سياسة العزله
مرسل: الاثنين مايو 30, 2011 9:37 pm
من أجل أن تصبح أمريكا قوة عظمى مرهوبة الجانب، ومن أجل أن تحمي مصالحها الداخلية والخارجية في العالم معاً، وضع كبار مفكري أمريكا وكبار ساستها الأيديولوجيين في بداية تكوين الدولة الأمريكية، سياسة خارجية ثابتة من أجل أن تسير عليها الدولة الأمريكية الفتية، تتمثل بعناصر أو مرتكزات فكرية سياسية ثابتة تكون بمثابة طريق أوحد من أجل السير عليها نحو التقدم والرفعة في الحياة.
فقد اتخذت الولايات المتحدة الأمريكية بعد إعلان الاستقلال مبدأ العزلة أو الأحادية وهذا المبدأ يعني في التصور السياسي الأمريكي أن تبقى أمريكا بعيدة عن الصراعات العالمية لاسيما الأحلاف المربكة الدائمة في أوروبا، وأن تبقى محايدة في حروب أوربا حتى يتسنى لها بناء نفسها كقوة مرهوبة الجانب للتمكن من حماية نفسها أولاً ثم الانطلاق إلى استعمار العالم ثانيا.
ومفهوم العزلة كان أمرا حتميا أمام الأمريكان لاعتبارات عديدة من بينها أن انخراط الولايات المتحدة في الحروب على غرار النموذج الأوروبي، كان يستوجب أن تبني جيوشاً وأساطيل كبيرة وأن تفرض الضرائب والتجنيد الإلزامي على شعبها، وهذا لم يكن بمقدور أمريكا في ذلك الوقت.
كما أن انخراط الولايات المتحدة في الصراعات الأوروبية، سيؤدي حتما إلى لعب دور الشريك الأصغر في أحلاف الإمبراطوريات العظمى، وربما تخسر مصالحها القومية وقد يؤدي ذلك إلى تنافس الدول الأوروبية على الموارد الأمريكية. فضلا عن خوفها من وصول الحروب الأوروبية والصراعات إلى أراضيها.
بناء الذات الداخلية
من هنا يمكن القول إن سياسة العزلة التي فرضتها أمريكا على نفسها حينا من الدهر إنما كانت ضرورة لازمة لاستكمال عمليات البناء الداخلي، وامتلاك أسباب القوة من خلال نجاح مشروعها النهضوي في مختلف المجالات.
لأن من شأن التورط في تحالفات أو حروب دولية قبل أن تبلغ أمريكا مرحلة النضوج أن يضعف من قواها، ويستنزف طاقتها، وربما أدى إلى تراجع شامل في مجمل قوتها، الأمر الذي يجعل مصيرها في خاتمة المطاف في مهب الريح أو على شفا جرف هار.
وهذا ما فعلته روسيا على وجه التحديد بعد نجاح الثورة الشيوعية فيها، إذ قام قادتها السياسيون والأيديولوجيون بعزلها عن العالم الخارجي حتى يتمكنوا من تحقيق ثورة داخلية ثانية بعد الثورة الفكرية السياسية التي أوصلتهم للحكم.
أما الدولة العثمانية فقد حاولت متأخرة ان تلحق بأوروبا بعد أن حصلت فيها الثورة الصناعية، غير أنها أخفقت لأسباب عديدة، ليس اقلها أنها كانت منغمسة بالكامل في مواجهات وحروب طاحنة على جبهات متعددة جعلت منها الدول الاستعمارية الغربية إستراتيجية متواصلة بعيدة المدى لاستنزاف الدولة العثمانية، وشل قدرتها في مختلف الميادين.
وقد فوت عليها ذلك فرصة أن تكون صاحبة مشروع نهضوي تستطيع من خلاله ان تعيد بناء قواها الذاتية على أسس جديدة، فتلحق بركب العالم المتقدم كما فعلت اليابان وروسيا في وقت لاحق.
وهذا أيضا، مع الفارق، ما فعلته إسرائيل بعد أن أخفقت في العدوان الثلاثي على مصر مع انكلترا وفرنسا عام 1956، فقد قررت في ربيع 1957 أن لا تبادر إلى الدخول في أية حرب شاملة في المنطقة لمدة عشر سنوات، كما ورد في رسالة بعث بها رئيس وزرائها في ذلك الوقت ديفيد بن غوريون إلى الرئيس الأمريكي أيزنهاور قال له فيها "بأن إسرائيل قررت أن تضع مجمل القضية الفلسطينية في ثلاجة لمدة عشر سنوات، تنتهي في ربيع عام 1976"، وذلك حتى تعطي لنفسها فرصة كافية كي تبني قوة عسكرية متفوقة في المنطقة تستطيع بواسطتها أن تغير المعادلات الجيوبوليتيكية فيما عرف بدول المواجهة، وأن تغير ميزان القوى في المنطقة برمتها لصالحها، وهذا ما فعلته لاحقاً في حرب حزيران عام 1967.
مشروع تخرج
http://www.factjo.com/StudiesDetails.aspx?id=979
فقد اتخذت الولايات المتحدة الأمريكية بعد إعلان الاستقلال مبدأ العزلة أو الأحادية وهذا المبدأ يعني في التصور السياسي الأمريكي أن تبقى أمريكا بعيدة عن الصراعات العالمية لاسيما الأحلاف المربكة الدائمة في أوروبا، وأن تبقى محايدة في حروب أوربا حتى يتسنى لها بناء نفسها كقوة مرهوبة الجانب للتمكن من حماية نفسها أولاً ثم الانطلاق إلى استعمار العالم ثانيا.
ومفهوم العزلة كان أمرا حتميا أمام الأمريكان لاعتبارات عديدة من بينها أن انخراط الولايات المتحدة في الحروب على غرار النموذج الأوروبي، كان يستوجب أن تبني جيوشاً وأساطيل كبيرة وأن تفرض الضرائب والتجنيد الإلزامي على شعبها، وهذا لم يكن بمقدور أمريكا في ذلك الوقت.
كما أن انخراط الولايات المتحدة في الصراعات الأوروبية، سيؤدي حتما إلى لعب دور الشريك الأصغر في أحلاف الإمبراطوريات العظمى، وربما تخسر مصالحها القومية وقد يؤدي ذلك إلى تنافس الدول الأوروبية على الموارد الأمريكية. فضلا عن خوفها من وصول الحروب الأوروبية والصراعات إلى أراضيها.
بناء الذات الداخلية
من هنا يمكن القول إن سياسة العزلة التي فرضتها أمريكا على نفسها حينا من الدهر إنما كانت ضرورة لازمة لاستكمال عمليات البناء الداخلي، وامتلاك أسباب القوة من خلال نجاح مشروعها النهضوي في مختلف المجالات.
لأن من شأن التورط في تحالفات أو حروب دولية قبل أن تبلغ أمريكا مرحلة النضوج أن يضعف من قواها، ويستنزف طاقتها، وربما أدى إلى تراجع شامل في مجمل قوتها، الأمر الذي يجعل مصيرها في خاتمة المطاف في مهب الريح أو على شفا جرف هار.
وهذا ما فعلته روسيا على وجه التحديد بعد نجاح الثورة الشيوعية فيها، إذ قام قادتها السياسيون والأيديولوجيون بعزلها عن العالم الخارجي حتى يتمكنوا من تحقيق ثورة داخلية ثانية بعد الثورة الفكرية السياسية التي أوصلتهم للحكم.
أما الدولة العثمانية فقد حاولت متأخرة ان تلحق بأوروبا بعد أن حصلت فيها الثورة الصناعية، غير أنها أخفقت لأسباب عديدة، ليس اقلها أنها كانت منغمسة بالكامل في مواجهات وحروب طاحنة على جبهات متعددة جعلت منها الدول الاستعمارية الغربية إستراتيجية متواصلة بعيدة المدى لاستنزاف الدولة العثمانية، وشل قدرتها في مختلف الميادين.
وقد فوت عليها ذلك فرصة أن تكون صاحبة مشروع نهضوي تستطيع من خلاله ان تعيد بناء قواها الذاتية على أسس جديدة، فتلحق بركب العالم المتقدم كما فعلت اليابان وروسيا في وقت لاحق.
وهذا أيضا، مع الفارق، ما فعلته إسرائيل بعد أن أخفقت في العدوان الثلاثي على مصر مع انكلترا وفرنسا عام 1956، فقد قررت في ربيع 1957 أن لا تبادر إلى الدخول في أية حرب شاملة في المنطقة لمدة عشر سنوات، كما ورد في رسالة بعث بها رئيس وزرائها في ذلك الوقت ديفيد بن غوريون إلى الرئيس الأمريكي أيزنهاور قال له فيها "بأن إسرائيل قررت أن تضع مجمل القضية الفلسطينية في ثلاجة لمدة عشر سنوات، تنتهي في ربيع عام 1976"، وذلك حتى تعطي لنفسها فرصة كافية كي تبني قوة عسكرية متفوقة في المنطقة تستطيع بواسطتها أن تغير المعادلات الجيوبوليتيكية فيما عرف بدول المواجهة، وأن تغير ميزان القوى في المنطقة برمتها لصالحها، وهذا ما فعلته لاحقاً في حرب حزيران عام 1967.
مشروع تخرج
http://www.factjo.com/StudiesDetails.aspx?id=979