دور أحزاب اليسار تجاه العولمة الرأسمالية
مرسل: السبت مايو 21, 2011 4:32 pm
خلال القرن التاسع عشر قام العمال بعدّة محاولات للتنظيم في نقابات قومية سعيا للاحتماء من شراهة و جشاعة النظام الرأسمالي الذي لا يتهاون في رغبته " بالاحتفاظ " ليس فقط بالقيمة المضافة لريعه كباطرونا و إنّما أيضا بقسط من واجبات تسديد الضمان الاجتماعي و الاقتطاعات العمالية المتعلقة بهذا الأخير، طبعا عند توفرها.
غير أنّ الرأسمالي، عرفت دائما كيف تتصدر الاستراتيجيات المتخذة في تدبير الشؤون السياسية خلال فترات الرخاء و العوز، و نذكر مثلا انتقال الرأسمالية من اعتمادها المطلق عل الفلاحة و الصناعة التقليدية إلى اعتمادها على الآليات كعنصر مميز بعد الثورة الصناعية. فاعتمدت أولا على الفحم ثم على الطاقة الكهربائية و أخيرا على الطاقات الحفرية...الخ.
كانت الطبقة العاملة هي المتضررة الأولى خلال جميع هذه الفترات. فرغم قوة نقاباتها خلال فترة 1890 لم تكن تتوفر على وسائل إعلامية متطورة. الشيء الذي حال دون تواصلها و عمل على إضعافها رغم أن قوة ضغطها كانت جد مهمـة نظـرا لسيطرتها على قطاعـات الطاقة، الفـحم أن ذاك. و ابتداء من هنا، يمكننا أن نلـمس كيـفية و مدى قوّة الرأسمالية على التحول في المجالين السياسي و المقاولاتي.
ففي المجال السياسي اعتمدت الرأسمالية على قوة تأثيرها على السلطات القائمة: قمعية، دينية أو اقتصادية. فأصبحت القوانين تسن وفق المصالح المادية و الدين يذكرنا مرارا و تكرارا أن هذه هي مشيئة رب المكان و بالتالي ما من واجبنا أن نكتفي بما اقتضاه لنا ربنا في هذه الحياة. و على أنّنا إذا أحسنا في هذه الحياة " سنجازى عليه في الآخرة ".
جلبت الثورة الصناعية معها هجرة البوادي إلى المدن نظرا لتمركز المنشآت الصناعية في الأواسط الحضرية، ممّا أدّى إلى انتشار بنايات عمالية ضخمة تحولت مع مرور الوقت إلى قرى عشوائية غير مركزة و حيث لا توجب المرافق الصحية ولا التعليمية ناهيك عن الترفيه.
و ستفسح هذه الحقيقة الجديدة المجال أمام تحوّلات مهمّة في العلاقات العمالية و ستعرف هذه الفترة مشاركة سياسة متصاعدة للعمال. هذه الظاهرة الجديدة منحت للإتحاد العالمي للمأجورين قوة هائلة بعد أن وعوا بأهمية وحدتهم في أممية عمالية للدفاع عن مصالحهم و الوقوف على قدم المساواة في وجه سلطات المحافظين اليمينيين الرجعيين و الديكتاتوريين المحميين من طرف الجيش و الكنيسة و أرباب البنوك...
إلاّ أنّ الوحدة العمالية لم تدم طويلا، و الرأسمالية عرفت كيف تزرع الخلافات و الانقسام الإيديولوجي في صفوف الطبقة العاملة و في غالب الأحيان كانت هذه الصراعات ناتجة إمّا عن صراع مفتعل من قبل الباطرونا لحماية مصالحها و إمّا عن نزاعات شخصية محض و إما عن القومية، هذا الاختراع الجديد الذي أعطى نتائج سخية للسلطات القائمة.
و على هذا النحو نجد الليبرالية و التي تمنحنا تحرير جميع أشكال الحياة داخل المجتمع دون أي تحفظ : الرأسمال الحر، السوق الحرة. ربما تجعـلنا هذه الليـبرالية نعتقد أنّها نـوع من الرقي في العلاقات بين الأحـزاب العمــالية – الأممية الاشتراكية – و المحافظين اليمينيين و على أنّها السبب الأساسي في تقسيم الأحزاب و بالتالي الإضرار بالتجمعات العمالية و مصالحها.
في هذا السياق ظهرت أحزاب جديدة و بقيت الأممية الاشتراكية تتصارع بين النظريات العمالية و الليبرالية عند ظهور مفاهيم جديد حول كيفية التعامل مع النضالات الطبقية و عندما بدأت الاشتراكية الديمقراطية شق طريقها في أوربا. و بعد الحرب العالمية الثانية تم فرض هذه الظاهرة الأمريكية المتمثلة في خطة مارشال على معظم البلدان الأوربية، ما عدا دول أوربا الشرقية كروسيا و بولندا و رومانيا و بعض الدول الأخرى، ممّا أدّى إلى نشوب ما عرف آنذاك بالحرب الباردة و انعكاساتها السلبية على المنظمات السياسية اليسارية داخل الديمقراطية الأوربية.
و كما هو معهود عرفت الرأسمالية مرة أخرى كيف نستغل مكانتها المتميزة و ضعف أحزاب اليسار الغارقة في صراعات تافهة لتعيد طرح ما سبق و أن طرحته الأممية الأولى في القرن الماضي : " يا عمال العالم اتحدوا ". إنّ الرأسمالية التي كانت تتهمنا بعدم حبنا للوطن لوحدتنا مع إخواننا العمال الأجانب و التي اتهمتنا بالشيوعيين و المرتدين تدرك الآن أن وحدة الرأسمال و المقاولات و الشركات المتعددة الجنسيات، تؤدي إلى تركيز الرأسمال – غالبا في أيد أجنبية – و زيادة الأرباح. و على نحو قمّارين جياع اخترع الرأسماليون مفهوم العولمة و تسمية جديدة ليبرالية بدون حدود الرأسمال و المواد التجارية دون حقوق الأشخاص.
و ابتداء من هذه الفترة بدأت معركة جديدة ذات أهمية أكبر بالنسبة للطبقة العاملة و الأحزاب السياسية اليسارية الديمقراطية لهذا القرن.
شكلت أحداث سياتل بالولايات المتحدة منعطفا جديدا في النضال العالمي ضد الليبرالية المتوحشة حيث احتشدت مجموعات هائلة بالمدينة تلبية لدعوى المنضمات و الحركات البلدية و المناهضة للعولمة مطالبة بتوزيع عادل و تولي أهمية أكبر للجانب الاجتماعي و الإنساني و البيئي و ذلك بمناسبة عقد الدول الثمانية العظمى اجتماعها بالمدينة المذكورة.
ساعد النجاح الكبير الذي عرفته تعبئة الحركات المناهضة للعولمة ضد أهداف الليبرالية الجديدة عبر العالم على توالي الاجتماعات و القمم و المناهضة للعولمة بشكل مكثف في مدن كـ : بيس، براغ، بارشلونة، و جنوى الإيطالية حيث استشهد مناهض العولمة الشاب كارلو جولياتي.
وشكلت قمة مناهضة العولمة بارشلونة سنة 2000 منعطفًا جديدًا في تاريخ الحركة، حيث استطاعت إجهاض قمة الدّول الثمانية العظمى و صندوق النقد الدولي و البنك العالمي. فكانت أول مرّة في التاريخ حققنا فيها ليس فقط إلغــاء قمـمهم و اختـراق حصارهم الإعلامـي و إنما أيضاً تقديم مشروع بديل تمثّل في اقتراحات قطـاعية و اقتصادية حول المديونية الخارجية و التنمية المستدامة.
في بعض الأحزاب اليسارية و الأوساط الشبيبيّة بدأت تتجه الأنظار نحو هذه الحركة العالمية و دورها في ردع الهجوم المتنامي على ما سميناه لحدّ الآن كمجتمع الرفاه و الذي يعتبر من صنيع الأحزاب الاشتراكية الاجتماعية لدول شمال أوروبا، و على الهجوم على البيئة و تكريس العمل الغير اللائق. و بعد هذا توالت الاجتماعات عبر العالم كله لتنتهي إلى لقاء بارشلونة البديل عن حملة البنك العالمي لسنة 2000 و لقاء اشبيلية في يونيو 2002 كقمة مضادة و التي حشدت آلاف و آلاف الأشخاص القادمين من كل أنحاء العالم.
ويا ما نعتت هذه الحركة بالشغب و عدم التأطير و لإثبات هذه الاتهامات عادة ما ثبت عبر شاشة التليفزيون صورا للمتظاهرين و هم يحرقون السيارات و الممتلكات العمومية. إلا أنه سرعان ما استطاعت الحركة أن تسقط قناع هذه الحملة الزائفة و أثبتت بالصور تورط الشرطة و أجهزة الأمن في إثارة الشّغب و القيام بالعمليات التخريبية و نذكر على سبيل المثال أحداث ساحة بارشلونة و أحياء جنوى.
و بدأت الأحزاب اليسارية الكلاسيكية تولي اهتماما أكبر لهذه الحركة لاسيما من جانبها السياسي و أعطت الضوء الأخضر لمناضليها ليلتحقوا بهذه الحركة. ورغم نعت هذه الحركة بعدم توفرها على هيكلة فعلية و منظمة فإنها أثبتت قدرتها على التدبير الذاتي و الناجع خاصة خلال قمة فلورينسيا لمناهضة العولمة حيث أثبتت جدارة تنظيمها و فعالية احتجاجها ضد السياسة المفترسة للولايات المتحدة الأمريكية و لحروبها و للمقاومات المتعددة الجنسيات و لوبيات الأبناك.
و مباشرة بعد تاريخ انعقاد هذه القمة بدأت الحركة تفقد صرامتها حيث برزت داخلها بعض المجموعات الاشتراكية الديمقراطية خلال جلساتها التحضيرية الشيء الذي أدى إلى إضعاف هذا التيار الصاعد.
استمرار المشروع النضالي :
و كالعادة، لم تكن الرأسمالية لتبقى مكتوفة الأيدي بل سرعان ما أعلنت عن مجموعة من الاقتراحات لردع النضالات و الأشكال التنظيمية للحركة نذكر منها على سبيل المثال اقتراح مشروع الدستور الأوروبي، و (GAT) َAGCS و قانون بولكسطاين. و كان الهدف من كل هذه الإجراءات هو إفراغ قطاع الخدمات من قوانينه المنظمة و نقل الشركات إلى بلدان أخرى – رغم ملاءتها – و إمكانية منح الشركات المتعددة الجنسيات حق تطبيق قوانين الشغل و المعمول بها في بلدها الأصلي دون مراعاة قوانين البلد المستقبل. هذا بالإضافة إلى خصخصة قطاعات الإنتاج...
و لقد قوبل الدستور الأوروبي برفضنا القطاع لاعتباره وسيلة فقط لإضفاء الشرعية على هذه الاقتراحات التي تهدف إلى بناء فضاء أوروبي ليبرالي جديد نسخة من المجتمع الأمريكي تحت شكله الأكثر دموية.
و نزلت الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية و على رأسها الأممية الاشتراكية إلى الساحة السياسية محاولة إقناع المجتمع على أن مشروعها الأوروبي هو رمز الحادثة و الرهان على مستقبل أفضل، و لم تكترث لتحركات اليسار الأوروبي في اتجاه بناء نموذج أوروبي يولي اهتماما أكبر للجانب الاجتماعي و الإنساني.
و من جديد لعبت الأرضيات الاجتماعية إلى جانب بعض الأحزاب اليسارية المؤسساتية دورًا مهمًّا في تأطير هذه النضالات من أجل بناء مشروع أوروبي بديل.
فعلى مستوى إسبانيا تعتبر منظمة اليسار المتحد، الوحيدة التي شاركت داخل هذه الأرضيات إلى جانب بعض الأحزاب الصغيرة كـ : ISA, CUT, IR… و المنظمات الاجتماعية و بعض النقابات.
أما في فرنسا فاختلفت الطروحات داخل الحزب الاشتراكي الفرنسي حيث وصلت نسبة رفض المشروع إلى 50% من مناضليه. و توجت هذه المرحلة بفشل مشروع الدستور الأوروبي.
كيف يمكن أن نعمل على توحيد النضالات الاجتماعية انطلاقا من أحزاب اليسار ضد هجمة الرأسمالية و عولمتها الشاملة :
خلال القرن التاسع عشر قام العمال بعدّة محاولات للتنظيم في نقابات قومية سعيا للاحتماء من شراهة و جشاعة النظام الرأسمالي الذي لا يتهاون في رغبته " بالاحتفاظ " ليس فقط بالقيمة المضافة لريعه كباطرونا و إنّما أيضا بقسط من واجبات تسديد الضمان الاجتماعي و الاقتطاعات العمالية المتعلقة بهذا الأخير، طبعا عند توفرها.
غير أنّ الرأسمالي، عرفت دائما كيف تتصدر الاستراتيجيات المتخذة في تدبير الشؤون السياسية خلال فترات الرخاء و العوز، و نذكر مثلا انتقال الرأسمالية من اعتمادها المطلق عل الفلاحة و الصناعة التقليدية إلى اعتمادها على الآليات كعنصر مميز بعد الثورة الصناعية. فاعتمدت أولا على الفحم ثم على الطاقة الكهربائية و أخيرا على الطاقات الحفرية...الخ.
كانت الطبقة العاملة هي المتضررة الأولى خلال جميع هذه الفترات. فرغم قوة نقاباتها خلال فترة 1890 لم تكن تتوفر على وسائل إعلامية متطورة. الشيء الذي حال دون تواصلها و عمل على إضعافها رغم أن قوة ضغطها كانت جد مهمـة نظـرا لسيطرتها على قطاعـات الطاقة، الفـحم أن ذاك. و ابتداء من هنا، يمكننا أن نلـمس كيـفية و مدى قوّة الرأسمالية على التحول في المجالين السياسي و المقاولاتي.
ففي المجال السياسي اعتمدت الرأسمالية على قوة تأثيرها على السلطات القائمة: قمعية، دينية أو اقتصادية. فأصبحت القوانين تسن وفق المصالح المادية و الدين يذكرنا مرارا و تكرارا أن هذه هي مشيئة رب المكان و بالتالي ما من واجبنا أن نكتفي بما اقتضاه لنا ربنا في هذه الحياة. و على أنّنا إذا أحسنا في هذه الحياة " سنجازى عليه في الآخرة ".
جلبت الثورة الصناعية معها هجرة البوادي إلى المدن نظرا لتمركز المنشآت الصناعية في الأواسط الحضرية، ممّا أدّى إلى انتشار بنايات عمالية ضخمة تحولت مع مرور الوقت إلى قرى عشوائية غير مركزة و حيث لا توجب المرافق الصحية ولا التعليمية ناهيك عن الترفيه.
و ستفسح هذه الحقيقة الجديدة المجال أمام تحوّلات مهمّة في العلاقات العمالية و ستعرف هذه الفترة مشاركة سياسة متصاعدة للعمال. هذه الظاهرة الجديدة منحت للإتحاد العالمي للمأجورين قوة هائلة بعد أن وعوا بأهمية وحدتهم في أممية عمالية للدفاع عن مصالحهم و الوقوف على قدم المساواة في وجه سلطات المحافظين اليمينيين الرجعيين و الديكتاتوريين المحميين من طرف الجيش و الكنيسة و أرباب البنوك...
إلاّ أنّ الوحدة العمالية لم تدم طويلا، و الرأسمالية عرفت كيف تزرع الخلافات و الانقسام الإيديولوجي في صفوف الطبقة العاملة و في غالب الأحيان كانت هذه الصراعات ناتجة إمّا عن صراع مفتعل من قبل الباطرونا لحماية مصالحها و إمّا عن نزاعات شخصية محض و إما عن القومية، هذا الاختراع الجديد الذي أعطى نتائج سخية للسلطات القائمة.
و على هذا النحو نجد الليبرالية و التي تمنحنا تحرير جميع أشكال الحياة داخل المجتمع دون أي تحفظ : الرأسمال الحر، السوق الحرة. ربما تجعـلنا هذه الليـبرالية نعتقد أنّها نـوع من الرقي في العلاقات بين الأحـزاب العمــالية – الأممية الاشتراكية – و المحافظين اليمينيين و على أنّها السبب الأساسي في تقسيم الأحزاب و بالتالي الإضرار بالتجمعات العمالية و مصالحها.
في هذا السياق ظهرت أحزاب جديدة و بقيت الأممية الاشتراكية تتصارع بين النظريات العمالية و الليبرالية عند ظهور مفاهيم جديد حول كيفية التعامل مع النضالات الطبقية و عندما بدأت الاشتراكية الديمقراطية شق طريقها في أوربا. و بعد الحرب العالمية الثانية تم فرض هذه الظاهرة الأمريكية المتمثلة في خطة مارشال على معظم البلدان الأوربية، ما عدا دول أوربا الشرقية كروسيا و بولندا و رومانيا و بعض الدول الأخرى، ممّا أدّى إلى نشوب ما عرف آنذاك بالحرب الباردة و انعكاساتها السلبية على المنظمات السياسية اليسارية داخل الديمقراطية الأوربية.
و كما هو معهود عرفت الرأسمالية مرة أخرى كيف نستغل مكانتها المتميزة و ضعف أحزاب اليسار الغارقة في صراعات تافهة لتعيد طرح ما سبق و أن طرحته الأممية الأولى في القرن الماضي : " يا عمال العالم اتحدوا ". إنّ الرأسمالية التي كانت تتهمنا بعدم حبنا للوطن لوحدتنا مع إخواننا العمال الأجانب و التي اتهمتنا بالشيوعيين و المرتدين تدرك الآن أن وحدة الرأسمال و المقاولات و الشركات المتعددة الجنسيات، تؤدي إلى تركيز الرأسمال – غالبا في أيد أجنبية – و زيادة الأرباح. و على نحو قمّارين جياع اخترع الرأسماليون مفهوم العولمة و تسمية جديدة ليبرالية بدون حدود الرأسمال و المواد التجارية دون حقوق الأشخاص.
و ابتداء من هذه الفترة بدأت معركة جديدة ذات أهمية أكبر بالنسبة للطبقة العاملة و الأحزاب السياسية اليسارية الديمقراطية لهذا القرن.
شكلت أحداث سياتل بالولايات المتحدة منعطفا جديدا في النضال العالمي ضد الليبرالية المتوحشة حيث احتشدت مجموعات هائلة بالمدينة تلبية لدعوى المنضمات و الحركات البلدية و المناهضة للعولمة مطالبة بتوزيع عادل و تولي أهمية أكبر للجانب الاجتماعي و الإنساني و البيئي و ذلك بمناسبة عقد الدول الثمانية العظمى اجتماعها بالمدينة المذكورة.
ساعد النجاح الكبير الذي عرفته تعبئة الحركات المناهضة للعولمة ضد أهداف الليبرالية الجديدة عبر العالم على توالي الاجتماعات و القمم و المناهضة للعولمة بشكل مكثف في مدن كـ : بيس، براغ، بارشلونة، و جنوى الإيطالية حيث استشهد مناهض العولمة الشاب كارلو جولياتي.
وشكلت قمة مناهضة العولمة بارشلونة سنة 2000 منعطفًا جديدًا في تاريخ الحركة، حيث استطاعت إجهاض قمة الدّول الثمانية العظمى و صندوق النقد الدولي و البنك العالمي. فكانت أول مرّة في التاريخ حققنا فيها ليس فقط إلغــاء قمـمهم و اختـراق حصارهم الإعلامـي و إنما أيضاً تقديم مشروع بديل تمثّل في اقتراحات قطـاعية و اقتصادية حول المديونية الخارجية و التنمية المستدامة.
في بعض الأحزاب اليسارية و الأوساط الشبيبيّة بدأت تتجه الأنظار نحو هذه الحركة العالمية و دورها في ردع الهجوم المتنامي على ما سميناه لحدّ الآن كمجتمع الرفاه و الذي يعتبر من صنيع الأحزاب الاشتراكية الاجتماعية لدول شمال أوروبا، و على الهجوم على البيئة و تكريس العمل الغير اللائق. و بعد هذا توالت الاجتماعات عبر العالم كله لتنتهي إلى لقاء بارشلونة البديل عن حملة البنك العالمي لسنة 2000 و لقاء اشبيلية في يونيو 2002 كقمة مضادة و التي حشدت آلاف و آلاف الأشخاص القادمين من كل أنحاء العالم.
ويا ما نعتت هذه الحركة بالشغب و عدم التأطير و لإثبات هذه الاتهامات عادة ما ثبت عبر شاشة التليفزيون صورا للمتظاهرين و هم يحرقون السيارات و الممتلكات العمومية. إلا أنه سرعان ما استطاعت الحركة أن تسقط قناع هذه الحملة الزائفة و أثبتت بالصور تورط الشرطة و أجهزة الأمن في إثارة الشّغب و القيام بالعمليات التخريبية و نذكر على سبيل المثال أحداث ساحة بارشلونة و أحياء جنوى.
و بدأت الأحزاب اليسارية الكلاسيكية تولي اهتماما أكبر لهذه الحركة لاسيما من جانبها السياسي و أعطت الضوء الأخضر لمناضليها ليلتحقوا بهذه الحركة. ورغم نعت هذه الحركة بعدم توفرها على هيكلة فعلية و منظمة فإنها أثبتت قدرتها على التدبير الذاتي و الناجع خاصة خلال قمة فلورينسيا لمناهضة العولمة حيث أثبتت جدارة تنظيمها و فعالية احتجاجها ضد السياسة المفترسة للولايات المتحدة الأمريكية و لحروبها و للمقاومات المتعددة الجنسيات و لوبيات الأبناك.
و مباشرة بعد تاريخ انعقاد هذه القمة بدأت الحركة تفقد صرامتها حيث برزت داخلها بعض المجموعات الاشتراكية الديمقراطية خلال جلساتها التحضيرية الشيء الذي أدى إلى إضعاف هذا التيار الصاعد.
استمرار المشروع النضالي :
و كالعادة، لم تكن الرأسمالية لتبقى مكتوفة الأيدي بل سرعان ما أعلنت عن مجموعة من الاقتراحات لردع النضالات و الأشكال التنظيمية للحركة نذكر منها على سبيل المثال اقتراح مشروع الدستور الأوروبي، و (GAT) َAGCS و قانون بولكسطاين. و كان الهدف من كل هذه الإجراءات هو إفراغ قطاع الخدمات من قوانينه المنظمة و نقل الشركات إلى بلدان أخرى – رغم ملاءتها – و إمكانية منح الشركات المتعددة الجنسيات حق تطبيق قوانين الشغل و المعمول بها في بلدها الأصلي دون مراعاة قوانين البلد المستقبل. هذا بالإضافة إلى خصخصة قطاعات الإنتاج...
و لقد قوبل الدستور الأوروبي برفضنا القطاع لاعتباره وسيلة فقط لإضفاء الشرعية على هذه الاقتراحات التي تهدف إلى بناء فضاء أوروبي ليبرالي جديد نسخة من المجتمع الأمريكي تحت شكله الأكثر دموية.
و نزلت الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية و على رأسها الأممية الاشتراكية إلى الساحة السياسية محاولة إقناع المجتمع على أن مشروعها الأوروبي هو رمز الحادثة و الرهان على مستقبل أفضل، و لم تكترث لتحركات اليسار الأوروبي في اتجاه بناء نموذج أوروبي يولي اهتماما أكبر للجانب الاجتماعي و الإنساني.
و من جديد لعبت الأرضيات الاجتماعية إلى جانب بعض الأحزاب اليسارية المؤسساتية دورًا مهمًّا في تأطير هذه النضالات من أجل بناء مشروع أوروبي بديل.
فعلى مستوى إسبانيا تعتبر منظمة اليسار المتحد، الوحيدة التي شاركت داخل هذه الأرضيات إلى جانب بعض الأحزاب الصغيرة كـ : ISA, CUT, IR… و المنظمات الاجتماعية و بعض النقابات.
أما في فرنسا فاختلفت الطروحات داخل الحزب الاشتراكي الفرنسي حيث وصلت نسبة رفض المشروع إلى 50% من مناضليه. و توجت هذه المرحلة بفشل مشروع الدستور الأوروبي.
كيف يمكن أن نعمل على توحيد النضالات الاجتماعية انطلاقا من أحزاب اليسار ضد هجمة الرأسمالية و عولمتها الشاملة :
كما سبق وأن لاحظنا على مرّ التاريخ فإن الرأسمالية لا يهمها لا اللون و لا العرق و لا الانتماء الفكري. الرأسمالية هي عبارة عن آلة لممارسة التجارة و تحقيق الأرباح. هذا ما يفسر موت طفل في العالم من الجوع كل ثلاثة ثوان في الوقت الذي يعلن فيه البنك الإسباني سانطاندير لمساهميه عن إحرازه هذه السنة على أكبر حجم للأرباح في تاريخه. إنها حقّا أرقام مخجلة لا سيما عندما نشاهد أن يوميا يصاب الآلاف من الأشخاص بالفيروسات و الأمراض الفتاكة الناتجة عن شرب مياه ملوثة أو غير صالحة للشرب. أو عندما نسمع أن شركة نيستلي أو كوكا كولا ما زالوا يلوثون ملايين اللترات من المياه في الإكوادور و البرازيل، في الوقت الذي يرتهن العمال و أبنائهم مدى الحياة للبنوك حتى يحصلوا على سلف لشراء منزل يفتقد، في غالب الأحيان، إلى أبسط شروط عيش كريم. هذه البنوك نفسها تملك الآلاف من الشقق و المنازل الشاغرة تحتكرها في انتظار ارتفاع أسعارها للمتاجرة و المضاربة بها في السوق العقارية.
لقد حان الوقت لنعمل على توفير شكل تنظيمي فعّال يكون قادر على تجميع أوسع قطاعات من المجتمع التقدمي التي لا تستطيع الدفاع عن مصالحها و أصبحت رهينة هذا النظام الاستهلاكي الفظيع و عولمة الفكر المدسوس من طرف المقاولات المتعددة الجنسيات بسيطرتها على جلّ الوسائل الإعلامية و التي تعمل على تزييف الخبر و تعميم الرأي الواحد و التيارات الإيديولوجية للفكر الواحد.
فلهذا ضروريا أن يعرف العالم أننا كثر و لهذا فقط علينا أن نجد أشكال تجميعنا و الاتفاق على ما يجمعنا لأنه بالتأكيد يفوق بكثير ما "يفرّقنا" لنتعلم من الرأسمالية : التحصيل على الربح فوق كلّ شيء ! لنتعلم من الحركات الاجتماعية: فقط أن نناقش النقط التي وضعناها في هدفنا؟.
و يتوقع أنه على الأحزاب اليسارية التقدمية أن تعرف ما هو الأهم الآن، و ما هي الأشكال التنظيمية و السياسات التي يجب أن تتخذ لردع وهزم هذا المخطط الليبرالي الجديد المتمثل في انعدام مجتمع الرفاه و حقوق الإنسان، في افتراسة الأرض، في تلويث البيئة و تصحرها، في استنزاف المياه، في خلق و نشر الحروب، في التطهير العرقي،في فرض تبعية الحكام و الدول.
فلهذا علينا لأن نتفادى الوقوع في أخطاء الماضي، في فكرة الأحزاب الضيقة و الكلاسيكية، في امتلاك الحقيقة المطلقة، في الزعامات على باقي الحركة.
نحن نعلم أنه من الصعب أن نعمل مستوى شامل لأننا نعرف القدرات الهائلة التي يتوفر عليها أرباب البنوك. لكن من السهل أن نتنظّم محلياً لمحاربة الليبرالية عن قرب أي في الأحياء، في الجامعة، في المراكز الصحية، في المدارس... و أن ننسّق فيما بيننا على المستوى المحلي وصولاً إلى تشكيل أرضيّة عالمية قطاعية لها أهداف معينة. و هنا سيوحّدنا العمل الأهداف المحددة على أنّ لكل منظمة استقلاليتها.
الطريقة الوحيدة للالتحاق بهذه الأرضيات و الحركات التي تبني بيانها و المشاركة و المساهمة في أنشطتها و العمل على نشر و توزيع رسائلها و اقتراحاتها و الإخبار الجماعي. من الضروري أن نعزّز أشكال تواصلنا نظرًا لأهمية الإعلام في هذا الوقت. ففي 15 من فبراير المضي خرج أكثر من 30 مليون شخص في العالم للاحتجاج على الحرب.
كما سبق وأن لاحظنا على مرّ التاريخ فإن الرأسمالية لا يهمها لا اللون و لا العرق و لا الانتماء الفكري. الرأسمالية هي عبارة عن آلة لممارسة التجارة و تحقيق الأرباح. هذا ما يفسر موت طفل في العالم من الجوع كل ثلاثة ثوان في الوقت الذي يعلن فيه البنك الإسباني سانطاندير لمساهميه عن إحرازه هذه السنة على أكبر حجم للأرباح في تاريخه. إنها حقّا أرقام مخجلة لا سيما عندما نشاهد أن يوميا يصاب الآلاف من الأشخاص بالفيروسات و الأمراض الفتاكة الناتجة عن شرب مياه ملوثة أو غير صالحة للشرب. أو عندما نسمع أن شركة نيستلي أو كوكا كولا ما زالوا يلوثون ملايين اللترات من المياه في الإكوادور و البرازيل، في الوقت الذي يرتهن العمال و أبنائهم مدى الحياة للبنوك حتى يحصلوا على سلف لشراء منزل يفتقد، في غالب الأحيان، إلى أبسط شروط عيش كريم. هذه البنوك نفسها تملك الآلاف من الشقق و المنازل الشاغرة تحتكرها في انتظار ارتفاع أسعارها للمتاجرة و المضاربة بها في السوق العقارية.
لقد حان الوقت لنعمل على توفير شكل تنظيمي فعّال يكون قادر على تجميع أوسع قطاعات من المجتمع التقدمي التي لا تستطيع الدفاع عن مصالحها و أصبحت رهينة هذا النظام الاستهلاكي الفظيع و عولمة الفكر المدسوس من طرف المقاولات المتعددة الجنسيات بسيطرتها على جلّ الوسائل الإعلامية و التي تعمل على تزييف الخبر و تعميم الرأي الواحد و التيارات الإيديولوجية للفكر الواحد.
فلهذا ضروريا أن يعرف العالم أننا كثر و لهذا فقط علينا أن نجد أشكال تجميعنا و الاتفاق على ما يجمعنا لأنه بالتأكيد يفوق بكثير ما "يفرّقنا" لنتعلم من الرأسمالية : التحصيل على الربح فوق كلّ شيء ! لنتعلم من الحركات الاجتماعية: فقط أن نناقش النقط التي وضعناها في هدفنا؟.
و يتوقع أنه على الأحزاب اليسارية التقدمية أن تعرف ما هو الأهم الآن، و ما هي الأشكال التنظيمية و السياسات التي يجب أن تتخذ لردع وهزم هذا المخطط الليبرالي الجديد المتمثل في انعدام مجتمع الرفاه و حقوق الإنسان، في افتراسة الأرض، في تلويث البيئة و تصحرها، في استنزاف المياه، في خلق و نشر الحروب، في التطهير العرقي،في فرض تبعية الحكام و الدول.
فلهذا علينا لأن نتفادى الوقوع في أخطاء الماضي، في فكرة الأحزاب الضيقة و الكلاسيكية، في امتلاك الحقيقة المطلقة، في الزعامات على باقي الحركة.
نحن نعلم أنه من الصعب أن نعمل مستوى شامل لأننا نعرف القدرات الهائلة التي يتوفر عليها أرباب البنوك. لكن من السهل أن نتنظّم محلياً لمحاربة الليبرالية عن قرب أي في الأحياء، في الجامعة، في المراكز الصحية، في المدارس... و أن ننسّق فيما بيننا على المستوى المحلي وصولاً إلى تشكيل أرضيّة عالمية قطاعية لها أهداف معينة. و هنا سيوحّدنا العمل الأهداف المحددة على أنّ لكل منظمة استقلاليتها.
الطريقة الوحيدة للالتحاق بهذه الأرضيات و الحركات التي تبني بيانها و المشاركة و المساهمة في أنشطتها و العمل على نشر و توزيع رسائلها و اقتراحاتها و الإخبار الجماعي. من الضروري أن نعزّز أشكال تواصلنا نظرًا لأهمية الإعلام في هذا الوقت. ففي 15 من فبراير المضي خرج أكثر من 30 مليون شخص في العالم للاحتجاج على الحرب.
غير أنّ الرأسمالي، عرفت دائما كيف تتصدر الاستراتيجيات المتخذة في تدبير الشؤون السياسية خلال فترات الرخاء و العوز، و نذكر مثلا انتقال الرأسمالية من اعتمادها المطلق عل الفلاحة و الصناعة التقليدية إلى اعتمادها على الآليات كعنصر مميز بعد الثورة الصناعية. فاعتمدت أولا على الفحم ثم على الطاقة الكهربائية و أخيرا على الطاقات الحفرية...الخ.
كانت الطبقة العاملة هي المتضررة الأولى خلال جميع هذه الفترات. فرغم قوة نقاباتها خلال فترة 1890 لم تكن تتوفر على وسائل إعلامية متطورة. الشيء الذي حال دون تواصلها و عمل على إضعافها رغم أن قوة ضغطها كانت جد مهمـة نظـرا لسيطرتها على قطاعـات الطاقة، الفـحم أن ذاك. و ابتداء من هنا، يمكننا أن نلـمس كيـفية و مدى قوّة الرأسمالية على التحول في المجالين السياسي و المقاولاتي.
ففي المجال السياسي اعتمدت الرأسمالية على قوة تأثيرها على السلطات القائمة: قمعية، دينية أو اقتصادية. فأصبحت القوانين تسن وفق المصالح المادية و الدين يذكرنا مرارا و تكرارا أن هذه هي مشيئة رب المكان و بالتالي ما من واجبنا أن نكتفي بما اقتضاه لنا ربنا في هذه الحياة. و على أنّنا إذا أحسنا في هذه الحياة " سنجازى عليه في الآخرة ".
جلبت الثورة الصناعية معها هجرة البوادي إلى المدن نظرا لتمركز المنشآت الصناعية في الأواسط الحضرية، ممّا أدّى إلى انتشار بنايات عمالية ضخمة تحولت مع مرور الوقت إلى قرى عشوائية غير مركزة و حيث لا توجب المرافق الصحية ولا التعليمية ناهيك عن الترفيه.
و ستفسح هذه الحقيقة الجديدة المجال أمام تحوّلات مهمّة في العلاقات العمالية و ستعرف هذه الفترة مشاركة سياسة متصاعدة للعمال. هذه الظاهرة الجديدة منحت للإتحاد العالمي للمأجورين قوة هائلة بعد أن وعوا بأهمية وحدتهم في أممية عمالية للدفاع عن مصالحهم و الوقوف على قدم المساواة في وجه سلطات المحافظين اليمينيين الرجعيين و الديكتاتوريين المحميين من طرف الجيش و الكنيسة و أرباب البنوك...
إلاّ أنّ الوحدة العمالية لم تدم طويلا، و الرأسمالية عرفت كيف تزرع الخلافات و الانقسام الإيديولوجي في صفوف الطبقة العاملة و في غالب الأحيان كانت هذه الصراعات ناتجة إمّا عن صراع مفتعل من قبل الباطرونا لحماية مصالحها و إمّا عن نزاعات شخصية محض و إما عن القومية، هذا الاختراع الجديد الذي أعطى نتائج سخية للسلطات القائمة.
و على هذا النحو نجد الليبرالية و التي تمنحنا تحرير جميع أشكال الحياة داخل المجتمع دون أي تحفظ : الرأسمال الحر، السوق الحرة. ربما تجعـلنا هذه الليـبرالية نعتقد أنّها نـوع من الرقي في العلاقات بين الأحـزاب العمــالية – الأممية الاشتراكية – و المحافظين اليمينيين و على أنّها السبب الأساسي في تقسيم الأحزاب و بالتالي الإضرار بالتجمعات العمالية و مصالحها.
في هذا السياق ظهرت أحزاب جديدة و بقيت الأممية الاشتراكية تتصارع بين النظريات العمالية و الليبرالية عند ظهور مفاهيم جديد حول كيفية التعامل مع النضالات الطبقية و عندما بدأت الاشتراكية الديمقراطية شق طريقها في أوربا. و بعد الحرب العالمية الثانية تم فرض هذه الظاهرة الأمريكية المتمثلة في خطة مارشال على معظم البلدان الأوربية، ما عدا دول أوربا الشرقية كروسيا و بولندا و رومانيا و بعض الدول الأخرى، ممّا أدّى إلى نشوب ما عرف آنذاك بالحرب الباردة و انعكاساتها السلبية على المنظمات السياسية اليسارية داخل الديمقراطية الأوربية.
و كما هو معهود عرفت الرأسمالية مرة أخرى كيف نستغل مكانتها المتميزة و ضعف أحزاب اليسار الغارقة في صراعات تافهة لتعيد طرح ما سبق و أن طرحته الأممية الأولى في القرن الماضي : " يا عمال العالم اتحدوا ". إنّ الرأسمالية التي كانت تتهمنا بعدم حبنا للوطن لوحدتنا مع إخواننا العمال الأجانب و التي اتهمتنا بالشيوعيين و المرتدين تدرك الآن أن وحدة الرأسمال و المقاولات و الشركات المتعددة الجنسيات، تؤدي إلى تركيز الرأسمال – غالبا في أيد أجنبية – و زيادة الأرباح. و على نحو قمّارين جياع اخترع الرأسماليون مفهوم العولمة و تسمية جديدة ليبرالية بدون حدود الرأسمال و المواد التجارية دون حقوق الأشخاص.
و ابتداء من هذه الفترة بدأت معركة جديدة ذات أهمية أكبر بالنسبة للطبقة العاملة و الأحزاب السياسية اليسارية الديمقراطية لهذا القرن.
شكلت أحداث سياتل بالولايات المتحدة منعطفا جديدا في النضال العالمي ضد الليبرالية المتوحشة حيث احتشدت مجموعات هائلة بالمدينة تلبية لدعوى المنضمات و الحركات البلدية و المناهضة للعولمة مطالبة بتوزيع عادل و تولي أهمية أكبر للجانب الاجتماعي و الإنساني و البيئي و ذلك بمناسبة عقد الدول الثمانية العظمى اجتماعها بالمدينة المذكورة.
ساعد النجاح الكبير الذي عرفته تعبئة الحركات المناهضة للعولمة ضد أهداف الليبرالية الجديدة عبر العالم على توالي الاجتماعات و القمم و المناهضة للعولمة بشكل مكثف في مدن كـ : بيس، براغ، بارشلونة، و جنوى الإيطالية حيث استشهد مناهض العولمة الشاب كارلو جولياتي.
وشكلت قمة مناهضة العولمة بارشلونة سنة 2000 منعطفًا جديدًا في تاريخ الحركة، حيث استطاعت إجهاض قمة الدّول الثمانية العظمى و صندوق النقد الدولي و البنك العالمي. فكانت أول مرّة في التاريخ حققنا فيها ليس فقط إلغــاء قمـمهم و اختـراق حصارهم الإعلامـي و إنما أيضاً تقديم مشروع بديل تمثّل في اقتراحات قطـاعية و اقتصادية حول المديونية الخارجية و التنمية المستدامة.
في بعض الأحزاب اليسارية و الأوساط الشبيبيّة بدأت تتجه الأنظار نحو هذه الحركة العالمية و دورها في ردع الهجوم المتنامي على ما سميناه لحدّ الآن كمجتمع الرفاه و الذي يعتبر من صنيع الأحزاب الاشتراكية الاجتماعية لدول شمال أوروبا، و على الهجوم على البيئة و تكريس العمل الغير اللائق. و بعد هذا توالت الاجتماعات عبر العالم كله لتنتهي إلى لقاء بارشلونة البديل عن حملة البنك العالمي لسنة 2000 و لقاء اشبيلية في يونيو 2002 كقمة مضادة و التي حشدت آلاف و آلاف الأشخاص القادمين من كل أنحاء العالم.
ويا ما نعتت هذه الحركة بالشغب و عدم التأطير و لإثبات هذه الاتهامات عادة ما ثبت عبر شاشة التليفزيون صورا للمتظاهرين و هم يحرقون السيارات و الممتلكات العمومية. إلا أنه سرعان ما استطاعت الحركة أن تسقط قناع هذه الحملة الزائفة و أثبتت بالصور تورط الشرطة و أجهزة الأمن في إثارة الشّغب و القيام بالعمليات التخريبية و نذكر على سبيل المثال أحداث ساحة بارشلونة و أحياء جنوى.
و بدأت الأحزاب اليسارية الكلاسيكية تولي اهتماما أكبر لهذه الحركة لاسيما من جانبها السياسي و أعطت الضوء الأخضر لمناضليها ليلتحقوا بهذه الحركة. ورغم نعت هذه الحركة بعدم توفرها على هيكلة فعلية و منظمة فإنها أثبتت قدرتها على التدبير الذاتي و الناجع خاصة خلال قمة فلورينسيا لمناهضة العولمة حيث أثبتت جدارة تنظيمها و فعالية احتجاجها ضد السياسة المفترسة للولايات المتحدة الأمريكية و لحروبها و للمقاومات المتعددة الجنسيات و لوبيات الأبناك.
و مباشرة بعد تاريخ انعقاد هذه القمة بدأت الحركة تفقد صرامتها حيث برزت داخلها بعض المجموعات الاشتراكية الديمقراطية خلال جلساتها التحضيرية الشيء الذي أدى إلى إضعاف هذا التيار الصاعد.
استمرار المشروع النضالي :
و كالعادة، لم تكن الرأسمالية لتبقى مكتوفة الأيدي بل سرعان ما أعلنت عن مجموعة من الاقتراحات لردع النضالات و الأشكال التنظيمية للحركة نذكر منها على سبيل المثال اقتراح مشروع الدستور الأوروبي، و (GAT) َAGCS و قانون بولكسطاين. و كان الهدف من كل هذه الإجراءات هو إفراغ قطاع الخدمات من قوانينه المنظمة و نقل الشركات إلى بلدان أخرى – رغم ملاءتها – و إمكانية منح الشركات المتعددة الجنسيات حق تطبيق قوانين الشغل و المعمول بها في بلدها الأصلي دون مراعاة قوانين البلد المستقبل. هذا بالإضافة إلى خصخصة قطاعات الإنتاج...
و لقد قوبل الدستور الأوروبي برفضنا القطاع لاعتباره وسيلة فقط لإضفاء الشرعية على هذه الاقتراحات التي تهدف إلى بناء فضاء أوروبي ليبرالي جديد نسخة من المجتمع الأمريكي تحت شكله الأكثر دموية.
و نزلت الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية و على رأسها الأممية الاشتراكية إلى الساحة السياسية محاولة إقناع المجتمع على أن مشروعها الأوروبي هو رمز الحادثة و الرهان على مستقبل أفضل، و لم تكترث لتحركات اليسار الأوروبي في اتجاه بناء نموذج أوروبي يولي اهتماما أكبر للجانب الاجتماعي و الإنساني.
و من جديد لعبت الأرضيات الاجتماعية إلى جانب بعض الأحزاب اليسارية المؤسساتية دورًا مهمًّا في تأطير هذه النضالات من أجل بناء مشروع أوروبي بديل.
فعلى مستوى إسبانيا تعتبر منظمة اليسار المتحد، الوحيدة التي شاركت داخل هذه الأرضيات إلى جانب بعض الأحزاب الصغيرة كـ : ISA, CUT, IR… و المنظمات الاجتماعية و بعض النقابات.
أما في فرنسا فاختلفت الطروحات داخل الحزب الاشتراكي الفرنسي حيث وصلت نسبة رفض المشروع إلى 50% من مناضليه. و توجت هذه المرحلة بفشل مشروع الدستور الأوروبي.
كيف يمكن أن نعمل على توحيد النضالات الاجتماعية انطلاقا من أحزاب اليسار ضد هجمة الرأسمالية و عولمتها الشاملة :
خلال القرن التاسع عشر قام العمال بعدّة محاولات للتنظيم في نقابات قومية سعيا للاحتماء من شراهة و جشاعة النظام الرأسمالي الذي لا يتهاون في رغبته " بالاحتفاظ " ليس فقط بالقيمة المضافة لريعه كباطرونا و إنّما أيضا بقسط من واجبات تسديد الضمان الاجتماعي و الاقتطاعات العمالية المتعلقة بهذا الأخير، طبعا عند توفرها.
غير أنّ الرأسمالي، عرفت دائما كيف تتصدر الاستراتيجيات المتخذة في تدبير الشؤون السياسية خلال فترات الرخاء و العوز، و نذكر مثلا انتقال الرأسمالية من اعتمادها المطلق عل الفلاحة و الصناعة التقليدية إلى اعتمادها على الآليات كعنصر مميز بعد الثورة الصناعية. فاعتمدت أولا على الفحم ثم على الطاقة الكهربائية و أخيرا على الطاقات الحفرية...الخ.
كانت الطبقة العاملة هي المتضررة الأولى خلال جميع هذه الفترات. فرغم قوة نقاباتها خلال فترة 1890 لم تكن تتوفر على وسائل إعلامية متطورة. الشيء الذي حال دون تواصلها و عمل على إضعافها رغم أن قوة ضغطها كانت جد مهمـة نظـرا لسيطرتها على قطاعـات الطاقة، الفـحم أن ذاك. و ابتداء من هنا، يمكننا أن نلـمس كيـفية و مدى قوّة الرأسمالية على التحول في المجالين السياسي و المقاولاتي.
ففي المجال السياسي اعتمدت الرأسمالية على قوة تأثيرها على السلطات القائمة: قمعية، دينية أو اقتصادية. فأصبحت القوانين تسن وفق المصالح المادية و الدين يذكرنا مرارا و تكرارا أن هذه هي مشيئة رب المكان و بالتالي ما من واجبنا أن نكتفي بما اقتضاه لنا ربنا في هذه الحياة. و على أنّنا إذا أحسنا في هذه الحياة " سنجازى عليه في الآخرة ".
جلبت الثورة الصناعية معها هجرة البوادي إلى المدن نظرا لتمركز المنشآت الصناعية في الأواسط الحضرية، ممّا أدّى إلى انتشار بنايات عمالية ضخمة تحولت مع مرور الوقت إلى قرى عشوائية غير مركزة و حيث لا توجب المرافق الصحية ولا التعليمية ناهيك عن الترفيه.
و ستفسح هذه الحقيقة الجديدة المجال أمام تحوّلات مهمّة في العلاقات العمالية و ستعرف هذه الفترة مشاركة سياسة متصاعدة للعمال. هذه الظاهرة الجديدة منحت للإتحاد العالمي للمأجورين قوة هائلة بعد أن وعوا بأهمية وحدتهم في أممية عمالية للدفاع عن مصالحهم و الوقوف على قدم المساواة في وجه سلطات المحافظين اليمينيين الرجعيين و الديكتاتوريين المحميين من طرف الجيش و الكنيسة و أرباب البنوك...
إلاّ أنّ الوحدة العمالية لم تدم طويلا، و الرأسمالية عرفت كيف تزرع الخلافات و الانقسام الإيديولوجي في صفوف الطبقة العاملة و في غالب الأحيان كانت هذه الصراعات ناتجة إمّا عن صراع مفتعل من قبل الباطرونا لحماية مصالحها و إمّا عن نزاعات شخصية محض و إما عن القومية، هذا الاختراع الجديد الذي أعطى نتائج سخية للسلطات القائمة.
و على هذا النحو نجد الليبرالية و التي تمنحنا تحرير جميع أشكال الحياة داخل المجتمع دون أي تحفظ : الرأسمال الحر، السوق الحرة. ربما تجعـلنا هذه الليـبرالية نعتقد أنّها نـوع من الرقي في العلاقات بين الأحـزاب العمــالية – الأممية الاشتراكية – و المحافظين اليمينيين و على أنّها السبب الأساسي في تقسيم الأحزاب و بالتالي الإضرار بالتجمعات العمالية و مصالحها.
في هذا السياق ظهرت أحزاب جديدة و بقيت الأممية الاشتراكية تتصارع بين النظريات العمالية و الليبرالية عند ظهور مفاهيم جديد حول كيفية التعامل مع النضالات الطبقية و عندما بدأت الاشتراكية الديمقراطية شق طريقها في أوربا. و بعد الحرب العالمية الثانية تم فرض هذه الظاهرة الأمريكية المتمثلة في خطة مارشال على معظم البلدان الأوربية، ما عدا دول أوربا الشرقية كروسيا و بولندا و رومانيا و بعض الدول الأخرى، ممّا أدّى إلى نشوب ما عرف آنذاك بالحرب الباردة و انعكاساتها السلبية على المنظمات السياسية اليسارية داخل الديمقراطية الأوربية.
و كما هو معهود عرفت الرأسمالية مرة أخرى كيف نستغل مكانتها المتميزة و ضعف أحزاب اليسار الغارقة في صراعات تافهة لتعيد طرح ما سبق و أن طرحته الأممية الأولى في القرن الماضي : " يا عمال العالم اتحدوا ". إنّ الرأسمالية التي كانت تتهمنا بعدم حبنا للوطن لوحدتنا مع إخواننا العمال الأجانب و التي اتهمتنا بالشيوعيين و المرتدين تدرك الآن أن وحدة الرأسمال و المقاولات و الشركات المتعددة الجنسيات، تؤدي إلى تركيز الرأسمال – غالبا في أيد أجنبية – و زيادة الأرباح. و على نحو قمّارين جياع اخترع الرأسماليون مفهوم العولمة و تسمية جديدة ليبرالية بدون حدود الرأسمال و المواد التجارية دون حقوق الأشخاص.
و ابتداء من هذه الفترة بدأت معركة جديدة ذات أهمية أكبر بالنسبة للطبقة العاملة و الأحزاب السياسية اليسارية الديمقراطية لهذا القرن.
شكلت أحداث سياتل بالولايات المتحدة منعطفا جديدا في النضال العالمي ضد الليبرالية المتوحشة حيث احتشدت مجموعات هائلة بالمدينة تلبية لدعوى المنضمات و الحركات البلدية و المناهضة للعولمة مطالبة بتوزيع عادل و تولي أهمية أكبر للجانب الاجتماعي و الإنساني و البيئي و ذلك بمناسبة عقد الدول الثمانية العظمى اجتماعها بالمدينة المذكورة.
ساعد النجاح الكبير الذي عرفته تعبئة الحركات المناهضة للعولمة ضد أهداف الليبرالية الجديدة عبر العالم على توالي الاجتماعات و القمم و المناهضة للعولمة بشكل مكثف في مدن كـ : بيس، براغ، بارشلونة، و جنوى الإيطالية حيث استشهد مناهض العولمة الشاب كارلو جولياتي.
وشكلت قمة مناهضة العولمة بارشلونة سنة 2000 منعطفًا جديدًا في تاريخ الحركة، حيث استطاعت إجهاض قمة الدّول الثمانية العظمى و صندوق النقد الدولي و البنك العالمي. فكانت أول مرّة في التاريخ حققنا فيها ليس فقط إلغــاء قمـمهم و اختـراق حصارهم الإعلامـي و إنما أيضاً تقديم مشروع بديل تمثّل في اقتراحات قطـاعية و اقتصادية حول المديونية الخارجية و التنمية المستدامة.
في بعض الأحزاب اليسارية و الأوساط الشبيبيّة بدأت تتجه الأنظار نحو هذه الحركة العالمية و دورها في ردع الهجوم المتنامي على ما سميناه لحدّ الآن كمجتمع الرفاه و الذي يعتبر من صنيع الأحزاب الاشتراكية الاجتماعية لدول شمال أوروبا، و على الهجوم على البيئة و تكريس العمل الغير اللائق. و بعد هذا توالت الاجتماعات عبر العالم كله لتنتهي إلى لقاء بارشلونة البديل عن حملة البنك العالمي لسنة 2000 و لقاء اشبيلية في يونيو 2002 كقمة مضادة و التي حشدت آلاف و آلاف الأشخاص القادمين من كل أنحاء العالم.
ويا ما نعتت هذه الحركة بالشغب و عدم التأطير و لإثبات هذه الاتهامات عادة ما ثبت عبر شاشة التليفزيون صورا للمتظاهرين و هم يحرقون السيارات و الممتلكات العمومية. إلا أنه سرعان ما استطاعت الحركة أن تسقط قناع هذه الحملة الزائفة و أثبتت بالصور تورط الشرطة و أجهزة الأمن في إثارة الشّغب و القيام بالعمليات التخريبية و نذكر على سبيل المثال أحداث ساحة بارشلونة و أحياء جنوى.
و بدأت الأحزاب اليسارية الكلاسيكية تولي اهتماما أكبر لهذه الحركة لاسيما من جانبها السياسي و أعطت الضوء الأخضر لمناضليها ليلتحقوا بهذه الحركة. ورغم نعت هذه الحركة بعدم توفرها على هيكلة فعلية و منظمة فإنها أثبتت قدرتها على التدبير الذاتي و الناجع خاصة خلال قمة فلورينسيا لمناهضة العولمة حيث أثبتت جدارة تنظيمها و فعالية احتجاجها ضد السياسة المفترسة للولايات المتحدة الأمريكية و لحروبها و للمقاومات المتعددة الجنسيات و لوبيات الأبناك.
و مباشرة بعد تاريخ انعقاد هذه القمة بدأت الحركة تفقد صرامتها حيث برزت داخلها بعض المجموعات الاشتراكية الديمقراطية خلال جلساتها التحضيرية الشيء الذي أدى إلى إضعاف هذا التيار الصاعد.
استمرار المشروع النضالي :
و كالعادة، لم تكن الرأسمالية لتبقى مكتوفة الأيدي بل سرعان ما أعلنت عن مجموعة من الاقتراحات لردع النضالات و الأشكال التنظيمية للحركة نذكر منها على سبيل المثال اقتراح مشروع الدستور الأوروبي، و (GAT) َAGCS و قانون بولكسطاين. و كان الهدف من كل هذه الإجراءات هو إفراغ قطاع الخدمات من قوانينه المنظمة و نقل الشركات إلى بلدان أخرى – رغم ملاءتها – و إمكانية منح الشركات المتعددة الجنسيات حق تطبيق قوانين الشغل و المعمول بها في بلدها الأصلي دون مراعاة قوانين البلد المستقبل. هذا بالإضافة إلى خصخصة قطاعات الإنتاج...
و لقد قوبل الدستور الأوروبي برفضنا القطاع لاعتباره وسيلة فقط لإضفاء الشرعية على هذه الاقتراحات التي تهدف إلى بناء فضاء أوروبي ليبرالي جديد نسخة من المجتمع الأمريكي تحت شكله الأكثر دموية.
و نزلت الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية و على رأسها الأممية الاشتراكية إلى الساحة السياسية محاولة إقناع المجتمع على أن مشروعها الأوروبي هو رمز الحادثة و الرهان على مستقبل أفضل، و لم تكترث لتحركات اليسار الأوروبي في اتجاه بناء نموذج أوروبي يولي اهتماما أكبر للجانب الاجتماعي و الإنساني.
و من جديد لعبت الأرضيات الاجتماعية إلى جانب بعض الأحزاب اليسارية المؤسساتية دورًا مهمًّا في تأطير هذه النضالات من أجل بناء مشروع أوروبي بديل.
فعلى مستوى إسبانيا تعتبر منظمة اليسار المتحد، الوحيدة التي شاركت داخل هذه الأرضيات إلى جانب بعض الأحزاب الصغيرة كـ : ISA, CUT, IR… و المنظمات الاجتماعية و بعض النقابات.
أما في فرنسا فاختلفت الطروحات داخل الحزب الاشتراكي الفرنسي حيث وصلت نسبة رفض المشروع إلى 50% من مناضليه. و توجت هذه المرحلة بفشل مشروع الدستور الأوروبي.
كيف يمكن أن نعمل على توحيد النضالات الاجتماعية انطلاقا من أحزاب اليسار ضد هجمة الرأسمالية و عولمتها الشاملة :
كما سبق وأن لاحظنا على مرّ التاريخ فإن الرأسمالية لا يهمها لا اللون و لا العرق و لا الانتماء الفكري. الرأسمالية هي عبارة عن آلة لممارسة التجارة و تحقيق الأرباح. هذا ما يفسر موت طفل في العالم من الجوع كل ثلاثة ثوان في الوقت الذي يعلن فيه البنك الإسباني سانطاندير لمساهميه عن إحرازه هذه السنة على أكبر حجم للأرباح في تاريخه. إنها حقّا أرقام مخجلة لا سيما عندما نشاهد أن يوميا يصاب الآلاف من الأشخاص بالفيروسات و الأمراض الفتاكة الناتجة عن شرب مياه ملوثة أو غير صالحة للشرب. أو عندما نسمع أن شركة نيستلي أو كوكا كولا ما زالوا يلوثون ملايين اللترات من المياه في الإكوادور و البرازيل، في الوقت الذي يرتهن العمال و أبنائهم مدى الحياة للبنوك حتى يحصلوا على سلف لشراء منزل يفتقد، في غالب الأحيان، إلى أبسط شروط عيش كريم. هذه البنوك نفسها تملك الآلاف من الشقق و المنازل الشاغرة تحتكرها في انتظار ارتفاع أسعارها للمتاجرة و المضاربة بها في السوق العقارية.
لقد حان الوقت لنعمل على توفير شكل تنظيمي فعّال يكون قادر على تجميع أوسع قطاعات من المجتمع التقدمي التي لا تستطيع الدفاع عن مصالحها و أصبحت رهينة هذا النظام الاستهلاكي الفظيع و عولمة الفكر المدسوس من طرف المقاولات المتعددة الجنسيات بسيطرتها على جلّ الوسائل الإعلامية و التي تعمل على تزييف الخبر و تعميم الرأي الواحد و التيارات الإيديولوجية للفكر الواحد.
فلهذا ضروريا أن يعرف العالم أننا كثر و لهذا فقط علينا أن نجد أشكال تجميعنا و الاتفاق على ما يجمعنا لأنه بالتأكيد يفوق بكثير ما "يفرّقنا" لنتعلم من الرأسمالية : التحصيل على الربح فوق كلّ شيء ! لنتعلم من الحركات الاجتماعية: فقط أن نناقش النقط التي وضعناها في هدفنا؟.
و يتوقع أنه على الأحزاب اليسارية التقدمية أن تعرف ما هو الأهم الآن، و ما هي الأشكال التنظيمية و السياسات التي يجب أن تتخذ لردع وهزم هذا المخطط الليبرالي الجديد المتمثل في انعدام مجتمع الرفاه و حقوق الإنسان، في افتراسة الأرض، في تلويث البيئة و تصحرها، في استنزاف المياه، في خلق و نشر الحروب، في التطهير العرقي،في فرض تبعية الحكام و الدول.
فلهذا علينا لأن نتفادى الوقوع في أخطاء الماضي، في فكرة الأحزاب الضيقة و الكلاسيكية، في امتلاك الحقيقة المطلقة، في الزعامات على باقي الحركة.
نحن نعلم أنه من الصعب أن نعمل مستوى شامل لأننا نعرف القدرات الهائلة التي يتوفر عليها أرباب البنوك. لكن من السهل أن نتنظّم محلياً لمحاربة الليبرالية عن قرب أي في الأحياء، في الجامعة، في المراكز الصحية، في المدارس... و أن ننسّق فيما بيننا على المستوى المحلي وصولاً إلى تشكيل أرضيّة عالمية قطاعية لها أهداف معينة. و هنا سيوحّدنا العمل الأهداف المحددة على أنّ لكل منظمة استقلاليتها.
الطريقة الوحيدة للالتحاق بهذه الأرضيات و الحركات التي تبني بيانها و المشاركة و المساهمة في أنشطتها و العمل على نشر و توزيع رسائلها و اقتراحاتها و الإخبار الجماعي. من الضروري أن نعزّز أشكال تواصلنا نظرًا لأهمية الإعلام في هذا الوقت. ففي 15 من فبراير المضي خرج أكثر من 30 مليون شخص في العالم للاحتجاج على الحرب.
كما سبق وأن لاحظنا على مرّ التاريخ فإن الرأسمالية لا يهمها لا اللون و لا العرق و لا الانتماء الفكري. الرأسمالية هي عبارة عن آلة لممارسة التجارة و تحقيق الأرباح. هذا ما يفسر موت طفل في العالم من الجوع كل ثلاثة ثوان في الوقت الذي يعلن فيه البنك الإسباني سانطاندير لمساهميه عن إحرازه هذه السنة على أكبر حجم للأرباح في تاريخه. إنها حقّا أرقام مخجلة لا سيما عندما نشاهد أن يوميا يصاب الآلاف من الأشخاص بالفيروسات و الأمراض الفتاكة الناتجة عن شرب مياه ملوثة أو غير صالحة للشرب. أو عندما نسمع أن شركة نيستلي أو كوكا كولا ما زالوا يلوثون ملايين اللترات من المياه في الإكوادور و البرازيل، في الوقت الذي يرتهن العمال و أبنائهم مدى الحياة للبنوك حتى يحصلوا على سلف لشراء منزل يفتقد، في غالب الأحيان، إلى أبسط شروط عيش كريم. هذه البنوك نفسها تملك الآلاف من الشقق و المنازل الشاغرة تحتكرها في انتظار ارتفاع أسعارها للمتاجرة و المضاربة بها في السوق العقارية.
لقد حان الوقت لنعمل على توفير شكل تنظيمي فعّال يكون قادر على تجميع أوسع قطاعات من المجتمع التقدمي التي لا تستطيع الدفاع عن مصالحها و أصبحت رهينة هذا النظام الاستهلاكي الفظيع و عولمة الفكر المدسوس من طرف المقاولات المتعددة الجنسيات بسيطرتها على جلّ الوسائل الإعلامية و التي تعمل على تزييف الخبر و تعميم الرأي الواحد و التيارات الإيديولوجية للفكر الواحد.
فلهذا ضروريا أن يعرف العالم أننا كثر و لهذا فقط علينا أن نجد أشكال تجميعنا و الاتفاق على ما يجمعنا لأنه بالتأكيد يفوق بكثير ما "يفرّقنا" لنتعلم من الرأسمالية : التحصيل على الربح فوق كلّ شيء ! لنتعلم من الحركات الاجتماعية: فقط أن نناقش النقط التي وضعناها في هدفنا؟.
و يتوقع أنه على الأحزاب اليسارية التقدمية أن تعرف ما هو الأهم الآن، و ما هي الأشكال التنظيمية و السياسات التي يجب أن تتخذ لردع وهزم هذا المخطط الليبرالي الجديد المتمثل في انعدام مجتمع الرفاه و حقوق الإنسان، في افتراسة الأرض، في تلويث البيئة و تصحرها، في استنزاف المياه، في خلق و نشر الحروب، في التطهير العرقي،في فرض تبعية الحكام و الدول.
فلهذا علينا لأن نتفادى الوقوع في أخطاء الماضي، في فكرة الأحزاب الضيقة و الكلاسيكية، في امتلاك الحقيقة المطلقة، في الزعامات على باقي الحركة.
نحن نعلم أنه من الصعب أن نعمل مستوى شامل لأننا نعرف القدرات الهائلة التي يتوفر عليها أرباب البنوك. لكن من السهل أن نتنظّم محلياً لمحاربة الليبرالية عن قرب أي في الأحياء، في الجامعة، في المراكز الصحية، في المدارس... و أن ننسّق فيما بيننا على المستوى المحلي وصولاً إلى تشكيل أرضيّة عالمية قطاعية لها أهداف معينة. و هنا سيوحّدنا العمل الأهداف المحددة على أنّ لكل منظمة استقلاليتها.
الطريقة الوحيدة للالتحاق بهذه الأرضيات و الحركات التي تبني بيانها و المشاركة و المساهمة في أنشطتها و العمل على نشر و توزيع رسائلها و اقتراحاتها و الإخبار الجماعي. من الضروري أن نعزّز أشكال تواصلنا نظرًا لأهمية الإعلام في هذا الوقت. ففي 15 من فبراير المضي خرج أكثر من 30 مليون شخص في العالم للاحتجاج على الحرب.