قياس قوة الدولة
مرسل: الثلاثاء مايو 24, 2011 5:11 pm
معايير قياس قوة الدولة
تعتبر قوة الدولة حجر الزاوية في تحديد أبعاد الدور الذي تؤديه على مسرح الحياة السياسية الدولية، ولعل من الموضوعية الإشارة الى بعض التعاريف الخاصة بمفهوم القوة: فقد عرفها (إسماعيل مقلد) بأن المقدرة في التأثير على السلوك في الدول الأخرى، بالكيفية التي تخدم أهداف الدولة المالكة لها؛ ومن غير ذلك، قد تكون الدولة غنية أو كبيرة أو عظيمة ولكنها ليست قوية*1.
وعرفها آخرون بأنها فاعلية الدولة ووزنها في المجال الدولي، الناتجان من قدرتها على توظيف مصادر القوة المتاحة لديها في فرض إرادتها وتحقيق أهدافها ومصالحها القومية، والتأثير في إرادة الدول الأخرى ومصالحها وأهدافها، وقوة الدولة بهذا المعنى تتحدد في ضوء عنصري مصادر القوة، ثم إدارة وتوظيف تلك المصادر؛ لذا، فإن أياً من مصادر القوة لا يكتسب وزناً وتأثيراً بمجرد وجوده، بل يرتبط هذا الوزن والتأثير بالتدخل الواعي لتحويل مصادر القوة المتاحة الى طاقة مؤثرة و سلاح فعال.
لقد كتب المؤرخ الأمريكي (بول كندي) : (أن القوة لدى إمبراطورية ما ليست مطلقة، أو متفردة بذاتها، وإنما هي مسألة نسبية؛ فلا يمكن قياس قوة أو ضعف دولة ما، إلا بالنسبة الى الدول الأخرى من ناحية، وبالنسبة الى قوتها هي ذاتها في فترات مختلفة من تاريخها من ناحية أخرى). ويضيف (أن الانتشار الزائد لإمبراطورية خارج حدودها، مع الإنفاق الزائد على قواها العسكرية للاحتفاظ بهذا الانتشار بمعدل يفوق إنفاقها على الجوانب الداخلية الأخرى، من اقتصادية واجتماعية وعلمية وتعليمية؛ يؤدي مع الوقت الى تفاقم الحالة الاقتصادية، ثم انحسار القوة العظمى واضمحلالها، أي نهاية وجودها الإمبراطوري)*2
لذلك، فقد ظلت حسابات القوة النسبية للدولة مشكلة ملحة تؤرق العاملين في الجغرافيا السياسية، ذلك لأنه لا يمكن في أي حال قياس القوة بالمسطرة والقلم. هكذا، فإن الدارسين يلجئون الى منحى آخر، هو التعرف على بعض الخصائص البارزة في الدول المختلفة، التي تبني بقوة هذه الدولة أو تلك؛ فقد كان المعيار التاريخي الأول للقوة هو المقياس العسكري الذي ساد سابقاً، الى درجة أن قدر الدولة الضعيفة عسكرياً كان الاختفاء أو الخضوع للأقوى، أما اليوم، فقد ضعف تأثير هذا المعيار وإن لم يختفِ، ذلك أن القطاع العسكري قد يستنزف طاقات البلد على حساب الاستثمار في القطاعات المدنية المهمة الضرورية لبقاء الدول*3
أضف الى ذلك ظهور تهديدات جديدة (بيئية، وفيات، تهريب، مخدرات، صراعات عرقية وإثنية ..الخ) تعجز عن معالجتها بالحلول العسكرية التقليدية، قد أدى الى إضعاف القوة العسكرية.
ويمكن القول في المحصلة، إن هذا المعيار لم يعد الأهم أو الأول في قياس القوة، رغم بقائه أساسياً في هذا المجال، ويجدر التأكيد أن قياس القوة العسكرية لا يتم عبر التعداد الرقمي للقوى فحسب، إذ أن حيازة العدد الأكبر من الجنود والعتاد لا تعني القوة العسكرية الأهم، إذ يجب إدخال عناصر أخرى تقنية ونوعية ومعلوماتية وإتصالية وبيولوجية وكيميائية وغيرها، مكوناً أساسياً من مكونات القدرة العسكرية.
أما المعيار الاقتصادي، فيفرض اليوم نفسه بقوة أكثر من أي وقت مضى، فالقوة الاقتصادية تسمح بالتحول نحو القوة العسكرية أو على الأقل تحمل كلفة حيازة مثل هذه القوة العسكرية. ويفيدنا التاريخ الحديث بأن قوة الدول تبني كل شيء على قواعد صناعية، ثم يأتي المعيار الديمغرافي وهو سلاح ذو حدين، فالنمو الزائد للسكان بحسب نظرية (مالتوس) يؤدي الى إضعاف الدولة، وإذا كان العدد مهما في السابق، فلأن المزيد من السكان كان يعني المزيد من الجنود*4
كما يمثل العنصر الجغرافي عنصراً هاماً من عناصر قوة الدولة، إذ إن هناك اعتبارات جغرافية عديدة تؤثر في محصلة القوة القومية للدولة. فحجم الإقليم له أثرٌ في قوة الدولة، إذ أن الدولة ذات المساحة الكبيرة تكون في وضع أحسن من غيرها، لأن كبر حجم الإقليم يوفر لها عمقاً إستراتيجياً، ويجعل احتلالها أمراً صعباً ومكلفاً.
كذلك، فقد دخلت بعض العوامل في قياس قوة الدولة، تكمن في مقدار ما يتمتع به أفرادها من حرية ومساواة، وكلما ازدادت تنشئة الفرد في الدولة على حب الآخرين والابتعاد عن إيذائهم، كانت الجماعة أقوى والدولة أقوى.
تعتبر قوة الدولة حجر الزاوية في تحديد أبعاد الدور الذي تؤديه على مسرح الحياة السياسية الدولية، ولعل من الموضوعية الإشارة الى بعض التعاريف الخاصة بمفهوم القوة: فقد عرفها (إسماعيل مقلد) بأن المقدرة في التأثير على السلوك في الدول الأخرى، بالكيفية التي تخدم أهداف الدولة المالكة لها؛ ومن غير ذلك، قد تكون الدولة غنية أو كبيرة أو عظيمة ولكنها ليست قوية*1.
وعرفها آخرون بأنها فاعلية الدولة ووزنها في المجال الدولي، الناتجان من قدرتها على توظيف مصادر القوة المتاحة لديها في فرض إرادتها وتحقيق أهدافها ومصالحها القومية، والتأثير في إرادة الدول الأخرى ومصالحها وأهدافها، وقوة الدولة بهذا المعنى تتحدد في ضوء عنصري مصادر القوة، ثم إدارة وتوظيف تلك المصادر؛ لذا، فإن أياً من مصادر القوة لا يكتسب وزناً وتأثيراً بمجرد وجوده، بل يرتبط هذا الوزن والتأثير بالتدخل الواعي لتحويل مصادر القوة المتاحة الى طاقة مؤثرة و سلاح فعال.
لقد كتب المؤرخ الأمريكي (بول كندي) : (أن القوة لدى إمبراطورية ما ليست مطلقة، أو متفردة بذاتها، وإنما هي مسألة نسبية؛ فلا يمكن قياس قوة أو ضعف دولة ما، إلا بالنسبة الى الدول الأخرى من ناحية، وبالنسبة الى قوتها هي ذاتها في فترات مختلفة من تاريخها من ناحية أخرى). ويضيف (أن الانتشار الزائد لإمبراطورية خارج حدودها، مع الإنفاق الزائد على قواها العسكرية للاحتفاظ بهذا الانتشار بمعدل يفوق إنفاقها على الجوانب الداخلية الأخرى، من اقتصادية واجتماعية وعلمية وتعليمية؛ يؤدي مع الوقت الى تفاقم الحالة الاقتصادية، ثم انحسار القوة العظمى واضمحلالها، أي نهاية وجودها الإمبراطوري)*2
لذلك، فقد ظلت حسابات القوة النسبية للدولة مشكلة ملحة تؤرق العاملين في الجغرافيا السياسية، ذلك لأنه لا يمكن في أي حال قياس القوة بالمسطرة والقلم. هكذا، فإن الدارسين يلجئون الى منحى آخر، هو التعرف على بعض الخصائص البارزة في الدول المختلفة، التي تبني بقوة هذه الدولة أو تلك؛ فقد كان المعيار التاريخي الأول للقوة هو المقياس العسكري الذي ساد سابقاً، الى درجة أن قدر الدولة الضعيفة عسكرياً كان الاختفاء أو الخضوع للأقوى، أما اليوم، فقد ضعف تأثير هذا المعيار وإن لم يختفِ، ذلك أن القطاع العسكري قد يستنزف طاقات البلد على حساب الاستثمار في القطاعات المدنية المهمة الضرورية لبقاء الدول*3
أضف الى ذلك ظهور تهديدات جديدة (بيئية، وفيات، تهريب، مخدرات، صراعات عرقية وإثنية ..الخ) تعجز عن معالجتها بالحلول العسكرية التقليدية، قد أدى الى إضعاف القوة العسكرية.
ويمكن القول في المحصلة، إن هذا المعيار لم يعد الأهم أو الأول في قياس القوة، رغم بقائه أساسياً في هذا المجال، ويجدر التأكيد أن قياس القوة العسكرية لا يتم عبر التعداد الرقمي للقوى فحسب، إذ أن حيازة العدد الأكبر من الجنود والعتاد لا تعني القوة العسكرية الأهم، إذ يجب إدخال عناصر أخرى تقنية ونوعية ومعلوماتية وإتصالية وبيولوجية وكيميائية وغيرها، مكوناً أساسياً من مكونات القدرة العسكرية.
أما المعيار الاقتصادي، فيفرض اليوم نفسه بقوة أكثر من أي وقت مضى، فالقوة الاقتصادية تسمح بالتحول نحو القوة العسكرية أو على الأقل تحمل كلفة حيازة مثل هذه القوة العسكرية. ويفيدنا التاريخ الحديث بأن قوة الدول تبني كل شيء على قواعد صناعية، ثم يأتي المعيار الديمغرافي وهو سلاح ذو حدين، فالنمو الزائد للسكان بحسب نظرية (مالتوس) يؤدي الى إضعاف الدولة، وإذا كان العدد مهما في السابق، فلأن المزيد من السكان كان يعني المزيد من الجنود*4
كما يمثل العنصر الجغرافي عنصراً هاماً من عناصر قوة الدولة، إذ إن هناك اعتبارات جغرافية عديدة تؤثر في محصلة القوة القومية للدولة. فحجم الإقليم له أثرٌ في قوة الدولة، إذ أن الدولة ذات المساحة الكبيرة تكون في وضع أحسن من غيرها، لأن كبر حجم الإقليم يوفر لها عمقاً إستراتيجياً، ويجعل احتلالها أمراً صعباً ومكلفاً.
كذلك، فقد دخلت بعض العوامل في قياس قوة الدولة، تكمن في مقدار ما يتمتع به أفرادها من حرية ومساواة، وكلما ازدادت تنشئة الفرد في الدولة على حب الآخرين والابتعاد عن إيذائهم، كانت الجماعة أقوى والدولة أقوى.