صفحة 1 من 1

رد الفعل السلبي..

مرسل: الاثنين مايو 23, 2011 2:51 pm
بواسطة يوسف اليوسف 9

رد الفعل السلبي..


لدينا خلطٌ حاد في المفاهيم والاعتبارات العامة والخاصة، ندير شؤوننا إما بالثقة المطلقة التي عرّضتنا للنصب والتحايل، أو بالريبة الحادة التي تنزع الثقة حتى بالأصدقاء والأقارب، فرضاؤنا وغضبنا لا يقاسان بالاعتدال وتحليل المواقف بالعقل بل تأتي العاطفة حادة يضيع معها التحري والتدقيق، ثم بناء الأحكام على المنطق غير الصحيح..

قطعاً مواريثنا وبيئتنا وبناء ثقافتنا وتقاليدنا هي أسباب بلورة شخصيتنا، ولعل عزلة الصحراء لاتزال تطبعنا بثقلها، وحتى تطورنا الراهن، وانفتاحنا على العالم الافتراضي والواقعي، لم يغيّرا من طبيعة تجذر ما نسميه «بخصوصيتنا الاجتماعية»..

فنشأة مجتمعنا بدأت، ولاتزال، بدوية، وحالة الترقب والاستفزاز جاءتا من البيئة غير الآمنة من سطوة الإنسان على الآخر وسلبه، أو احتمال مواجهة الضواري وعواصف الطبيعة، ولعل مقارنةً بسيطة بالكيفية التي تعيشها مجتمعات المدن الحضارية على الأنهار والسواحل أو داخل الأحراش، نجد حالات التوتر ضعيفة أي أن الأمور لا تحسم بردود الأفعال السريعة وإصدار الأحكام المطلقة على خصم معلوم أو مجهول، بل لابد من مراجعة الأسباب التي تُبنى عليها النتائج فقد تستثيرنا هزيمة فريق كروي لآخر تستدعي المصادمات والسباب، وحشد الجماهير في مواجهات حادة، بينما في الغرب، إلا ما ندر، نجد المتنافسين يلعبان، بدون عوازل للجمهور، ويخرجان يعللان الهزيمة والفوز بعقلية الناقد، لا المبرر الذي يقلب الحقائق، وحتى في المسائل الخلافية، الدينية، والفكرية والاقتصادية وحتى الأخلاق توضع جميعها على المحك في مواجهة القوانين والشرائع، وتحكيم العقل..

أيضاً حالة عدم الفصل بين الكرامة والإهانة، ونسبيّة كل واحدة للأخرى تُفسران بعقدة الموروث، لا الواقع المتطور، وحتى مدننا الكبرى لاتزال تطبع حياتنا بثقل التقاليد في عدم حسم حقوق المرأة، والحجْر عليها من ابن عمها إذا لم تطبق أعراف القبيلة والفصل بين الزوجين لعدم تكافؤ النسب، في وقت لدينا هيئات حقوق إنسان يفترض أن تكون وسيلة حسم في القضايا الاجتماعية، لا التي تمسّ الشرع الإسلامي، بل ما جاءتنا من سلفية التقاليد والعادات..

في «الكاميرا» الخفية مثلاً تتوصل إلى قياس عام لردات أفعال الأفراد والمجتمعات، ممن حاولت استنساخها من البرامج الغربية وتطبيقها على مواطنين عرب وجدنا رد الفعل مدمراً، قد يُحدث مضاربات أو استعمال الوسائل الحادة، بينما عند الأوروبي، وحتى الشرقي الآسيوي لا يصل لديه ردّ الفعل مثلما هو عندنا، لأن منظورنا (للقفشة) يأتي من سبب إضحاك الناس عليك أو عليّ، وهنا تبرز عقدة الكرامة، بينما الموقف كله لعبة معدّ ومخرج ومصور..

نتعب لو حاولنا استقصاء أحوالنا الاجتماعية والنفسية، لأن الموروث وثقافته وعوائقه سلاسل في رقابنا لا نتحرر منها، إلا بصياغة وعي جديد..