- الاثنين مايو 23, 2011 2:29 pm
#36113
الأحداث بالحجم العائلي
كان يا ما كان .. كان هنالك قضية اسمها قضية فلسطين .. كانت هذه القضية تشغل الحيز الأكبر من نشرات الأخبار في العالم العربي ، مثلما تشغل الحيز ذاته من مؤتمرات القمم العربية ، وكان الناس حينها يعرفون بالصوت والصورة معظم المسؤولين الفلسطينيين وإلى ما بعد المستوى العاشر لكثرة ما يتداولهم الإعلام ، ويستعرض تصريحاتهم ومواقفهم وحتى عنترياتهم ، بدأت أحداث لبنان العام 75 م .. فقال أحدهم :
المشكلة ما هي قضية فلسطين ... المشكلة لبنان راحت وراها
طوى لبنان مأساته الدامية في الطائف العام 89 م ، وعض على جراحه وتأبط شغبه المألوف ، إذ كثيرا ما جره ساسته إلى حافة الهاوية ، لكنهم سرعان ما يستعيدونه سالما بلا مغانم ، تارة بمصافحة وأخرى بمحاصصة ليظل يمارس لعبة التنس الأرضي على المسرح السياسي إلى ما شاء الله .
في التسعين ابتلعت العراق الكويت ، أعقبتها عاصفة الصحراء ، فيما ظلت قضية فلسطين في ذاكرة المجاميع كعصافير فيروز تغدو وتؤوب ، وبقي العالم العربي يتجرع الأحداث بالحجم العادي مع شيء من البهارات الحارة أحيانا والحارقة أحيانا أخرى في الصومال وفي السودان وفي غير مكان .
في 2001م اهتز العالم على وقع انهيار برجيْ التجارة العالمي في مانهاتن ، ما أفضى إلى غزو أفغانستان والعراق ، وظن الكثيرون أنه الزلزال الأكبر الذي ضرب المنطقة ، لكن وتيرة الأحداث سرعان ما عادت إلى نفس الرتم السابق (حبة حبة) ما بين حرب تموز ، وحرب الضفة ، حتى إن قضية رهين حماس الجندي شاليط وجدت ما يكفي من المساحة لتتصدر الأخبار .. فعادت الوجوه الفلسطينية مجددا إلى الشاشة ، وأصبح خلاف عباس / هنية .. الخبر الأبرز .. نقطة . من أول السطر .
في 17 ديسمبر 2010 م أضرم الشاب محمد بوعزيزي النار في جسده في أحد ميادين ولاية سيدي بوزيد التونسية ، ومنذ تلك اللحظة والعالم يتجرع الأحداث بالحجم العائلي ، إلى أن تسمر الجميع أمام الشاشات لملاحقة ما يجري ، وأصبح بمقدور كل واحد أن يضيف خبرا أو معلومة لأن حجم تدفق الأحداث أكبر من قدرة الفرد على الاحتواء ، تفكك السودان فأصبح سودانين وسط الزحمة فلم يشعر أحد .. لأن المعدة السياسية اعتادت التهام الأحداث بالحجم العائلي ، ولم يعد الحدث الفردي يثير شهيتها .. حتى إن اليابان التي صممت مبانيها لامتصاص الزلازل بالرقصات ، أفاقت على تسونامي جديد لم يشهد له العالم مثيلا ، يأخذ المباني والسيارات والطائرات في طريقه كاللعب الورقية ! ، ليفتح أوسع جدل دولي حول الطاقة النووية بتصدع مفاعل فوكوشيما ، واحتمالاته الكارثية القائمة .
لم يعد توالي الأحداث يسمح لأحد بالتقاط أنفاسه أو إغماض عينيه عن الشاشات .. فكل حدث يتم بالحجم العائلي ، هنا تذكرتُ تشبيهاً استخدمه الرئيس الأمريكي باراك أوباما .. عندما سئل عن تجربته كسيناتور في الكونغرس الأمريكي في السنة الأولى فقال : كنت أشعر أني كمن يحاول أن يشرب الماء من خرطوم سيارة المطافي !..
كان يا ما كان .. كان هنالك قضية اسمها قضية فلسطين .. كانت هذه القضية تشغل الحيز الأكبر من نشرات الأخبار في العالم العربي ، مثلما تشغل الحيز ذاته من مؤتمرات القمم العربية ، وكان الناس حينها يعرفون بالصوت والصورة معظم المسؤولين الفلسطينيين وإلى ما بعد المستوى العاشر لكثرة ما يتداولهم الإعلام ، ويستعرض تصريحاتهم ومواقفهم وحتى عنترياتهم ، بدأت أحداث لبنان العام 75 م .. فقال أحدهم :
المشكلة ما هي قضية فلسطين ... المشكلة لبنان راحت وراها
طوى لبنان مأساته الدامية في الطائف العام 89 م ، وعض على جراحه وتأبط شغبه المألوف ، إذ كثيرا ما جره ساسته إلى حافة الهاوية ، لكنهم سرعان ما يستعيدونه سالما بلا مغانم ، تارة بمصافحة وأخرى بمحاصصة ليظل يمارس لعبة التنس الأرضي على المسرح السياسي إلى ما شاء الله .
في التسعين ابتلعت العراق الكويت ، أعقبتها عاصفة الصحراء ، فيما ظلت قضية فلسطين في ذاكرة المجاميع كعصافير فيروز تغدو وتؤوب ، وبقي العالم العربي يتجرع الأحداث بالحجم العادي مع شيء من البهارات الحارة أحيانا والحارقة أحيانا أخرى في الصومال وفي السودان وفي غير مكان .
في 2001م اهتز العالم على وقع انهيار برجيْ التجارة العالمي في مانهاتن ، ما أفضى إلى غزو أفغانستان والعراق ، وظن الكثيرون أنه الزلزال الأكبر الذي ضرب المنطقة ، لكن وتيرة الأحداث سرعان ما عادت إلى نفس الرتم السابق (حبة حبة) ما بين حرب تموز ، وحرب الضفة ، حتى إن قضية رهين حماس الجندي شاليط وجدت ما يكفي من المساحة لتتصدر الأخبار .. فعادت الوجوه الفلسطينية مجددا إلى الشاشة ، وأصبح خلاف عباس / هنية .. الخبر الأبرز .. نقطة . من أول السطر .
في 17 ديسمبر 2010 م أضرم الشاب محمد بوعزيزي النار في جسده في أحد ميادين ولاية سيدي بوزيد التونسية ، ومنذ تلك اللحظة والعالم يتجرع الأحداث بالحجم العائلي ، إلى أن تسمر الجميع أمام الشاشات لملاحقة ما يجري ، وأصبح بمقدور كل واحد أن يضيف خبرا أو معلومة لأن حجم تدفق الأحداث أكبر من قدرة الفرد على الاحتواء ، تفكك السودان فأصبح سودانين وسط الزحمة فلم يشعر أحد .. لأن المعدة السياسية اعتادت التهام الأحداث بالحجم العائلي ، ولم يعد الحدث الفردي يثير شهيتها .. حتى إن اليابان التي صممت مبانيها لامتصاص الزلازل بالرقصات ، أفاقت على تسونامي جديد لم يشهد له العالم مثيلا ، يأخذ المباني والسيارات والطائرات في طريقه كاللعب الورقية ! ، ليفتح أوسع جدل دولي حول الطاقة النووية بتصدع مفاعل فوكوشيما ، واحتمالاته الكارثية القائمة .
لم يعد توالي الأحداث يسمح لأحد بالتقاط أنفاسه أو إغماض عينيه عن الشاشات .. فكل حدث يتم بالحجم العائلي ، هنا تذكرتُ تشبيهاً استخدمه الرئيس الأمريكي باراك أوباما .. عندما سئل عن تجربته كسيناتور في الكونغرس الأمريكي في السنة الأولى فقال : كنت أشعر أني كمن يحاول أن يشرب الماء من خرطوم سيارة المطافي !..