البرتغال
البرتغال (بالبرتغالية Portugal تلفظ [puɾtuˈɡaɫ])، ورسميا الجمهورية البرتغالية (بالبرتغالية República Portuguesa تلفظ [ʁɛˈpublikɐ puɾtuɡezɐ])، بلد يقع في جنوب غرب أوروبا في شبه الجزيرة الإيبيرية. البرتغال هي أقصى دول أوروبا باتجاه الغرب، [2] ويحدها المحيط الأطلسي إلى الغرب والجنوب وإسبانيا من الشمال والشرق. كما أن أرخبيلي جزر الأزور وماديرا في المحيط الأطلسي هي أيضًا جزء من البرتغال.
استوطنت الأرض داخل حدود البرتغال الحالية بشكل مستمر منذ عصور ما قبل التاريخ. في عام 29 ق.م قطن البلاد الغاليسيون واللوسيتانيين عندما تم دمجها في الإمبراطورية الرومانية باسم مقاطعة لوسيتانيا وجزء من مقاطعة غاليسيا. أثر المستوطنون الرومان بشدة في الثقافة البرتغالية، وخاصة اللغة البرتغالية والتي يستمد معظمها من اللاتينية. في القرن الخامس وبعد سقوط الإمبراطورية الرومانية، خضعت المنطقة لعدة شعوب جرمانية أبرزها السويبيون والقوط الغربيون. في أوائل القرن الثامن غزا المسلمون تلك الممالك الجرمانية وسيطروا على معظم شبه الجزيرة الإيبيرية.
خلال فترة سقوط الأندلس، استوطنت البرتغال كجزء من مملكة غاليسيا. تم الاعتراف بتأسيس المملكة عام 1143 واستقرت حدودها بحلول عام 1249، وهي بذلك تدعي كونها أقدم دولة قومية أوروبية.[3] في القرنين الخامس عشر والسادس عشر ونتيجة للاستكشاف البحري توسعت البرتغال لتصبح إمبراطورية عالمية شملت ممتلكاتها أراض في أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية، وأصبحت قوة عالمية كبرى اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً. كانت الإمبراطورية البرتغالية أولى الامبراطوريات العالمية، [4][5][6] وأطولها عمراً. في عام 1580 بعد أزمة الخلافة على العرش اتحدت مع إسبانيا لفترة عرفت بالاتحاد الإيبيري، ولكن في عام 1640 نالت استقلالها التام خلال حرب الاستعادة البرتغالية والتي أدت إلى إنشاء سلالة جديدة والعودة إلى الفصل السابق بين الإمبراطوريتين.
أدى كل من زلزال لشبونة عام 1755 والغزوات الإسبانية والفرنسية، والتي تلاها فقدان البرتغال لكبرى مستعمراتها البرازيل، أدى ذلك كله إلى تدهور الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي فضلاً عن تراجع مكانة البرتغال الدولية كقوة عالمية خلال القرن التاسع عشر. بعد الاطاحة بالنظام الملكي في عام 1910، برزت جمهورية ديمقراطية غير مستقرة استبدلت بدكتاتورية "استادو نوفو". بعد الحرب البرتغالية الاستعمارية وثورة القرنفل في عام 1974، استعادت البلاد الديمقراطية وتنازلت عن المقاطعات ما وراء البحار المتبقية (أبرزها أنغولا وموزمبيق في أفريقيا) وسلمت ماكاو إلى الصين في عام 1999.
تعد البرتغال من البلدان المتقدمة، [7] وتحتل المرتبة 19 عالميًا من حيث جودة الحياة، وفقاً لوحدة معلومات الايكونومست. تصنف أيضًا الدولة 13 الأكثر سلمية والبلد الثامن الأكثر عولمة. هي عضو في الاتحاد الأوروبي (انضمت للسوق الأوروبية المشتركة في عام 1986، وتركت الرابطة الأوروبية للتجارة الحرة حيث كانت عضوًا مؤسسًا في 1960) والأمم المتحدة، وكذلك أحد الأعضاء المؤسسين للاتحاد اللاتيني ومنظمة الدول الأيبيرية الأمريكية ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ومنظمة حلف شمال الأطلسي ومجموعة البلدان المتحدثة بالبرتغالية ومنطقة اليورو وأيضًا من دول الشنغن.
التاريخ المبكر
المعبد الروماني ديانا في إفورا.
:الفتح الإسلامي للأندلس
تشترك البرتغال في تاريخها المبكر مع بقية شبه الجزيرة الأيبيرية. يشتق الاسم البرتغال من الاسم الروماني بورتوس كال. أما في الروايات العربية فيقال أن هذه التسمية تعود إلى وفرة أشجار البرتقال وسماها العرب بلاد البرتقال. استوطن المنطقة السلتيون والشعوب التي سبقتهم، مما أدى إلى ظهور الغاليسيين واللوسيتانيين والسلتيسيين والسينيتيين، بالإضافة إلى شعوب أخرى واردة مثل الفينيقيين والقرطاجيين. خضعت المنطقة للحكم الروماني تحت اسم لوسيتانيا من 45 ق.م حتى 298 م، حيث استوطنها السويبيون والبوريون والقوط الغربيون وفتحها لاحقاً المسلمون. من التأثيرات الأخرى الأقل أهمية هي بعض بقايا القرن الخامس من مستوطنات ألان والتي تم العثور عليها في ألنكير وكويمبرا وحتى في لشبونة.[8]
سقوط الأندلس
مقال تفصيلي :مملكة البرتغال
خلال فترة سقوط الأندلس، سيطر المسيحيون الأوروبيون على شبه الجزيرة الإيبيرية من المغاربة المسلمين. في عام 868، تم تشكيل أولى مقاطعات البرتغال. يعتبر عادة الانتصار على المسلمين في معركة أوريكي عام 1139 المناسبة التي حولت مقاطعة البرتغال من إقطاعية لمملكة ليون إلى مملكة البرتغال المستقلة.
في 24 يونيو 1128، وقعت معركة ساو ماميد قرب غيمارايس. هزم أفونسو أنريكي كونت البرتغال، والدته الكونتيسة تيريزا وعشيقها فيرناو بيريس دي ترافا، معلنأ نفسه الزعيم الأوحد. أعلن أفونسو أنريكي رسمياً استقلال البرتغال عندما أعلن نفسه ملكاً على البرتغال في 25 يوليو 1139 بعد معركة أوريكي. اعترف به عام 1143 ألفونسو السابع ملك ليون وقشتالة وفي 1179 من قبل البابا الكسندر الثالث.
اندفع أفونسو أنريكي وخلفائه مدعومين بنظام الرهبانية العسكري جنوباً لطرد المسلمين، حيث كانت مساحة البرتغال نصف مساحتها الحالية. في 1249 انتهى التوسع البرتغالي مع الاستيلاء على ألغارف على الساحل الجنوبي مما أعطى البرتغال حدودها في الوقت الحاضر مع استثناءات طفيفة.
بين عامي 1348-1349 وعلى غرار بقية أوروبا، فقد دمر الطاعون البرتغال.[9] وفي 1373 أقامت البرتغال تحالفاً مع إنجلترا وهو أطول تحالف ديمومة في التاريخ.
في عام 1383 ادعى ملك قشتالة وهو زوج ابنة الملك البرتغالي الذي توفي دون وريث ذكر، حقه في العرش. قامت حينها ثورة شعبية أدت إلى أزمة 1383-1385. هزم فصيل من النبلاء البسطاء والعوام بقيادة جون من أفيز (في وقت لاحق جون الأول) مؤيداً بالجنرال نونو ألفارس بيريرا القشتاليين في معركة ألجوباروتا. يحتفل بهذه المعركة كرمز للمجد والنضال من أجل الاستقلال عن إسبانيا المجاورة.
عهد الاستكشاف والاستعمار
:تاريخ البرتغال (1415–1542)
في العقود التالية، قادت البرتغال استكشاف العالم وبدأ عصر الاستكشاف. أصبح الأمير هنري الملاح ابن الملك جواو الأول، الراعي الرئيسي في هذا المسعى.
في سنة 1415، غزت البرتغال أولى مستعمراتها وراء البحار مدينة سبتة والتي كانت بدورها أكبر مركز تجاري إسلامي مزدهر في شمال أفريقيا. ومن هناك تابعت اكتشافاتها الأولى في المحيط الأطلسي: ماديرا وجزر الأزور والتي أدت إلى حركات الاستعمار الأولى.
الاكتشافات البرتغالية: الأماكن والتواريخ؛ طرق التجارة الرئيسية في المحيط الهندي (أزرق)؛ مناطق تبعت للإمبراطورية البرتغالية تحت حكم الملك جون الثالث (1521–1557) (أخضر).
خلال القرن الخامس عشر أبحر المستكشفون البرتغاليون على طول ساحل أفريقيا. أقاموا مراكز تجارية لأنواع عديدة من السلع القابلة للتداول في ذلك الوقت، بدءاً من الذهب للعبيد وذلك في طريقهم إلى الهند وتوابلها، والتي كانت أوروبا تهيم بها دوماً.
عمدت معاهدة تورديسيلاس إلى حل النزاع الذي حصل بعد عودة كريستوفر كولومبوس. وقعت المعاهدة في 7 يونيو 1494 والتي قسمت العالم خارج أوروبا في احتكار ثنائي حصري بين البرتغاليين والأسبان على طول خط الطول بين الشمال والجنوب 370 فرسخ أو 970 ميل (1,560 كم) غربي جزر الرأس الأخضر.
في سنة 1498، وصل فاسكو دا جاما أخيراً إلى الهند، وبدأ الرخاء الاقتصادي يسود سكان البرتغال البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة آنذاك.
وفي سنة 1500 اكتشف بيدرو ألفاريز كابرال البرازيل لصالح البرتغال.[10] وبعدها بعشرة أعوام قام ألفونسو دي ألبوكيرك بغزو غوا في الهند ومضيق هرمز على الخليج العربي وملقا في ماليزيا الحالية. هكذا سيطرت الإمبراطورية البرتغالية على التجارة في المحيط الهندي وجنوب المحيط الأطلسي. حاول البحارة البرتغاليون الوصول إلى شرق آسيا بالإبحار شرقاً من أوروبا حاطين في أماكن مثل تايوان واليابان وجزيرة تيمور وربما كانوا أول الأوروبيين اكتشافاً لأستراليا وحتى نيوزيلندا.[11]
حددت معاهدة سرقسطة الموقعة في 22 أبريل 1529 بين البرتغال وإسبانيا خط ترسيم الحدود المنصوص عليها في معاهدة تورديسيلاس. فأعطى جزر الملوك إلى البرتغال والفلبين لاسبانيا. ساهمت كل تلك الحقائق في جعل البرتغال قوة كبرى في العالم من الناحية الاقتصادية والعسكرية والسياسية من القرن الخامس عشر إلى بداية القرن السادس عشر.
الاتحاد مع إسبانيا ومحاولة الاستقلال
انقطع استقلال البرتغال بين 1580 و 1640، بسبب مقتل الملك سيباستيان في معركة القصر الكبير في المغرب. استولى فيليب الثاني ملك إسبانيا على عرش البرتغال وأصبح بذلك فيليب الأول ملك البرتغال. على الرغم من أن البرتغال لم تخسر استقلالها الرسمي، فإنها خضعت لنفس الملك الذي حكم إسبانيا، وبالتالي تشكل اتحاد لفترة وجيزة بين المملكتين كاتحاد شخصي.
خريطة للإمبراطورية البرتغالية (1415–1999). الأحمر– الممتلكات الفعلية؛ الزيتوني– الاستكشافات؛ البرتقالي– مناطق التجارة والنفوذ؛ الوردي- المطالب بالسيادة؛ الأخضر– مركز تجارية؛ الأزرق- الاستكشافات والطرق البحرية الرئيسية ومناطق النفوذ
اتحاد التيجان حرم البرتغال من سياسة خارجية مستقلة، وأدى إلى تورط البلاد في حرب السنوات الثمانين وهي الحرب التي خاضتها أوروبا في ذلك الوقت بين إسبانيا وهولندا. أدت الحرب إلى تدهور في العلاقات مع الحليف الأقدم للبرتغال ألا وهي إنكلترا وفقدانها لهرمز أيضاً. بين 1595-1663 وبسبب الحرب الهولندية البرتغالية قامت الشركات الهولندية بمهاجمة المستعمرات البرتغالية وسفن شحنهم، ومصالحهم التجارية في البرازيل وأفريقيا والهند والشرق الأقصى، وتحالفوا مع منافسيهم من الزعماء المحليين، وفككوا احتكار تجارة البرتغال في آسيا. فقد تعرضت مستوطنات الامبراطورية البرتغالية الساحلية والمكشوفة للسقوط الواحدة تلو الاخرى، مما أثبت أنها هدفا أسهل من الامبراطورية الاسبانية[12].
في 1640، قاد جون الرابع انتفاضة مدعومة النبلاء الساخطين وأصبح الملك المعلن. انتهت حرب الاستعادة البرتغالية بين البرتغال وإسبانيا أعقاب ثورة 1640، بعد 60 عاماً من الاتحاد الإيبيري تحت حكم آل هابسبورغ. كانت هذه بداية لبيت براجانزا، الذين حكموا البرتغال حتى عام 1910. في 1 نوفمبر 1755 ضرب زلزال عنيف مدينة لشبونة، وهي أكبر مدينة وعاصمة الإمبراطورية البرتغالية، مما أدى إلى مقتل الآلاف ودمار أجزاء كبيرة من المدينة.[13] في 1762 غزت إسبانيا الأراضي البرتغالية كجزء من حرب السنوات السبع، لكن وبحلول عام 1763 عاد الوضع بين البلدين إلى ما كان عليه قبل الحرب.
خلال القرن الثامن عشر هاجر ما يقرب من 400,000 شخص إلى البرازيل.[14] وفي خريف عام 1807، تحركت القوات الفرنسية بقيادة نابليون لغزو إسبانيا والبرتغال. استطاعت القوات البريطانية البرتغالية بين 1807-1811 من صد الغزو الفرنسي.