ثورة الإنقاذ الوطني
مرسل: الاثنين مايو 23, 2011 6:30 pm
ثورة الانقاذ الوطني (بالسودان) هي انقلاب عسكري قاده العميد (عمر حسن أحمد البشير) أحد كوادر الجبهة الإسلامية القومية بالجيش السوداني، مطيحا بذلك الحكومة الديمقراطية المنتخبة والتي كان يترأس مجلس وزراءها السيد الصادق المهدي، ويترأس مجلس رأس الدولة السيد أحمد الميرغني.
ماقبل الانقلاب/
في العام 1985 وفي السادس من أبريل أطاح الشعب السوداني بالرئيس الأسبق جعفر نميري الذي حكم السودان 16عاما. وبعد عام واحد من الانتفاضة الشعبية شهدت البلاد انتخابات حرة فاز فيها حزب الأمة وتم تشكيل حكومة ائتلافية مع الحزب الاتحادي الديمقراطي. في عام 1989 تم ائتلاف اخر بين حزب الامة والجبهة الإسلامية القومية وعلى اثره تم تعيين د.حسن الترابي المنتمي إلى الجبهة الإسلامية القومية في منصب نائب رئيس الوزراء. إلا أن الجبهة سرعان ما استقالت من الحكومة بعد أن دخل الصادق المهدي في محادثات سلام مع الحركة الشعبية لتحرير السودان تم بموجبها اتفاق بين الحكومة والحركة الشعبية على وقف إطلاق النار، تبعه إلغاء قانون الشريعة وحل حالة الطوارئ، وإبطال الأحلاف العسكرية مع مصر وليبيا. ولكن وفي الثلاثين من يونيو من نفس العام تم إسقاط حكومة صادق المهدي بعد انقلاب قاده العميد عمر البشير، حيث قامت الحكومة الجديدة بحل كل من البرلمان والأحزاب السياسية ونقابات العمال.
بداية الانقلاب/
ضربة البداية كانت في 30 يونيو 1989 يوم اعلن التلفزيون السوداني عن استيلاء بعض من الضباط التابعين للجيش السودانى على الحكم بقيادة العميد عمر البشير. لم يكن واضحا، في بدء، الأمر للمراقبين، هوية الانقلاب الجديد، مما ساعد الحكومة الجديدة على ان تنال تأييدا واسعا- داخليا وخارجيا- ومن دول كثيرة لا سيما مصر، التي لها وزن كبير في المنطقة. وقامت الحكومة الجديدة بعدد من الاعتقالات الواسعة واعتقلت ضمن من اعتقلت الدكتور حسن الترابي نفسه الذي ظهر وفيما بعد أنه مهندس الانقلاب ورأسه المدبر>
حقيقة الانقلاب/
فيما بعد أظهرت الحكومة هويتها الإسلامية شيئا فشيئا وظهرت تصريحات من قادتها تؤكد تلك الهوية وانتمائها للجماعة الإسلامية في السودان.. وظهر الأمر أكثر بعد إطلاق سراح الترابي وتقلده لمناصب مهمة في الدولة كان آخرها رئيس المجلس الوطني. ومن التصريحات المهمة ما صرح به الرئيس البشير:
ثورة الانقاذ الوطني لا تعرف الفصل بين الدين والسياسة والموضوع غير قابل للنقاش[2]
وكتب النيل أبو قرون (قيادي بارز بالحركة الإسلامية آنذاك):
النظام الإسلامي هو الامثل.. والأحزاب سبب كوارث السودان والحزبية شرك بالله.
النظام الإسلامي يحكم/
بعد أن كشف النظام عن وجهه الإسلامي لاقى معارضة كبيرة من أغلب الدول، كما كان لاعلان الشريعة الإسلامية وما تبعها من احكام عرفية واعتقالات كبيرة أثرا كبيرا في إنشاء التجمع الوطني الديمقراطي المعارض، واستعار الحرب في الجنوب بصورة مكثفة. كما رعت الدول الكبرى التجمع الوطني خصوصا بعد انضمام الحركة الشعبية لتحرير السودان له، ومارست ضغوطا كثيرة على حكومة السودان لكي تلغي القوانين العرفية وتعيد الحكم الديمقراطي. ولكن، ورغم الضغوطات الدولية التي واجهتها الحكومة الجديدة، الا انها كانت لاتبالي كثيراً بل صعدت من نبرات العداء تجاه الدول الغربية، محتمية بخطابها الديني الذي أمال جزءا كبيرا من الشعب لها والذي كان متأثرا بخطابات الحكومة العاطفية التي تحكي عن الجهاد ورفع راية الإسلام وتطبيق الشريعة الإسلامية مما أدي إلى زيادة اعداء الحكومة الذين تكاثروا بعد موقف الحكومة المؤيد للعراق ابان غزوه للكويت ونشوب حرب الخليج الثانية وتمت محاصرة السودان ومقاطعته اقتصادياً من قبل العديد من الدول خصوصا دول الخليج وأوروبا والولايات المتحدة مما أدى إلى تدهور الاقتصاد السوداني بصورة مخيفة.
النظام الانقاذي وتاريخ الأحداث/
آثرت الحكومة السودانية ان لاتخسر جميع الدول العظمى فعقدت صداقات مع الصين وفتحت لها أبواب الاستثمار في مجال النفط الذي دخلته البلاد حديثاً، وبالفعل نجحت شركات التنقيب نجاحاً باهراً ساهم بصورة واضحة في الاقتصاد حيث استقر سعر الدولار وبداء في الانخفض تدريجياً وهو الذي كان يساوي 12 جنيهاً سودانياً عند تولي الحكومة للسلطة وتصاعد حتي وصل إلى 3000 جنيهاً سودانياً وتجاوزها في السوق السوداء. قبل أن يبدأ في الانخفاض تدريجياً حتى استقر سعره على 2000 جنيه سوداني وبدأت الأزمات الاقتصادية في الانفراج تدريجياً وبالرغم من ذلك لم تستقر الحكومة ولم تنعم بالامن والهناء بسبب سياساتها الخارجية السيئة.
اشارت اصابع الاتهام لتورط الحكومة في مؤامرة ترمي لاغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في سبتمبر1995 بالعاصمة الاثيوبية (اديس ابابا)[4][5].
لم يقف الامر عند ذلك الحد بل تم اتهامها بايواء الارهابيين حيث مكث الاب الروحي والقائد لتنظيم القاعدة اسامه بن لادن فترة من الزمن بالعاصمة السودانية (الخرطوم).
في 1999 وفي ديسمبر أصدر الرئيس البشير مرسوما أعلن فيه حالة الطوارئ في البلاد لفترة ثلاثة أشهر كما أمر بحل البرلمان مانعاً بذلك نقاشاً برلمانياً من أجل إجراء تعديل دستوري يحد من سلطته. تلك القرارات التي سميت في الفقه السياسي السودانى بـ(قرارات رمضان) كانت بداية مفاصلة كبيرة داخل الحكم الإسلامي قاد أحد شقيها الدكتور الترابي وقاد الشق الثاني المشير البشير ومعه تلميذ الترابي الأكبر علي عثمان محمد طه.
بعد المفاصلة الشهيرة بدأت تتكشف كثير من الحقائق على إثر تبادل الطرفان لاتهامات بالفساد والمحسوبية وسوء استغلال المناصب.
كل هذا يحدث والحكومة تحارب تمردا في جنوب السودان بقيادة جون قرنق دي مبيور وهو ضابط بالقوات المسلحة السودانية، وظهر تمرد آخر بغرب السودان وحتى في الشمال حدثت اشتباكات بين الاهالي وقوات الحكومة بسبب تهجير المواطنين من قراهم وذلك لقيام مشروع (سد مروي).
ظهر للشعب فساد الحكومة ورجالها خصوصا بعد التصريحات المتضاربة من الحكومة. وتحدث الشارع العام عن الفضائح التي طفت على السطح خاصة بعد انشقاق الحزب.
تم في مايو 2000م تداول ما سمي بالكتاب الأسود الذي لم يعرف ناشروه، في الخرطوم حيث وثق الكتاب لأحداث التمييز والتهميش والأعمال الوحشية التي نفذتها الدولة في غرب السودان[4].
سجل مجلس الأمن للحكومة السودانية انتهاكات عدة لحقوق الإنسان في الجنوب والغرب وفي وسط السودان واستصدر مجلس الأمن عدد من القرارات في ذلك الشأن.
ولكن وفي العام 2004 م وافقت الحكومة والجيش الشعبي/الحركة الشعبية لتحرير السودان على بروتوكول تقاسم السلطة والبروتوكلات المتعلقة بالمناطق الثلاثة، منهين بذلك المفاوضات الثنائية. هذا والتزمت الأحزاب رسميا (في إعلان نيروبي في 5 يونيو) بتعزيز العمل المشترك على وقف دائم لإطلاق النار، وتطبيق الاتفاق وتفاصيله التقنية. منهيا بذلك أطول حرب في تاريخ القارة الأفريقية وهي حرب الجنوب.
رغم أنتهاء الحرب في الجنوب إلا أن سياسات الحكومة تجاه دارفور ادت إلى تفاقم أزمة دارفور الشهيرة مما أدى إلى استصدار قرارات متتالية تدين السودان من قبل مجلس الأمن وتحملها مسؤلية قوات الجنجويد [6] التي مارست الإبادة الجماعية بالسودان.
بلغ الاحراج السياسي من الحكومة مبلغه عندما رفع المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية (لويس مورينو أوكامبو)مذكرة للمحكمة تطالب بتوقيف الرئيس لارتكابه جريمتي الإبادة الجماعية والاغتصاب بغرب السودان بدار فور مما سبب احراجاً كبيرا للحكومة السودانية.