By محمد السهلي 11 - الأحد يونيو 05, 2011 1:37 am
- الأحد يونيو 05, 2011 1:37 am
#38479
تعد المراكز البحثية، أو ما يطلق عليه Think-Tanks من أبرز سمات المجتمع المدني والسياسي الأمريكي لما لها من تأثير مباشر وغير مباشر على مراكز صنع القرار فى الولايات المتحدة، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، وهو ما يظهر - على سبيل المثال - بصورة واضحة بالنسبة للسياسة الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط.
بداية، فإن دور تلك المراكز في صياغة السياسة الخارجية الأمريكية يرجع إلي عاملين: الأول هو طابع اللامركزية في النظام السياسي الأمريكي الذي يتيح الفرصة و القنوات الشرعية للمشاركة في صنع و تطبيق السياسة الخارجية بطرق مباشرة و غير مباشرة، و وبما لا تصبح السياسة الخارجية حكرا علي مؤسسة دون الأخرى.
أما العامل الثاني فهو انخراط الولايات المتحدة كفاعل رئيسي في العلاقات الدولية منذ بداية القرن العشرين، وتطور هذا الدور عبر مراحل مختلفة، فقد صاحب هذا التطور منذ بداياته ظهور المراكز البحثية الأمريكية مثل مركز كارنيجي للسلام الدولي و مؤسسة هوفر للحرب و الثورة و السلام و مجلس العلاقات الدولية.
أدوار أساسية
للمراكز البحثية خمسة أدوار أساسية تقوم بها ، فهي أولا مراكز صناعة الأفكار والأهداف والوسائل التي تخص السياسة الخارجية، وهو ما تستفيد به الإدارة الأمريكية بكافة أجهزتها ، وتقوم بدراسة كافة المستجدات الدولية - كالإرهاب - لمعرفة أثرها علي المصالح الأمريكية. فوظيفة المراكز البحثية إعداد السبل لتحقيق المصالح الأمريكية واختيار أفضل وسائل التطبيق. إن المراكز البحثية تقوم بكسر الحواجز بين العمل الأكاديمي النظري في الجامعات الأمريكية و بين العمل السياسي التطبيقي لصناع القرار.
ثانيا، تقوم المراكز البحثية بإمداد الإدارة بالموظفين اللائقين علميا وعمليا لتطبيق السياسة الخارجية، ويعد هذا من التأثير المباشر لها، فأفرادها والعاملون بها يقومون بالعمل التطبيقى للسياسة الخارجية فى الإدارات المنتخبة. لذلك نجد أن كثيرا من موظفى الإدارة في البيت الأبيض ووزارتى الدفاع والخارجية، هم بالأساس باحثون كأمثال ريتشارد بيرل مساعد وزير الدفاع السابق ودينس روس مبعوث الإدارة الأمريكية السابق فى الشرق الأوسط.
ثالثا، تجرى المراكز البحثية حلقات نقاش عن المبادرات والسياسات الأمريكية عن طريق عقد اجتماعات بين ممثلى الإدارة وأعضاء المراكز وأصحاب الشركات الكبرى وكبار الأكاديميين من أجل معرفة أثر السياسة الخارجية على المصالح الأمريكية ومدى فعاليتها، وفى حالة فعاليتها تقوم المراكز بحشد الدعم لتلك السياسة بين مختلف المؤسسات أو معارضة تلك السياسة فى حالة إضرارها بالمصالح الأمريكية.
رابعا، للمراكز البحثية تأثير غير مباشر من خلال نشر الوعى الثقافى بين أفراد المجتمع بأهم القضايا الدولية التى تواجه الولايات المتحدة وكيفية مساندة أو اعتراض تلك السياسات. ويتم ذلك عن طريق كتابة مقالات ودراسات بالصحف الكبرى وإصدار الكتب والدوريات والظهور فى وسائل الإعلام المرئية والمسموعة لخبراء المراكز.
خامسا، تتدخل المراكز البحثية تدخلاً مباشراً فى بعض القضايا الدولية كمؤسسة فاعلة تهدف إلى تحقيق بعض النتائج بالتنسيق مع الإدارة ، ولعل من أبرز هذه الأدوار ما قام به المركز الأمريكى للسلام بإجراء مفاوضات غير رسمية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، كما قام بتدريب موظفى الإدارة الأمريكية على كيفية إدارة المفاوضات بين كلا الطرفين.
وإذا كانت طبيعة العمل الأساسى للمراكز هى إجراء الأبحاث فى كل ما يتعلق بالسياسة الخارجية، إلا أن طريقة البحث تنقسم إلى قسمين: الأول أن يكون البحث مختصا بمنطقة جغرافية محددة مثل جنوب شرق آسيا أو الشرق الأوسط، وبالتالى تتم دراسة كافة أنماط السياسة الخارجية فى تلك المناطق وتحديد أهم التحديات الكائنة بها. والثانى أن يكون البحث متعلقاً بأحد أهداف السياسات الأمريكية مثل حظر انتشار الأسلحة النووية أو محاربة الإرهاب أو العولمة وتحرير التجارة العالمية.
وتختلف المراكز البحثية فيما بينها حول توجهات السياسة الخارجية وقدرتها على تحقيق المصالح العليا. ويكون قياس مدى نجاح المركز البحثى هو بإدراك مدى تأثيره على دوائر صنع القرار الأمريكى ومدى استجابة الإدارة لما وصل إليه، والعمل على تطبيق السياسات الخارجية المصنوعة داخله.
ويتمثل أحد أهم أسباب نجاح المراكز البحثية فى أنها تقوم على تمويل ذاتى مستقل غير مرتبطة بالمؤسسات الحكومية، وبالتالى فإنها حافظت على قدر كبير من الاستقلالية، فهى بالأساس مؤسسات غير هادفة للربح، معفاة من الضرائب الأمريكية وتقوم على التبرعات الفردية والجماعية من الشركات الكبرى والتمويل الذاتى عن طريق بيع الكتب والإصدارات البحثية والدوريات المتخصصة. وبعض هذه المراكز لا تقبل أى معونات حكومية، والبعض الأخر يقوم بعمل عقود مع الحكومة الأمريكية من أجل القيام بأبحاث ودراسات لبعض أجهزتها مثل السلاح الجوى الأمريكى المتعاقد مع مركز راند على تمويل أبحاثه عن التحديثات التى تقوم بها الصين على سياستها الدفاعية، وآثارها على السلاح الجوى الأمريكى.
برامج الشرق الأوسط
ولعل إدراك طبيعة الدور المهم الذى تقوم به تلك المراكز، يستوجب معرفة أهم المراكز المهتمة بشئون الشرق الأوسط وطبيعة برامجها. ومن أبرز المراكز الموجودة على الساحة الأمريكية حاليا ولها تأثير ما على الإدارة الحالية، معهد المشروع الامريكى American Enterprise Institute. وينتهج هذا المركز نهجاً يمينياً محافظاً فى معالجة القضايا الدولية كما تشير إصداراته ودورياته. أما عن برنامج الشرق الأوسط بالمركز فهو يتبنى أكثر التوجهات الأمريكية حدة وتطرفا تجاه المنطقة:
1- متابعة الإستراتيجية الأمريكية بالمنطقة.
2- طرق وكيفية إحداث إصلاح ديمقراطى للدول غير الديمقراطية.
3- محاربة الإسلام الراديكالى والإرهاب.
4- احتواء الصراع العربى الاسرائيلى والوصول إلى تسوية دائمة تحافظ على المصالح الأمريكية والإسرائيلية بالمنطقة.
5- القضاء على الثورة الإسلامية بإيران.
6- دراسة السياسات النفطية للدول المصدرة للنفط.
ومن أبرز القناعات السياسية التى يتبناها خبراء هذا المركز: أولا أنه من مسئوليات الولايات المتحدة إحداث تغيير ديمقراطى فى المنطقة العربية، لأن هذه البيئة كانت السبب الرئيسى فى اندلاع الإرهاب الدولى وتصديره إلى الولايات المتحدة فى صورة أحداث 11 سبتمبر 2001 . ثانيا أنه يحق للولايات المتحدة استخدام القوة العسكرية فى التغيير كما حدث فى العراق. فتجربة اليابان وألمانيا قد أثبتت أن الديمقراطية يمكن أن تنجح باستخدام القوة العسكرية من خلال الاحتلال وإزالة الأنظمة الشمولية، لذلك فإن قيام الديمقراطية فى العراق ضرورى لإثبات نجاح النموذج الأمريكى فى فرض الحلول. وثالثا إن قيام دولة فلسطينية فى المنطقة لا يعنى بالضرورة إفادة المصالح الأمريكية. وأخيرا اعتبار إيران دولة ترعى الإرهاب الدولى، مع القول بأن تغيير هذا النظام ضرورى للحفاظ على المصالح الأمريكية بالمنطقة، ومن أبرز خبراء هذا المركز ريتشارد بيرل وراؤول مارك الخبير السابق لشئون الشرق الأوسط بالاستخبارات المركزية وعضو جمعية القرن الأمريكى الجديد.
أما عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الذى يمارس أيضا تأثيرا على الإدارة الحالية، فإن برنامجه عن الشرق الأوسط، يتبنى أهدافا معتدلة تعاونية ذات طابع عملى، تختلف تماما عن المعهد السابق، إذ أنه يهدف إلى:
1- معرفة وفهم التغيرات السياسية والاجتماعية فى الشرق الأوسط مع معرفة تأثير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والديموجرافيا والإعلام على هذه التغيرات .
2- خلق شراكة أكاديمية بين الولايات المتحدة والمنطقة من أجل مساندة إحداث التغيرات الديموقراطية المطلوبة.
3- التركيز على الدول المحورية فى المنطقة من خلال الأبحاث وهى مصر والسعودية وإيران .
ومن ابرز المشاريع التى يقوم بها هذا المركز مشروع العمل الخيرى بالشرق الأوسط بالتعاون مع هيئة المعونة الأمريكية، ويهدف المشروع من خلال دراسات وحلقات نقاش لمعرفة الفرق بين العمل الخيرى الحقيقى والأعمال التى تتخذ واجهة خيرية لتمويل المنظمات الإرهابية. وهناك مشروع آخر لدراسة الدور الذى يجب أن تقوم به الشركات الأمريكية بالمنطقة من أجل إجراء إصلاحات ديمقراطية ومحاربة الإرهاب، وذلك عن طريق ورش عمل أعدها المركز بين خبرائه ورؤساء الشركات الاقتصادية. وهناك مشروع إعلامى يقوم المركز من خلاله بعمل قنوات حوارية بين القنوات العربية ومثيلاتها الأمريكية لمناقشة كيفية صناعة الأخبار وكتابة التقارير بحرفية والالتزام بنقل الحقائق بعيدا عن الانطباعات.
- ومن أبرز المراكز المؤثرة على صنع القرار الأمريكى معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، وعلى خلاف المراكز الأخرى، يصب المركز عمله فقط لمتابعة ما يجرى فى الشرق الأوسط والعالم العربى. ويقوم بدراسة المصالح الأمريكية بالمنطقة وما يواجهها من عقبات وكيفية تطوير تلك السياسة. وينظم مؤتمرين سنويين يشارك فيهما كبار المسئولين والخبراء والأكاديميين لمناقشة المستجدات الإقليمية وتأثيرها على المصالح الأمريكية. كما ينظم 40 حلقة نقاشية طوال العام لنفس الغرض، وتقع مواقفه عموما فى منطقة وسط بين المركزين السابقين.
ومن أهم أنشطة المركز، إعداد الدراسة الرئاسية التى تصدر كل أربع سنوات مع الانتخابات الرئاسية، وتهدف إلى إعطاء الإرشادات الضرورية إلى الإدارة الجديدة بما يجب أن تؤديه فى المنطقة خلال أربعة أعوام. وقد تم تقسيم الدراسة التي صدرت عام 2001 الى أربعة أقسام، أولها قسم العلاقات العربية الإسرائيلية، واستهدف منع تصاعد العنف الفلسطينى الاسرائيلى إلى حرب شاملة، وذلك عن طريق عدة سياسات تهدف إلى ردع تطوره، كزيادة قوة التحالف الأمريكى - الاسرائيلى، بما ينهى أى شك فى أن واشنطن ستساند إسرائيل مهما كان الثمن.
أما القسم الثانى، فيتناول قضية انتشار أسلحة الدمار الشامل فى المنطقة واعتبارها الخطر الرئيسى الذى يهدد المصالح الأمريكية. والثالث يناقش قضية الإرهاب وسبل علاجه والضغط على الدول من أجل التعاون مع الإدارة الأمريكية فى هذا المجال ، أما القسم الأخير فكان مخصصا لدراسة مختلف الأوضاع فى العراق وإيران، واعتبار العراق خطراً يهدد الأمن القومى الامريكى بسبب معارضته لعملية التسوية السلمية مع إسرائيل وتطويره لأسلحة الدمار الشامل، ومن أبرز من ساهم فى هذه الدراسة بول وولفيتز مساعد وزير الدفاع الامريكى .
بداية، فإن دور تلك المراكز في صياغة السياسة الخارجية الأمريكية يرجع إلي عاملين: الأول هو طابع اللامركزية في النظام السياسي الأمريكي الذي يتيح الفرصة و القنوات الشرعية للمشاركة في صنع و تطبيق السياسة الخارجية بطرق مباشرة و غير مباشرة، و وبما لا تصبح السياسة الخارجية حكرا علي مؤسسة دون الأخرى.
أما العامل الثاني فهو انخراط الولايات المتحدة كفاعل رئيسي في العلاقات الدولية منذ بداية القرن العشرين، وتطور هذا الدور عبر مراحل مختلفة، فقد صاحب هذا التطور منذ بداياته ظهور المراكز البحثية الأمريكية مثل مركز كارنيجي للسلام الدولي و مؤسسة هوفر للحرب و الثورة و السلام و مجلس العلاقات الدولية.
أدوار أساسية
للمراكز البحثية خمسة أدوار أساسية تقوم بها ، فهي أولا مراكز صناعة الأفكار والأهداف والوسائل التي تخص السياسة الخارجية، وهو ما تستفيد به الإدارة الأمريكية بكافة أجهزتها ، وتقوم بدراسة كافة المستجدات الدولية - كالإرهاب - لمعرفة أثرها علي المصالح الأمريكية. فوظيفة المراكز البحثية إعداد السبل لتحقيق المصالح الأمريكية واختيار أفضل وسائل التطبيق. إن المراكز البحثية تقوم بكسر الحواجز بين العمل الأكاديمي النظري في الجامعات الأمريكية و بين العمل السياسي التطبيقي لصناع القرار.
ثانيا، تقوم المراكز البحثية بإمداد الإدارة بالموظفين اللائقين علميا وعمليا لتطبيق السياسة الخارجية، ويعد هذا من التأثير المباشر لها، فأفرادها والعاملون بها يقومون بالعمل التطبيقى للسياسة الخارجية فى الإدارات المنتخبة. لذلك نجد أن كثيرا من موظفى الإدارة في البيت الأبيض ووزارتى الدفاع والخارجية، هم بالأساس باحثون كأمثال ريتشارد بيرل مساعد وزير الدفاع السابق ودينس روس مبعوث الإدارة الأمريكية السابق فى الشرق الأوسط.
ثالثا، تجرى المراكز البحثية حلقات نقاش عن المبادرات والسياسات الأمريكية عن طريق عقد اجتماعات بين ممثلى الإدارة وأعضاء المراكز وأصحاب الشركات الكبرى وكبار الأكاديميين من أجل معرفة أثر السياسة الخارجية على المصالح الأمريكية ومدى فعاليتها، وفى حالة فعاليتها تقوم المراكز بحشد الدعم لتلك السياسة بين مختلف المؤسسات أو معارضة تلك السياسة فى حالة إضرارها بالمصالح الأمريكية.
رابعا، للمراكز البحثية تأثير غير مباشر من خلال نشر الوعى الثقافى بين أفراد المجتمع بأهم القضايا الدولية التى تواجه الولايات المتحدة وكيفية مساندة أو اعتراض تلك السياسات. ويتم ذلك عن طريق كتابة مقالات ودراسات بالصحف الكبرى وإصدار الكتب والدوريات والظهور فى وسائل الإعلام المرئية والمسموعة لخبراء المراكز.
خامسا، تتدخل المراكز البحثية تدخلاً مباشراً فى بعض القضايا الدولية كمؤسسة فاعلة تهدف إلى تحقيق بعض النتائج بالتنسيق مع الإدارة ، ولعل من أبرز هذه الأدوار ما قام به المركز الأمريكى للسلام بإجراء مفاوضات غير رسمية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، كما قام بتدريب موظفى الإدارة الأمريكية على كيفية إدارة المفاوضات بين كلا الطرفين.
وإذا كانت طبيعة العمل الأساسى للمراكز هى إجراء الأبحاث فى كل ما يتعلق بالسياسة الخارجية، إلا أن طريقة البحث تنقسم إلى قسمين: الأول أن يكون البحث مختصا بمنطقة جغرافية محددة مثل جنوب شرق آسيا أو الشرق الأوسط، وبالتالى تتم دراسة كافة أنماط السياسة الخارجية فى تلك المناطق وتحديد أهم التحديات الكائنة بها. والثانى أن يكون البحث متعلقاً بأحد أهداف السياسات الأمريكية مثل حظر انتشار الأسلحة النووية أو محاربة الإرهاب أو العولمة وتحرير التجارة العالمية.
وتختلف المراكز البحثية فيما بينها حول توجهات السياسة الخارجية وقدرتها على تحقيق المصالح العليا. ويكون قياس مدى نجاح المركز البحثى هو بإدراك مدى تأثيره على دوائر صنع القرار الأمريكى ومدى استجابة الإدارة لما وصل إليه، والعمل على تطبيق السياسات الخارجية المصنوعة داخله.
ويتمثل أحد أهم أسباب نجاح المراكز البحثية فى أنها تقوم على تمويل ذاتى مستقل غير مرتبطة بالمؤسسات الحكومية، وبالتالى فإنها حافظت على قدر كبير من الاستقلالية، فهى بالأساس مؤسسات غير هادفة للربح، معفاة من الضرائب الأمريكية وتقوم على التبرعات الفردية والجماعية من الشركات الكبرى والتمويل الذاتى عن طريق بيع الكتب والإصدارات البحثية والدوريات المتخصصة. وبعض هذه المراكز لا تقبل أى معونات حكومية، والبعض الأخر يقوم بعمل عقود مع الحكومة الأمريكية من أجل القيام بأبحاث ودراسات لبعض أجهزتها مثل السلاح الجوى الأمريكى المتعاقد مع مركز راند على تمويل أبحاثه عن التحديثات التى تقوم بها الصين على سياستها الدفاعية، وآثارها على السلاح الجوى الأمريكى.
برامج الشرق الأوسط
ولعل إدراك طبيعة الدور المهم الذى تقوم به تلك المراكز، يستوجب معرفة أهم المراكز المهتمة بشئون الشرق الأوسط وطبيعة برامجها. ومن أبرز المراكز الموجودة على الساحة الأمريكية حاليا ولها تأثير ما على الإدارة الحالية، معهد المشروع الامريكى American Enterprise Institute. وينتهج هذا المركز نهجاً يمينياً محافظاً فى معالجة القضايا الدولية كما تشير إصداراته ودورياته. أما عن برنامج الشرق الأوسط بالمركز فهو يتبنى أكثر التوجهات الأمريكية حدة وتطرفا تجاه المنطقة:
1- متابعة الإستراتيجية الأمريكية بالمنطقة.
2- طرق وكيفية إحداث إصلاح ديمقراطى للدول غير الديمقراطية.
3- محاربة الإسلام الراديكالى والإرهاب.
4- احتواء الصراع العربى الاسرائيلى والوصول إلى تسوية دائمة تحافظ على المصالح الأمريكية والإسرائيلية بالمنطقة.
5- القضاء على الثورة الإسلامية بإيران.
6- دراسة السياسات النفطية للدول المصدرة للنفط.
ومن أبرز القناعات السياسية التى يتبناها خبراء هذا المركز: أولا أنه من مسئوليات الولايات المتحدة إحداث تغيير ديمقراطى فى المنطقة العربية، لأن هذه البيئة كانت السبب الرئيسى فى اندلاع الإرهاب الدولى وتصديره إلى الولايات المتحدة فى صورة أحداث 11 سبتمبر 2001 . ثانيا أنه يحق للولايات المتحدة استخدام القوة العسكرية فى التغيير كما حدث فى العراق. فتجربة اليابان وألمانيا قد أثبتت أن الديمقراطية يمكن أن تنجح باستخدام القوة العسكرية من خلال الاحتلال وإزالة الأنظمة الشمولية، لذلك فإن قيام الديمقراطية فى العراق ضرورى لإثبات نجاح النموذج الأمريكى فى فرض الحلول. وثالثا إن قيام دولة فلسطينية فى المنطقة لا يعنى بالضرورة إفادة المصالح الأمريكية. وأخيرا اعتبار إيران دولة ترعى الإرهاب الدولى، مع القول بأن تغيير هذا النظام ضرورى للحفاظ على المصالح الأمريكية بالمنطقة، ومن أبرز خبراء هذا المركز ريتشارد بيرل وراؤول مارك الخبير السابق لشئون الشرق الأوسط بالاستخبارات المركزية وعضو جمعية القرن الأمريكى الجديد.
أما عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الذى يمارس أيضا تأثيرا على الإدارة الحالية، فإن برنامجه عن الشرق الأوسط، يتبنى أهدافا معتدلة تعاونية ذات طابع عملى، تختلف تماما عن المعهد السابق، إذ أنه يهدف إلى:
1- معرفة وفهم التغيرات السياسية والاجتماعية فى الشرق الأوسط مع معرفة تأثير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والديموجرافيا والإعلام على هذه التغيرات .
2- خلق شراكة أكاديمية بين الولايات المتحدة والمنطقة من أجل مساندة إحداث التغيرات الديموقراطية المطلوبة.
3- التركيز على الدول المحورية فى المنطقة من خلال الأبحاث وهى مصر والسعودية وإيران .
ومن ابرز المشاريع التى يقوم بها هذا المركز مشروع العمل الخيرى بالشرق الأوسط بالتعاون مع هيئة المعونة الأمريكية، ويهدف المشروع من خلال دراسات وحلقات نقاش لمعرفة الفرق بين العمل الخيرى الحقيقى والأعمال التى تتخذ واجهة خيرية لتمويل المنظمات الإرهابية. وهناك مشروع آخر لدراسة الدور الذى يجب أن تقوم به الشركات الأمريكية بالمنطقة من أجل إجراء إصلاحات ديمقراطية ومحاربة الإرهاب، وذلك عن طريق ورش عمل أعدها المركز بين خبرائه ورؤساء الشركات الاقتصادية. وهناك مشروع إعلامى يقوم المركز من خلاله بعمل قنوات حوارية بين القنوات العربية ومثيلاتها الأمريكية لمناقشة كيفية صناعة الأخبار وكتابة التقارير بحرفية والالتزام بنقل الحقائق بعيدا عن الانطباعات.
- ومن أبرز المراكز المؤثرة على صنع القرار الأمريكى معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، وعلى خلاف المراكز الأخرى، يصب المركز عمله فقط لمتابعة ما يجرى فى الشرق الأوسط والعالم العربى. ويقوم بدراسة المصالح الأمريكية بالمنطقة وما يواجهها من عقبات وكيفية تطوير تلك السياسة. وينظم مؤتمرين سنويين يشارك فيهما كبار المسئولين والخبراء والأكاديميين لمناقشة المستجدات الإقليمية وتأثيرها على المصالح الأمريكية. كما ينظم 40 حلقة نقاشية طوال العام لنفس الغرض، وتقع مواقفه عموما فى منطقة وسط بين المركزين السابقين.
ومن أهم أنشطة المركز، إعداد الدراسة الرئاسية التى تصدر كل أربع سنوات مع الانتخابات الرئاسية، وتهدف إلى إعطاء الإرشادات الضرورية إلى الإدارة الجديدة بما يجب أن تؤديه فى المنطقة خلال أربعة أعوام. وقد تم تقسيم الدراسة التي صدرت عام 2001 الى أربعة أقسام، أولها قسم العلاقات العربية الإسرائيلية، واستهدف منع تصاعد العنف الفلسطينى الاسرائيلى إلى حرب شاملة، وذلك عن طريق عدة سياسات تهدف إلى ردع تطوره، كزيادة قوة التحالف الأمريكى - الاسرائيلى، بما ينهى أى شك فى أن واشنطن ستساند إسرائيل مهما كان الثمن.
أما القسم الثانى، فيتناول قضية انتشار أسلحة الدمار الشامل فى المنطقة واعتبارها الخطر الرئيسى الذى يهدد المصالح الأمريكية. والثالث يناقش قضية الإرهاب وسبل علاجه والضغط على الدول من أجل التعاون مع الإدارة الأمريكية فى هذا المجال ، أما القسم الأخير فكان مخصصا لدراسة مختلف الأوضاع فى العراق وإيران، واعتبار العراق خطراً يهدد الأمن القومى الامريكى بسبب معارضته لعملية التسوية السلمية مع إسرائيل وتطويره لأسلحة الدمار الشامل، ومن أبرز من ساهم فى هذه الدراسة بول وولفيتز مساعد وزير الدفاع الامريكى .