منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
#36983
قال تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا) المائدة 3. جعل الله عز وجل القرآن الكريم شريعة لكل زمان حتى تقوم الساعة، وارتضاء الله عز
وجل الإسلام دينا لأمتنا يقتضى منا ابتداء أن ندرك قيمة هذا الاختيار ونحرص كل الحرص على الاستقامة على هذا الدين جهد ما نمتلك من طاقة وقدرة، ومن يختر غير شرع الله منهجا له فلن ينجو من عقاب ربه ويذوق وبال أمره يوم القيامة.

فالإسلام لم يترك المسلمون دون أن يضع لهم منهجا يسيرون عليه وفق منهج هذا الدين الذى يتمثل فى نظام شامل متكامل يحكم كل جوانب الحياة، وما من عقيدة أو نظام على هذه الأرض يتضمن مقومات هذا الدين، ولو التزم بها أصحاب هذا الدين العالمى الإنسانى الخاتم؛ لسادوا الدنيا كما كانوا.

قد ينادى الكثيرون بالعدل والتسامى، وبالسماحة والحب، وبالتضحية والإيثار، وبالتحرر والمساواة، لكن نداءاتهم خاوية من منهج الدين القويم، فقد تحول الدين إلى وصايا على المنابر وإلى شعائر فى المساجد، وحين يتحول الدين إلى وصايا وشعائر فإن وصاياه لا تنفذ وشعائره لا تكتمل كما نرى الآن فى كل مكان.

وبما أن معظم مجتمعاتنا العربية تعتبر هى فى الحقيقة دور إسلام؛ حتى وإن كان فيها نسبة من المسيحيين؛ إلا أنها تطبق الخطوط العريضة والعناوين الرئيسية من شريعة الإسلام على الكل، مسلمين ومسيحيين؛ لا شرائع الغرب.

لا ينكر أحد أن الإسلام قد رفع من شأن المرأة وكرّمها، وأعاد لها حريتها المسلوبة على مر التاريخ، وكفل لها حقوقها كاملة، وحدد لها واجباتها كى يضمن لها الحفاظ على هذه المكانة السامية الرفيعة.

وعبر السنوات الماضية شغلت قضية عمل المرأة حيزا كبيرا فى مناقشات الإعلام وعلى صفحات الجرائد والمجلات، وفى ندوات المفكرين وكتابات الكتـّاب، واصطدمت وجهتا النظر؛ واحدة تؤيد عمل المرأة والأخرى ترفضه، وكل فريق يدافع عن رأيه دفاعا مستميتا لا يقبل التنازل عنه أبدا، وأعتقد أن قد آن الأوان لمناقشة الموضوع مناقشة هادئة، تخلو من التعصب للرأى، وتقارع الحجة بالحجة، ليخرج المتحاورون وهم على بينة من أمرهم لا يفسد اختلافهم فى الرأى قضية الود بينهم.

بداية.. يجب أن نقر بأن خروج المرأة للعمل مهما كان نوع هذا العمل كارثة على بيتها وعلى مجتمعها، ما لم يكن خروجها للعمل لضرورة مالية أو نفسية أو مجتمعية، أما أن يتطوع الناس بها نساء أو رجالا وهم قادرون على اجتنابها؛ فتلك هى اللعنة التى تصيب الأرواح والعقول والضمائر التى تهاونت منذ زمن طويل، ورضيت بنزول المرأة إلى العمل تقليدًا للغرب، وتـُركت المرأة كى تعمل بدعوى التقدم والتحرر، فكانت النتائج المدمرة فى مجتمعاتنا العربية فيما نراه من انفلات فى الأخلاق، واختلاط فى العمل وابتعاد عن الدين الذى ارتضاه الله لنا منهجا، فابتعدنا عنه وشقيت مجتمعاتنا نتيجة لذلك، وكثرت حالات الطلاق نتيجة تحرر المرأة وحريتها المزعومة فى العمل؛ سياسيا كان أو غير سياسى.

إن أساس بناء المجتمعات السليمة أساسه بناء الأسر على أسس سليمة، وما لم تعد المرأة إلى مزاولة عملها الأهم والأسمى وهو بناء المجتمعات وتربية النشء على أسس دينية قويمة؛ فلن تتقدم مجتمعاتنا أبدًا وسنظل نراوح فى مكاننا الذى يناسبنا فى ذيل الأمم، ولن تتحسن أحوالنا وفينا من يجهل أن البناء السليم لا بد له من تفرغ وعطاء كاملين غير منقوصين، فكيف تستطيع الأم أو الزوجة أن تعمل ونصف عقلها مشغول بأبنائها أو زوجها؟

قد لا يعجب قولى هذا الكثيرات من مدعيات التحرر والمساواة، لكن ما نراه فى مجتمعاتنا من مصائب ومفاسد وتأخر وابتعاد عن الدين يكمم كل الأفواه عن التشدق بالسؤال: هل تريدين عودة المرأة إلى البيت لتطبخ وتكنس؟ وماذا عن شهادتها التى حصلت عليها؟ وهل خلقت المرأة كى تعمل جارية؟ إن عودة المرأة للبيت كى تساهم فى بناء المجتمع ليس فيه أى انتقاص لها أو تقليل من شأنها، بل هو إعلاء وتكريم لمكانتها لا يدانيه تكريم، وحفظ لها من مخاطر العمل وشروره المبطنة.

إن الرجوع للحق يا سادة أفضل من التمادى فى الباطل، فلنرجع إلى الحق وإلى ديننا القويم الذى ارتضاه الله عز وجل لنا، ولنتذكر قول الله عز وجل فى سورة الفاتحة التى نقرؤها دوما فى صلاتنا: (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم)، هذا الصراط الذى ابتعدنا عنه عندما خالفنا أوامر الله عز وجل، فشقيت مجتمعاتنا وتأخرت، اللهم ألهم نساءنا ورجالنا الصواب كى نعود إلى صراطك المستقيم كى ترضى عنا فنكون من الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، آمين.