صفحة 1 من 1

النظام السياسي الأمريكي ( الجزء الثاني )

مرسل: الاثنين سبتمبر 08, 2008 1:39 pm
بواسطة safaa khalifa
:cheers:

تأثير الظاهرة الحزبية علي الحياة السياسية الأمريكية

مع دخول الظاهرة الحزبية في التحليل نجد حزبان كبيران يحتكران الحياة السياسية هناك، هما الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي ويتنافسان في انتخابات الكونجرس والرئاسة- والحزبان يعملان في إطار إيديولوجية واحدة هي الأيديولوجية الليبرالية، ومن ثم يقع الاختلاف بينهما عند مجرد الوسائل والأساليب التي يسعي كل منهما عند مجرد الوسائل والأساليب التي يسعي كل منهما إلي تحقيق الأهداف العليا لمجتمعه، فالحزبين يعملان في إطار الأيديولوجية الرسمية للمجتمع الأمريكي، كما يقال ان الحزبين الجمهوري والديمقراطي يمثلان زجاجتين باسمين مختلفين ولكن من غير اختلاف في المحتوي .

لا يمكن الحديث عن النظام الانتخابي في الولايات المتحدة الأمريكية دون الحديث عن الأحزاب السياسية، إذ تلعب الأحزاب السياسية الدور الأكبر في الانتخابات سواء في عملية الترشيح أو التمويل أو الانتخاب، ذلك أن جوهر الديمقراطية هو قيام المواطنين بانتخاب ممثلين أو وكلاء لاتخاذ القرارات السياسية وإصدار التشريعات وإدارة البرامج والمشاريع التي تخدم مصالحهم، والمواطنين، وعادة ما ينتخبوا من يعتقدوا أنه الأفضل لتمثيلهم وخدمة مصالحهم، وعلاوة على ذلك فإن المواطنين أعطى لهم حق الاقتراع لأن لديهم قوة، وأن إعطائهم حق التصويت هو أفضل السبل لتمكينهم من ممارسة هذه القوة

ومنذ استقلال الولايات المتحدة حتى الوقت الحاضر يسيطر الحزبين الجمهوري والديمقراطي على كافة مجريات الحياة السياسية في الولايات المتحدة الأمريكية فرئاسة الجمهورية، وعضوية مجلسي الشيوخ والكونجرس، وحكام الولايات يسيطر عليها الحزبين .

وينتشر الحزبين في الولايات المتحدة لدرجة أن ثلثي الشعب الأمريكي يصنفون أنفسهم إما جمهوريين أو ديمقراطيون، ويحصل الحزبين في جميع انتخابات الرئاسة الأمريكية على نسبة تصل إلى 95% من أصوات الناخبين، بينما يحصل الحزب الثالث على الباقي، وبالرغم من استمرار محاولات إنشاء حزب ثالث إلا أن هذه المحاولات كانت تؤدي دائما إلى نشوء أحزاب صغيرة محدودة الحجم لا يمكن أن تصل إلى الحكم أو السلطة .

أما الطريقة التي تسمي الأحزاب بواسطتها مرشحيها، فإنها تبدأ بانتخابات تمهيدية يشارك فيها أنصار الحزب الواحد لاختيار مرشحي الحزب الذين سيخوضون الانتخابات الرئاسية العامة، حيث يتم عقد مؤتمرات حزبية على مستوى الولايات، حيث يتم اختيار المرشحين وبعدها يتم عقد مؤتمر قومي للحزب على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية يتم من خلاله إعلان النتائج النهائية لاختيار مرشح الحزب لخوض انتخابات الرئاسة.

أما الحزب الذي يكون بالسلط، فإن مرشحه هو الرئيس الذي يحاول الفوز بدورة رئاسية ثانية. وبشكل عام تساعد هذه المؤتمرات في التعرف على المرشحين، وبرامجهم وسياساتهم وبعد اختيار المرشح تبدأ الحملة الانتخابية لكلا المرشحين والتي عادة ما تنتهي بمناظرات سياسية Presidential Debate يتم نقلها بواسطة وسائل الإعلام المختلف، وتلعب دورا في التأثير على الناخب الأمريكي.

عندما يتوجه الناخبون الأمريكان إلى صناديق الاقتراع من أجل انتخاب الرئيس فإنهم في حقيقة الأمر لا ينتخبون الرئيس بشكل مباشر، وذلك لأنهم يقومون بالتصويت للرئيس من الناحية العملية وللهيئة الانتخابية Electoral College من الناحية الفنية .

أما بخصوص الطريقة التي تعمل بها الهيئة الانتخابية، فإن الولايات المتحدة مقسمة إلى خمسين ولاية، ولكل ولاية عدد من الأعضاء في الهيئة الانتخابية مساو لعدد أعضاء مجلس الشيوخ والنواب في الولاية، باستثناء مقاطعة كولومبيا التي لا تتمتع بالتمثيل في انتخابات الكونجرس ولها ثلاثة أصوات في الهيئة الانتخابية . وعند الفرز فإن المرشح الذي يفوز بغالبية أصوات الولايات فإنه يحصل على جميع أصوات الولاية في الهيئة الانتخابية، ولكي ينتخب رئيس الجمهورية فإنه يحتاج إلى 270 صوتا من أصوات الهيئة الانتخابية البالغ مجموعها 538 صوتا .

ليس كل من يحق له الاقتراع أو التصويت يقوم بممارسة حقه الانتخابي، ففي انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 1996 ، فإن نسبة الذين مارسوا حقهم الانتخابي كانت بحدود 49%، وهذا العزوف عن الاقتراع يفسر بعوامل مختلفة منها ما يتعلق بثقافة الفرد وتعليمه، وقناعته بأهمية صوته في تحديد من هو الرئيس القادم، فصوت فرد أمام 90 مليون صوت يشعر المرء بأن احتمال تأثير صوته على النتيجة هو ما نسبته واحد من مليار.

وتجدر الإشارة هنا إلي العوامل المؤثرة في السلوك الانتخابي للناخب الأمريكي، سنجد أن هناك عدد من العوامل التي تؤثر على السلوك الانتخابي، منها عوامل قصيرة المدى وعوامل بعيدة المدى . أما بخصوص العوامل القصيرة المدى، فإنه بشكل عام يمكن القول إن وجود أزمة دولية يؤثر على سلوك الناخب الأمريكي، فعلى سبيل المثال، كان فشل سياسة الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر في التعامل مع أزمة الرهائن في إيران في عام 1981، من أهم أسباب خسارته الانتخابات.

وتعتبر الحالة الاقتصادية من العوامل القصيرة المدى فإذا كانت الأوضاع الاقتصادية سيئة فإن الاتجاه العام لدى الناخب الأمريكي هو التصويت ضد من هو في السلطة وذلك للتعبير عن عدم الرضا، وهذا ما حدث في انتخابات عام 1992 عندما فاز كلينتون على جورج بوش نظرا لسياسات بوش الاقتصادية حيث وعد في حملته الانتخابية الأولى عام 1988 بعدم فرض ضرائب جديدة بحال فوزه بالانتخابات وعند وصوله للبيت الأبيض فإنه لم يفي بوعده.

أما بخصوص العوامل الطويلة المدى فهي كثيرة: منها الانتماء الحزبي، فأعضاء الحزب الجمهوري يصوتون تقريبا طوال حياتهم لمرشحي حزبهم، اللون عامل طويل المدى فالسود يصوتون عامة للحزب الديمقراطي وكذلك الأمريكيون من أصول لاتينية، فالعمر، والدين، والإقليم، عوامل بعيدة المدى تؤثر في السلوك الانتخابي للمواطن الأمريكي .

إن العوامل الداخلية كالاقتصاد، والضرائب، والتأمين الصحي، والضمان الاجتماعي، والتعليم وغيرها عادة ما تكون محط اهتمام وتركيز الناخب الأمريكي، إلا أنه في أوقات الأزمات والحروب فإن القضايا الخارجية تصبح العامل الحاسم في توجهات الناخب. ففي زمن الحرب الباردة كانت أحداث فيتنام وكوريا الشمالية، تلعب دورا في التأثير على أصوات الناخبين. وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 وما تبعها من حروب في أفغانستان والعراق فإنه يمكن القول أن ما يجري في الشرق الأوسط بشكل عام والعراق بشكل خاص، سوف يكون له تأثير حاسم على من سيتولى رئاسة البيت الأبيض في واشنطن في انتخابات عام 2008 .

- الأثر السلبي للظاهرة الحزبية في النظام السياسي الأمريكي:

يهيئ نظام الحزبين بطبيعته لانفراد حزب واحد بتشكيل الوزارة نتيجة حصول هذا الحزب علي أغلبية مقاعد المجلس النيابي، الأمر الذي يعني بالتبعية أن الوزارة لن تحل المجلس النيابي الذي تنتهي فيه الأغلبية إلي الحزب الذي تمثله . كما انه ليس من المتصور أن يقوم المجلس النيابي بإسقاط الوزارة التي تمثل أغلبية أعضائه اللهم إلا إذا انشق حزب الأغلبية علي نفسه . وبمجرد انتماء الرئيس إلي الحزب الذي يحظي بالأغلبية في المجلس النيابي، يعني بالتبعية اختفاء فكرة الاستقلال بين هيئتي التشريع والتنفيذ والتي تعد الخاصة المميزة لهذا النوع من النظم .

إذن في النظام السياسي الأمريكي نحن أمام احتمالين، أولهما: أن يكون الرئيس المنتخب من نفس الحزب الذي ينتمي إليه أغلبية أعضاء الكونجرس، وفي هذه الحالة تختفي فكرة الاستقلال والتأثير والتأثر بين الرئيس والكونجرس وينتهي الأمر عملا إلي ديكتاتورية الحزب الواحد كما حدث في الفترة ( 2000 – نوفمبر 2006 بفوز الديمقراطيين في انتخابات الكونجرس )، ثانيهما، أن يكون الرئيس المنتخب من حزب وأغلبية أعضاء الكونجرس من حزب أخر، وهذا هو القائم منذ نوفمبر2006 حتى انتخابات الرئاسة القادمة 2008 .
وتأسيسا علي ما سبق، فإن الحزب الفائز في الانتخابات يعتبر وظائف الحكومة الاتحادية ملكا له يستطيع أن يوزعها علي مؤيديه حسب ما بذله كل شخص في تحقيق فوز الحزب في الانتخابات، ولا تزال المحسوبية تلعب دورا في تعيين الموظفين العموميين في الولايات المتحدة

أضف إلي ذلك، أن المال في الولايات المتحدة يشتري المنصب السياسي، فمع ارتفاع تكلفة الحملات الانتخابية فإن المرشح للرئاسة أو لعضوية الكونجرس يعرض نفسه للبيع من جانب جماعات المصالح لأنه يستطيع هو وحزبه دفع تلك التكاليف، فالتمويل وخاصة لمنصب الرئاسة يتطلب مليارات من الدولارات، كما أن الحملة الانتخابية لعضوية مجلس الشيوخ يتطلب عدة ملايين من الدولارات .

:sunny:
إلي الجزء الثالث