- الأحد يونيو 05, 2011 1:42 am
#38481
مركز صقر للدراسات الاستراتيجية
يفتقر عدد كبير من صناع القرار العربي إلى فلسفة الضغط والتأثير على شكل القرار الدولي, وكيفية انتهاج الولايات المتحدة الأمريكية خطوطها الإستراتيجية فيما يخص اتخاذ القرار بخصوص السياسية الخارجية وبما يتعلق بالعرب والشرق الأوسط وتخصيص المعونات الاقتصادية والعسكرية , وماهية العوامل والتأثيرات الداخلية والخارجية التي تأخذ بنظر الاعتبار قبل وأثناء اتخاذ القرار لتدخل حيز التنفيذ, ونظرا لتخبط السياسية الأمريكية خارجيا وداخليا وإصرارها على عسكرة الحلول السياسية وكون غالبية قراراتها مجافية للعالم العربي والإسلامي, وخصوصا قرار احتلال العراق الذي يعده الخبراء اكبر خطا استراتيجي عبر التاريخ , بات من الضروري قراءة العوامل والتأثيرات والضغوط التي ترسم السياسة الخارجية والتي تؤثر على صنع القرار الامريكي وخصوصا جماعات الضغط واللوبي الصهيوني في امريكا, مما جعل غالبية القرارات المتعلقة بالشرق الأوسط مجافية وتفتقر إلى المنحى العقلاني, ولعل ركوب موجة الحرب على الارهاب بعد احداث11ايلول 2001 قد أوحلت امريكا بمستنقع الحروب وانتشار الفوضى, والتي لا تتسق مع المفاهيم الإستراتيجية وخصائص المنطقة مما استنزفت العالم وخصوصا دول العالم العربي والإسلامي واستهدفت موارده البشرية والمادية ومنظومتها القيمية , وكانت نتاج لتغلغل ممارسي الضغوط من أفراد وجماعات ومجموعات من ذوي الاهتمامات الخارجية الخاصة بغية التأثير على بنية القرار السياسي الخارجي للولايات المتحدة الأمريكية حيال الشرق الأوسط, ويبدوا أن أسلوب عمل جماعات الضغط مؤثر بشكل كبير لدرجة استجابة غالبية الحكومات الأمريكية لضغوطهم , نظرا تعدد مفاصل صنع القرار في الولايات المتحدة بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية والبنتاغون والسي أي إيه, ومن اللافت للنظر ان العرب ليمتلكون جماعات ضغط مؤثرة داخل الولايات المتحدة الأمريكية تحقق إرادة عربية في صنع القرار المتعلق بالشرق الأوسط, مما يجعلهم خارج أطار المعلومة والتأثير على القرارات الأمريكية الخاصة بالعالم العربي, على عكس الانتشار الواسع لجماعات الضغط الصهيونية واللجان والمؤسسات والمنظمات العاملة التي تروج لشكل الشرق الأوسط من منظورها الخاص وفق أبعاده الأيديولوجية والسياسية.
جماعات الضغط
تمكن ممارسي الضغط في الولايات المتحدة من أفراد وجماعات محليين في الوسط الثقافي السائد, من استخدام مختلف الوسائل للتمكن من بلوغ صناع القرار من الدرجة الأولى, وإقناعهم بتبني سياسات مؤاتية لبرامجهم المحددة, لتحقيق أفضلية تنافسية انسيابية على حساب قرارات أخرى بخصوص الشرق الأوسط, وسعى ممارسي الضغوط المحترفون المتواجدين في واشنطن وجماعات الضغط المنتشرة في كافة أرجاء البلاد للتأثير في السياسة الخارجية الامريكية,كما أن جماعات الضغط تمثل وجهات النظر السياسية وتعد مؤسسات طوعية( الإحسان السياسي) وأخرى تخضع لمعايير المصالح والفوائد المالية, وطبقا للقانون الامريكي فان ممارس الضغط هو فرد أو منظمة مهمتها (التأثير في أقرار قانون ما أو أبطاله) وبذلك يحقق فوائد مالية منها.
أشارت عدد من المصادر التي تبحث بهيكلية القرار الخارجي الامريكي ,بان في مطلع تسعينيات القرن الماضي كان هناك أكثر من 80 ألف ممارس ضغط[1] مسجل في واشنطن يعالج عدد منهم مسائل محلية وخارجية , وهناك توافق عام بان ممارسي الضغوط لهم تأثير كبير على سن عدد من القوانين المحلية وحشد مجموع الأصوات في انتخابات الكونغرس, والتأثير على الأحزاب السياسية والسياسيين من خلال الاتصالات الشخصية المباشرة , وكذلك الهبات والمساهمات المالية, أن تأثير ممارسي الضغوط في السياسة الخارجية الأمريكية واضح المعالم مقارنة بشكل القرارات وهيكل الأبحاث ونمط الحروب , وأن هذه الجماعات لها نفوذ وتأثير كبير في مسائل محددة وحساسة وفي أوقات متنوعة وحرجة أحيانا, كما لها تأثير واسع على وسائل الأعلام في الولايات المتحدة , وهو في الغالب يتبع خطط واشنطن وينتهج الخيار الحكومي أو يتبنى أيديولوجية لحزب ما خصوصا إذا علمنا أن غالبية منظومات الأعلام مسيطر عليها من قبل جماعات الضغط ماليا وتسخر بالكامل لترويج أفكارها وتحسين صورة إسرائيل, وتعتمد جماعات الضغط المختلفة منظومة قواعد تتعلق بتحقيق التأثير على القرار وليس بالضرورة تتطابق مع بقية جماعات الضغط العاملة في واشنطن, ويجب على ممارسي الضغوط من أفراد وجماعات تحديد جداول أعمالهم بوضوح والوصول إلى صانعي القرار المؤثرين و ويمكنهم أيضا التأثير انطلاقا من علاقات شخصية وثيقة مع سياسي ما أو سيناتور أو أحيانا نائب متنفذ واحد فقط.
حصر المعلومات المتعلقة بالشرق الأوسط
يشير المتابعين والخبراء بهذا الشأن ان ما يقارب 80-90% من القضايا التي يتخذ قرار بشأنها تنطلق من اعتبارات سياسية إستراتيجية, بغض النظر عن ميزاتها, وهذا الاعتبار حاسم بصفة خاصة فيما يتعلق بالسياسات المرتبطة بإسرائيل والقضية الفلسطينية والعرب, ويحاول جماعات الضغط من أفراد وجماعات حصر تزويد صناع القرار والسياسة والرأي العام في الغالب بمعلومات عن الأزمات والمسائل المتعلقة بالشرق الأوسط عن طريقهم ومن شباك منظماتهم , وبذلك تمكنت جماعات الضغط أن تكون احد مصادر استقاء المعلومات الرئيسية والنادرة أحيانا في مسالة معينة , وينطبق هذا الأمر بصفة خاصة على المسائل المتعلقة بالعالم العربي والإسلامي, وهذا العالم يخضع لسوء التقدير والفهم والتشويه والعواقب الكارثيه من القرارات المتخذة بهذا الخصوص, كما أن غالبية الحقائق والمعلومات التي تقدمها جماعات الضغط المختلفة محرفة ومزيفة ومشوهة تغذي بها عقول الغالبية العظمى من الأمريكيين, وكذلك السياسيين, وعلى سبيل المثال تقوم لجنة الشؤون العامة الأمريكية الاسرائيليةAIPAC وهي منظمة تسعى دوما لفرض الضغط والتأثير بفاعلية بخصوص القرارات الهامة التي تخص الصراع في الشرق الأوسط, بإرسال وثائق وبيانات وتقارير تشير إلى وقائع وأساطير محرفة غير واقعية عبر منشورات لكتاب مواليين لإسرائيل ويجري تمريرها إلى مسئولي البيت الأبيض والسياسيين ونواب الكونغرس على أنها حقائق واقعية وهي عكس ذلك, ولكن جماعات الضغط الموالية لإسرائيل هي أكثر فعالية ومثابرة لإغراق واشنطن بمنشورات تعرض وجهة النظر الاسرائيلية ومخططاتها الإستراتيجية في المنطقة وبشكل قطبي, ويكرسون الوقت والطاقة والمال لوصف إسرائيل بأفضل العبارات وضرورة تحالفها مع امريكا وحشد كافة الموارد الإعلامية والطاقات السياسية لذلك, ويميل جماعات الضغط الصهاينة وذوي الاهتمامات الخاصة إلى الاعتقاد بان أي مكسب للفلسطينيين أو للعرب يعني انه خسارة لإسرائيل وهكذا المعادلة التي يعمل وفقها جماعات الضغط , وهي تحقيق المكاسب السياسية التي تحقق مكاسب عسكرية واقتصادية في الشرق الأوسط, ولا يتصرف اللوبي الصهيوني كمدافع عن إسرائيل فحسب بل كمعادي للعرب ومصالحهم, ويعارض أي تقارب بين الولايات المتحدة والعالم العربي, وان التقاط أي أشارة إلى أمكانية ابتعاد رئيس ما أو أدارة ما عن موقف مؤيد بالكامل لإسرائيل والاقتراب من المواقف العربية بخصوص القضية الفلسطيني من شانه أن يؤجج حملات احتجاج عنيفة مضادة لهذا التوجه ولمن يدعوا له رئيسا أو سيناتور أو سياسي, وكثير ما يكون الناطقون باسم إسرائيل في واشنطن أكثر تشدد من الإسرائيليين أنفسهم.
الاتصال الشخصي والمباشر
يخصص جماعات الضغط من أفراد وجماعات جهدهم للاحتفاظ بعلاقة وثيقة مع مجموعة كبيرة من المسئولين الحكوميين, ويطلب من المسئولين بدء من الرئيس وبقية المسئولين بالظهور باستمرار في مؤتمرات , وتدشين المنشات , وإلقاء الخطب , وتوجيه رسائل الدعم أو التقدير لهم , ويدعى أعضاء الأسر من زوجات وأولاد إلى وجبات العشاء وتناول الشاي والى مناسبات اجتماعية تنظمها جماعات الضغط, في حين نجد ندرة تواصل وتأثير المؤسسات والمنظمات العربية الأمريكيين ومواطنين آخرين مهتمين بالمسائل العربية كما يفعل جماعات الضغط من فعاليات اجتماعية ذات طابع سياسي مؤثر,وبسب الضغوط المستمرة التي تمارسها جماعات الضغط الموالية لإسرائيل كان السياسيون والمستشارون يرفضون التعاطي علنا أو مباشرة مع العرب أو العرب الأمريكيين, وفي عالم السياسات الضاغطة كانت الأفضلية للإسرائيليين ولجماعات الضغط الموالية لإسرائيل في الوصول بسهولة اكبر إلى صانعي القرار, وغالبا ما كانت العلاقة القائمة مع المسئولين أو معاونيهم مرتبطة طوال سنوات وتجني فوائد بارتقاء هؤلاء إلى مناصب عليا في صنع القرار, ومن تلك المنظمات ذات الاهتمام الخاص بشؤون إسرائيل هي[2]:-
1. الحلف المناهض لتشويه السمعةADL .
2. لجنة الشؤون العامة الأمريكية الاسرائيليةAIPAC .
3. قادة المنظمات اليهودية.
4. اتحاد الحاخامات الأمريكيين .
جميعهم يشكلون جماعات ضغط موالية للصهيونية واسرائيل , وهي الأكثر نشاطا في السعي لنيل دعم صانعي السياسة الأمريكية وجلب انتباههم لتحقيق الحضور في صنع القرار الخارجي وبما يتعلق بالشرق الأوسط والعالم العربي.
الكونغرس والحكومات
يعين غالبية الرؤساء وسطاء لغرض تنظيم اللقاءات مع جماعات الضغط, إضافة إلى جمع المعلومات عن نشاطهم , ومتابعة منشوراتهم , ويجري أبلاغ البيت الأبيض والمسئولين بمؤتمراتهم, أو عند نشر مواد ذات أهمية تتعلق بمواقف أو قرارات بغية إيصالها لهم,وبذلك لا تواجه جماعات الضغط الموالية لإسرائيل أي صعوبات في أقامة علاقات مباشرة بالمسئولين المرموقين بمن فيهم الرئيس , ويتم أيضا توظيف العلاقات الوثيقة بين الأمريكان والإسرائيليين ,ويلتقي الرؤساء عادة برؤساء المنظمات باستمرار لسماع أرائهم , ويستمع لشرح برامجهم وسياساتهم , وعندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية تعتبر وزارة الخارجية ولاسيما مجلس الأمن القومي هذه اللقاءات ضرورات سياسية لتنفيذ سياسات محددة مسبقا, أو لمناقشة عوائق محتملة إمام تنفيذها, ويحتفظ أعضاء منظمات اليهود الأمريكيين بقنوات مباشرة مع الرئيس من خلال ضباط أركان يعملون في البيت الأبيض, وأن وجود ضباط أركان يتعاطون مباشرة مع جماعات الضغط الموالية لإسرائيل يثبت بوضوح نفوذها السياسي المحلي وبذلك تمكن إسرائيل ومؤيديها من تخمين التبديلات والتغيرات المحتملة بالسياسة الأمريكية حيال الشرق الأوسط.
اللوبي الصهيوني
يعتبر اللوبي الصهيوني منظومة من قوى متعددة , تضم إسرائيل وجماعات الضغط اليهود الأمريكيين وحلفائهم في الحكومة ومجموعات ذات اهتمامات خاصة موالية للصهيونية, وغالبا ما تقوم إسرائيل واللوبي الصهيوني بدور معادي للعرب والمسلمين, ويدعم الصهاينة في الولايات المتحدة الأمريكية المعونات المالية لإسرائيل غير خاضع لإي مناقشة أو اعتراض, وتعزيز دعم امريكا لها في المحافل الدولية ولاسيما الأمم المتحدة وخاصة المجازر وجرائم الحرب التي ارتكبتها ضد الفلسطينيين وعبثها بأمن الشرق الأوسط وسياساتها المعادية للعرب.
تدرك إسرائيل منذ نشوئها أهمية دور جماعات الضغط والمجموعات ذات الاهتمامات الخاصة, وتكرس مواردها وكافة طاقتها لدراسة كيفية العمل ضمن النظام الامريكي, على عكس الدول العربية التي تفتقد التأثير وفهم فلسفة النظام الامريكي, و قد دعمت إسرائيل منذ عام 1948 معاهد ومؤسسات مثل مركز "جافي" المخصص لدراسة النظام السياسي الامريكي, ويقدم الخبراء الأكاديميين الإسرائيليين النصح للحكومات الاسرائيلية حول شكل وفلسفة وثغرات النظام الامريكي, وتبقي مراكز الدراسات الإستراتيجية القائمة في الجامعات الاسرائيلية الحكومات الاسرائيلية على اطلاع حول انحسار السياسات المحلية في الولايات المتحدة أو توسعها, إضافة إلى المسائل المتعلقة بالشرق الأوسط.
تعد السفارة الاسرائيلية في واشنطن والقنصليات الموجودة في مختلف أنحاء الولايات المتحدة حملات لجمع المعلومات, وتقوم على تمكين الخطباء والطلاب الإسرائيليين من حضور المؤتمرات والمشاركة في مناسبات اجتماعية, وتركز إسرائيل على أهمية( الهاسبارا) وهي المعلومات الموجهة إلى العالم, وتقوم السفارات الاسرائيلية باستمرار استضافة ولقاء مدرسين وناشطين اجتماعيين وطلاب وسياسيين في حفلات عشاء أو غداء, إضافة إلى أقامة ورعاية رحلات إلى إسرائيل مخصصة للصحفيين وقادة الكنيسة وغيرهم , وترسل قوائم بمنشورات وأبحاث سياسية حول مسائل وثيقة الصلة بإسرائيل, وتوفر أبحاث متعلقة تتعلق بإسرائيل واليهود الأمريكيين والأكاديميين والمدرسين والمنظمات الاجتماعية, وتقوم أيضا بتتبع المؤتمرات الأكاديمية المتعلقة بكل ما يخص الشرق الأوسط وتحضرها في اغلب الأحيان, وهناك تشكيلة واسعة من مؤسسات الأبحاث تعمل كوسيلة ضغط داعمة لإسرائيل وتقوم أيضا بحملات دعائية تحث على دعم علاقات إسرائيلية امريكية وأبرزها:-
1. جمعية المؤسسة الأمريكية AEI
2. مؤسسة الأبحاث الإعلامية للشرق الأوسطMemri
3. مؤسسة هدسون
4. مؤسسة واشنطن لسياسة الشرق الأدنىWINEP
حظيت مؤسسة واشنطن لسياسة الشرق الأدنى WINEPمنذ إنشائها سنة1985 بمكانة مرموقة بـ "الكابيتول هيل" وقد نشرت أبحاثا سياسية وأقامت ندوات ونظمت رحلات إلى الشرق الأوسط, وقد أمنت معلومات للصحافيين والمسئولين الحكوميين,إضافة إلى شهاداتها إمام الكونغرس , وتشير المصادر ان العديد من أصدقاء هذه المؤسسة هم مسئولون حكوميون سابقون ومنهم أشخاص استخدموا لمهام حكومية عالية المستوى.
لجنة الشؤون العامة الأمريكية الاسرائيليةAIPAC
تعتبر لجنة الشؤون العامة الأمريكية الاسرائيليةAIPAC الأكثر نجاحا بين كافة تلك المنظمات وهي جماعة ضغط مسجلة في واشنطن, وقد انبثقت اللجنة عن المجلس الصهيوني الامريكي وأسسها"أي. إل ساس كينن" في سنة 1954, وكان دور اللجنة وفقا لتفسير مؤسسها "كينن" (ضرورة الهيمنة على وزارة الخارجية), وتعمل اللجنة كوكالة مركزية لجمع المعلومات وتبويبها وتوزيعها, وتعمل كمنسق للمنظمات اليهودية بغية الحث على اعتماد برنامج موالي لإسرائيل في البيت الأبيض والكونغرس, وتقوم مهام اللجنة على ضمان علاقات وثيقة وقوية بين الولايات المتحدة واسرائيل, كما أن رؤساء عدد من المنظمات اليهودية المتنوعة هم أعضاء في مجلس أدارة لجنة الشؤون العامة الاسرائيلية الأمريكية , وكانت اللجنة تضم سنة 1985 فريق مؤلف من 75 منظمة , وبلغت ميزانيتها السنوية 5,7 مليون دولار, وتزعم اللجنة أن أفرادها والبالغ عددهم 50 ألف عضو, يقومون بدفع مستحقات سنوية فردية بقيمة 50دولار, وتبلغ ميزانيتها اليوم 15 مليون دولار ويبلغ عدد موظفيها 150 شخص بعضهم مسجلين كممارسي ضغوط, ومن نشاطاتها العديدة أقامة مؤتمرات سياسية في واشنطن, ولقاءات فطور مع بعض القادة اليهود المختارين , وحلقات دراسية حول كيفية مراقبة وسائل الأعلام والتأثير فيها والهيمنة عليها, وتمارس جهودها الضاغطة في واشنطن طيلة السنة, ويزور رؤسائها ممثليهم وأعضاء اللجان الأساسية باستمرار, وهي تتابع بشكل وثيق سجلات الاقتراع والناخبين , وبيانات المرشحين , وتوفر معلومات موجزة ومحددة, وتؤمن فرص لقاء مع المرشحين , وتقوم مجموعة المؤتمرات الحزبية التابعة للجنة والتي يتراوح أعضائها عدد كل منها بين 15-30 عضو, وتغطي بذلك مناطق توزع أعضاء الكونغرس بغية ممارسة الضغوط على أعضاء الكونغرس بمسائل تتعلق بإسرائيل, إضافة إلى ذلك توفر اللجنة تقارير محدثة عن الحملات الدعائية بهدف التأثير في المنظمات والأحزاب السياسية, وتميز بين المرشحين من خلال سجلات تصف كل منهم بأنه صالح أو طالح حسب مقدار ولائه لإسرائيل, ومن هذا المنطلق تعمل على ألحاق الهزيمة بالسياسيين بالمعارضين لمنهجيتها وسياساتها, وتقوم كذلك بحملات معلومات لتبديل الأفكار والتأثير في السياسة الخارجية, وتصدر اللجنة مجموعة كبيرة ومتواصلة من المنشورات والأبحاث السياسية والبرامج الحواريةو التي تظهر إسرائيل بأنها حليف قوي وموال للولايات المتحدة , وتمررها إلى مئات المسئولين في البيت الأبيض وأعضاء الكونغرس ومعاونيهم ومسئولين حكوميين آخرين, وبنفس الوقت تصف العرب بتعابير سلبية مزيفة بغية هيكلة عقول الرأي العام الامريكي وزرع الكراهية ضد العرب والمسلمين.
تأييد الكونغرس والمعونة المالية
يتعاطف الكونغرس مع الطرح الإسرائيلي الذي تحمله جماعات الضغط واللوبي الصهيوني حول المعونات المالية والهبات العسكرية المستمر, وهو دعم غير محدود لإسرائيل عبر استمرار التدفق للمعونات الخارجية لإسرائيل, بغض النظر عن معارضة الشعب الامريكي بتقديم معونات خارجية لأي دولة, ومنذ نهاية الحرب الباردة انخفضت المساعدات الأمريكية العسكرية والاقتصادية الخارجية , ولكن المعونات المخصصة لإسرائيل استمرت بالارتفاع , وكان من شان احتلال العراق عام 2003 أن يبدل ميزان النفقات ككل, ومنذ ثمانينيات القرن الماضي حصلت كل من إسرائيل ومصر على3مليارات دولار سنويا, أي أكثر من 40%من المعونات الخارجية الأمريكية بينما خصصت ما تبقى من حجم المعونات البالغ 60% إلى 200 دولة في العالم, بالرغم من اختلال النسب السكانية بين إسرائيل ومصر تتساوى المعونات الاسرائيلية وتزداد على معونات مصر, وهكذا تدحض هذه الأرقام الأسطورة السائدة بين الشعب الامريكي بان المعونات الخارجية تذهب إلى الدول الأكثر فقرا, وفي تسعينيات القرن الماضي كانت المعونة الأمريكية السنوية لإسرائيل تبلغ 3مليارات دولار تقريبا 1,2مليار دولار معونة اقتصادية , و1,8ملياردولار هبات عسكرية, وبذلك تفوق هذه المعونة حجم المعونات المقدمة للمنطقة الأفريقية وامريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي مجتمعا .
تستفيد إسرائيل أيضا من عدد من الترتيبات الخاصة , فهي تحصل على المعونة الأمريكية في بداية كل سنة دفعة واحدة ويتم إيداع المبلغ بالمصرف المركزي الفدرالي مباشرة مع فائدة سنوية تبلغ 8% , واسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تحظى بهذا الامتياز الخاص , وعندما كان الكونغرس يدعو إلى تخفيضات مالية وردت في ميزانية عام 2003 هبات عسكرية لإسرائيل بمقدار مليار دولار , وضمانات قروض بقيمة تسعة مليار دولار على مدى أربع سنوات ,وقد فاقت هذه القيمة الطلب الإسرائيلي الذي كان بقيمة 8مليار دولار ,ومما لا ريب فيه أن المعونات المخصصة لإسرائيل تنطوي على هدف استراتيجي, ولكن قيمة المعونات وطريقة تقديمها هي نتاج وترجمة لهيمنة جماعات الضغط الصهيونية والموالية لها داخل امريكا على القرار السياسي الامريكي , وخصوصا بما يتعلق بالعالم العربي, في ظل غياب التأثير العربي على صناع القرار الامريكي, ونظرا لما ورد أعلاه من قبول مجتمعي ورسمي لعمل جماعات الضغط وبما توائم مع فلسفة المصالح الإستراتيجية الامريكية نجد أن هذا التحالف الاستراتيجي وثيق وقد اعد له عبر سلسلة آليات مختلفة حققت القدرة السياسية الليبرالية لإسرائيل , ومع فائقية القدرات العربية الشاملة لا تزال تفتقر إلى هذه القدرة للتأثير في القرارات الدولية لتحقيق التماسك السياسي والاقتصادي والتكامل الديموغرافي.
يفتقر عدد كبير من صناع القرار العربي إلى فلسفة الضغط والتأثير على شكل القرار الدولي, وكيفية انتهاج الولايات المتحدة الأمريكية خطوطها الإستراتيجية فيما يخص اتخاذ القرار بخصوص السياسية الخارجية وبما يتعلق بالعرب والشرق الأوسط وتخصيص المعونات الاقتصادية والعسكرية , وماهية العوامل والتأثيرات الداخلية والخارجية التي تأخذ بنظر الاعتبار قبل وأثناء اتخاذ القرار لتدخل حيز التنفيذ, ونظرا لتخبط السياسية الأمريكية خارجيا وداخليا وإصرارها على عسكرة الحلول السياسية وكون غالبية قراراتها مجافية للعالم العربي والإسلامي, وخصوصا قرار احتلال العراق الذي يعده الخبراء اكبر خطا استراتيجي عبر التاريخ , بات من الضروري قراءة العوامل والتأثيرات والضغوط التي ترسم السياسة الخارجية والتي تؤثر على صنع القرار الامريكي وخصوصا جماعات الضغط واللوبي الصهيوني في امريكا, مما جعل غالبية القرارات المتعلقة بالشرق الأوسط مجافية وتفتقر إلى المنحى العقلاني, ولعل ركوب موجة الحرب على الارهاب بعد احداث11ايلول 2001 قد أوحلت امريكا بمستنقع الحروب وانتشار الفوضى, والتي لا تتسق مع المفاهيم الإستراتيجية وخصائص المنطقة مما استنزفت العالم وخصوصا دول العالم العربي والإسلامي واستهدفت موارده البشرية والمادية ومنظومتها القيمية , وكانت نتاج لتغلغل ممارسي الضغوط من أفراد وجماعات ومجموعات من ذوي الاهتمامات الخارجية الخاصة بغية التأثير على بنية القرار السياسي الخارجي للولايات المتحدة الأمريكية حيال الشرق الأوسط, ويبدوا أن أسلوب عمل جماعات الضغط مؤثر بشكل كبير لدرجة استجابة غالبية الحكومات الأمريكية لضغوطهم , نظرا تعدد مفاصل صنع القرار في الولايات المتحدة بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية والبنتاغون والسي أي إيه, ومن اللافت للنظر ان العرب ليمتلكون جماعات ضغط مؤثرة داخل الولايات المتحدة الأمريكية تحقق إرادة عربية في صنع القرار المتعلق بالشرق الأوسط, مما يجعلهم خارج أطار المعلومة والتأثير على القرارات الأمريكية الخاصة بالعالم العربي, على عكس الانتشار الواسع لجماعات الضغط الصهيونية واللجان والمؤسسات والمنظمات العاملة التي تروج لشكل الشرق الأوسط من منظورها الخاص وفق أبعاده الأيديولوجية والسياسية.
جماعات الضغط
تمكن ممارسي الضغط في الولايات المتحدة من أفراد وجماعات محليين في الوسط الثقافي السائد, من استخدام مختلف الوسائل للتمكن من بلوغ صناع القرار من الدرجة الأولى, وإقناعهم بتبني سياسات مؤاتية لبرامجهم المحددة, لتحقيق أفضلية تنافسية انسيابية على حساب قرارات أخرى بخصوص الشرق الأوسط, وسعى ممارسي الضغوط المحترفون المتواجدين في واشنطن وجماعات الضغط المنتشرة في كافة أرجاء البلاد للتأثير في السياسة الخارجية الامريكية,كما أن جماعات الضغط تمثل وجهات النظر السياسية وتعد مؤسسات طوعية( الإحسان السياسي) وأخرى تخضع لمعايير المصالح والفوائد المالية, وطبقا للقانون الامريكي فان ممارس الضغط هو فرد أو منظمة مهمتها (التأثير في أقرار قانون ما أو أبطاله) وبذلك يحقق فوائد مالية منها.
أشارت عدد من المصادر التي تبحث بهيكلية القرار الخارجي الامريكي ,بان في مطلع تسعينيات القرن الماضي كان هناك أكثر من 80 ألف ممارس ضغط[1] مسجل في واشنطن يعالج عدد منهم مسائل محلية وخارجية , وهناك توافق عام بان ممارسي الضغوط لهم تأثير كبير على سن عدد من القوانين المحلية وحشد مجموع الأصوات في انتخابات الكونغرس, والتأثير على الأحزاب السياسية والسياسيين من خلال الاتصالات الشخصية المباشرة , وكذلك الهبات والمساهمات المالية, أن تأثير ممارسي الضغوط في السياسة الخارجية الأمريكية واضح المعالم مقارنة بشكل القرارات وهيكل الأبحاث ونمط الحروب , وأن هذه الجماعات لها نفوذ وتأثير كبير في مسائل محددة وحساسة وفي أوقات متنوعة وحرجة أحيانا, كما لها تأثير واسع على وسائل الأعلام في الولايات المتحدة , وهو في الغالب يتبع خطط واشنطن وينتهج الخيار الحكومي أو يتبنى أيديولوجية لحزب ما خصوصا إذا علمنا أن غالبية منظومات الأعلام مسيطر عليها من قبل جماعات الضغط ماليا وتسخر بالكامل لترويج أفكارها وتحسين صورة إسرائيل, وتعتمد جماعات الضغط المختلفة منظومة قواعد تتعلق بتحقيق التأثير على القرار وليس بالضرورة تتطابق مع بقية جماعات الضغط العاملة في واشنطن, ويجب على ممارسي الضغوط من أفراد وجماعات تحديد جداول أعمالهم بوضوح والوصول إلى صانعي القرار المؤثرين و ويمكنهم أيضا التأثير انطلاقا من علاقات شخصية وثيقة مع سياسي ما أو سيناتور أو أحيانا نائب متنفذ واحد فقط.
حصر المعلومات المتعلقة بالشرق الأوسط
يشير المتابعين والخبراء بهذا الشأن ان ما يقارب 80-90% من القضايا التي يتخذ قرار بشأنها تنطلق من اعتبارات سياسية إستراتيجية, بغض النظر عن ميزاتها, وهذا الاعتبار حاسم بصفة خاصة فيما يتعلق بالسياسات المرتبطة بإسرائيل والقضية الفلسطينية والعرب, ويحاول جماعات الضغط من أفراد وجماعات حصر تزويد صناع القرار والسياسة والرأي العام في الغالب بمعلومات عن الأزمات والمسائل المتعلقة بالشرق الأوسط عن طريقهم ومن شباك منظماتهم , وبذلك تمكنت جماعات الضغط أن تكون احد مصادر استقاء المعلومات الرئيسية والنادرة أحيانا في مسالة معينة , وينطبق هذا الأمر بصفة خاصة على المسائل المتعلقة بالعالم العربي والإسلامي, وهذا العالم يخضع لسوء التقدير والفهم والتشويه والعواقب الكارثيه من القرارات المتخذة بهذا الخصوص, كما أن غالبية الحقائق والمعلومات التي تقدمها جماعات الضغط المختلفة محرفة ومزيفة ومشوهة تغذي بها عقول الغالبية العظمى من الأمريكيين, وكذلك السياسيين, وعلى سبيل المثال تقوم لجنة الشؤون العامة الأمريكية الاسرائيليةAIPAC وهي منظمة تسعى دوما لفرض الضغط والتأثير بفاعلية بخصوص القرارات الهامة التي تخص الصراع في الشرق الأوسط, بإرسال وثائق وبيانات وتقارير تشير إلى وقائع وأساطير محرفة غير واقعية عبر منشورات لكتاب مواليين لإسرائيل ويجري تمريرها إلى مسئولي البيت الأبيض والسياسيين ونواب الكونغرس على أنها حقائق واقعية وهي عكس ذلك, ولكن جماعات الضغط الموالية لإسرائيل هي أكثر فعالية ومثابرة لإغراق واشنطن بمنشورات تعرض وجهة النظر الاسرائيلية ومخططاتها الإستراتيجية في المنطقة وبشكل قطبي, ويكرسون الوقت والطاقة والمال لوصف إسرائيل بأفضل العبارات وضرورة تحالفها مع امريكا وحشد كافة الموارد الإعلامية والطاقات السياسية لذلك, ويميل جماعات الضغط الصهاينة وذوي الاهتمامات الخاصة إلى الاعتقاد بان أي مكسب للفلسطينيين أو للعرب يعني انه خسارة لإسرائيل وهكذا المعادلة التي يعمل وفقها جماعات الضغط , وهي تحقيق المكاسب السياسية التي تحقق مكاسب عسكرية واقتصادية في الشرق الأوسط, ولا يتصرف اللوبي الصهيوني كمدافع عن إسرائيل فحسب بل كمعادي للعرب ومصالحهم, ويعارض أي تقارب بين الولايات المتحدة والعالم العربي, وان التقاط أي أشارة إلى أمكانية ابتعاد رئيس ما أو أدارة ما عن موقف مؤيد بالكامل لإسرائيل والاقتراب من المواقف العربية بخصوص القضية الفلسطيني من شانه أن يؤجج حملات احتجاج عنيفة مضادة لهذا التوجه ولمن يدعوا له رئيسا أو سيناتور أو سياسي, وكثير ما يكون الناطقون باسم إسرائيل في واشنطن أكثر تشدد من الإسرائيليين أنفسهم.
الاتصال الشخصي والمباشر
يخصص جماعات الضغط من أفراد وجماعات جهدهم للاحتفاظ بعلاقة وثيقة مع مجموعة كبيرة من المسئولين الحكوميين, ويطلب من المسئولين بدء من الرئيس وبقية المسئولين بالظهور باستمرار في مؤتمرات , وتدشين المنشات , وإلقاء الخطب , وتوجيه رسائل الدعم أو التقدير لهم , ويدعى أعضاء الأسر من زوجات وأولاد إلى وجبات العشاء وتناول الشاي والى مناسبات اجتماعية تنظمها جماعات الضغط, في حين نجد ندرة تواصل وتأثير المؤسسات والمنظمات العربية الأمريكيين ومواطنين آخرين مهتمين بالمسائل العربية كما يفعل جماعات الضغط من فعاليات اجتماعية ذات طابع سياسي مؤثر,وبسب الضغوط المستمرة التي تمارسها جماعات الضغط الموالية لإسرائيل كان السياسيون والمستشارون يرفضون التعاطي علنا أو مباشرة مع العرب أو العرب الأمريكيين, وفي عالم السياسات الضاغطة كانت الأفضلية للإسرائيليين ولجماعات الضغط الموالية لإسرائيل في الوصول بسهولة اكبر إلى صانعي القرار, وغالبا ما كانت العلاقة القائمة مع المسئولين أو معاونيهم مرتبطة طوال سنوات وتجني فوائد بارتقاء هؤلاء إلى مناصب عليا في صنع القرار, ومن تلك المنظمات ذات الاهتمام الخاص بشؤون إسرائيل هي[2]:-
1. الحلف المناهض لتشويه السمعةADL .
2. لجنة الشؤون العامة الأمريكية الاسرائيليةAIPAC .
3. قادة المنظمات اليهودية.
4. اتحاد الحاخامات الأمريكيين .
جميعهم يشكلون جماعات ضغط موالية للصهيونية واسرائيل , وهي الأكثر نشاطا في السعي لنيل دعم صانعي السياسة الأمريكية وجلب انتباههم لتحقيق الحضور في صنع القرار الخارجي وبما يتعلق بالشرق الأوسط والعالم العربي.
الكونغرس والحكومات
يعين غالبية الرؤساء وسطاء لغرض تنظيم اللقاءات مع جماعات الضغط, إضافة إلى جمع المعلومات عن نشاطهم , ومتابعة منشوراتهم , ويجري أبلاغ البيت الأبيض والمسئولين بمؤتمراتهم, أو عند نشر مواد ذات أهمية تتعلق بمواقف أو قرارات بغية إيصالها لهم,وبذلك لا تواجه جماعات الضغط الموالية لإسرائيل أي صعوبات في أقامة علاقات مباشرة بالمسئولين المرموقين بمن فيهم الرئيس , ويتم أيضا توظيف العلاقات الوثيقة بين الأمريكان والإسرائيليين ,ويلتقي الرؤساء عادة برؤساء المنظمات باستمرار لسماع أرائهم , ويستمع لشرح برامجهم وسياساتهم , وعندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية تعتبر وزارة الخارجية ولاسيما مجلس الأمن القومي هذه اللقاءات ضرورات سياسية لتنفيذ سياسات محددة مسبقا, أو لمناقشة عوائق محتملة إمام تنفيذها, ويحتفظ أعضاء منظمات اليهود الأمريكيين بقنوات مباشرة مع الرئيس من خلال ضباط أركان يعملون في البيت الأبيض, وأن وجود ضباط أركان يتعاطون مباشرة مع جماعات الضغط الموالية لإسرائيل يثبت بوضوح نفوذها السياسي المحلي وبذلك تمكن إسرائيل ومؤيديها من تخمين التبديلات والتغيرات المحتملة بالسياسة الأمريكية حيال الشرق الأوسط.
اللوبي الصهيوني
يعتبر اللوبي الصهيوني منظومة من قوى متعددة , تضم إسرائيل وجماعات الضغط اليهود الأمريكيين وحلفائهم في الحكومة ومجموعات ذات اهتمامات خاصة موالية للصهيونية, وغالبا ما تقوم إسرائيل واللوبي الصهيوني بدور معادي للعرب والمسلمين, ويدعم الصهاينة في الولايات المتحدة الأمريكية المعونات المالية لإسرائيل غير خاضع لإي مناقشة أو اعتراض, وتعزيز دعم امريكا لها في المحافل الدولية ولاسيما الأمم المتحدة وخاصة المجازر وجرائم الحرب التي ارتكبتها ضد الفلسطينيين وعبثها بأمن الشرق الأوسط وسياساتها المعادية للعرب.
تدرك إسرائيل منذ نشوئها أهمية دور جماعات الضغط والمجموعات ذات الاهتمامات الخاصة, وتكرس مواردها وكافة طاقتها لدراسة كيفية العمل ضمن النظام الامريكي, على عكس الدول العربية التي تفتقد التأثير وفهم فلسفة النظام الامريكي, و قد دعمت إسرائيل منذ عام 1948 معاهد ومؤسسات مثل مركز "جافي" المخصص لدراسة النظام السياسي الامريكي, ويقدم الخبراء الأكاديميين الإسرائيليين النصح للحكومات الاسرائيلية حول شكل وفلسفة وثغرات النظام الامريكي, وتبقي مراكز الدراسات الإستراتيجية القائمة في الجامعات الاسرائيلية الحكومات الاسرائيلية على اطلاع حول انحسار السياسات المحلية في الولايات المتحدة أو توسعها, إضافة إلى المسائل المتعلقة بالشرق الأوسط.
تعد السفارة الاسرائيلية في واشنطن والقنصليات الموجودة في مختلف أنحاء الولايات المتحدة حملات لجمع المعلومات, وتقوم على تمكين الخطباء والطلاب الإسرائيليين من حضور المؤتمرات والمشاركة في مناسبات اجتماعية, وتركز إسرائيل على أهمية( الهاسبارا) وهي المعلومات الموجهة إلى العالم, وتقوم السفارات الاسرائيلية باستمرار استضافة ولقاء مدرسين وناشطين اجتماعيين وطلاب وسياسيين في حفلات عشاء أو غداء, إضافة إلى أقامة ورعاية رحلات إلى إسرائيل مخصصة للصحفيين وقادة الكنيسة وغيرهم , وترسل قوائم بمنشورات وأبحاث سياسية حول مسائل وثيقة الصلة بإسرائيل, وتوفر أبحاث متعلقة تتعلق بإسرائيل واليهود الأمريكيين والأكاديميين والمدرسين والمنظمات الاجتماعية, وتقوم أيضا بتتبع المؤتمرات الأكاديمية المتعلقة بكل ما يخص الشرق الأوسط وتحضرها في اغلب الأحيان, وهناك تشكيلة واسعة من مؤسسات الأبحاث تعمل كوسيلة ضغط داعمة لإسرائيل وتقوم أيضا بحملات دعائية تحث على دعم علاقات إسرائيلية امريكية وأبرزها:-
1. جمعية المؤسسة الأمريكية AEI
2. مؤسسة الأبحاث الإعلامية للشرق الأوسطMemri
3. مؤسسة هدسون
4. مؤسسة واشنطن لسياسة الشرق الأدنىWINEP
حظيت مؤسسة واشنطن لسياسة الشرق الأدنى WINEPمنذ إنشائها سنة1985 بمكانة مرموقة بـ "الكابيتول هيل" وقد نشرت أبحاثا سياسية وأقامت ندوات ونظمت رحلات إلى الشرق الأوسط, وقد أمنت معلومات للصحافيين والمسئولين الحكوميين,إضافة إلى شهاداتها إمام الكونغرس , وتشير المصادر ان العديد من أصدقاء هذه المؤسسة هم مسئولون حكوميون سابقون ومنهم أشخاص استخدموا لمهام حكومية عالية المستوى.
لجنة الشؤون العامة الأمريكية الاسرائيليةAIPAC
تعتبر لجنة الشؤون العامة الأمريكية الاسرائيليةAIPAC الأكثر نجاحا بين كافة تلك المنظمات وهي جماعة ضغط مسجلة في واشنطن, وقد انبثقت اللجنة عن المجلس الصهيوني الامريكي وأسسها"أي. إل ساس كينن" في سنة 1954, وكان دور اللجنة وفقا لتفسير مؤسسها "كينن" (ضرورة الهيمنة على وزارة الخارجية), وتعمل اللجنة كوكالة مركزية لجمع المعلومات وتبويبها وتوزيعها, وتعمل كمنسق للمنظمات اليهودية بغية الحث على اعتماد برنامج موالي لإسرائيل في البيت الأبيض والكونغرس, وتقوم مهام اللجنة على ضمان علاقات وثيقة وقوية بين الولايات المتحدة واسرائيل, كما أن رؤساء عدد من المنظمات اليهودية المتنوعة هم أعضاء في مجلس أدارة لجنة الشؤون العامة الاسرائيلية الأمريكية , وكانت اللجنة تضم سنة 1985 فريق مؤلف من 75 منظمة , وبلغت ميزانيتها السنوية 5,7 مليون دولار, وتزعم اللجنة أن أفرادها والبالغ عددهم 50 ألف عضو, يقومون بدفع مستحقات سنوية فردية بقيمة 50دولار, وتبلغ ميزانيتها اليوم 15 مليون دولار ويبلغ عدد موظفيها 150 شخص بعضهم مسجلين كممارسي ضغوط, ومن نشاطاتها العديدة أقامة مؤتمرات سياسية في واشنطن, ولقاءات فطور مع بعض القادة اليهود المختارين , وحلقات دراسية حول كيفية مراقبة وسائل الأعلام والتأثير فيها والهيمنة عليها, وتمارس جهودها الضاغطة في واشنطن طيلة السنة, ويزور رؤسائها ممثليهم وأعضاء اللجان الأساسية باستمرار, وهي تتابع بشكل وثيق سجلات الاقتراع والناخبين , وبيانات المرشحين , وتوفر معلومات موجزة ومحددة, وتؤمن فرص لقاء مع المرشحين , وتقوم مجموعة المؤتمرات الحزبية التابعة للجنة والتي يتراوح أعضائها عدد كل منها بين 15-30 عضو, وتغطي بذلك مناطق توزع أعضاء الكونغرس بغية ممارسة الضغوط على أعضاء الكونغرس بمسائل تتعلق بإسرائيل, إضافة إلى ذلك توفر اللجنة تقارير محدثة عن الحملات الدعائية بهدف التأثير في المنظمات والأحزاب السياسية, وتميز بين المرشحين من خلال سجلات تصف كل منهم بأنه صالح أو طالح حسب مقدار ولائه لإسرائيل, ومن هذا المنطلق تعمل على ألحاق الهزيمة بالسياسيين بالمعارضين لمنهجيتها وسياساتها, وتقوم كذلك بحملات معلومات لتبديل الأفكار والتأثير في السياسة الخارجية, وتصدر اللجنة مجموعة كبيرة ومتواصلة من المنشورات والأبحاث السياسية والبرامج الحواريةو التي تظهر إسرائيل بأنها حليف قوي وموال للولايات المتحدة , وتمررها إلى مئات المسئولين في البيت الأبيض وأعضاء الكونغرس ومعاونيهم ومسئولين حكوميين آخرين, وبنفس الوقت تصف العرب بتعابير سلبية مزيفة بغية هيكلة عقول الرأي العام الامريكي وزرع الكراهية ضد العرب والمسلمين.
تأييد الكونغرس والمعونة المالية
يتعاطف الكونغرس مع الطرح الإسرائيلي الذي تحمله جماعات الضغط واللوبي الصهيوني حول المعونات المالية والهبات العسكرية المستمر, وهو دعم غير محدود لإسرائيل عبر استمرار التدفق للمعونات الخارجية لإسرائيل, بغض النظر عن معارضة الشعب الامريكي بتقديم معونات خارجية لأي دولة, ومنذ نهاية الحرب الباردة انخفضت المساعدات الأمريكية العسكرية والاقتصادية الخارجية , ولكن المعونات المخصصة لإسرائيل استمرت بالارتفاع , وكان من شان احتلال العراق عام 2003 أن يبدل ميزان النفقات ككل, ومنذ ثمانينيات القرن الماضي حصلت كل من إسرائيل ومصر على3مليارات دولار سنويا, أي أكثر من 40%من المعونات الخارجية الأمريكية بينما خصصت ما تبقى من حجم المعونات البالغ 60% إلى 200 دولة في العالم, بالرغم من اختلال النسب السكانية بين إسرائيل ومصر تتساوى المعونات الاسرائيلية وتزداد على معونات مصر, وهكذا تدحض هذه الأرقام الأسطورة السائدة بين الشعب الامريكي بان المعونات الخارجية تذهب إلى الدول الأكثر فقرا, وفي تسعينيات القرن الماضي كانت المعونة الأمريكية السنوية لإسرائيل تبلغ 3مليارات دولار تقريبا 1,2مليار دولار معونة اقتصادية , و1,8ملياردولار هبات عسكرية, وبذلك تفوق هذه المعونة حجم المعونات المقدمة للمنطقة الأفريقية وامريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي مجتمعا .
تستفيد إسرائيل أيضا من عدد من الترتيبات الخاصة , فهي تحصل على المعونة الأمريكية في بداية كل سنة دفعة واحدة ويتم إيداع المبلغ بالمصرف المركزي الفدرالي مباشرة مع فائدة سنوية تبلغ 8% , واسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تحظى بهذا الامتياز الخاص , وعندما كان الكونغرس يدعو إلى تخفيضات مالية وردت في ميزانية عام 2003 هبات عسكرية لإسرائيل بمقدار مليار دولار , وضمانات قروض بقيمة تسعة مليار دولار على مدى أربع سنوات ,وقد فاقت هذه القيمة الطلب الإسرائيلي الذي كان بقيمة 8مليار دولار ,ومما لا ريب فيه أن المعونات المخصصة لإسرائيل تنطوي على هدف استراتيجي, ولكن قيمة المعونات وطريقة تقديمها هي نتاج وترجمة لهيمنة جماعات الضغط الصهيونية والموالية لها داخل امريكا على القرار السياسي الامريكي , وخصوصا بما يتعلق بالعالم العربي, في ظل غياب التأثير العربي على صناع القرار الامريكي, ونظرا لما ورد أعلاه من قبول مجتمعي ورسمي لعمل جماعات الضغط وبما توائم مع فلسفة المصالح الإستراتيجية الامريكية نجد أن هذا التحالف الاستراتيجي وثيق وقد اعد له عبر سلسلة آليات مختلفة حققت القدرة السياسية الليبرالية لإسرائيل , ومع فائقية القدرات العربية الشاملة لا تزال تفتقر إلى هذه القدرة للتأثير في القرارات الدولية لتحقيق التماسك السياسي والاقتصادي والتكامل الديموغرافي.