صنع القرار الخارجي
مرسل: السبت مايو 28, 2011 6:10 pm
ان دراسة السياسة الخارجية تضعنا أمام أربع علامات استفهام بمثابة أسئلة مفتاحية لدراسة وتحليل السياسة الخارجية وهي : 1- من هو الفاعل الخارجي ، طبيعته ومقوماته وفعالياته وأهدافه. ماذا ؟ بمعني مضمون أو محتوي السياسة الخارجية، 2- المحددات والدوافع والمتغيرات التي تتفاعل وتشكل السلوك الخارجي ، 3- تحويل المدخلات إلي مخرجات ، او ما يعرف بخصائص عملية صنع القرار. تتعدد المداخل او الاقترابات النظرية التي تحاول فهم وتفسير السياسة الخارجية من خلال الإجابة علي هذه الأسئلة أو بعضها ، ويعد اقتراب صنع القرار من الاقترابات الهامة والرئيسية في هذا الشأن ، إذ قدم افتراضات وطرح قواعد تحليلية لفهم طريقة صنع السياسة الخارجية كنقطة محورية للفهم والتحليل. ويقوم تحليل السلوك الخارجي علي افتراض اساسي وهو أن فهم السياسة الخارجية يتم من خلال فهم عملية صنع السياسة الخارجية ذاتها ، حيث يتم الاختيار من بين البدائل، هذا الاختيار بفعل مجموعة من المتغيرات التي يمكن أن تفسر كيف ولماذا يتصرف الفاعلون هكذا.؟ فضلا عن ذلك فان عملية صنع القرار تشكيل بذاتها أحد المتغيرات الأساسية لفهم القرار الناجم عنها ، ويمكن للطريقة التي تتخذ من خلالها القرارات أن تؤثر تأثيرا كبيرا علي محتواها. وبداخل اقتراب صنع القرار تتعدد النماذج النظرية ، فقد تطور هذا الاقتراب منذ تطبيقه في مجال السياسة الخارجية علي يد سنايدر ورفاقه ، إلي أن أصبحت له نماذج متعددة ، نود أولا أن نطرح ملاحظتين اوليتين حول عملية صنع القرار في السياسة الخارجية ، أولاهما ينبغي التمييز بين عملية صنع السياسة وعملية صنع القرار علي أساس أن الأولي أكثر اتساعا وقد تشمل قرارات عديدة وبالتالي عملية صنع القرار هي جزء من عملية صنع السياسة أو إحدي مراحلها كما يمكن في الوقت نفسه تصور صنع قرار بدون صنع سياسة ذلك في ضوء المواقف والمستجدات الطارئة. وبالإضافة إلي التفرقة السابقة يجب أن نلاحظ ارتباط كل منهما بالنشاط الخارجي ، ونعتقد في أهمية هذه التفرقة علي أساس أن عملية صناعة القرار في السياسة الخارجية أكثر تعقيدا من عملية صنع السياسة نفسها. ونقصد هنا القرارات الهامة وليست الروتينية ، فأبعاد الموقف المطلوب القرار بشأنه تحمل تعقيدات كبيرة في كثير من الأحيان ، أما صنع السياسة فيتم في ضوء المبادئ الرئيسية للتوجه العام وقدرات وقيود الدولة داخليا وإقليميا ودوليا ، علي معني أن هناك إطارا أوسع للحركة. كما انه علي صانع القرار في اختياره أن يراعي إلي جانب القدرات والقيود هذه وإشكاليات الموقف وتعقيداته ، سياسة الدولة القائمة بالفعل فقد يكون القرار ضد هذه السياسة أو أنه يحمل تحديا لها. السؤال الذي يطرح نفسه ، هل يجب أن يتوافق صنع القرار أو القرار الذي يتم اتخاذه مع السياسة أو التوجه السائد حتي اتخاذ هذا القرار ؟. بالطبع نعم ، لكن ليس بالضرورة ، فقد يمثل القرار تحولا في السياسة الخارجية لدولة ما ومقدمة لسياسة جديدة ، من هنا تأتي خطورة القرار. . فمثلا قرار الرئيس السادات بزيارة القدس ، قد مثل تحولا في السياسة المصرية نحو التسوية السلمية ، ورغم انه كانت هناك ارهاصات لهذا الاتجاه من قبل زيارة القدس لكن القرار مثل نقطة التحول ، وبالتالي فان صنع القرار يجب أن يؤخذ في الاعتبار كعملية قد تصل لحد أنها أعقد من عملية صنع السياسة نفسها ، يرتبط ذلك بنوع القرار من حيث درجة الأهمية وطبيعته أو مضمونه ومساره وتأثيراته الحالية والمستقبلية ذلك في ضوء الخلفية العامة للموقف أو المشكلة المثارة التي قد تدفع إلي نوع من القرارات وهو عدم اتخاذ قرار تحسبا لـــرد الفعل في حالة اتخاذ القرار. ثانيا : كذلك ينبغي التمييز بين عملية صنع السياسة الخارجية وكذلك عملية صنع القرار في الدول الصغري او المتوسطة حيث لا تخضع لنفس القواعد التي تخضع لها عمليات صناعة السياسة والقرار في الدول الكبري