منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

#37157
تآكل المصالح القومية الأمريكية

شهدت السنوات التي انقضت منذ انتهاء الحرب الباردة مناقشات عنيفة واسعة النطاق يسودها الخلط حول المصالح القومية الأمريكية. وينشأ قدر كبير من هذا الخلط من تعقد العالم بعد انتهاء الحرب الباردة. وتعددت التفسيرات للبيئة الجديدة، فشملت نهاية التاريخ، والصراع بين قطبين هما البلدان الغنية والبلدان الفقيرة، وحركة العودة إلى سياسة القوة التقليدية التي لها مستقبل، وانتشار الصراع بين الأعراق الذي وصل إلى حد الفوضى، وصراع الحضارات، والصراع بين الاتجاه نحو الاندماج والاتجاه نحو التفتت. والعالم الجديد هو كل هذه الأشياء، وبذلك، يوجد سبب كافٍ لعدم التأكد من المصالح الأمريكية فيه. ولكن ليس هذا هو المصدر الوحيد للخلط. فالجهود المبذولة لتحديد المصلحة القومية تفترض مسبقا الاتفاق على طبيعة البلد المطلوب تحديد مصالحه. والمصلحة القومية مستمدة من الهوية القومية. وعلينا أن نعرف من نحن قبل أن نستطيع معرفة ما هي مصالحنا.



فالهوية الأمريكية، من الناحية التاريخية، لها مكوِّنان أساسيان: الثقافة والعقيدة. والثقافة هي قيم ومؤسسات المستوطنين الأصليين الذين هم من أوروبا الشمالية، وهم، أساسا، بريطانيون مسيحيون، وأساسا، بروتستانت. وهذه الثقافة كان أهم ما اشتملت عليه اللغة الإنجليزية والتقاليد الإنجليزية المتصلة بالعلاقات بين الكنيسة والدولة ومكان الفرد في المجتمع. وفي ثنايا ثلاثة قرون، اندمج السود في هذه الثقافة ببطء، وكان اندماجهم جزئيا. والمهاجرون من أوروبا الغربية والجنوبية والشرقية كان اندماجهم أكمل، وتطورت الثقافة الأصلية ودخلت عليها تعديلات، ولكنها لم تتغير تغيرا جوهريا نتيجة لذلك. وأدرك مايكل ليند، في كتاب "الأمة الأمريكية التالية "، المعالم العامة لهذا التطور، عندما زعم أن الثقافة الأمريكية تطورت في ثلاثة أطوار: أمريكا الإنجليزية (1789- 1861)، وأمريكا الأوروبية، (1875- 1957) وأمريكا المتعددة الثقافات حتى الوقت الراهن). والتحديد الثقافي للهوية القومية يفترض أن الثقافة متصلة اتصالا أساسيا، برغم ما قد يطرأ عليها من تغير.