- الأحد مايو 29, 2011 3:57 pm
#37325
اوباما وبوش والحرب على الارهاب
عن: شيكاغو تربيون
ترجمة: علاء غزالة
تسنم الرئيس اوباما منصبه قبل ستة عشر شهرا حاملا مهمة واضحة لمكافحة الارهاب: لا تكن مثل بوش. كما تجنب اوباما -عموما- استخدام مصطلح جورج دبليو بوش القائل "الحرب العالمية على الارهاب." فقد فضل فريق اوباما استخدام مصطلح يقول: "عمليات مكافحة التمرد خارج الولايات المتحدة."
لكن بعد ان وقعت هجمتين فاشلتين على اميركا، والمحاولة غير المتقنة لنشر الرعب قرب غراوند زيرو (أي المنطقة صفر) في منهاتن (وهي التي وقعت فيها هجمات الحادي عشر من ايلول)، فقد اخذت ادارة اوباما بتبني العديد من المواقف التي كانت تنسب الى بوش على انها موقفها الذاتي. فالبيت الابيض الذي واجه نفس التهديدات التي واجهت ادارة بوش قد نضج الى ادراك الحقيقة الواقعة: ان حماية الامن القومي الاميركي يتطلب اجراءات اكثر شدة مما كان اوباما وشركاه يعتقدون عندما كانوا مجرد منتقدين من الخارج، يتفرجون على ما يجري. واليك خمسة امثلة:
مدد اوباما، في وقت سابق من هذا العام، فترة نفاذ ثلاثة قوانين رئيسة تعتبر في صلب سياسة بوش لمكافحة الارهاب، والتي يطلق عليها (قانون الوطنية). احد هذه القوانين يجيز "التنصت المتنقل" على المشتبه بهم الذين يستبدلون اجهزتهم الخليوية للتمويه، بينما يسمح الاخر للوكالات الفيدرالية ان تطلب احضار بيانات مثل سجلات المكتبات العامة.
وبالمثل، واصل اوباما احدى ممارسات بوش المعروفة بالاناطة rendition، وهو ارسال الارهابيين المشتبهين الى بلدان ثالثة واناطة امور الاعتقال والتحقيق معهم بذمة تلك الدول. وعلى الرغم من اعلان اوباما وتشديده على انهاء هذه الممارسة، فقد انتهى الى الموافقة عليها بشرط ان يحصل السجناء المرسلون الى تلك البلدان على معاملة افضل، لضمان عدم تعرضهم الى التعذيب.
وأجبر اوباما على رفض قرار المدعي العام، ايرك هولدر، القاضي بمحاكمة خالد شيخ محمد، المتهم بانه العقل المدبر لاحداث الحادي عشر من ايلول، في محكمة مانهاتن الفيدرالية. وكان هولدر قد أطر قراره على انه اخلاقي وقانوني: سوف تنأى ادارة اوباما بنفسها عن سلفها عن طريق اظهار التزامها بتطبيق القانون. لكن ثبت ان دعوة هولدر ليست الا فكرة بليدة بسبب المصاعب الامنية الجمة والكلفة المالية الضخمة التي تتطلبها اجراء المحاكمة في ذلك الموقع.
ووجدت ادارة اوباما نفسها في المحكمة تدافع عن الصلاحيات الرئاسية المتعلقة بالارهاب، والتي كانت ادارة بوش قد فرضتها. ففي قضية الرقابة الغير مصرح بها، على سبيل المثال، حاول المسؤولون في ادارة اوباما دون جدوى ايقاف دعوى قانونية تتعبر ان بوش قد خرق القانون حينما اجاز التجسس على المشتبهين بالارهاب بدون الحصول على تخويل قضائي. وجادل مسؤولو ادارة اوباما، كما فعل بوش، بان "الصلاحيات الرئاسية المتعلقة باسرار الدولة" تتفوق على القانون الفيدرالي فيما يخص شؤون الامن القومي.
وعندما تعلق الامر باستجواب المشتبهين بالارهاب فان الادارة بدأت بالتراجع عن اصرارها على اتخاذ الاجراءات القانونية حسب القواعد النافذة بحيث صارت توجه التهم الى الارهابيين بسرعة قبل ان تتيح لهم بحث الامر مع محاميهم، كما حدث مع المشتبه النايجيري في تهمة محاولة تفجير الطائرة المتجهة الى ديترويت يوم عيد الميلاد. فقد تم اجراء تحقيق مكثف مع المشتبه به، عمر فاروق عبد المطلب، لمدة خمسين دقيقة قبل ان يتلى عليه حقه في التزام الصمت، وهو ما قام به لاحقا. وقد صرح هولدر، يوم الاحد، ان الادارة تسعى الى اصدار قانون جديد يتيح للمحققين ان يجروا تحقيقاتهم مع المشتبهين بالارهاب حتى قبل ان تتلى عليهم حقوقوهم. يا لها من خطوة موفقة.
لقد حظيت ادارة اوباما بنعمة فشل محاولتين ارهابيتين في مدى خمسة اشهر: حادثة طائرة يوم عيد الميلاد ومحاولة يوم الاول من آيار في ساحة تايمز سكوير التي قام بها فيصل شهيد، المواطن الباكستاني الاصل والحاصل على الجنسية الاميركية. ويبدو الان انه قد حصل على المساعدة من داخل هذه البلاد (اميركا). ففي يوم الثلاثاء القى العملاء الفيدراليون القبض على ثلاثة رجال باكستانيين يشتبه بتقديمهم الاموال الى شهيد.
طرحت هذه المحاولات الفاشلة اسئلة مهمة جديدة حول الاستحضارات الامنية. لذا فانه لامر مشجع ان تسمع نبرة مختلفة من هولدر يوم الاحد. اخيرا، اعترف المدعي العام ان الولايات المتحدة تواجه عدوا لا يلعب حسب القواعد المكتوبة.
وأكد هولد الى ان الادارة سوف تسعى الى منح المحققين مساحة اوسع في استجواب المشتبهين بالارهاب بدون قراءة حقوقهم عليهم. هذا الامر سوف يكون استثناءا من قاعدة ميراندا، والتي تنص على وجوب اعلام المشتبه به بحقه في التزام الصمت واستشارة المحامين.
وقال انه سوف يعمل على "ان يقدم مقترحا يتوافق مع الدستور ويكون مع ذلك مناسبا لعصرنا الراهن والتهديدات التي نواجهها الان."
(التهديدات التي نواجهها الان). يتحدث هولدر من الخبرة الراهنة، من الثغرات الامنية التي فضحتها المحاولتين الارهابيتين الفاشلتين. تعكس كلماته الحاجة الملحة. لا يستطيع هولدر واوباما ان يسألا بأدب طالبان في الباكستان، وهي الحركة المرتبطة بهجمة تايمز سكوير، ان تتفضل عليهما بتأجيل الهجمة الارهابية التالية على الولايات المتحدة لبضعة شهور، حتى يتسنى للكونغرس ان يتنازع حول الاستثناء الجديد من قاعدة ميراندا. او ان يطلبا منها ان تمتنع عن القيام بالهجمات لمدة عام قبل ان تفصل المحاكم المختصة بدستورية او عدم دستورية قوانين التحقيق الجديدة. او ان تنتظر (طالبان) حتى يتم استجواب المسؤولين حول المحاكم العسكرية، او الاناطة، او غيرها من القضايا.
ان اولى الاولويات بعد ابطال هجمة ما هي جمع المعلومات الاستخبارية حول التهديد المحدق، والتعرف على كيفية تدريب وارسال المشتبه به. هذا الامر يطغى على الحاجة الى معاملة المشتبهين بالارهاب على انهم مجرمين عاديين، ويعني هذا مراجعة جميع الاجراءات القانونية الضرورية للحصول على الادانة مستقبلا في المحاكم الفيدرالية. تعيش ادارة اوباما نفس الواقع الذي عاشه البيت الابيض في فترة حكم بوش: الهجمة التالية قد تحصل هذا اليوم او غدا او في العام القادم. لكنها آتية لامحالة.
عن: شيكاغو تربيون
ترجمة: علاء غزالة
تسنم الرئيس اوباما منصبه قبل ستة عشر شهرا حاملا مهمة واضحة لمكافحة الارهاب: لا تكن مثل بوش. كما تجنب اوباما -عموما- استخدام مصطلح جورج دبليو بوش القائل "الحرب العالمية على الارهاب." فقد فضل فريق اوباما استخدام مصطلح يقول: "عمليات مكافحة التمرد خارج الولايات المتحدة."
لكن بعد ان وقعت هجمتين فاشلتين على اميركا، والمحاولة غير المتقنة لنشر الرعب قرب غراوند زيرو (أي المنطقة صفر) في منهاتن (وهي التي وقعت فيها هجمات الحادي عشر من ايلول)، فقد اخذت ادارة اوباما بتبني العديد من المواقف التي كانت تنسب الى بوش على انها موقفها الذاتي. فالبيت الابيض الذي واجه نفس التهديدات التي واجهت ادارة بوش قد نضج الى ادراك الحقيقة الواقعة: ان حماية الامن القومي الاميركي يتطلب اجراءات اكثر شدة مما كان اوباما وشركاه يعتقدون عندما كانوا مجرد منتقدين من الخارج، يتفرجون على ما يجري. واليك خمسة امثلة:
مدد اوباما، في وقت سابق من هذا العام، فترة نفاذ ثلاثة قوانين رئيسة تعتبر في صلب سياسة بوش لمكافحة الارهاب، والتي يطلق عليها (قانون الوطنية). احد هذه القوانين يجيز "التنصت المتنقل" على المشتبه بهم الذين يستبدلون اجهزتهم الخليوية للتمويه، بينما يسمح الاخر للوكالات الفيدرالية ان تطلب احضار بيانات مثل سجلات المكتبات العامة.
وبالمثل، واصل اوباما احدى ممارسات بوش المعروفة بالاناطة rendition، وهو ارسال الارهابيين المشتبهين الى بلدان ثالثة واناطة امور الاعتقال والتحقيق معهم بذمة تلك الدول. وعلى الرغم من اعلان اوباما وتشديده على انهاء هذه الممارسة، فقد انتهى الى الموافقة عليها بشرط ان يحصل السجناء المرسلون الى تلك البلدان على معاملة افضل، لضمان عدم تعرضهم الى التعذيب.
وأجبر اوباما على رفض قرار المدعي العام، ايرك هولدر، القاضي بمحاكمة خالد شيخ محمد، المتهم بانه العقل المدبر لاحداث الحادي عشر من ايلول، في محكمة مانهاتن الفيدرالية. وكان هولدر قد أطر قراره على انه اخلاقي وقانوني: سوف تنأى ادارة اوباما بنفسها عن سلفها عن طريق اظهار التزامها بتطبيق القانون. لكن ثبت ان دعوة هولدر ليست الا فكرة بليدة بسبب المصاعب الامنية الجمة والكلفة المالية الضخمة التي تتطلبها اجراء المحاكمة في ذلك الموقع.
ووجدت ادارة اوباما نفسها في المحكمة تدافع عن الصلاحيات الرئاسية المتعلقة بالارهاب، والتي كانت ادارة بوش قد فرضتها. ففي قضية الرقابة الغير مصرح بها، على سبيل المثال، حاول المسؤولون في ادارة اوباما دون جدوى ايقاف دعوى قانونية تتعبر ان بوش قد خرق القانون حينما اجاز التجسس على المشتبهين بالارهاب بدون الحصول على تخويل قضائي. وجادل مسؤولو ادارة اوباما، كما فعل بوش، بان "الصلاحيات الرئاسية المتعلقة باسرار الدولة" تتفوق على القانون الفيدرالي فيما يخص شؤون الامن القومي.
وعندما تعلق الامر باستجواب المشتبهين بالارهاب فان الادارة بدأت بالتراجع عن اصرارها على اتخاذ الاجراءات القانونية حسب القواعد النافذة بحيث صارت توجه التهم الى الارهابيين بسرعة قبل ان تتيح لهم بحث الامر مع محاميهم، كما حدث مع المشتبه النايجيري في تهمة محاولة تفجير الطائرة المتجهة الى ديترويت يوم عيد الميلاد. فقد تم اجراء تحقيق مكثف مع المشتبه به، عمر فاروق عبد المطلب، لمدة خمسين دقيقة قبل ان يتلى عليه حقه في التزام الصمت، وهو ما قام به لاحقا. وقد صرح هولدر، يوم الاحد، ان الادارة تسعى الى اصدار قانون جديد يتيح للمحققين ان يجروا تحقيقاتهم مع المشتبهين بالارهاب حتى قبل ان تتلى عليهم حقوقوهم. يا لها من خطوة موفقة.
لقد حظيت ادارة اوباما بنعمة فشل محاولتين ارهابيتين في مدى خمسة اشهر: حادثة طائرة يوم عيد الميلاد ومحاولة يوم الاول من آيار في ساحة تايمز سكوير التي قام بها فيصل شهيد، المواطن الباكستاني الاصل والحاصل على الجنسية الاميركية. ويبدو الان انه قد حصل على المساعدة من داخل هذه البلاد (اميركا). ففي يوم الثلاثاء القى العملاء الفيدراليون القبض على ثلاثة رجال باكستانيين يشتبه بتقديمهم الاموال الى شهيد.
طرحت هذه المحاولات الفاشلة اسئلة مهمة جديدة حول الاستحضارات الامنية. لذا فانه لامر مشجع ان تسمع نبرة مختلفة من هولدر يوم الاحد. اخيرا، اعترف المدعي العام ان الولايات المتحدة تواجه عدوا لا يلعب حسب القواعد المكتوبة.
وأكد هولد الى ان الادارة سوف تسعى الى منح المحققين مساحة اوسع في استجواب المشتبهين بالارهاب بدون قراءة حقوقهم عليهم. هذا الامر سوف يكون استثناءا من قاعدة ميراندا، والتي تنص على وجوب اعلام المشتبه به بحقه في التزام الصمت واستشارة المحامين.
وقال انه سوف يعمل على "ان يقدم مقترحا يتوافق مع الدستور ويكون مع ذلك مناسبا لعصرنا الراهن والتهديدات التي نواجهها الان."
(التهديدات التي نواجهها الان). يتحدث هولدر من الخبرة الراهنة، من الثغرات الامنية التي فضحتها المحاولتين الارهابيتين الفاشلتين. تعكس كلماته الحاجة الملحة. لا يستطيع هولدر واوباما ان يسألا بأدب طالبان في الباكستان، وهي الحركة المرتبطة بهجمة تايمز سكوير، ان تتفضل عليهما بتأجيل الهجمة الارهابية التالية على الولايات المتحدة لبضعة شهور، حتى يتسنى للكونغرس ان يتنازع حول الاستثناء الجديد من قاعدة ميراندا. او ان يطلبا منها ان تمتنع عن القيام بالهجمات لمدة عام قبل ان تفصل المحاكم المختصة بدستورية او عدم دستورية قوانين التحقيق الجديدة. او ان تنتظر (طالبان) حتى يتم استجواب المسؤولين حول المحاكم العسكرية، او الاناطة، او غيرها من القضايا.
ان اولى الاولويات بعد ابطال هجمة ما هي جمع المعلومات الاستخبارية حول التهديد المحدق، والتعرف على كيفية تدريب وارسال المشتبه به. هذا الامر يطغى على الحاجة الى معاملة المشتبهين بالارهاب على انهم مجرمين عاديين، ويعني هذا مراجعة جميع الاجراءات القانونية الضرورية للحصول على الادانة مستقبلا في المحاكم الفيدرالية. تعيش ادارة اوباما نفس الواقع الذي عاشه البيت الابيض في فترة حكم بوش: الهجمة التالية قد تحصل هذا اليوم او غدا او في العام القادم. لكنها آتية لامحالة.