من سنغافورة مع التحية
مرسل: الأحد مايو 29, 2011 3:59 am
النظام السياسي في سنغافورة يكتنفه غموض، فهو ليس ديمقراطياً تماماً، والحزب الحاكم على سدة الحكم منذ أكثر من نصف قرن، إلا أن الأمور تسير بانضباط عجيب، على الرغم من أصوات المعارضة التي لم يبدُ لي أنها تلقى الكثير من التجاوب من الناس هنا، فأغلب الناس منشغلة في تسيير حياتها وشؤون أعمالها وبناء دولتها، في ظل بيئة رحبة تسمح بذلك، ولا يبدو لي أنها تجد حاجة ملحة للانشغال بالهمّ السياسي.
أكتب هذه المقالة من غرفتي في الفندق المطل على شارع أورتشارد الشهير، في سنغافورة العاصمة، فأنا هنا منذ أيام.
سنغافورة مدينة أحبها، ولا أظن أنها لا تحبني، فقد زرتها مرات عدة قبل هذه المرة، وفي كل مرة آتيها أتوقف مشدوها عند الأمور نفسها وأكثر.
فالنظام والانضباط هنا خارقان، والناس تسير في مسارات منظمة في كل شأن من شؤون الحياة، تماماً كساعات سويسرية لا تعرف الخلل، أناس قرروا جميعهم أن انضباطهم وتعاونهم واتفاقهم هي سبيل بقائهم ونجاح دولتهم.
أعراق مختلفة من البشر، صينيون ومالاي وهنود وغيرهم، تمازجوا واندمج بعضهم ببعض لبناء هذه الدولة في جزيرة سنغافورة الصغيرة، التي لا يتجاوز حجمها مئة وأربعين كيلومتراً مربعاً، والتي غدت خلال السنوات العشرين الماضية، واحدة من الدول الأكثر تقدما في العالم.
سباق مع الزمن
سنغافورة نموذج حضاري حديث يستحق التأمل كثيراً، ويستحق أن تتعلم منه بقية الدول وتقتدي به، ومسيرتها الحضارية التي قادها رئيس وزرائها السابق «لي كوان يو» هي مسيرة مبهرة مليئة بالدروس والعبر، يجب الاطلاع عليها من خلال كتاب «قصة سنغافورة» الذي نشرته دار العبيكان، وكذلك كتاب «سنغافورة من العالم الثالث إلى الأول» الذي صدر عن نفس الدار، يستحق القراءة أيضاً.
تقول بعض المصادر التي ورجعت إليها إن سنغافورة تعد من الدول الأقل فساداً إدارياً في العالم أجمع، والحقيقة أن هذا الشيء ما يدهشني، بل يمكن الإحساس به من خلال النظر إلى كل مناحيها وإلى حركة نموها وحضارتها، فالدولة تسابق الزمن، والتطوير فيها لا يتوقف، وفي كل مرة أزورها أنبهر عاجزاً عن حصر ما زاد فيها من عمران وتطوير.
النظام السياسي في سنغافورة يكتنفه غموض، فهو ليس ديمقراطياً تماماً، والحزب الحاكم على سدة الحكم منذ أكثر من نصف قرن، إلا أن الأمور تسير بانضباط عجيب، على الرغم من أصوات المعارضة التي لم يبدُ لي أنها تلقى الكثير من التجاوب من الناس هنا، فأغلب الناس منشغلة في تسيير حياتها وشؤون أعمالها وبناء دولتها، في ظل بيئة رحبة تسمح بذلك، ولا يبدو لي أنها تجد حاجة ملحة للانشغال بالهمّ السياسي، وعلى أي حال يبقى هذا الموضوع يستحق تفصيلاً وبحثاً أكثر.
سنغافورة بلد يستحق الزيارة، على الرغم من رطوبته الشديدة، ومطره الذي يستمر لأيام وأيام أحياناً، ففيها من المشاهد السياحية والوجهات الكثير، وفيها من أماكن الترفيه ما يمكن أن يدهش كل الأعمار والمزاجات، وفيها الكثير من مراكز التسوق التي تكتظ بالماركات العالمية، أي أنها وبكل اختصار بلاد تناسب كل الأذواق، لكن لينتبه الجميع، فالبلد ليس رخيصا أبداً، ومن يقرر المجيء إليه، فليستعد بميزانية معتبرة.
كتبه / د. ساجد العبدلي
أكتب هذه المقالة من غرفتي في الفندق المطل على شارع أورتشارد الشهير، في سنغافورة العاصمة، فأنا هنا منذ أيام.
سنغافورة مدينة أحبها، ولا أظن أنها لا تحبني، فقد زرتها مرات عدة قبل هذه المرة، وفي كل مرة آتيها أتوقف مشدوها عند الأمور نفسها وأكثر.
فالنظام والانضباط هنا خارقان، والناس تسير في مسارات منظمة في كل شأن من شؤون الحياة، تماماً كساعات سويسرية لا تعرف الخلل، أناس قرروا جميعهم أن انضباطهم وتعاونهم واتفاقهم هي سبيل بقائهم ونجاح دولتهم.
أعراق مختلفة من البشر، صينيون ومالاي وهنود وغيرهم، تمازجوا واندمج بعضهم ببعض لبناء هذه الدولة في جزيرة سنغافورة الصغيرة، التي لا يتجاوز حجمها مئة وأربعين كيلومتراً مربعاً، والتي غدت خلال السنوات العشرين الماضية، واحدة من الدول الأكثر تقدما في العالم.
سباق مع الزمن
سنغافورة نموذج حضاري حديث يستحق التأمل كثيراً، ويستحق أن تتعلم منه بقية الدول وتقتدي به، ومسيرتها الحضارية التي قادها رئيس وزرائها السابق «لي كوان يو» هي مسيرة مبهرة مليئة بالدروس والعبر، يجب الاطلاع عليها من خلال كتاب «قصة سنغافورة» الذي نشرته دار العبيكان، وكذلك كتاب «سنغافورة من العالم الثالث إلى الأول» الذي صدر عن نفس الدار، يستحق القراءة أيضاً.
تقول بعض المصادر التي ورجعت إليها إن سنغافورة تعد من الدول الأقل فساداً إدارياً في العالم أجمع، والحقيقة أن هذا الشيء ما يدهشني، بل يمكن الإحساس به من خلال النظر إلى كل مناحيها وإلى حركة نموها وحضارتها، فالدولة تسابق الزمن، والتطوير فيها لا يتوقف، وفي كل مرة أزورها أنبهر عاجزاً عن حصر ما زاد فيها من عمران وتطوير.
النظام السياسي في سنغافورة يكتنفه غموض، فهو ليس ديمقراطياً تماماً، والحزب الحاكم على سدة الحكم منذ أكثر من نصف قرن، إلا أن الأمور تسير بانضباط عجيب، على الرغم من أصوات المعارضة التي لم يبدُ لي أنها تلقى الكثير من التجاوب من الناس هنا، فأغلب الناس منشغلة في تسيير حياتها وشؤون أعمالها وبناء دولتها، في ظل بيئة رحبة تسمح بذلك، ولا يبدو لي أنها تجد حاجة ملحة للانشغال بالهمّ السياسي، وعلى أي حال يبقى هذا الموضوع يستحق تفصيلاً وبحثاً أكثر.
سنغافورة بلد يستحق الزيارة، على الرغم من رطوبته الشديدة، ومطره الذي يستمر لأيام وأيام أحياناً، ففيها من المشاهد السياحية والوجهات الكثير، وفيها من أماكن الترفيه ما يمكن أن يدهش كل الأعمار والمزاجات، وفيها الكثير من مراكز التسوق التي تكتظ بالماركات العالمية، أي أنها وبكل اختصار بلاد تناسب كل الأذواق، لكن لينتبه الجميع، فالبلد ليس رخيصا أبداً، ومن يقرر المجيء إليه، فليستعد بميزانية معتبرة.
كتبه / د. ساجد العبدلي