دخول الأقلية بيت طاعة الأكثرية
مرسل: الأحد مايو 29, 2011 9:15 pm
وفاء اسماعيل
خرج المتظاهرون يوم الجمعة 27 مايو الى ميدان التحرير بمصر رغم انسحاب قوات الشرطة والجيش بحجة تلافى اى أعمال شغب تؤدى الى الوقيعة بين الجيش والشعب، ورغم ذلك امتلأ الميدان بآلالآف المتظاهرين قدرعددهم بعشرات أو بمئات الالاف (لا يهم العدد) المهم ان هناك شريحة كبيرة من المصريين خرجوا بطريقة حضارية جدا استطاعوا بدون حماية الجيش والشرطة ان يحموا أنفسهم وان يديروا الميدان بطريقة منظمة وان يعلنوا عن مطالبهم التى نعتبرها حق مكفول لهم حتى ولو اختلفت او تعارضت مع مطالب الاغلبية (أو ما يسمون أنفسهم أغلبية)، واستطاع المتظاهرون توصيل الرسالة التى تجمعوا من اجلها رغم حملات التخويف من احتمالات دخول فئة مندسة من البلطجية وسط المتظاهرين واحتمال استخدام تلك الفئة العنف وضرب النار على المتظاهرين (وهذا الارهاب وحده كان كفيل بعزوف الكثير عن الذهاب للميدان) ورغم ذلك مر اليوم من أروع ما يكون بعد قيام الشباب (ربنا يحميهم) بتأمين مداخل الميدان واسطح المنازل وعملية الدخول والخروج.. وتحقق لهم ما أرادوه من اعلان مطالبهم بطريقة حضارية مهذبة اختصرها خطيب مسجد عمر مكرم (الشيخ مظهر شاهين) فى خطبته الرائعة والمؤثرة، وفى اللافتات التى كتبت عليها تلك المطالب.. ووصلت الرسالة الى من يهمه الامر.
من المؤسف حقا بعد كل هذا ان تأتى بعض النخب المثقفة التى كنا ومازلنا نكن لها كل الأحترام والتقدير وتكتب بلهجة لا تخلو من التشفى تسخر وتستهزأ من اصحاب ثورة 27 مايو او ما يسمى ب (ثورة الغضب) الذين تجاهلوا تحذيرات بعض التيارات الرافضة ليوم الغضب وغالبيتهم من التيارات الاسلامية وبالتحديد الاخوان والسلفيين، ولم يقف الحد عند الاستهزاء والسخرية من اصحاب الغضب، بل تجاوز الأمر لحد توصيف كل من خرج لميدان التحرير يوم 27 مايو بأنهم علمانيين وليبراليين وملحدين واصحاب أجندة خارجية، ولم يتبق على لسان هذه النخب الا أن يعلنوا تكفير كل من خرج للميدان.. البعض الآخر وصف خروج المتظاهرين بأنه انقلاب على الثورة، وانقلاب على استفتاء مارس، وانقلاب على رأى الأغلبية وإرادة الشعب المصرى..!!! مع ان المطالب التى نادى بها المتظاهرون الثوار (واؤكد على أنهم ثوار لان كل من خرج يوم 27 مايو كانوا جزءا من ثورة 25 يناير) كانت مطالب مشروعة فى مجملها لا تختلف عن مطالب التيارات الاسلامية فى كل التظاهرات التى جمعت الكل فى ميدان التحرير من قبل.. فقد نادوا بشعار الشعب والجيش يد واحدة ولم ينكروا على الجيش دوره فى حماية الثورة (وهو واجب وطنى وليس منة من أحد) ونادوا بضرورة تطبيق القانون على الجميع بما فيهم مبارك واسرته وحاشيته دون أى تمييز، ونادوا بإقالة الجمل والوزراء الذين كانوا جزء من النظام السابق، ونادوا بتأسيس دستور جديد للبلاد قبل الانتخابات التشريعية (وهنا مربط الفرس وبند الاختلاف) هذا المطلب الذى اعتبرته الجماعات الاسلامية انقلاب على ارادة الشعب المصرى الذى صوت على تعديل الدستور.. واعتبروه سحب للبساط من تحت أقدامهم ، فى الوقت الذى يعتبر التيار الاسلامى ان هذا المطلب خط احمر لا يجوز المساس به..!!
فى البداية علينا ان نتفق على مبادئ أساسية ان أردنا لهذا البلد ان يرقى لمصاف البلدان الديمقراطية المحترمة، وان نحظى بإحترام شعوب العالم، وهذا لن يتم إلا بحسن إدارتنا لهذا البلد وتحقيق مطالب الثورة التى لن نحيد عنها مهما كلفنا الأمر:
1 - لا يحق لكائن من كان ان يتجاهل أى مطالب مشروعة حتى ولو كانت تخص أقلية.. فمن حق كل أنسان مصرى على أرض مصر ان يرى التغيير واقعا ملموسا للأفضل ينعكس على حياته، وان يرى تضحياته أثمرت ثمار يجنيها هو.. لا غيره فقط، ولا يعنى ان هناك تيار يعتبر نفسه أغلبية ان يحجر باى شكل من الاشكال على مطالب تعبر عنها الأقلية.. ولنمح من ثقافتنا مفاهيم الاقلية والاغلبية، ونستبدلها بثقافة جديدة اساسها " للجميع كل الحقوق وعليها كل الواجبات".
2 - سنفترض ان عدد المتظاهرين فى جمعة الغضب لا يتعدى ال5 أو 10 أفراد.. لا يحق لكائن من كان مهما كانت مكانته او منزلته أن يسخر أو يستهزأ أو يشعرهم بالندم أو يعايرهم بأنهم قلة، ويتباه عليهم بأغلبيته ويعطيهم درسا فى الخضوع للنصيحة وكيفية الدخول فى بيت الطاعة المعد من قبل الأكثرية، ويسهب فى وصلة التبكيت والتوبيخ لعدم سماعهم نصائحه وإلا نكون بذلك نكرس مفهوم ديكتاتورية الاغلبية الذى كان مهمة النظام السابق وإعلامه الذى كان دائما يدعى بأنه حزب الأغلبية وعلى الجميع ان يدخل بيت طاعته دون جدال أو نقاش.. ونعمل بقصد أو بدون قصد على تهميش البعض وإقصائهم بحجة انهم أقلية وعليهم الخضوع لرغبات ما يسموا أنفسهم أغلبية ونسيان رغباتهم وحقوقهم كمواطنين مصريين أمام رغبات وحقوق الأكثرية.. الكل مصرى له كل الحقوق وعليه أيضا كل الواجبات وان أى دستور جديد عليه ان يراعى كل حقوق المصريين بلا إستثناء وبلا تمييز، ويتضمن بنوده مفهوم دولة القانون وضرورة سمو الدستور، وهذا السمو لن يتحقق إلا بوجود رمانة الميزان.
3 – القضايا الخلافية بين ابناء الوطن الواحد لا تعالج لا بالتخوين ولا بالتكفير ولا حتى بالتهميش.. والأصوات التى ترتفع اليوم وتنادى بمجتمع ديمقراطى حر يقوم على العدل عليها ان تترجم اقوالها بالفعل والممارسة الحقيقية لا بالشعارات فقط.. ولن يتحقق ذلك إلا اذا آمن الجميع بحق كل فرد فى وطنه وثرواته وفى الشعور بالامن والاستقرار تحت مظلته ومظلة دستور يحمى حقوقه.. أما الأصوات التى تتحدث بلغة الطائفية فهى أصوات نشاذ مرفوضة وسنتصدى لها جميعا سواء كانت تلك الأصوات من الاخوة الأقباط أو ممن يسموا أنفسهم بالسلفيين ، فمن لا يرضيه من الأقباط ان يعيش فى أمن وسلام مع شركائه فى الوطن من المسلمين.. فليرحل عنا الى اى جهة تؤمن له امنه واستقراره بدلا من استدعاء الاجنبى لحمايته..ومن لم يعجبه من الاخوة السلفيين وجود الأقباط المسيحيين كجزء لا يتجزء من نسيج هذا الوطن فالربع الخالى واسع وفسيح يستطيع العيش به حياة البداوة التى يراها النموذج الامثل للحياة بدلا من محاولة نقل هذا النموذج الى مصر..!
4 – كل مسلم لديه يقين ثابت ان الاسلام بقيمه وسماحته وعدله هو منهج ودستور صالح لكل زمان ومكان، ولكن ليس لديه نفس اليقين ان البشر الذين يريدون تطبيقه لديهم القدرة على حمل الأمانة بنفس روح السلف الصالح المعروفين بعدلهم وتسامحهم ومراعاة الله فى كل تصرفاتهم ونحن نرى نماذج تكفر هذا وتنعت هذا بالزندقة والإلحاد وتقلل من شأن هذا وتسعى لتخريب البلد وإشعاله بنيران الفتن، وعندما يسقط الضحايا وتسيل الدماء يتبرؤون من المسؤولية ..لذلك علينا التفريق بين الاسلام كدين وعقيدة وبين من يدعون انهم قادرون على تطبيقه كشريعة ومظلة تحتوى كل اصحاب الديانات المختلفة.. لذلك العيب ليس فى الاسلام، بل في البشر.
5 – التظاهر فى ميدان التحرير حق مكفول لكل من يريد التعبير عن مطالبه شريطة ان يكون بشكل حضارى بعيد عن العنف وبطرق سلمية.. أما التظاهر أمام الكنائس او المساجد ودور العبادات.. فهو أمر مرفوض، والتحريض على الحقد والكراهية من هذا الطرف أو ذاك امر مرفوض، فالكل أبناء وطن واحد.. وأى دماء تسيل بسبب التعصب الأعمى من كلا الطرفين، فلابد ان يكون الشعب واعيا لمحاسبة من حرض ومن كان أداة لقتل أبرياء ونصر ان يطبق القانون على الجميع دون تمييز.
6 – لا يحق لأى تيار مهما كان أغلبية ان يتصور ولو للحظة انه الطرف الوحيد المنوط بوضع الدستور للبلاد، لان كل الاطراف لابد ان تشارك فى وضعه ليضمن كل مصرى ان هذا الدستور معبر عن آماله وطموحاته.. ولكى ندفع الكل لاحترامه.. ولو شعر طرف ان الدستور أداة لتكريس ديكتاتورية فئة.. فكيف سنجبرالاطراف الاخرى على احترامه ؟ ولتكن تجربة التعديلات الدستورية زمن المخلوع مبارك (المادة 76) درسا للجميع لان تلك المادة التى فصلت على مقاس مبارك وابنه دفعت الشعب المصرى للثورة والغضب.. فلماذا نكرر التجربة بشكل أو بآخر ؟!
ان عقلية الديكتاتورية المتجذرة فى أذهان البعض مرض خطير وأفة تهدد امن الوطن واستقراره، والتيارات التى فرحت وهللت لنتيجة استفتاء 19مارس واعتبرته انتصار لتيار بعينه على باقى التيارات الأخرى، وانتصارغزوة للاسلام على المسيحية أو الليبرالية أو العلمانية نقول لهم ان الاستفتاء لمن لديه عقل ماهو الا انتصار لإرادة الشعب المصرى كله ولكل فئاته الذى تحرر من نظام استبدادى عفن وتخلص من مشروع التوريث وفتح الباب لجميع المصريين بالمشاركة السياسية الحقيقية دون أى تمييز ولولا هذا الاستفتاء ما كان تجرأ البعض على اطلاق صوته فى الشارع، كما أن استفتاء مارس أيضا لا يعنى احتكار فئة لوضع دستور البلاد يتماشى مع مصالحهم، ويتجاهل مصالح ومطالب الآخرين.. فالدستورملكية عامة لكل مصرى لا يجوز الإلتفاف عليه كما فعل مبارك وعصابته بحجة ديكتاتورية الأكثرية.. والتصويت عليه حتى لو كان بنسبة 99% يدفعنا للخجل من أنفسنا لان هناك 1% ترفضه، ويدفعنا للتساؤل لماذا ترفضه تلك النسبة الضئيلة ونحاول علاج الخلل، لان من سيرفضه من المؤكد لم يجد فيه ضالته ورغم ذلك سيضطر للقبول به تحت ضغط الاغلبية.. فهل نعد هذا انتصارا ؟ لابد ان نضع فى حساباتنا ان يكون العدل اساس قوى لوضع الدستور الجديد.. ولن يتحقق العدل الا بالتوافق والمصارحة واحترام كل منا لرغبات الآخر ليشعر الجميع بان هذا الوطن له فيه حقوق تحترم من قبل الأخرين، أما طريقة اختيار مجلس الشعب او رئيس الدولة فأختلفوا فيهما كما تشاءوا، ولتكن النسب كما تكون حسب التصويت وعبر صناديق الاقتراع..لان كلاهما قابل للتغيير أما الدستور فهو الاساس الذى سيبنى عليه حق كل مواطن مصرى يعيش على ارض مصر فى الاحساس بالأمان، وحقه فى ان يتنفس حرية.
خرج المتظاهرون يوم الجمعة 27 مايو الى ميدان التحرير بمصر رغم انسحاب قوات الشرطة والجيش بحجة تلافى اى أعمال شغب تؤدى الى الوقيعة بين الجيش والشعب، ورغم ذلك امتلأ الميدان بآلالآف المتظاهرين قدرعددهم بعشرات أو بمئات الالاف (لا يهم العدد) المهم ان هناك شريحة كبيرة من المصريين خرجوا بطريقة حضارية جدا استطاعوا بدون حماية الجيش والشرطة ان يحموا أنفسهم وان يديروا الميدان بطريقة منظمة وان يعلنوا عن مطالبهم التى نعتبرها حق مكفول لهم حتى ولو اختلفت او تعارضت مع مطالب الاغلبية (أو ما يسمون أنفسهم أغلبية)، واستطاع المتظاهرون توصيل الرسالة التى تجمعوا من اجلها رغم حملات التخويف من احتمالات دخول فئة مندسة من البلطجية وسط المتظاهرين واحتمال استخدام تلك الفئة العنف وضرب النار على المتظاهرين (وهذا الارهاب وحده كان كفيل بعزوف الكثير عن الذهاب للميدان) ورغم ذلك مر اليوم من أروع ما يكون بعد قيام الشباب (ربنا يحميهم) بتأمين مداخل الميدان واسطح المنازل وعملية الدخول والخروج.. وتحقق لهم ما أرادوه من اعلان مطالبهم بطريقة حضارية مهذبة اختصرها خطيب مسجد عمر مكرم (الشيخ مظهر شاهين) فى خطبته الرائعة والمؤثرة، وفى اللافتات التى كتبت عليها تلك المطالب.. ووصلت الرسالة الى من يهمه الامر.
من المؤسف حقا بعد كل هذا ان تأتى بعض النخب المثقفة التى كنا ومازلنا نكن لها كل الأحترام والتقدير وتكتب بلهجة لا تخلو من التشفى تسخر وتستهزأ من اصحاب ثورة 27 مايو او ما يسمى ب (ثورة الغضب) الذين تجاهلوا تحذيرات بعض التيارات الرافضة ليوم الغضب وغالبيتهم من التيارات الاسلامية وبالتحديد الاخوان والسلفيين، ولم يقف الحد عند الاستهزاء والسخرية من اصحاب الغضب، بل تجاوز الأمر لحد توصيف كل من خرج لميدان التحرير يوم 27 مايو بأنهم علمانيين وليبراليين وملحدين واصحاب أجندة خارجية، ولم يتبق على لسان هذه النخب الا أن يعلنوا تكفير كل من خرج للميدان.. البعض الآخر وصف خروج المتظاهرين بأنه انقلاب على الثورة، وانقلاب على استفتاء مارس، وانقلاب على رأى الأغلبية وإرادة الشعب المصرى..!!! مع ان المطالب التى نادى بها المتظاهرون الثوار (واؤكد على أنهم ثوار لان كل من خرج يوم 27 مايو كانوا جزءا من ثورة 25 يناير) كانت مطالب مشروعة فى مجملها لا تختلف عن مطالب التيارات الاسلامية فى كل التظاهرات التى جمعت الكل فى ميدان التحرير من قبل.. فقد نادوا بشعار الشعب والجيش يد واحدة ولم ينكروا على الجيش دوره فى حماية الثورة (وهو واجب وطنى وليس منة من أحد) ونادوا بضرورة تطبيق القانون على الجميع بما فيهم مبارك واسرته وحاشيته دون أى تمييز، ونادوا بإقالة الجمل والوزراء الذين كانوا جزء من النظام السابق، ونادوا بتأسيس دستور جديد للبلاد قبل الانتخابات التشريعية (وهنا مربط الفرس وبند الاختلاف) هذا المطلب الذى اعتبرته الجماعات الاسلامية انقلاب على ارادة الشعب المصرى الذى صوت على تعديل الدستور.. واعتبروه سحب للبساط من تحت أقدامهم ، فى الوقت الذى يعتبر التيار الاسلامى ان هذا المطلب خط احمر لا يجوز المساس به..!!
فى البداية علينا ان نتفق على مبادئ أساسية ان أردنا لهذا البلد ان يرقى لمصاف البلدان الديمقراطية المحترمة، وان نحظى بإحترام شعوب العالم، وهذا لن يتم إلا بحسن إدارتنا لهذا البلد وتحقيق مطالب الثورة التى لن نحيد عنها مهما كلفنا الأمر:
1 - لا يحق لكائن من كان ان يتجاهل أى مطالب مشروعة حتى ولو كانت تخص أقلية.. فمن حق كل أنسان مصرى على أرض مصر ان يرى التغيير واقعا ملموسا للأفضل ينعكس على حياته، وان يرى تضحياته أثمرت ثمار يجنيها هو.. لا غيره فقط، ولا يعنى ان هناك تيار يعتبر نفسه أغلبية ان يحجر باى شكل من الاشكال على مطالب تعبر عنها الأقلية.. ولنمح من ثقافتنا مفاهيم الاقلية والاغلبية، ونستبدلها بثقافة جديدة اساسها " للجميع كل الحقوق وعليها كل الواجبات".
2 - سنفترض ان عدد المتظاهرين فى جمعة الغضب لا يتعدى ال5 أو 10 أفراد.. لا يحق لكائن من كان مهما كانت مكانته او منزلته أن يسخر أو يستهزأ أو يشعرهم بالندم أو يعايرهم بأنهم قلة، ويتباه عليهم بأغلبيته ويعطيهم درسا فى الخضوع للنصيحة وكيفية الدخول فى بيت الطاعة المعد من قبل الأكثرية، ويسهب فى وصلة التبكيت والتوبيخ لعدم سماعهم نصائحه وإلا نكون بذلك نكرس مفهوم ديكتاتورية الاغلبية الذى كان مهمة النظام السابق وإعلامه الذى كان دائما يدعى بأنه حزب الأغلبية وعلى الجميع ان يدخل بيت طاعته دون جدال أو نقاش.. ونعمل بقصد أو بدون قصد على تهميش البعض وإقصائهم بحجة انهم أقلية وعليهم الخضوع لرغبات ما يسموا أنفسهم أغلبية ونسيان رغباتهم وحقوقهم كمواطنين مصريين أمام رغبات وحقوق الأكثرية.. الكل مصرى له كل الحقوق وعليه أيضا كل الواجبات وان أى دستور جديد عليه ان يراعى كل حقوق المصريين بلا إستثناء وبلا تمييز، ويتضمن بنوده مفهوم دولة القانون وضرورة سمو الدستور، وهذا السمو لن يتحقق إلا بوجود رمانة الميزان.
3 – القضايا الخلافية بين ابناء الوطن الواحد لا تعالج لا بالتخوين ولا بالتكفير ولا حتى بالتهميش.. والأصوات التى ترتفع اليوم وتنادى بمجتمع ديمقراطى حر يقوم على العدل عليها ان تترجم اقوالها بالفعل والممارسة الحقيقية لا بالشعارات فقط.. ولن يتحقق ذلك إلا اذا آمن الجميع بحق كل فرد فى وطنه وثرواته وفى الشعور بالامن والاستقرار تحت مظلته ومظلة دستور يحمى حقوقه.. أما الأصوات التى تتحدث بلغة الطائفية فهى أصوات نشاذ مرفوضة وسنتصدى لها جميعا سواء كانت تلك الأصوات من الاخوة الأقباط أو ممن يسموا أنفسهم بالسلفيين ، فمن لا يرضيه من الأقباط ان يعيش فى أمن وسلام مع شركائه فى الوطن من المسلمين.. فليرحل عنا الى اى جهة تؤمن له امنه واستقراره بدلا من استدعاء الاجنبى لحمايته..ومن لم يعجبه من الاخوة السلفيين وجود الأقباط المسيحيين كجزء لا يتجزء من نسيج هذا الوطن فالربع الخالى واسع وفسيح يستطيع العيش به حياة البداوة التى يراها النموذج الامثل للحياة بدلا من محاولة نقل هذا النموذج الى مصر..!
4 – كل مسلم لديه يقين ثابت ان الاسلام بقيمه وسماحته وعدله هو منهج ودستور صالح لكل زمان ومكان، ولكن ليس لديه نفس اليقين ان البشر الذين يريدون تطبيقه لديهم القدرة على حمل الأمانة بنفس روح السلف الصالح المعروفين بعدلهم وتسامحهم ومراعاة الله فى كل تصرفاتهم ونحن نرى نماذج تكفر هذا وتنعت هذا بالزندقة والإلحاد وتقلل من شأن هذا وتسعى لتخريب البلد وإشعاله بنيران الفتن، وعندما يسقط الضحايا وتسيل الدماء يتبرؤون من المسؤولية ..لذلك علينا التفريق بين الاسلام كدين وعقيدة وبين من يدعون انهم قادرون على تطبيقه كشريعة ومظلة تحتوى كل اصحاب الديانات المختلفة.. لذلك العيب ليس فى الاسلام، بل في البشر.
5 – التظاهر فى ميدان التحرير حق مكفول لكل من يريد التعبير عن مطالبه شريطة ان يكون بشكل حضارى بعيد عن العنف وبطرق سلمية.. أما التظاهر أمام الكنائس او المساجد ودور العبادات.. فهو أمر مرفوض، والتحريض على الحقد والكراهية من هذا الطرف أو ذاك امر مرفوض، فالكل أبناء وطن واحد.. وأى دماء تسيل بسبب التعصب الأعمى من كلا الطرفين، فلابد ان يكون الشعب واعيا لمحاسبة من حرض ومن كان أداة لقتل أبرياء ونصر ان يطبق القانون على الجميع دون تمييز.
6 – لا يحق لأى تيار مهما كان أغلبية ان يتصور ولو للحظة انه الطرف الوحيد المنوط بوضع الدستور للبلاد، لان كل الاطراف لابد ان تشارك فى وضعه ليضمن كل مصرى ان هذا الدستور معبر عن آماله وطموحاته.. ولكى ندفع الكل لاحترامه.. ولو شعر طرف ان الدستور أداة لتكريس ديكتاتورية فئة.. فكيف سنجبرالاطراف الاخرى على احترامه ؟ ولتكن تجربة التعديلات الدستورية زمن المخلوع مبارك (المادة 76) درسا للجميع لان تلك المادة التى فصلت على مقاس مبارك وابنه دفعت الشعب المصرى للثورة والغضب.. فلماذا نكرر التجربة بشكل أو بآخر ؟!
ان عقلية الديكتاتورية المتجذرة فى أذهان البعض مرض خطير وأفة تهدد امن الوطن واستقراره، والتيارات التى فرحت وهللت لنتيجة استفتاء 19مارس واعتبرته انتصار لتيار بعينه على باقى التيارات الأخرى، وانتصارغزوة للاسلام على المسيحية أو الليبرالية أو العلمانية نقول لهم ان الاستفتاء لمن لديه عقل ماهو الا انتصار لإرادة الشعب المصرى كله ولكل فئاته الذى تحرر من نظام استبدادى عفن وتخلص من مشروع التوريث وفتح الباب لجميع المصريين بالمشاركة السياسية الحقيقية دون أى تمييز ولولا هذا الاستفتاء ما كان تجرأ البعض على اطلاق صوته فى الشارع، كما أن استفتاء مارس أيضا لا يعنى احتكار فئة لوضع دستور البلاد يتماشى مع مصالحهم، ويتجاهل مصالح ومطالب الآخرين.. فالدستورملكية عامة لكل مصرى لا يجوز الإلتفاف عليه كما فعل مبارك وعصابته بحجة ديكتاتورية الأكثرية.. والتصويت عليه حتى لو كان بنسبة 99% يدفعنا للخجل من أنفسنا لان هناك 1% ترفضه، ويدفعنا للتساؤل لماذا ترفضه تلك النسبة الضئيلة ونحاول علاج الخلل، لان من سيرفضه من المؤكد لم يجد فيه ضالته ورغم ذلك سيضطر للقبول به تحت ضغط الاغلبية.. فهل نعد هذا انتصارا ؟ لابد ان نضع فى حساباتنا ان يكون العدل اساس قوى لوضع الدستور الجديد.. ولن يتحقق العدل الا بالتوافق والمصارحة واحترام كل منا لرغبات الآخر ليشعر الجميع بان هذا الوطن له فيه حقوق تحترم من قبل الأخرين، أما طريقة اختيار مجلس الشعب او رئيس الدولة فأختلفوا فيهما كما تشاءوا، ولتكن النسب كما تكون حسب التصويت وعبر صناديق الاقتراع..لان كلاهما قابل للتغيير أما الدستور فهو الاساس الذى سيبنى عليه حق كل مواطن مصرى يعيش على ارض مصر فى الاحساس بالأمان، وحقه فى ان يتنفس حرية.