتجاجات الشعبية والإدانة الخارجية، لكن استطاع صحفي فرنسي يدعى ميشال فولكر نشر صور للمدينة وقد تم تدميرها وتحويلها الى مدينة أشباح.

"المجلة" كانت السباقة الى نشر تلك الصور وانفردت أيضا بنشر صور "الاخوان المسلمين" في مواقعهم قرب الحدود السورية. والصور المنشورة أعلاه كانت نشرت في فبراير 1982 وهي (من اليمين - أعلى) لمقاتلين ملثمين من جماعة الاخوان المسلمين وقد غيروا اسم سوريا على الخريطة الى "الاخوان المسلمون"، (من اليسار - أعلى) مقاتلون ملثمون ومعهم أسلحتهم في أحد المراكز السرية قرب الحدود السورية يخططون عبر خريطة وضعت أرضا كيفية التحرك الميداني عند بدء "الغزو".

(الصور في الأسفل ومن اليمن الى اليسار)، "الاخوان" يؤدون الصلاة، يتدربون على الرياضات القتالية، سيدات سوريات في مخيم الاخوان يستمعن الى الأخبار وبخاصة الى راديو "صوت سوريا" الذي كان يبث من دولة مجاورة، ومقاتل اخواني يحمل رشاشا وقد وضع شعار الجماعة على سلاحه.

وللافادة تعيد "المجلة" نشر التحقيق الخاص الذي نشرته قبل 29 سنة بمناسبة أحداث حماه:

ماذا يجري في سورية؟

المعلومات التي تلقتها الأوساط الدبلوماسية العربية والغربية وهي تتابع عن كثب تطورات الوضع في سورية خلال الأسبوعين الماضيين تفيد ان الاضطرابات في مدينة حماه لم تكن "عفوية" بل كانت جزءا من خطة معدة بهدف زعزعة الاستقرار في سورية ومحاولة اسقاط النظام الحالي.

الواقع أن عدة عواصم غربية وخصوصا واشنطن وباريس وبون تابعت أنباء أحداث حماه ساعة بساعة، وكانت تجري اتصالات في ما بينها للتشاور وتبادل المعلومات والتحليلات حول مدى خطورة هذه الاضطرابات التي انفجرت في حماه، وهي رابع أكبر مدن سورية، ويبلغ عدد سكانها نحو 300 ألف وتقع على مسافة 200 كيلومتر شمال دمشق. وقد ارتبط اسم حماه، مند عدة سنوات، بتحركات ونشاطات جماعة "الاخوان المسلمين" واعتبرت مركزا رئيسيا لهذه الجماعة.

السؤال البارز الذي توقف عنه الكثيرون من المراقبين المطاعين هو: لماذا حرصت الولايات المتحدة على اذاعة انباء اضطرابات حماه، رسميا، عن طريق الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية دين فيشر وذلك يوم الاربعاء العاشر من شباط (فبراير) الجاري؟ ولماذا واصلت اذاعة هذه الأنباء بل وعمدت الى "تضخيمها" على حد قول المصادر السورية الرسمية؟

ما يلفت الانتباه أن مثل هذا التصرف يحدث للمرة الأولى من جانب الولايات المتحدة، إذ أن واشنطن في السابق تلتزم الصمت حيال أية مشاكل أو اضطرابات في سورية، وأي اشتباكات بين السلطات السورية وبعض المعارضين. لكن هذه المرة حرصت واشنطن على تسليط الأضواء بقوة على هذه الأنباء، وكان بيان الناطق باسم الخارجية الأميركية في العاشر من الشهر الجاري هو المنطلق، إذ بدأت بعد ذلك وكالات الأنباء والإذاعات والصحف وشبكات التلفزيون العالمية تتحدث بالتفصل عن أحداث سورية، كما بدأت "قيادة الثورة الإسلامية في سورية" وهي الهيئة الرئيسية التي تدير جماعة الإخوان المسلمين – تصدر البيانات المفصلة عن هذه الأحداث.

أسباب الموقف الأميركي:

وهناك عدة تفسيرات لهذا الموقف الأميركي:

- المصادر السورية الرسمية تقول إن سبب الموقف الأميركي هو نجاح سورية في إصدار قرار في الجمعية العمومية للأمم المتحدة يدين بقوة ضم الجولان ويفتح الطريق أمام احتمال طرد إسرائيل من الأمم المتحدة. وقد قدمت الحكومة السورية احتجاجا شديد اللهجة إلى السفير الأميركي في دمشق روبرت باغانيللي واعتبرت البيانات الأميركية "تدخلا في شؤون سورية الداخلية". وأعلن وزير الإعلام السوري السيد أحمد اسكندر أحمد أن هذا التصرف الأميركي هو "محاولة واضحة للاستفزاز تستند إلى الأكاذيب".

- الملاحظ بوضوح أن إدارة ريغان تعمدت تسليط الأضواء على اضطرابات حماه تماما كما كانت تفعل تجاه الدول التي تعتبر أنها معادية للسياسة الأميركية. فعل تلقت واشنطن معلومات تفيد أن أحداث حماه قد تتسع وتمتد إلى مدن سورية أخرى وتهدد النظام الحالي؟ وهل بدأت واشنطن تعمل علنا على محاربة نظام الرئيس حافظ الأسد أو ممارسة ضغوط كبيرة عليه؟ الواقع أن العلاقات بين دمشق وواشنطن لم تكن جيدة منذ بدء عهد ريغان، لكن الحوار بين البلدين لم ينقطع، بل ان المسؤولين السوريين وعلى رأسهم الرئيس الأسد، استقبلوا عدة مبعوثين رفيعي المستوى ومنهم فيليب حبيب مبعوث ريغان الخاص والسناتور تشارلز بيرسي رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي. فهل قررت واشنطن الآن اتباع سياسة معادية بوضوح للنظام السوري؟

- التفسير الثالث يربط بين أحداث حماه والموقف الأميركي منها، وبين الوضع في لبنان. فلدى الأوساط الأوروبية المتتبعة تطورات الوضع اللبناني معلومات – منذ فترة طويلة – تفيد ان إدارة ريغان تعمل على إخراج القوات السورية من لبنان، وذلك قبل صيف 1982. فهل الهدف من الموقف الأميركي الأخير ممارسة ضغوط على سورية لسحب قواتها من لبنان؟

كيف بدأت الخطة؟

بالطبع يصعب الإجابة الآن عن كل هذه التساؤلات. لكن الأمر الواضح أن أحداث حماه احتلت مكانا بارزا في الصحف العربية والعالمية عموما، ونشر حولها فيض من المعلومات والتحليلات، وهي أحيانا كثيرة متضاربة ومتناقضة.

الأمر الذي يتفق عليه معظم المراقبين المطلعين هو أن هذه الأحداث هي "الأخطر" التي واجهها النظام السوري الحالي في الداخل حتى الآن. ولدى أوساط ديبلوماسية غربية مطلعة معلومات تفيد ان هذه الأحداث جزء من خطة مدروسة ومعدة منذ فترة بهدف زعزعة الاستقرار في سورية ومحاولة إسقاط النظام. ولذلك يتوقع بعض المراقبين ان تتخذ هذه الخطة أشكالا أخرى في المستقبل. والمعلومات التي تلقتها عدة أوساط ديبلوماسية تفيد ان عملية حماه الأخيرة بدأت في الثاني من شباط (فبراير) الجاري حيث سيطر عدد كبير من أبناء حماه على وسط المدينة واحتلوا المباني الحكومية. وسقط خلال هذه العملية عدد غير محدد من القتلى معظمهم من الموظفيين أو الرسميين. وبعد 48 ساعة صدرت نداءات بإعلان التمرد والعصيان في جميع أنحاء حماه، وجرت اتصالات مع مدن أخرى - منها خصوصا حمص وحلب – للتمرد والعصيان. ولمواجهة هذا الوضع أرسلت السلطات السورية قوات كبيرة إلى حماه – يقدرها البعض بين 10 و12 ألف جندي – ورافقتها دبابات ومقاتلات وطائرات هليكوبتر، وذلك بهدف اخماد التمرد. وتم تطويق حماه وعزلها عن سائر المدن السورية، وبدأت عملية مواجهة وتمشيط واسعة النطاق، شملت صدامات عنيفة ومطاردات من بيت إلى بيت ومعارك بالسلاح الأبيض. وأسفرت هذه الأحداث عن سقوط مئات القتلى والجرحى. وأصدر الإخوان المسلمون عدة بيانات حول هذه الاضطرابات وصفوا فيها ما حدث بأنه "ثورة" و"انتفاضة" قام بها المجاهدون. وقالوا ان عددا كبيرا من الضباط والعسكريين انضموا إلى المجاهدين أو غادروا البلاد، وان القتلى "بالآلاف"، وان عدة أحياء في المدينة قد دمرت.

أول تحقيق

يوم السبت 13 شباط (فبراير) الجاري أعلنت السلطات السورية انها رفعت الحصار عن حماه "بعدما تم تطهير المدينة من بعض الأوكار التابعة للإخوان المسلمين". وقالت انها صادرت كميات كبيرة من الأسلحة واعتقلت عشرات الأشخاص الذين ينتمون إلى "الإخوان المسلمين". وأعطت السلطات تفاصيل عن الأسلحة المصادرة وهي تضم أكثر من 500 بندقية أوتوماتيكية و40 صاروخا مضادا للدبابات وعددا كبيرا من مدافع المورتر وعدة مئات من المسدسات وكميات كبيرة من الذخيرة والقنابل اليدوية.

وذكرت المصادر السورية المطلعة ان اضطرابات حماه لم تتسع ولم تمتد إلى المدن السورية الأخرى، بل بقيت معزولة. لكن برغم ذلك، ظلت الأنباء تتحدث باستمرار عن الاشتباكات في حماه وعن إرسال تعزيزات جديدة إليها من القوات السورية. وحتى منتصف هذا الأسبوع كان الصحافيون ممنوعين من التوجه إلى حماه. وفي هذا النطاق وزعت وكالة "سيغما" الفرنسية ما وصفته بأنه "أول تحقيق مصور عن الإخوان المسلمين الذين يريدون غزو سورية." وقالت الوكالة ان الصور التقطت في موقع للإخوان "في مكان ما قرب الحدود السورية."

وذكرت الوكالة ان سعيد حوا هو مفكر هذه المجموعة من الإخوان المسلمين، وان هؤلاء يقولون انهم "سيقومون بغزو سورية قبل نهاية 1982" وانه ليس لديهم مشاكل للحصول على الأسلحة أو المال. ويضيفون انهم يستمعون إلى اذاعة "صوت سورية" التي تبث من بغداد. والمعروف عن سعيد حوا أنه أحد المسؤولين الثلاثة في "قيادة الثورة الإسلامية."