طبيعة القضية الفلسطينية وجوهر الصراع العربي الصهيوني:
إن مناقشة طبيعة القضية الفلسطينية و جوهر الصراع و تحديد أطرافه و عناصره تعد خطوة أساسية في مناقشة الحلول المطروحة لحل هذا الصراع، فهل المشكلة الفلسطينية و الصراع في المنطقة يقتصر على ازالة آثار العدوان 67 أو حل مشكلة الللاجئين، أو مشكلة المياه في نهر الأردن و حرية المرور في خليج العقبة و قناة السويس، أو وقف الاستيطان الاسرائيلي أو تحقيق تسوية بين العرب و اليهود أو حل أزمة الشرق الأوسط و رسم الحدود بين دول المنطقة أو تحرير فلسطين و إزالة الوجود اليهودي فيها الخ . . .
إن الإجابة على هذه التساؤلات تنبع من فهم و تحديد أصل المشكلة.
إن الأصل في المشكلة وجوهر الصراع يعود في الأساس إلى تشوه الكيان الصهيوني على أرض فلسطين و لذلك فإن طبيعة هذه المشكلة تعتمد في الأساس على طبيعة "الوجود الاسرائيلي" في المنطقة و نظرا لهذه الطبيعة العدوانية و العنصرية و التوسعية و الإستعمارية التي تميز "الكيان الاسرائيلي" في فلسطين فإن الصراع ضد هذا الكيان قد تميز بعدة خصائص نذكر منها :
1- إن هذا الصراع تاريخي له جذوره في الماضي البعيد و التي قد تمتد إلى الصراع بين المسلمين و اليهود في المدينة المنورة، كما أن الصراع الحالي يبدأ منذ نهاية القرن التاسع عشر و ظهور الصهيونية وقد تمثل هذا الصراع بجولات متعددة من المعارك و الحروب قبل سنة 1936 و 1948 و 1956 و 1973 و 1982 فهو صراع ممتد في حقبة تاريخية طويلة نتج عنها مشكلات فرعية متعددة.
2- إنه صراع حضاري ذو طبيعة شمولية، فهو صراع متعدد الجوانب. . . صراع على الارض و كذلك هو صراع بين القومية العربية و الصهيونية ممثلة للقومية اليهودية.
كما انه صراع بين الحضارة الإسلامية و العربية و بين الصهيونية ممثلة للحضارة اليهودية و الغربية في الوقت نفسه.
3- انه صراع مصيري بين الأمة العربية و في مقدمتها الشعب الفلسطيني و بين الوجود الإستيطاني في فلسطين و من وراءه القوى الإمبريالية الإستعمارية و هو صراع مصيري لأن كل طرف من أطراف الصراع يحاول تدمير الطرف الآخر و القضاء عليه بصورة نهائية .
4- انه صراع متعدد الأطراف فهو صراع بين الشعب الذي اغتصبت أرضه و شتت و بين "إسرائيل" التي أقامت دولتها على أرض فلسطين.
- مشروعات التسوية للقضية الفلسطينية.
واجه شعبنا الفلسطيني و أمتنا العربية دعوات للتعايش مع الإستيطان الصهيوني منذ الثلاثينات من القرن العشرين فجاء واكهوب ( 1934م– 1935م) المندوب السامي البريطاني على فلسطين بمشروعه في 21 كانون الاول 1935 م باقامة ((مجلس تشريعي)) في فلسطين من 28 عضوا من المسلمين و المسيحيين و اليهود و الانجليز و عضوين من التجار، ثم مشروع لجنة بيل عام 1937م مشروع لجنة وودهيد عام 1938م و مشروع اللجنة الانجلوامريكية في عام 1946م، و قبله مشروع الكتاب الأبيض عام 1939م ثم مشروع اللورد موريسون (1946م)، إلى أن جاء قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة عام 1947 فرفضته جماهيرنا و مقاومته.
و جاءت حرب 1967 و تبعها قرار 242 فقاومته جماهيرنا كما قاومت قرار التقسيم، و عندما جاء روجرز إلى المنطقة بدأت بعض الأصوات تعلن أن فرسان الجمل الثورية ((يحلون القضية و أن حل القضية يتطلب الواقعية و المرونة و طرح في هذا المجال موضوعة الموافقة على قرار التقسيم)) .
وجاء بعده من اعتبر أن مشكلة الشعب الفلسطني كامنة في إصراره على ((لائه)) و أن هذه ((اللا)) ليست عملية و إنما هي سلبية.
و ما لبثنا أن رأينا الجبهة الشعبية الديمقراطية تعلن برنامجها المرحلي للضفة الغربية و غزة و هي تعلن رفض قرار مجلس الامن 242. و ما لبثت بعض الأصوات أن طرحت إمكانية أن يتحول الصراع العدائي في فلسطين إلى نزاع إذا ما أعطي الشعب الفلسطيني دولة على جزء من أراضيه.