عيون الصحراء
مرسل: الأحد مايو 22, 2011 6:59 am
حتى احتدام الصدامات في معسكر اللاجئين الصحراويين بالقرب من العيون في نوفمبر (تشرين الثاني)، كان الصراع مع مواطني الصحراء الغربية والمعروفين باسم الصحراويين والذين تمثلهم جبهة البوليساريو يمثل شأنا داخليا. وبفرض سلطتها على سكان المنطقة، تمكنت الرباط بشكل عام من احتواء انتشار الأخبار من المنطقة والتي يمكنها تشويه صورة المغرب.
تسيطر الحكومة المغربية تماما على طريق الوصول إلى الصحراء – المنطقة المتنازع عليها منذ انسحاب أسبانيا في 1975 – وكانت تمنع دائما الصحافيين وممثلي المنظمات الدولية من دخول المنطقة.
وقد أثبتت الصدامات التي بدأت في معسكر اللاجئين الصحراويين أنها تمثل نقطة تحول في تاريخ الصراع بين المغرب والصحراويين. وما كان مظاهرات سلمية ضد المعدل المرتفع من البطالة ونقص الخدمات الاجتماعية تحول إلى صدامات واسعة النطاق بين قوات الأمن المغربية والمقيمين بالمعسكر استمرت أيام عدة وأسفرت عن مقتل 10 من رجال الشرطة المغاربة واثنين من الصحراويين بالإضافة إلى اعتقال 163 شخصا.
وعلى الرغم من أن المغرب وعدت بالتحقيق في الواقعة، أوصت كل من جبهة البوليساريو والاتحاد الأوروبي –في تغير هائل في السياسات- بإجراء تحقيق مستقل. وفي نفس الوقت، أكدت الحكومة المغربية للمجتمع الدولي أنها كانت قد اتخذت كل الإجراءات الوقائية للحد من الإصابات خلال الغارة وأن قواتها لم تستخدم الذخيرة الحية. وبدلا من ذلك، ألقت السلطات باللوم على العناصر الصحراوية المسلحة والتي يزعم ارتباطها بجبهة البوليساريو وحكومة الجزائر باختطاف المظاهرات وتحويلها إلى مسيرة سياسية.
وعلى الرغم من الصعوبات العديدة التي يواجهها الصحراويون، فإنهم يتمتعون بتأييد الأطراف الأساسية في المنطقة، بما فيهم أسبانيا والجزائر. ولسنوات عدة الآن، أظهرت الجزائر تأييدا ثابتا لجبهة البوليساريو وحق الصحراويين في تقرير المصير. وحاليا، يعيش أكثر من 160 ألف صحراوي في معسكر التندوف الذي يقع على الحدود الجزائرية الصحراوية ويعتبره العديدون مركز الدولة الصحراوية المستقبلية. وباعتبارها من كبرى الدول التي تنتج الغاز والبترول، تحتاج الجزائر إلى مد خط أنابيب من ساحل الصحراء الغربية مباشرة إلى أسبانيا لتصدير البترول والغاز إلى أوروبا والولايات المتحدة من دون تدخل المغرب (في الوقت الراهن يستعملون خط أنابيب تمتلكه الجزائر ويمر عبر المغرب إلى أسبانيا ولكن الحكومة الجزائرية تتهم دائما المغرب بالسرقة منهم).
ومن جانبهم، تربط الصحراويين بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي علاقة صعبة بخاصة منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، لأن حكومات عدة من بينها المغرب كانت قادرة على استخدام "الحرب على الإرهاب" كحجة للفوز بالتأييد السياسي والمالي، الأمر الذي أثر على قضية الصحراء الغربية.
الحرب على الإرهاب همّشت قضايا حقوق الإنسان. الأمر الذي مكن المغرب من الإعراب عن مخاوفها حول التهديد الإسلامي المتزايد في الصحراء الغربية. كما ظهرت الرباط كشريك أساسي في الحرب على الإرهاب في المنطقة وبالتالي تعززت العلاقات المغربية الأميركية الأوروبية. وبالتالي مال الغرب بكامله لتأييد خطة الحكم الذاتي للصحراء الغربية وقبل بسيطرة الرباط المتشددة على المنطقة.
وقبل الصدامات التي وقعت في معسكر العيون، كانت خطة المغرب تحظى بتأييد العديد من الدول بما فيها الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مثل الولايات المتحدة وفرنسا بالإضافة إلى بعض الدول العربية وبعض دول أميركا اللاتينية. ومع ذلك وبعد نوفمبر (تشرين الثاني)، أدانت بعض الأصوات المرموقة في تلك الدول الهجوم وأشارت إلى عواقب ذلك على العلاقات مع الرباط على المستويات السياسية والاقتصادية.
وانضم لتلك الأصوات أعضاء من النخبة السياسية والاقتصادية والذين يجدون صعوبة متزايدة في التواصل مع البلاد نظرا لمزاعم عن انتهاكات لحقوق الإنسان.
وفي برقية حديثة سربها ويكيليكس، علق أحد رجال الأعمال قائلا: "فيما كانت الممارسات الفاسدة موجودة خلال عهد الملك الحسن الثاني، فإنها أصبحت أكثر مؤسسية خلال عهد الملك محمد السادس".
وعقب حادثة مخيم قدايم إزيك مباشرة ومعركة الشارع في معسكر العيون، طلبت مفوضة الشؤون البحرية والمصايد ماريا دامانكي دليلا من وزير الزراعة والصيد البحري عزيز أخنوش على أن الصحراويين كانوا يستغلون الترخيص الممنوح للمغرب – وهو الاتفاق الذي من المفترض أن ينتهي خلال ثلاثة أشهر. ونظرا لأن أخنوش لم يقدم ذلك الدليل حتى الآن، تبحث المفوضة حاليا خيارات أخرى مثل الحد من الملاحة الأوروبية في المياه المغربية ورفع بعض القيود للسماح للصحراويين بالدخول.
وبالنسبة للصحراويين، وعلى الرغم من أن تلك الصدامات بالمخيم قد عززت من التأييد الدولي لحقهم في تقرير المصير، فإنها قد ألقت الضوء على المفاوضات المستقبلية مع نظرائهم المغاربة.
وقد انتهت المفاوضات الأخيرة مع الأمم المتحدة في نيويورك، أثناء مناقشة خطة الحكم الذاتي، من دون إحراز أي تقدم. واليوم يستعد كلا الطرفين لما ربما يكون جولة صعبة من المفاوضات في مارس (أذار) 2011.
وعلى الرغم من أن المغرب قد منعت حتى الآن التحقيق الدولي في حادثة مخيم العيون، فإن صورة الملك ومصداقيته أصبحت على المحك. وأصبح المغرب بحاجة لاتخاذ خطوة وإحراز تقدم في المفاوضات، وإلا خسرت الرباط ما هو أكثر من الاتفاقيات الاقتصادية والتصريحات والتراخيص.
* دانييل ريفيرا – مختص في فقه اللغة المقارن ومترجم. وهو يدرس حاليا للحصول على دكتوراه من الاتحاد الأوروبي بجامعة مدريد المستقلة.
تسيطر الحكومة المغربية تماما على طريق الوصول إلى الصحراء – المنطقة المتنازع عليها منذ انسحاب أسبانيا في 1975 – وكانت تمنع دائما الصحافيين وممثلي المنظمات الدولية من دخول المنطقة.
وقد أثبتت الصدامات التي بدأت في معسكر اللاجئين الصحراويين أنها تمثل نقطة تحول في تاريخ الصراع بين المغرب والصحراويين. وما كان مظاهرات سلمية ضد المعدل المرتفع من البطالة ونقص الخدمات الاجتماعية تحول إلى صدامات واسعة النطاق بين قوات الأمن المغربية والمقيمين بالمعسكر استمرت أيام عدة وأسفرت عن مقتل 10 من رجال الشرطة المغاربة واثنين من الصحراويين بالإضافة إلى اعتقال 163 شخصا.
وعلى الرغم من أن المغرب وعدت بالتحقيق في الواقعة، أوصت كل من جبهة البوليساريو والاتحاد الأوروبي –في تغير هائل في السياسات- بإجراء تحقيق مستقل. وفي نفس الوقت، أكدت الحكومة المغربية للمجتمع الدولي أنها كانت قد اتخذت كل الإجراءات الوقائية للحد من الإصابات خلال الغارة وأن قواتها لم تستخدم الذخيرة الحية. وبدلا من ذلك، ألقت السلطات باللوم على العناصر الصحراوية المسلحة والتي يزعم ارتباطها بجبهة البوليساريو وحكومة الجزائر باختطاف المظاهرات وتحويلها إلى مسيرة سياسية.
وعلى الرغم من الصعوبات العديدة التي يواجهها الصحراويون، فإنهم يتمتعون بتأييد الأطراف الأساسية في المنطقة، بما فيهم أسبانيا والجزائر. ولسنوات عدة الآن، أظهرت الجزائر تأييدا ثابتا لجبهة البوليساريو وحق الصحراويين في تقرير المصير. وحاليا، يعيش أكثر من 160 ألف صحراوي في معسكر التندوف الذي يقع على الحدود الجزائرية الصحراوية ويعتبره العديدون مركز الدولة الصحراوية المستقبلية. وباعتبارها من كبرى الدول التي تنتج الغاز والبترول، تحتاج الجزائر إلى مد خط أنابيب من ساحل الصحراء الغربية مباشرة إلى أسبانيا لتصدير البترول والغاز إلى أوروبا والولايات المتحدة من دون تدخل المغرب (في الوقت الراهن يستعملون خط أنابيب تمتلكه الجزائر ويمر عبر المغرب إلى أسبانيا ولكن الحكومة الجزائرية تتهم دائما المغرب بالسرقة منهم).
ومن جانبهم، تربط الصحراويين بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي علاقة صعبة بخاصة منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، لأن حكومات عدة من بينها المغرب كانت قادرة على استخدام "الحرب على الإرهاب" كحجة للفوز بالتأييد السياسي والمالي، الأمر الذي أثر على قضية الصحراء الغربية.
الحرب على الإرهاب همّشت قضايا حقوق الإنسان. الأمر الذي مكن المغرب من الإعراب عن مخاوفها حول التهديد الإسلامي المتزايد في الصحراء الغربية. كما ظهرت الرباط كشريك أساسي في الحرب على الإرهاب في المنطقة وبالتالي تعززت العلاقات المغربية الأميركية الأوروبية. وبالتالي مال الغرب بكامله لتأييد خطة الحكم الذاتي للصحراء الغربية وقبل بسيطرة الرباط المتشددة على المنطقة.
وقبل الصدامات التي وقعت في معسكر العيون، كانت خطة المغرب تحظى بتأييد العديد من الدول بما فيها الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مثل الولايات المتحدة وفرنسا بالإضافة إلى بعض الدول العربية وبعض دول أميركا اللاتينية. ومع ذلك وبعد نوفمبر (تشرين الثاني)، أدانت بعض الأصوات المرموقة في تلك الدول الهجوم وأشارت إلى عواقب ذلك على العلاقات مع الرباط على المستويات السياسية والاقتصادية.
وانضم لتلك الأصوات أعضاء من النخبة السياسية والاقتصادية والذين يجدون صعوبة متزايدة في التواصل مع البلاد نظرا لمزاعم عن انتهاكات لحقوق الإنسان.
وفي برقية حديثة سربها ويكيليكس، علق أحد رجال الأعمال قائلا: "فيما كانت الممارسات الفاسدة موجودة خلال عهد الملك الحسن الثاني، فإنها أصبحت أكثر مؤسسية خلال عهد الملك محمد السادس".
وعقب حادثة مخيم قدايم إزيك مباشرة ومعركة الشارع في معسكر العيون، طلبت مفوضة الشؤون البحرية والمصايد ماريا دامانكي دليلا من وزير الزراعة والصيد البحري عزيز أخنوش على أن الصحراويين كانوا يستغلون الترخيص الممنوح للمغرب – وهو الاتفاق الذي من المفترض أن ينتهي خلال ثلاثة أشهر. ونظرا لأن أخنوش لم يقدم ذلك الدليل حتى الآن، تبحث المفوضة حاليا خيارات أخرى مثل الحد من الملاحة الأوروبية في المياه المغربية ورفع بعض القيود للسماح للصحراويين بالدخول.
وبالنسبة للصحراويين، وعلى الرغم من أن تلك الصدامات بالمخيم قد عززت من التأييد الدولي لحقهم في تقرير المصير، فإنها قد ألقت الضوء على المفاوضات المستقبلية مع نظرائهم المغاربة.
وقد انتهت المفاوضات الأخيرة مع الأمم المتحدة في نيويورك، أثناء مناقشة خطة الحكم الذاتي، من دون إحراز أي تقدم. واليوم يستعد كلا الطرفين لما ربما يكون جولة صعبة من المفاوضات في مارس (أذار) 2011.
وعلى الرغم من أن المغرب قد منعت حتى الآن التحقيق الدولي في حادثة مخيم العيون، فإن صورة الملك ومصداقيته أصبحت على المحك. وأصبح المغرب بحاجة لاتخاذ خطوة وإحراز تقدم في المفاوضات، وإلا خسرت الرباط ما هو أكثر من الاتفاقيات الاقتصادية والتصريحات والتراخيص.
* دانييل ريفيرا – مختص في فقه اللغة المقارن ومترجم. وهو يدرس حاليا للحصول على دكتوراه من الاتحاد الأوروبي بجامعة مدريد المستقلة.