- الجمعة يونيو 03, 2011 9:50 pm
#38233
د. محمد أبو رمان
سيبقى الجدل والاختلاف العربي على زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، بعد مقتله على يد القوات الأميركية. إذ سيستمر موضوعاً مفتوحاً للحوار والسجال، ومرتبطاً بصورة أساسية بالرسالة والمسار الذي رسمه الرجل قبل رحيله، وبتباين قراءة "النصوص الدينية" والواقع.
ثمة من ينحاز أيديولوجيا، وعاطفياً، بصورة مطلقة لأسامة بن لادن وتنظيمه، أو ضده. في المقابل، فإنّ الأغلبية الواسعة من الرأي العام العربي تقف في "مساحة ملتبسة" مترددة بين وصفه بالبطل والتعاطف معه أو رفض جزء كبير من أعماله وتصوراته الفكرية.
جذر الاختلاف على الرجل و"قاعدته" يعود للاختلاف بين المساحة المشتركة الواسعة بينه وبين الرأي العام العربي في الموقف من الوضع الراهن، وبين "الأيديولوجيا" التي وصل إليها لتغيير هذا الواقع.
"نموذج بن لادن" (وقاعدته) هو الابن الشرعي لأزمة النظام الرسمي العربي، وقد جسّد ببروزه وصعوده أحد الردود العنيفة والشرسة على ما وصلت إليه الأحوال العربية في السنوات الأخيرة من انسداد سياسي داخلي، واستبداد وفساد وحرمان وغياب لمعايير القانون والعدالة من جهة، ومن تهاون وتخاذل أمام مواجهة التحديات والتهديدات الخارجية (جرح الكرامة) من جهة أخرى.
وفي حين كانت الحركات السلمية تعاني الأمرّين مع النظم العربية، ولا يرى الجميع فرصة لـ"اختراق" ذلك الواقع، مع ارتفاع منسوب مشاعر الغضب والاحتقان وخيبة الأمل من الظروف العامة، صاغت "القاعدة" للناس أيديولوجيا عنيفة في ردّها على الواقع العنيف أصلاً، وقدّمت جواباً واضحاً ومحدّداً بأنّ الخلاص هو عبر الدولة الإسلامية بصيغة قريبة من "نموذج طالبان". والطريق إلى ذلك لا تمر إلاّ عبر عمل مسلّح (الجهاد)، ومواجهة دموية مع "العدو البعيد" (الولايات المتحدة) و"العدو القريب" (النظام الرسمي العربي).
بالرغم من "قسوة" هذه الخيارات الفكرية والسياسية و"كلفتها الكبيرة"، إلاّ أنّها تحت ضغط الواقع السيئ وجدت لها "سوقاً" لدى الشباب العربي في مجتمعات فتية يظللها الإحباط والشعور بالمرارة، طالما أنّ تلك الأيديولوجيا مدعومة بخطاب ديني- روحي يمنحها قوة التجنيد والتعبئة.
إذن، الناس جميعاً تتفق مع بن لادن في "القرف" من الراهن العربي، وتشترك معه في الغضب من الاحتلال والهيمنة الغربية وضعف النظام الرسمي العربي، وهو ما شكّل "أرضية عامة" خلقت "تعاطفاً" وتأييداً لمشروع "القاعدة" في "مواجهة الاحتلال".
أمّا عند العبور من هذه المساحة إلى أيديولوجيا "القاعدة" وعملياتها، كالحادي عشر من سبتمبر 2001، وتفجيرات لندن ومدريد وباريس وبالي، والخطاب الديني المتشدد سياسياً واجتماعياً وثقافياً، فإنّ الرأي العام العربي يبدأ بـ"الارتباك" والقلق، والشعور بالفجوة العميقة التي تفصل "ما يريده ويقبله"، عما يفعله أسامة وصحبه.
لا تملك الأغلبية التشكيك بـ"نوايا" الرجل، لكن الاختلاف والالتباس هو في أعماله وخياراته، وقد جسّد هذه المفارقة بطرافة الكاتب المصري، فهمي هويدي، عندما وصف طالبان بقوله "جند الله في المعركة الغلط"!
وبرغم أنّ بن لادن سيبقى جدلياً، إلاّ أنّ "مرحلته" تذوي وتتراجع مع الثورات الديمقراطية العربية التي اشتقت طريقاً مختلفة أكثر انسجاماً مع طموح الناس واتساقاً مع معتقداتهم، للوصول إلى دولة مدنية ديمقراطية عبر طريق سلمية.
ربما هي الأقدار التي تسدل الستار على مسار بن لادن مع أفول حقبة النظام الرسمي العربي بصيغته الراهنة، وكأنّ ذلك إعلان عن نهاية مرحلة وبداية أخرى!
سيبقى الجدل والاختلاف العربي على زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، بعد مقتله على يد القوات الأميركية. إذ سيستمر موضوعاً مفتوحاً للحوار والسجال، ومرتبطاً بصورة أساسية بالرسالة والمسار الذي رسمه الرجل قبل رحيله، وبتباين قراءة "النصوص الدينية" والواقع.
ثمة من ينحاز أيديولوجيا، وعاطفياً، بصورة مطلقة لأسامة بن لادن وتنظيمه، أو ضده. في المقابل، فإنّ الأغلبية الواسعة من الرأي العام العربي تقف في "مساحة ملتبسة" مترددة بين وصفه بالبطل والتعاطف معه أو رفض جزء كبير من أعماله وتصوراته الفكرية.
جذر الاختلاف على الرجل و"قاعدته" يعود للاختلاف بين المساحة المشتركة الواسعة بينه وبين الرأي العام العربي في الموقف من الوضع الراهن، وبين "الأيديولوجيا" التي وصل إليها لتغيير هذا الواقع.
"نموذج بن لادن" (وقاعدته) هو الابن الشرعي لأزمة النظام الرسمي العربي، وقد جسّد ببروزه وصعوده أحد الردود العنيفة والشرسة على ما وصلت إليه الأحوال العربية في السنوات الأخيرة من انسداد سياسي داخلي، واستبداد وفساد وحرمان وغياب لمعايير القانون والعدالة من جهة، ومن تهاون وتخاذل أمام مواجهة التحديات والتهديدات الخارجية (جرح الكرامة) من جهة أخرى.
وفي حين كانت الحركات السلمية تعاني الأمرّين مع النظم العربية، ولا يرى الجميع فرصة لـ"اختراق" ذلك الواقع، مع ارتفاع منسوب مشاعر الغضب والاحتقان وخيبة الأمل من الظروف العامة، صاغت "القاعدة" للناس أيديولوجيا عنيفة في ردّها على الواقع العنيف أصلاً، وقدّمت جواباً واضحاً ومحدّداً بأنّ الخلاص هو عبر الدولة الإسلامية بصيغة قريبة من "نموذج طالبان". والطريق إلى ذلك لا تمر إلاّ عبر عمل مسلّح (الجهاد)، ومواجهة دموية مع "العدو البعيد" (الولايات المتحدة) و"العدو القريب" (النظام الرسمي العربي).
بالرغم من "قسوة" هذه الخيارات الفكرية والسياسية و"كلفتها الكبيرة"، إلاّ أنّها تحت ضغط الواقع السيئ وجدت لها "سوقاً" لدى الشباب العربي في مجتمعات فتية يظللها الإحباط والشعور بالمرارة، طالما أنّ تلك الأيديولوجيا مدعومة بخطاب ديني- روحي يمنحها قوة التجنيد والتعبئة.
إذن، الناس جميعاً تتفق مع بن لادن في "القرف" من الراهن العربي، وتشترك معه في الغضب من الاحتلال والهيمنة الغربية وضعف النظام الرسمي العربي، وهو ما شكّل "أرضية عامة" خلقت "تعاطفاً" وتأييداً لمشروع "القاعدة" في "مواجهة الاحتلال".
أمّا عند العبور من هذه المساحة إلى أيديولوجيا "القاعدة" وعملياتها، كالحادي عشر من سبتمبر 2001، وتفجيرات لندن ومدريد وباريس وبالي، والخطاب الديني المتشدد سياسياً واجتماعياً وثقافياً، فإنّ الرأي العام العربي يبدأ بـ"الارتباك" والقلق، والشعور بالفجوة العميقة التي تفصل "ما يريده ويقبله"، عما يفعله أسامة وصحبه.
لا تملك الأغلبية التشكيك بـ"نوايا" الرجل، لكن الاختلاف والالتباس هو في أعماله وخياراته، وقد جسّد هذه المفارقة بطرافة الكاتب المصري، فهمي هويدي، عندما وصف طالبان بقوله "جند الله في المعركة الغلط"!
وبرغم أنّ بن لادن سيبقى جدلياً، إلاّ أنّ "مرحلته" تذوي وتتراجع مع الثورات الديمقراطية العربية التي اشتقت طريقاً مختلفة أكثر انسجاماً مع طموح الناس واتساقاً مع معتقداتهم، للوصول إلى دولة مدنية ديمقراطية عبر طريق سلمية.
ربما هي الأقدار التي تسدل الستار على مسار بن لادن مع أفول حقبة النظام الرسمي العربي بصيغته الراهنة، وكأنّ ذلك إعلان عن نهاية مرحلة وبداية أخرى!