منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
By سعد الخثران 8-4
#36960
قدوة السلفيين:
إن السلفيين الذين هم أهل السنة والجماعة، يطمع الواحد فيهم في شفاعة حبيبهم محمد صلى الله عليه وسلم، فكيف يتجرأ الواحد منهم على أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم خصمه وحجيجه يوم القيامة؟ يحاجّه ويقيم عليه الحجة أنه أثم بظلمه للناس، يظهر ذلك في حديث صفوان بن سليم الذي يرويه عن ثلاثين من أبناء الصحابة الكرام عن آبائهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من ظلم معاهدًا أو انتقصه، وكلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس منه؛ فأنا حجيجه يوم القيامة». [أخرجه أبو داود 3054 وصححه الألباني].
وزاد البيهقي: وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بإصبعه إلى صدره وهو يقول: «ألا ومن قتل معاهِدًا له ذمة الله وذمة رسوله حرّم الله عليه ريح الجنة، وإن ريحها لتوجد من مسيرة سبعين خريفًا» [البيهقي 18511].
فلا مفر لأهل السنة السلفيين من أن يقيموا الحق ويحكموا بالعدل ويكونوا رحمة للناس كما كان نبيهم صلى الله عليه وسلم الذي قال الله له: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ» [الأنبياء: 107]، وقد ظهر ذلك جليًا في أحداث الانفلات الأمني، وفي غمرة أحداث 25 يناير حينما انبرى السلفيون يؤمِّنون الناس مسلمهم وغير مسلمهم في بيوتهم ودور عبادتهم، بل ويؤمنون لهم الأمان الغذائي، بما كانوا يعلنونه للناس من هدي سيدهم محمد صلى الله عليه وسلم؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم في منع الاحتكار والاستغلال : «من احتكر فهو خاطئ». [متفق عليه].
وقد شارك السلفيين في ذلك جميع فئات ذلك الشعب المجيد، لكن توجيه هؤلاء الأخيار النابع من معرفتهم بأمر ربهم وسنة نبيهم جعلتهم ينظمون تلك اللجان الشعبية ويوزعونها على الأحياء والقرى والمدن.
فلم نسمع في تلك الفترة العصيبة عن قتل نصراني واحد، أو هدم كنيسة واحدة، مع ما كان يعتري البلاد من غياب الأمن والشرطة وانتشار المنحرفين والبلطجية.
ولقد شهد العالم أجمع بره وفاجره بهذه المواقف الإيجابية النبيلة لهؤلاء السلفيين، ومن قبلُ شهد أحد الغربيين «تريتون» لهذا المنهج السلفي فقال: «ولما تدانى أجل عمر بن الخطاب أوصى من بعده وهو على فراش الموت بقوله: أوصي الخليفة من بعدي بأهل الذمة خيرًا، وأن يوفي لهم بعهدهم، وألا يكلفهم فوق طاقتهم». وهذا حديث في البخاري عن عمرو بن ميمون عن عمر بن الخطاب.

صورة السلفيين:
هذه الصورة المشرفة الرائعة التي رأيناها للسلفيين، شهد بها غير المسلمين، والحق ما شهد به الأعداء، هذه الصفحة الجميلة يرسمها لنا المستشرق الفرنسي «هنري سيروي» في كتابه «فلسفة الفكر الإسلامي» فيقول: «محمد صلى الله عليه وسلم لم يغرس في نفوس أتباعه مبدأ التوحيد فقط، بل غرس فيهم أيضًا المدنية والأدب».

إن بضاعة السلفيين ليست إلا ميراثهم من نبيهم صلى الله عليه وسلم، وميراث نبيهم هو العلم، فإن الأنبياء لم يورثوا درهمًا ولا دينارًا، وإنما ورثّوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر.
ثبت عند أبي داود من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ............... فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة». [الترمذي 2676 وصححه الألباني].
قال ابن حبان في «صحيحه» (1/104) في قوله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بسنتي» بيان واضح أن من واظب على السنن، وقال بها، ولم يعرّج على غيرها من الآراء، كان من الفرقة الناجية يوم القيامة، جعلنا الله منهم بمنه وكرمه.
وفي الصحيحين عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم». قال عمران: فلا أدري أقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قرنه مرتين أو ثلاثًا. [متفق عليه].
قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: من كان مستنًا فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تُؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا أفضل هذه الأمة، أبرّها قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا، اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه، وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في آثارهم، وتمسكوا بما استطعتم من دينهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم. [جامع بيان العلم2/ 247].
وقال الأوزاعي رحمه الله: اصبر نفسك على السنة، وقف حيث وقف القوم، وقل بما قالوا، وكفّ عما كفوا عنه، واسلك سبيل سلفك الصالح، فإنه يسعك ما وسعهم. [شرح أصول الاعتقاد 1/154].
وقال شيخ الإسلام: «من خالف قولهم وفسّر القرآن بخلاف تفسيرهم فقد أخطأ في الدليل والمدلول جميعًا». [التفسير الكبير 2/229].
وقال ابن عبدالهادي: لا يجوز إحداث تأويل في آية أو سنة، لم يكن على عهد السلف ولا عرفوه ولا بينوه للأمة.
وصدق مالك رحمه الله حيث قال: «لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها».
فبضاعة السلفيين إيمانهم بنبيهم وتصديقه وتصديق كلام ربهم الذي قال: «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا» [البقرة: 83]. والسؤال الآن: ما الذي قدمته الاتجاهات الليبرالية والعلمانية في واقع الناس من خدمات وسعادة ورفاهية وتطور واستباق حضاري علمي أو عملي؟! ما قدموا إلا تنظيرات وكلمات طنانة وخطب رنانة، وهجوم على غيرهم.
إن كان هؤلاء المهاجمون يدينون بأي دين سماوي فليأتوا لنا بما يؤيدهم ويؤيد أطروحاتهم مما أمرهم به هذا الدين السماوي؟! «قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (49) فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ» [القصص:50].