- الاثنين مايو 30, 2011 9:41 am
#37661
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحبابي الأفاضل أعجبني هذا البحث الذي يغطي كثيرا من أحكام المعاهدات في الإسلام و أتمنى أن تشاركوني الإستفادة منه
اما المعاهدات في الإسلام فيمكن ردها إلى ثلاثة أنواع وذلك لجملة العهود التي عقدها المسلمون مع غيرهم وهي: عهد الأمان ، وعهد الذمة ، وعهد الصلح.
عهد الأمان:
هو عهد مؤقت لا تزيد مدته في العادة عن سنه يعقده المسلمون مع أحد الحربيين اي مواطني العدو أو عدد محدود منهم، ويسمى هؤلاء بعد حصولهم على الأمان باسم (المستأمنين) ، حتى إذا انتهى مفعول العهد الممنوح لهم عادوا حربيين.
عهد الذمة:
هو نوع من العهود كان يتم عقده بين قادة جيوش الفتح (الغزو) وبين سكان البلاد المفتوحة اللذين اختاروا البقاء على ديانتهم الأصلية مع دفع الجزية .
وبمجرد توقيع هذا العهد تطبق على المعاهدين الذميين قواعد القانون الإسلامي ( الشريعة).
عهد الصلح:
معاهدة تاتم بين دار الإسلام من جهة وبين دار الحرب من جهة ثانية.
والصلح في الشرع الإسلامي عبارة عن عقد على ترك القتال مدة معلومة لازمة يقع بين طرفين في زمن محدد بشروط مخصوصة.
وعهود الصلح لا تزيد مدتها من الناحية الشرعية عن عشر سنوات
تقليداً لصلح الحديبية الذي عقده محمد مع القريشين وكانت مدته كذلك.
وللمعاهدات في الإسلام شروط وهي :
1}: الا تخالف المعاهدة حكماً من الأحكام الشرعية: لكي تنعقد المعاهدة بشكل صحيح يجب الا تخالف اي حكم قطعي وارد في القران وذلك نزولاً عند حكم الحديث القائل{ من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله فهو باطل} فتاوى ابن تيمية 3/329.
2} ان يكون في ذلك مصلحة للمسلمين: فان لم يكن للمسلمين مصلحة كتجاوز ضعف، أو توفير مال، أو توقع إسلام المعقود معهم الصلح، فلا يهادنون بل يقاتلون حتى يسلم الكفار أو يدفعون الجزية.
3} ان لا يكون في العقد شرط يأباه الإسلام منها:
اعتراف أو إقرار الكفار على جزء ولو كان شبراً من ارض المسلمين لانه لا يجوز لاحد ان يتصرف فيما لا يملك ولا يفاوض عليه.
يقول الإمام مالك: { إذا وقع الخليفة الصلح000 والمسلمون لا يرون الا الجهاد فمهادنته منقوصة وفعله مردود}. راجع فتح العالي لإمام مالك 1/289.
الاستنفار للجهاد : إذا تعين الجهاد بطل الصلح كما إذا دخل العدو ارض المسلمين أو كان طالباً لهم. وحيث تعين الجهاد في موضع لم يجز فيه الصلح.
4} ان لا تزيد مدة المصالحة عن أربعة اشهر عند قوة المسلمين وأمنهم ولا تجوز الزيادة عن عشر سنين ولا إطلاق المدة.
فلا بد ان تكون المصالحة معلومة محدودة لان تركها من غير تقدير يقتضي إلى ترك فريضة الجهاد بالكلية هذا في حالة كون العدو في بلاده أو بأطراف البلاد الإسلامية على الحدود اما ان اخذ العدو جزءاً من بلاد الإسلام وادعى ملكيته لهذا الجزء ، وانكر حق المسلمين فيها وجار عليهم في العدوان. فان المصالحة أو المهادنة أو المسالمة لا بإجماع آراء الفقهاء في كافة العصور الإسلامية.
اما إذا كان المسلمين في حالة ضعف كمثل الذي هم عليها ألان ، فلا بأس في ان يعقدوا صلح مؤقت مع أعدائهم الى ان يزول سبب ضعفهم.
فان كان سبب ضعف المسلمين لأسباب خارجة عن أرادتهم وظهور قوة عدوهم عليهم، جاز لهم المهادنة والمصالحة لمدة محدودة ومعلومة حتى يزول سبب الضعف.
فالصلح المطلق والمقود والمتضمن ترك الجهاد يجب نقضه لانه بمقضي الشرع غير مبرم ، وحكمه غير لازم عند كل من حقق في أصول الشريعة.
أما إذا كان الكفار فيهم قوة وكثرة بالنسبة إلى جميع المسلمين ورأى الإمام في المهادنة والمعاهدة مصلحة فله أن يفعل ذلك. راجع تفسير الطبري وابن كثير والقرطبي في شرحهم لآية سورة محمد 35. والتوبة 5 .
قال الطبري في تفسيره : إذا كان المسلمون في حالة ضعف: رخص لهم في موالاتهم - اي في موالاة الأعداء- إذا أخافوهم، والمراد بتلك المولاة محالفة ، ومعاشرة ظاهرة والقلب مطمئن بالعداوة، والبغضاء، وانتظار زوال المانع من قصر العصا، وإظهار الطرية. راجع تفسير الطبري في شرحه لآية آل عمران 28.
اما إذا كان المسلمون في حالة ضعف والعياذ بالله ، فلا باس ان جنحوا مع الأعداء إلى السلم، ان يجنح لهم المؤمنون.{وان جنحوا للسلم فاجنح لها} أنفال 61.
اما ان كان المسلمون في حالة قوة تسمح لهم بالمقاومة، فلا يجوز شرعا عقد سلم او مصالحة وذلك لقوله : { فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمْ الأعلون} . محمد 35.
" فلا تهنوا" إي لا تضعفوا عن الأعداء " وتدعوا إلى السلم" أي المهادنة والمسالمة ووضع القتال بينكم وبين الكفار في حال قوتكم وكثرة عددكم وعدتكم ولهذا قال "فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون أي في حال علوكم على عدوكم . راجع تفسير الطبري وابن كثير والقرطبي والشوكاني والواحدي في شرحهم لآية سورة محمد 3.
اذن يتضح من استعرا ضنا لأحكام وأسباب معاهدات الصلح في الإسلام، ان السلام المعقود ما بين العرب المسلمين وبين إسرائيل ، هو من وجهة نظر عربية إسلامية شرعية تكتيك وليس استراتيجية... تكتيك يتقي فيه المسلمون العرب شر دخول الحرب مع إسرائيل .. انها التقية بحسب المصطلح الإسلامي .
هذا ليس ايماني وحدي . بل هذا ما اتفق عليه أكثرية علماء أمة الإسلام.
يقول الشيخ عبد الرحمن بن عبد الخالق في كتابه (حكم معاهدات الصلح والسلام مع اليهود، وموقف المسلم منها) : اليهود أعداء دائمون لهذه الأمة منذ بدأ رسول الله رسالته والى أن يخرج الدجال.
اليهود أعداء هذه الأمة منذ بدأ الرسول-صلى الله عليه وسلم- دعو إلى الله، وستظل عدواتهم إلي هذه الأمة إلى قيام الساعة، ..... إلى أن يستصرخ الحجر والشجر المسلم قائلا ((يا مسلم هذا يهودي ورائي فأقتله)) (متفق عليه)، وحتى يخرج آخرهم في ركاب الدجال.
وعداء اليهود لأهل الإسلام ورسوله إنما كان حسدا وبغيا، حسدا أن تنتقل الرسالة والنبوة من فرع إسحاق إلى فرع إسماعيل، وأن يكون العرب الأميون هم سادة الدنيا بكتاب الله ودينه وشرعه . .....
ومن ظن أن الحرب والعداوة توضع بين المسلمين واليهود فهو مكذب بوعد الله، ودينه، ومن عمل لإزالة هذه العداوة والبغضاء بين المسلمين واليهود فهو كافر بالله سبحانه وتعالى، فإن أصل الإيمان الحب في الله والبغض في الله، ولا يجوز لمسلم أن يجمع في قلبه بين حب الله والمؤمنين وموالاة أعدائه .....
فلا مودة بين المسلم والكافر إلا أن يصبحا كافرين أو مسلمين فإما أن يدخل الكافر في الإسلام فيكون أخا لنا نحبه ونواليه، وإما أن يخرج المسلم من الإسلام فيكون محبا وأخا للكافر ((يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم
فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين)) (المائدة\51).
لا دعوة للمسلم إلا إذا ذل الكافر واستسلم أو كان دفعا لمفسدة أكبر بارتكاب مفسدة أقل:
الأصل في العلاقة بين المسلمين والكفار هي العداوة والحرب وذلك لقوله تعالى : (( وقاتلهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله )) (الأنفال 3)، وقوله تعالى : ((قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ))(التوبة 29) والآيات والأحاديث في هذا كثيرة جدا وكلها تأمر أن يباشر المؤمنون القتال حتى يكون خضوع الجميع لدين الله وشرعه إما طوعا وإما ذلا وقهرا.
ولم يسمح الله سبحانه وتعالى لأمة الإسلام أن تدعوا إلى السلم مع الكفار إلا في إحدى حالتين:
أ- أن يذل الكفار ويضعفوا وتخور قواهم ويجنحوا إلى السلم، فعند ذلك يكون السلم في صالح المسلمين لأن عقيدتهم أقوى، وفعلهم أكبر، وبذلك يفتح المجال لدخول الناس في الدين كما كان الشأن بين الرسول وقريش.
ب- أن يكون الصلح من باب ارتكاب أخف الضررين فيلجأ المسلمون إليه دفعا لمصيبة أعظم كما هم الرسول أن يصالح غطفان على نصف ثمار المدينة حتى يفك تحالفهم مع قريش، وينفرد النبي بقتال قريش بعد ذلك..
أما في غير هاتين الحالتين فإنه لا يجوز للمسلمين الدعوة إلى السلام كأن يكون ركونا للدنيا وكراهة للجهاد أو خوفا من كثرة الكفار، وذلك أن، أهل الإيمان ينصرون مع قلتهم على الكفار على كثرتهم، وهذه سنة الله الجارية أبدا في عباده((كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين )) (البقرة\249)، (ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا * سنة الله التي قد خلت من قبل
ولن تجد لسنة الله تبديلا)) (الفتح\22-23)
وأما الدعوة إلى السلم بمعنى ترك الحرب نهائيا، ومصالحة الكفار أبدا ونبذ الحرب والقتال مطلقا، فهذا كفر بالله تعالى مخرج من ملة الإسلام، وإلغاء لفريضة الجهاد التي جعلها الله فرضا على كل مسلم إلى يوم القيامة كما قال تعالى : ((كتب عليكم القتال وهو كره لكم ))(البقرة \21) وكتب بمعنى فرض ..... فالجهاد ماض بعد فتح مكة إلى يوم القيامة، وهو إما خروج بالنفس وهذا الفرض العيني، وإما نية دائمة لكل مسلم يجب أن يصحبها دائما، ويموت عليها، فيكون مستعدا لمزاولة القتال في كل حال، قائما به في حالة الوجوب العيني، وإلا أثم .
ان الاتفاقيات التي عقدت بين بعض الساسة العرب واليهود باطلة شرعا لا يجوز للمسلم اعتقاد صحتها، ولا تنفيذ شيء منها إلا مكرها مجبرا فيما يجوز فيه الإجبار والإكراه .
الأدلة على هذا الحكم (أي حكم بطلان هذه المعاهدات،ما يلي :
1) في هذه المعاهدات .. وضع الحرب إلى الأبد بين المسلمين واليهود وهذا شرط باطل:لا يجوز للمسلم أن يشارط الكفار يهودا كانوا أو غيرهم على وضع الحرب إلى الأبد بين المسلمين وبينهم، فإن القتال فريضة قائمة إلى يوم القيامة، ولا يجوز إلغاءه من التشريع، ومن اعتقد عدم وجود الجهاد، أو سعى إلى إلغاءه أو إبطاله فهو كافر بالله سبحانه وتعالى كفرا مخرجا من ملة الإسلام، ومكذبا بمعلوم من الدين ضرورة.
فالقتال فريضة ماضية إلى يوم القيامة وقد قامت أدلة القرآن والسنة وإجماع الأمة على ذلك في كل عصورها، ولكن يجوز وضع الحرب فقط دون تحديد سنوات.
أما النص على أن الحرب انتهت بين المسلمين والكفار، وأن هذا عهد للسلام الدائم والشامل فهو إبطال لفريضة الجهاد وإقرار للكافر على كفره، ولا يجوز هذا لمسلم أبدا، إلا أن يكفر بالله ورسالاته.
2) المعاهدات نصت على إزالة أسباب العداوة والبغضاء وإزالة كل نصوص التشريع التي تبقي هذه العداوة..
وهذا الشرط باطل لأنه يخالف أصل الإيمان الذي يقوم على التفريق بين المسلم والكافر وأن الكافر عدو لله أبدا حتى يسلم ويتخلى عن كفره، وقد حرم الله على المؤمنين موالاة الكفار ومودتهم حتى لو كانوا آباء أو, أبناء أو أخوة أ, عشيرة أو أزواجكما قال تعالى : (( لا تجد قوما يؤمنون بالله و باليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم ))(المجادلة 22. راجع كتاب (حكم معاهدات الصلح والسلام مع اليهود، وموقف المسلم منها) للشيخ عبد الرحمن بن عبد الخالق.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحبابي الأفاضل أعجبني هذا البحث الذي يغطي كثيرا من أحكام المعاهدات في الإسلام و أتمنى أن تشاركوني الإستفادة منه
اما المعاهدات في الإسلام فيمكن ردها إلى ثلاثة أنواع وذلك لجملة العهود التي عقدها المسلمون مع غيرهم وهي: عهد الأمان ، وعهد الذمة ، وعهد الصلح.
عهد الأمان:
هو عهد مؤقت لا تزيد مدته في العادة عن سنه يعقده المسلمون مع أحد الحربيين اي مواطني العدو أو عدد محدود منهم، ويسمى هؤلاء بعد حصولهم على الأمان باسم (المستأمنين) ، حتى إذا انتهى مفعول العهد الممنوح لهم عادوا حربيين.
عهد الذمة:
هو نوع من العهود كان يتم عقده بين قادة جيوش الفتح (الغزو) وبين سكان البلاد المفتوحة اللذين اختاروا البقاء على ديانتهم الأصلية مع دفع الجزية .
وبمجرد توقيع هذا العهد تطبق على المعاهدين الذميين قواعد القانون الإسلامي ( الشريعة).
عهد الصلح:
معاهدة تاتم بين دار الإسلام من جهة وبين دار الحرب من جهة ثانية.
والصلح في الشرع الإسلامي عبارة عن عقد على ترك القتال مدة معلومة لازمة يقع بين طرفين في زمن محدد بشروط مخصوصة.
وعهود الصلح لا تزيد مدتها من الناحية الشرعية عن عشر سنوات
تقليداً لصلح الحديبية الذي عقده محمد مع القريشين وكانت مدته كذلك.
وللمعاهدات في الإسلام شروط وهي :
1}: الا تخالف المعاهدة حكماً من الأحكام الشرعية: لكي تنعقد المعاهدة بشكل صحيح يجب الا تخالف اي حكم قطعي وارد في القران وذلك نزولاً عند حكم الحديث القائل{ من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله فهو باطل} فتاوى ابن تيمية 3/329.
2} ان يكون في ذلك مصلحة للمسلمين: فان لم يكن للمسلمين مصلحة كتجاوز ضعف، أو توفير مال، أو توقع إسلام المعقود معهم الصلح، فلا يهادنون بل يقاتلون حتى يسلم الكفار أو يدفعون الجزية.
3} ان لا يكون في العقد شرط يأباه الإسلام منها:
اعتراف أو إقرار الكفار على جزء ولو كان شبراً من ارض المسلمين لانه لا يجوز لاحد ان يتصرف فيما لا يملك ولا يفاوض عليه.
يقول الإمام مالك: { إذا وقع الخليفة الصلح000 والمسلمون لا يرون الا الجهاد فمهادنته منقوصة وفعله مردود}. راجع فتح العالي لإمام مالك 1/289.
الاستنفار للجهاد : إذا تعين الجهاد بطل الصلح كما إذا دخل العدو ارض المسلمين أو كان طالباً لهم. وحيث تعين الجهاد في موضع لم يجز فيه الصلح.
4} ان لا تزيد مدة المصالحة عن أربعة اشهر عند قوة المسلمين وأمنهم ولا تجوز الزيادة عن عشر سنين ولا إطلاق المدة.
فلا بد ان تكون المصالحة معلومة محدودة لان تركها من غير تقدير يقتضي إلى ترك فريضة الجهاد بالكلية هذا في حالة كون العدو في بلاده أو بأطراف البلاد الإسلامية على الحدود اما ان اخذ العدو جزءاً من بلاد الإسلام وادعى ملكيته لهذا الجزء ، وانكر حق المسلمين فيها وجار عليهم في العدوان. فان المصالحة أو المهادنة أو المسالمة لا بإجماع آراء الفقهاء في كافة العصور الإسلامية.
اما إذا كان المسلمين في حالة ضعف كمثل الذي هم عليها ألان ، فلا بأس في ان يعقدوا صلح مؤقت مع أعدائهم الى ان يزول سبب ضعفهم.
فان كان سبب ضعف المسلمين لأسباب خارجة عن أرادتهم وظهور قوة عدوهم عليهم، جاز لهم المهادنة والمصالحة لمدة محدودة ومعلومة حتى يزول سبب الضعف.
فالصلح المطلق والمقود والمتضمن ترك الجهاد يجب نقضه لانه بمقضي الشرع غير مبرم ، وحكمه غير لازم عند كل من حقق في أصول الشريعة.
أما إذا كان الكفار فيهم قوة وكثرة بالنسبة إلى جميع المسلمين ورأى الإمام في المهادنة والمعاهدة مصلحة فله أن يفعل ذلك. راجع تفسير الطبري وابن كثير والقرطبي في شرحهم لآية سورة محمد 35. والتوبة 5 .
قال الطبري في تفسيره : إذا كان المسلمون في حالة ضعف: رخص لهم في موالاتهم - اي في موالاة الأعداء- إذا أخافوهم، والمراد بتلك المولاة محالفة ، ومعاشرة ظاهرة والقلب مطمئن بالعداوة، والبغضاء، وانتظار زوال المانع من قصر العصا، وإظهار الطرية. راجع تفسير الطبري في شرحه لآية آل عمران 28.
اما إذا كان المسلمون في حالة ضعف والعياذ بالله ، فلا باس ان جنحوا مع الأعداء إلى السلم، ان يجنح لهم المؤمنون.{وان جنحوا للسلم فاجنح لها} أنفال 61.
اما ان كان المسلمون في حالة قوة تسمح لهم بالمقاومة، فلا يجوز شرعا عقد سلم او مصالحة وذلك لقوله : { فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمْ الأعلون} . محمد 35.
" فلا تهنوا" إي لا تضعفوا عن الأعداء " وتدعوا إلى السلم" أي المهادنة والمسالمة ووضع القتال بينكم وبين الكفار في حال قوتكم وكثرة عددكم وعدتكم ولهذا قال "فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون أي في حال علوكم على عدوكم . راجع تفسير الطبري وابن كثير والقرطبي والشوكاني والواحدي في شرحهم لآية سورة محمد 3.
اذن يتضح من استعرا ضنا لأحكام وأسباب معاهدات الصلح في الإسلام، ان السلام المعقود ما بين العرب المسلمين وبين إسرائيل ، هو من وجهة نظر عربية إسلامية شرعية تكتيك وليس استراتيجية... تكتيك يتقي فيه المسلمون العرب شر دخول الحرب مع إسرائيل .. انها التقية بحسب المصطلح الإسلامي .
هذا ليس ايماني وحدي . بل هذا ما اتفق عليه أكثرية علماء أمة الإسلام.
يقول الشيخ عبد الرحمن بن عبد الخالق في كتابه (حكم معاهدات الصلح والسلام مع اليهود، وموقف المسلم منها) : اليهود أعداء دائمون لهذه الأمة منذ بدأ رسول الله رسالته والى أن يخرج الدجال.
اليهود أعداء هذه الأمة منذ بدأ الرسول-صلى الله عليه وسلم- دعو إلى الله، وستظل عدواتهم إلي هذه الأمة إلى قيام الساعة، ..... إلى أن يستصرخ الحجر والشجر المسلم قائلا ((يا مسلم هذا يهودي ورائي فأقتله)) (متفق عليه)، وحتى يخرج آخرهم في ركاب الدجال.
وعداء اليهود لأهل الإسلام ورسوله إنما كان حسدا وبغيا، حسدا أن تنتقل الرسالة والنبوة من فرع إسحاق إلى فرع إسماعيل، وأن يكون العرب الأميون هم سادة الدنيا بكتاب الله ودينه وشرعه . .....
ومن ظن أن الحرب والعداوة توضع بين المسلمين واليهود فهو مكذب بوعد الله، ودينه، ومن عمل لإزالة هذه العداوة والبغضاء بين المسلمين واليهود فهو كافر بالله سبحانه وتعالى، فإن أصل الإيمان الحب في الله والبغض في الله، ولا يجوز لمسلم أن يجمع في قلبه بين حب الله والمؤمنين وموالاة أعدائه .....
فلا مودة بين المسلم والكافر إلا أن يصبحا كافرين أو مسلمين فإما أن يدخل الكافر في الإسلام فيكون أخا لنا نحبه ونواليه، وإما أن يخرج المسلم من الإسلام فيكون محبا وأخا للكافر ((يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم
فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين)) (المائدة\51).
لا دعوة للمسلم إلا إذا ذل الكافر واستسلم أو كان دفعا لمفسدة أكبر بارتكاب مفسدة أقل:
الأصل في العلاقة بين المسلمين والكفار هي العداوة والحرب وذلك لقوله تعالى : (( وقاتلهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله )) (الأنفال 3)، وقوله تعالى : ((قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ))(التوبة 29) والآيات والأحاديث في هذا كثيرة جدا وكلها تأمر أن يباشر المؤمنون القتال حتى يكون خضوع الجميع لدين الله وشرعه إما طوعا وإما ذلا وقهرا.
ولم يسمح الله سبحانه وتعالى لأمة الإسلام أن تدعوا إلى السلم مع الكفار إلا في إحدى حالتين:
أ- أن يذل الكفار ويضعفوا وتخور قواهم ويجنحوا إلى السلم، فعند ذلك يكون السلم في صالح المسلمين لأن عقيدتهم أقوى، وفعلهم أكبر، وبذلك يفتح المجال لدخول الناس في الدين كما كان الشأن بين الرسول وقريش.
ب- أن يكون الصلح من باب ارتكاب أخف الضررين فيلجأ المسلمون إليه دفعا لمصيبة أعظم كما هم الرسول أن يصالح غطفان على نصف ثمار المدينة حتى يفك تحالفهم مع قريش، وينفرد النبي بقتال قريش بعد ذلك..
أما في غير هاتين الحالتين فإنه لا يجوز للمسلمين الدعوة إلى السلام كأن يكون ركونا للدنيا وكراهة للجهاد أو خوفا من كثرة الكفار، وذلك أن، أهل الإيمان ينصرون مع قلتهم على الكفار على كثرتهم، وهذه سنة الله الجارية أبدا في عباده((كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين )) (البقرة\249)، (ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا * سنة الله التي قد خلت من قبل
ولن تجد لسنة الله تبديلا)) (الفتح\22-23)
وأما الدعوة إلى السلم بمعنى ترك الحرب نهائيا، ومصالحة الكفار أبدا ونبذ الحرب والقتال مطلقا، فهذا كفر بالله تعالى مخرج من ملة الإسلام، وإلغاء لفريضة الجهاد التي جعلها الله فرضا على كل مسلم إلى يوم القيامة كما قال تعالى : ((كتب عليكم القتال وهو كره لكم ))(البقرة \21) وكتب بمعنى فرض ..... فالجهاد ماض بعد فتح مكة إلى يوم القيامة، وهو إما خروج بالنفس وهذا الفرض العيني، وإما نية دائمة لكل مسلم يجب أن يصحبها دائما، ويموت عليها، فيكون مستعدا لمزاولة القتال في كل حال، قائما به في حالة الوجوب العيني، وإلا أثم .
ان الاتفاقيات التي عقدت بين بعض الساسة العرب واليهود باطلة شرعا لا يجوز للمسلم اعتقاد صحتها، ولا تنفيذ شيء منها إلا مكرها مجبرا فيما يجوز فيه الإجبار والإكراه .
الأدلة على هذا الحكم (أي حكم بطلان هذه المعاهدات،ما يلي :
1) في هذه المعاهدات .. وضع الحرب إلى الأبد بين المسلمين واليهود وهذا شرط باطل:لا يجوز للمسلم أن يشارط الكفار يهودا كانوا أو غيرهم على وضع الحرب إلى الأبد بين المسلمين وبينهم، فإن القتال فريضة قائمة إلى يوم القيامة، ولا يجوز إلغاءه من التشريع، ومن اعتقد عدم وجود الجهاد، أو سعى إلى إلغاءه أو إبطاله فهو كافر بالله سبحانه وتعالى كفرا مخرجا من ملة الإسلام، ومكذبا بمعلوم من الدين ضرورة.
فالقتال فريضة ماضية إلى يوم القيامة وقد قامت أدلة القرآن والسنة وإجماع الأمة على ذلك في كل عصورها، ولكن يجوز وضع الحرب فقط دون تحديد سنوات.
أما النص على أن الحرب انتهت بين المسلمين والكفار، وأن هذا عهد للسلام الدائم والشامل فهو إبطال لفريضة الجهاد وإقرار للكافر على كفره، ولا يجوز هذا لمسلم أبدا، إلا أن يكفر بالله ورسالاته.
2) المعاهدات نصت على إزالة أسباب العداوة والبغضاء وإزالة كل نصوص التشريع التي تبقي هذه العداوة..
وهذا الشرط باطل لأنه يخالف أصل الإيمان الذي يقوم على التفريق بين المسلم والكافر وأن الكافر عدو لله أبدا حتى يسلم ويتخلى عن كفره، وقد حرم الله على المؤمنين موالاة الكفار ومودتهم حتى لو كانوا آباء أو, أبناء أو أخوة أ, عشيرة أو أزواجكما قال تعالى : (( لا تجد قوما يؤمنون بالله و باليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم ))(المجادلة 22. راجع كتاب (حكم معاهدات الصلح والسلام مع اليهود، وموقف المسلم منها) للشيخ عبد الرحمن بن عبد الخالق.