صفحة 1 من 1

المعاهدة البريطانية العراقية لعام 1930

مرسل: الاثنين مايو 23, 2011 3:14 pm
بواسطة محمد الزامل(380/381)
نص معاهدة 30 حزيران 1930 :
صاحب الجلالة ملك العراق . وصاحب الجلالة ملك بريطانيا العظمى وأيرلندا والممتلكات البريطانية وراء البحار وإمبراطور الهند.
لما كانا راغبين في توثيق أواصر الصداقة ، والاحتفاظ بصلات التفاهم ، وإدامتها ما بين بلديهما ، ولما كان صاحب الجلالة ملك بريطانيا قد تعهد في معاهدة التحالف الموقع عليها في بغداد،في اليوم الثالث عشر من شهر كانون الثاني 1926 ميلادية الموافق لليوم الثامن والعشرين من شهر جمادي الآخر سنة 1344 هجرية ، بأن ينظر نظراً فعلياً ، في فترات متتالية ، مدة كل منها أربع سنوات ، في هل في استطاعته الإلحاح على إدخال العراق في جمعية الأمم ، ولما كانت حكومة جلالة ملك بريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية قد أعلمت الحكومة العراقية ، بلا قيد ولا شرط ، في اليوم الرابع عشر من أيلول سنة 1929 أنها مستعدة لعضد ترشيح العراق لدخول عصبة الأمم سنة 1932، وأعلنت لمجلس العصبة في اليوم الرابع عشر من كانون الأول 1929 أن هذه هي نيتها .
ولما كانت المسؤوليات الانتدابية التي قبلها صاحب الجلالة البريطانية فيما يتعلق بالعراق ، ستنتهي من تلقاء نفسها ، عند إدخال العراق عصبة الأمم ، ولما كان صاحب الجلالة ملك العراق ، وصاحب الجلالة البريطانية ، يريان أن الصلات التي ستقوم بينهما ، بصفة كونهما مستقلين،ينبغي تحديدها بعقد معاهدة تحالف وصداقة . فقد اتفقا على عقد معاهدة جديدة ، لبلوغ هذه الغاية ، على قواعد الحرية والمساواة التامتين ، والاستقلال التام تصبح نافذة عند دخول العراق عصبة الأمم ،وقد عينا عنهما مندوبين مفوضين هما :
عن جلالة ملك العراق : نوري باشا السعيد ،رئيس الوزراء ووزير الخارجية ، حامل وسامي النهضة والاستقلال من الصنف الثاني .
وعن جلالة ملك بريطانيا العظمى وأيرلندا ، والممتلكات البريطانية وراء البحار إمبراطور الهند اللفتنانت كولونيل السر[هنري هيمفريز ] المعتمد السامي لصاحب الجلالة البريطانية في العراق .
اللذان بعد أن تبادلا وثائق تفويضهما ، فوجداها صحيحة ، قد اتفقا على ما يلي :
المادة الأولى : يسود سلم وصداقة دائمين بين صاحب الجلالة ملك العراق وصاحب الجلالة البريطانية ، ويؤسس بين الفريقين الساميين المتعاقدين تحالف وثيق ، توطيداً لصداقتهما وتفاهمهما الودي ، وصلاتهما الحسنة ، وتجرى بينهما مشاورة تامة وصريحة في جميع الشؤون السياسية الخارجية ، مما قد يكون له مساس بمصالحهما المشتركة .
ويتعهد كل من الفريقين الساميين المتعاقدين بأن لا يقف من البلاد الأجنبية موقفاً لا يتفق ومعاهدة التحالف هذه ، أو قد يخلق مصاعب للفريق الآخر .
المادة الثانية : يمثل كل من الفريقين الساميين المتعاقدين لدى بلاط الفريق السامي المتعاقد الآخر ممثل سياسي [ دبلوماسي ] يعتمد وفقاً للأصول المرعية .
المادة الثالثة : إذا أدى نزاع بين العراق ودولة ثالثة إلى حالة يترتب عليها خطر قطع العلاقات بتلك الدولة يوحد عندئذٍ الفريقان الساميان المتعاقدان مساعيهما لتسوية ذلك النزاع بالوسائل السلمية وفقاً لأحكام ميثاق عصبة الأمم ، ووفقاً لأي تعهدات دولية أخرى يمكن تطبيقها على تلك الحالة .
المادة الرابعة : إذا اشتبك أحد الفريقين الساميين المتعاقدين في حرب ، رغم أحكام المادة الثالثة أعلاه يبادر حينئذٍ الفريق السامي المتعاقد الآخر فوراً إلى معونته بصفة كونه حليفاً ، وذلك دائماً وفق أحكام المادة التاسعة أدناه .
وفي حالة خطر حرب محدق يبادر الفريقان الساميان المتعاقدان فوراُ إلى توحيد المساعي في اتخاذ تدابير الدفاع المقتضية .
إن معونة صاحب الجلالة ملك العراق ، في حالة حرب ، أو خطر حرب محدق تنحصر في أن يقدم إلى صاحب الجلالة البريطانية في الأراضي العراقية جميع ما في وسعه أن يقدمه من التسهيلات والمساعدات ، ومن ذلك استخدام السكك الحديدية والأنهر،والموانئ ، والمطارات ،ووسائل المواصلات .
المادة الخامسة : من المفهوم بين الفريقين الساميين المتعاقدين أن مسؤولية حفظ الأمن الداخلي في العراق وأيضاً ـ بشرط مراعاة أحكام المادة الرابعة أعلاه ـ مسؤولية الدفاع عن العراق إزاء الاعتداء الخارجي تنحصران في صاحب الجلالة ملك العراق .
مع ذلك يعترف جلالة ملك العراق بان حفظ وحماية مواصلات صاحب الجلالة البريطانية الأساسية بصورة دائمة في جميع الأحوال هما من صالح الفريقين الساميين المتعاقدين المشترك .
فمن أجل ذلك ، وتسهيلاً للقيام بتعهدات صاحب الجلالة البريطانية ، وفقاً للمادة الرابعة أعلاه يتعهد جلالة ملك العراق بأن يمنح صاحب الجلالة البريطانية طيلة مدة التحالف موقعين لقاعدتين جويتين ينتقيهما صاحب الجلالة البريطانية في البصرة ، أو في جوارها ،وموقعاً واحداً لقاعدة جوية ينتقيها صاحب الجلالة البريطانية في غرب نهر الفرات .
وكذلك يأذن جلالة ملك العراق لصاحب الجلالة البريطانية أن يقيم قوات في الأراضي العراقية في الأماكن الأنفة الذكر وفقاً لأحكام ملحق هذه المعاهدة ، على أن يكون مفهوماً أن وجود هذه القوات لن يعتبر بأي حال من الأحوال احتلالاً، ولن يمس على الإطلاق سيادة واستقلال العراق.
المادة السادسة : يعتبر ملحق هذه المعاهدة جزء لا يتجزأ منها .
المادة السابعة : تحل هذه المعاهدة محل معاهدتي التحالف الموقع عليهما في بغداد في اليوم العاشر من شهر تشرين الأول سنة 1922 ميلادية ، والموافق لليوم التاسع عشر من شهر صفر سنة 1341هجرية ، وفي اليوم الثالث عشر من شهر كانون الثاني سنة 1926 ميلادية، الموافق لليوم الثامن والعشرين من شهر جمادي الآخر سنة 1344 هجرية ، مع الاتفاقات الفرعية الملحقة بها ، التي تمسي ملغاة عند دخول هذه المعاهدة حيز التنفيذ . وهذه المعاهدة في نسختين ، في كل من اللغتين العربية والإنكليزية ،ويعتبر النص الأخير المعول عليه .
المادة الثامنة : يعترف الفريقان الساميان المتعاقدان بأنه عند الشروع بتنفيذ هذه المعاهدة تنتهي من تلقاء نفسها ، وبصورة نهائية ، جميع المسؤوليات المترتبة على صاحب الجلالة البريطانية فيما يتعلق بالعراق ، وفقاً لأحكام وثيقة دولية أخرى وينبغي أن يترتب على جلالة ملك العراق وحده . وعلى الفريقين الساميين المتعاقدين أن يبادرا فوراً إلى اتخاذ الوسائل المقتضية لتأمين نقل هذه المسؤوليات إلى جلالة ملك العراق .
المادة التاسعة : ليس في هذه المعاهدة ما يرمي بوجه من الوجوه إلى الإخلال ، أو يخل بالحقوق والتعهدات المترتبة ، أو التي قد تترتب لأحد الفريقين الساميين المتعاقدين وفقاً لميثاق عصبة الأمم ، أو معاهدة تحريم الحرب ، الموقع عليها في باريس في اليوم السابع والعشرين من شهر آب سنة 1928 ميلادية .
المادة العاشرة : إذا نشأ خلاف فيما يتعلق بتطبيق هذه المعاهدة ، أو تفسيرها ولم يوفق الفريقان الساميان المتعاقدان إلى الفصل فيه بالمفاوضة رأساً بينهما يعالج الخلاف حينئذٍ وفقاً لأحكام ميثاق عصبة الأمم .
المادة الحادية عشرة : تبرم هذه المعاهدة ويتم تبادل الإبرام بأسرع ما يمكن ، ثم يجري تنفيذها عند قبول العراق عضواً في عصبة الأمم ، وتظل هذه المعاهدة نافذة لمدة خمس وعشرين سنة ابتداء من تاريخ تنفيذها . وفي أي وقت كان ، بعد عشرين سنة من تاريخ الشروع بتنفيذها ، على الفريقين الساميين المتعاقدين أن يقوما بناء على طلب أحدهما بعقد معاهدة جديدة ينص فيها على الاستمرار على حفظ وحماية مواصلات صاحب الجلالة البريطانية الأساسية في جميع الأحوال وعند الخلاف في هذا الشأن يعرض الخلاف على مجلس عصبة الأمم .
وإقراراً لما تقدم قد وقع كل من المندوبين المفوضين على هذه المعاهدة وختمها بختمه . كتب في بغداد في اليوم الثلاثين من شهر حزيران سنة 1930 ميلادية، الموافق لليوم الثاني من شهر صفر سنة 1349 هجرية .
هنري هيمفريز نوري السعيد
ملحق
فقرة رقم 1
يعين صاحب الجلالة البريطانية ، من حين لأخر، مقدار القوات التي يقيمها جلالته في العراق وفقاً لإحكام المادة الخامسة من هذه المعاهدة ، وذلك بعد مشاورة صاحب الجلالة ملك العراق في الأمر،ويقيم صاحب الجلالة البريطانية قوات في [الهنيدي ] لمدة خمس سنوات ، بعد الشروع بتنفيذ هذه المعاهدة ، وذلك لكي يتمكن صاحب الجلالة ملك العراق من تنظيم القوات المقتضية للحلول محل تلك القوات ، وعند انقضاء تلك المدة تكون قوات صاحب الجلالة البريطانية قد انسحبت من الهنيدي .
ولصاحب الجلالة البريطانية أن يقيم قوات في الموصل لمدة حدها الأعظم خمس سنوات تبتدئ من تاريخ الشروع بتنفيذ هذه المعاهدة ، وبعد ذلك لصاحب الجلالة البريطانية أن يضع قواته في الأماكن المذكورة في المادة الخامسة من هذه المعاهدة ويؤجر صاحب الجلالة ملك العراق مدة هذا التحالف لصاحب الجلالة البريطانية المواقع المقتضية لإسكان قوات صاحب الجلالة البريطانية في تلك الأماكن .
فقرة رقم 2
بشرط مراعاة أي تعديلات قد يتفق الفريقان الساميان المتعاقدان على إحداثها في المستقبل ، تظل الحصانات والامتيازات في شؤون القضاء، والعائدات الأميرية [بما في ذلك الإعفاء من الضرائب ] التي تتمتع بها القوات البريطانية في العراق شاملة القوات المشار إليها في الفقرة الأولى أعلاه ، وتشمل أيضاً قوات صاحب الجلالة البريطانية من جميع الصنوف ،وهي القوات التي يحتمل وجودها في العراق عملاً بأحكام هذه المعاهدة وملحقها ، أو وفقاً لاتفاق يتم عقده بين الفريقين الساميين المتعاقدين وأيضاً يواصل العمل بأحكام أي تشريع محلي له مساس بقوات صاحب الجلالة البريطانية المسلحة ، وتتخذ الحكومة العراقية التدابير المقتضية للتثبت من كون الشروط المتبدلة لا تجعل موقف القوات البريطانية ، فيما يتعلق بالحصانات والامتيازات أقل ملائمة من الوجوه ، من الموقف الذي تتمتع به هذه القوات في تاريخ الشروع في تنفيذ هذه المعاهدة .
فقرة رقم 3
يوافق جلالة ملك العراق على القيام بجميع التسهيلات الممكنة لنقل القوات المذكورة في الفقرة الأولى من هذا الملحق ، وتدريبها وأعالتها، وعلى منحها عين التسهيلات استعمال التلغراف واللاسلكي ، التي تتمتع بها عند الشروع في تنفيذ هذه المعاهدة .
فقرة رقم 4
يتعهد صاحب الجلالة ملك العراق بأن يقدم ، بناء على طلب صاحب الجلالة البريطانية ، وعلى نفقة صاحب الجلالة البريطانية ، وفقاً للشروط التي يتفق عليها الفريقان الساميان المتعاقدان ، حرساً خاصاً من قوات صاحب الجلالة ملك العراق لحماية القواعد الجوية مما قد تشغله قوات صاحب الجلالة البريطانية ، وفقاً لأحكام هذه المعاهدة ، وأن يؤمن سنّ القوانين التشريعية التي قد يقتضيها تنفيذ الشروط الآنفة الذكر .
فقرة رقم 5
يتعهد صاحب الجلالة البريطانية أن يقوم عند كل طلب يطلبه صاحب الجلالة ملك العراق بجميع التسهيلات في الأمور التالية وذلك على نفقة جلالة ملك العراق :
1 ـ تعليم الضباط العراقيين الفنون البحرية والعسكرية والجوية في المملكة المتحدة
2 ـ تقديم الأسلحة والعتاد والتجهيزات والسفن والطائرات من أحدث طراز متيسر إلى قوات جلالة ملك العراق .
3 ـ تقديم ضباط بريطانيين مجربين عسكريين وجويين للخدمة بصفة استشارية في قوات جلالة ملك العراق .
فقرة رقم 6
لما كان من المرغوب فيه توحيد التدريب والأساليب في الجيشين العراقي والبريطاني يتعهد جلالة ملك العراق بأنه إذا رأى ضرورة الالتجاء إلى مدربين عسكريين أجانب فإنهم يختارون من الرعايا البريطانيين .
ويتعهد أيضاً بأن أي أشخاص من قواته من الذين يوفدون إلى الخارج للتدريب العسكري يرسلون إلى مدارس وكليات ودور تدريب عسكرية في بلاد جلالته البريطانية، بشرط أن لا يمنع ذلك صاحب الجلالة ملك العراق من إرسال الأشخاص الذين لا يمكن قبولهم في المعاهد ودور التدريب المذكورة في أي قطر آخر .
ويتعهد أيضاً بأن التجهيزات الأساسية لقوات جلالته ، وأسلحتها ،لا تختلف في نوعها عن أسلحة قوات صاحب الجلالة البريطانية، وتجهيزاتها .
يوافق جلالة ملك العراق على أن يقوم ،عند طلب صاحب الجلالة البريطانية ذلك بجميع التسهيلات الممكنة لمرور قوات صاحب الجلالة البريطانية ، من جميع الصنوف العسكرية ، عبر العراق ، لنقل وخزن جميع المؤن والتجهيزات التي قد تحتاج إليها هذه القوات في أثناء مرورها في العراق وتتناول هذه التسهيلات استخدام طرق العراق وسككه الحديدية ، وطرقه المائية وموانئه ، ومطاراته ، ويؤذن لسفن صاحب الجلالة البريطانية أذناً عاماً في زيارة شط العرب ، بشرط إعلام جلالة ملك العراق ، قبل القيام بتلك الزيارات للموانئ العراقية. (10)
دار الاعتماد ن . س . ف .
بغداد في 30 حزيران 1930
وقبل أن يعرض نوري السعيد معاهدته المشؤومة على مجلس النواب لجأ إلى تأليف حزب سياسي له ضم العناصر التي رشحها في الانتخابات لتكون سنداً له في تصديق المعاهدة فكان [حزب العهد] .
وفي 4 تشرين الأول 1930 أتخذ مجلس الوزراء قراراً بالموافقة على المعاهدة ، وتم دعوة مجلس النواب إلى الاجتماع ، في 16 تشرين الأول ، واتخذ نوري السعيد احتياطات أمنية واسعة النطاق حول بناية المجلس الجديد في بناية جامعة [آل البيت ]،التي ألغاها عند تشكيله لوزارته ، والواقعة في الأعظمية ، حيث أصدر قراراً بضمها إلى حدود أمانة العاصمة ، حيث ينص الدستور على أن يكون مقر مجلس النواب في العاصمة .
وفي اليوم المقرر لمناقشة المعاهدة من قبل مجلس النواب ، تقدم نوري السعيد إلى المجلس بالاقتراح التالي :
{ لما كانت نصوص المعاهدة مع بريطانيا المنعقدة في 30 حزيران 1930 قد نشرت للرأي العام منذ مدة طويلة ، وكانت انتخابات مجلس النواب قد جرت على أساس استفتاء الشعب فيها اقترح على المجلس الموقر أن يوافق على المذاكرة فيها بصورة مستعجلة } .
وقد تمت الموافقة على الاقتراح من قبل رئيس المجلس ، و تم طرح المعاهدة ، بعد نقاش للمعارضة دام 4 ساعات ،للتصويت عليها ، وقد صوت إلى جانب المعاهدة 69 عضواً ضد 13 ، وتغيب 5 أعضاء عن الحضور، وسط هياج وصياح المعارضة المنددة بالمعاهدة .
لم يبق أي عائق أمام نوري السعيد لتصديق المعاهدة فالملك فيصل كان يرأس الوفد المفاوض أثناء عقد المعاهدة ، ومجلس الأعيان يعيينه الملك، ويعمل بأمره .
أما المعارضة فقد أبرق أقطابها المعروفين السادة جعفر أبو التمن ، وناجي السويدي وياسين الهاشمي ، إلى سكرتارية عصبة الأمم، يحتجون على بنود المعاهدة التي لا تضمن للعراق استقلالاً حقيقياً ، وتفسح المجال لبريطانيا باستغلال البلاد حسب ما تقتضيه أغراضها الاستعمارية .