منتديات الحوار الجامعية السياسية

قسم مختص بالطلاب و اسهاماتهم الدراسية

المشرف: صفيه باوزير

By محمد القرني 1
#36054
يحق للرئيس اليمني علي عبد الله صالح أن يفخر بأنه لا يزال صامدا كالجبل في وجه الأعاصير التي تجتاح بلاده. ولو كانت هناك مسابقة لأفضل رئيس عربي تعامل
مع ثورة، على غرار أفضل لاعب عربي، لاستحقها بلا جدال. احتوى تحركات المعارضة، على الرغم من شراستها لسنوات طوال، فلما جاء شباب التغيير بثورتهم، دق إسفينا بينهم وبين تكتل أحزاب اللقاء المشترك، وعندما تنبه الطرفان لمسعاه، أهمل «الشباب» وركز على المعارضة. يتغزل بهم يوما، ويطالبهم بالحوار يوما آخر، ثم ينقلب عليهم فجأة، ويتهمهم بالعمالة.

مدت دول التعاون الخليجي يدها لبلاده، لتخرجه من أزمته السياسية. تقدمت بمبادرتها، التي تعد الأولى من نوعها منذ إنشاء المجلس. تحملت الغمز واللمز، بأنها تسعى لحماية مستقبل الرئيس، وليس مستقبل اليمن والمنطقة بأسرها، لكن الرئيس صالح، ما فتئ وهو يضع العقدة في المنشار، وما إن تفك العقدة، حتى يضع عقدة أخرى، وهكذا حتى ملئ المنشار بعقد صالح. وهو الأمر الذي يخيل للمراقب أن الرئيس اليمني لن يوقع على المبادرة الخليجية، حتى لو وقعت المعارضة على بياض!

مشكلة صالح أنه استخدم جميع أوراقه خلال السنوات الماضية، فلما أزفت الثورة، واحتاج لورقة وحيدة، وجد أنها احترقت بالكامل. بالغ كثيرا في اللعب على وتر «القاعدة». فلم ينفعه التهديد بخطرها على أهل اليمن. خوّف الشماليين من الانفصال، ففوت الجنوبيون عليه الفرصة عندما انطلقت الثورة، ملتزمين الصمت تماما وعدم التطرق لمطالبهم السابقة. وكذلك فعل الحوثيون أيضا، فأسقط في يده. أما عندما التفت لورقة القبائل، وجد أنها حزمت أمرها وانحازت للثورة، ولم يبق أمامه إلا فروع القبائل، وهي لا تسمن ولا تغني من جوع.

لا جدال أن المراوغة السياسية التي أدار بها صالح أزمته مع أبناء شعبه، تستحق التوقف طويلا، كما بقي هو طويلا أكثر مما كان يتوقع، لكن التطورات الأخيرة تشي بأنه قرأ مضمون خطاب الرئيس الأميركي سريعا، وجيدا، عندما طالبه أوباما باحترام تعهداته بنقل السلطة، كما أن صالح أخذ جديا ما تسرب من أنباء عن سحب دول التعاون لمبادرتها، التي طالما استمر هو، لا المعارضة، في تعطيلها المرة تلو الأخرى، وهو ما يعني أنه سيقف وحيدا أمام هذا الضغط الداخلي والخارجي، لذا فقد سارع، وللمفارقة خلال إلقاء أوباما لخطابه، إلى بث وعد جديد بالتوقيع على المبادرة غدا الأحد.

الحالة اليمنية معقدة جدا، وزادها تعقيدا مراوغة الحزب الحاكم. من الصعب تطبيق أي نظرية سياسية على الوضع السياسي في اليمن، الذي يبدو وكأنه سباحة في نهر متجمد، المجتمع القبلي دائما ما يكون صعب المراس، أما إذا كان على رأس الدولة رئيس مثل صالح، فإن النهاية ستكون عامرة بالمفاجآت، ويا لها من مفاجآت، الجميع يأمل أن لا يكون انفجار الوضع عسكريا إحدى تلك المفاجآت.

اليمن على حافة الانفجار، وأكثر المتفائلين يعتقدون أن غدا سيكون الفرصة الأخيرة للتوقيع، ونزع فتيل أزمة لا أحد يدري إلى أين ستمضي. هل يصدق صالح هذه المرة ويوقع ويرحل؟ لا يمكن التنبؤ بخطوته المقبلة، فعلى قدر الضغط الخارجي، تأتي خطوة الرئيس اليمني، فهو بارع في الدخول في التفاصيل، والعذر جاهز دائما: أمن واستقرار اليمن، و«الشرعية الدستورية»، وهذه الأخيرة يعرفها الرئيس جيدا، خاصة وهو يتثبت بالحكم 30 عاما دون أن تزحزحه «الشرعية الدستورية»!




شارك هذا على...FacebookTwitterالبريدشبكات إضافيةDeliciousMixxGoogle BuzzBloggerDiggStumble UponTumblrRedditYahoo! BookmarksGoogle BookmarksMySpace
شارك هذا عن طريق البريد الإلكتروني...