- الأحد يونيو 05, 2011 4:08 pm
#38535
موقف الاتحاد السوفيتي في أثناء الأزمة، التي مهدت لحرب 1967، فتجدر الإشارة إلى النقاط الآتية:
1 - الاتحاد السوفيتي هو المصدر الرئيسي للمعلومات عن حشد إسرائيل قواتها على الحدود مع سورية .
2 - في اجتماعَيْن عقدهما وزير الدفاع المصري، شمس بدران، مع رئيس الوزراء السوفيتي، أليكسي كوسيجين (Alexei Kosygine) ، ووزير الخارجية، أندريه جروميكو (Andrei Gromyko) ، ووزير الدفاع المارشال، أندريه جريشكو (Andrei Grechko) ، في موسكو، يومَي 26 و 27/5/1967 ، طمأن وزير الدفاع المصري الجانب السوفيتي بأن الموقف العربي "في غاية القوة"، وعرض مجموعة التدابير، التي اتخذتها مصر منذ نشوء الأزمة في 14/5/1967 حتى الحشد في سيناء وسحب قوات الطوارئ الدولية، وإقفال خليج العقبة أمام الملاحة الإسرائيلية:
وقال: "نحن مستعدون لإسرائيل ومن هم وراء إسرائيل. ولا يهمنا أمريكا ولا غير أمريكا... نحن لن نبدأ بالعدوان. فقد عدنا إلى وضعنا قبل 1956.. نحن لا نريد الحرب، ولكن لا نريد أيضاً التراجع تحت الضغوط". وقال كوسيجين: "معلوماتنا تؤكد وجود نشاط كبير في إسرائيل.
وقد تقوم بعمليات عسكرية في نهاية مايو، فهم يجهزون لتوجيه ضربة .. لا يصح أن تبدأوا بأي عملية عسكرية. فقد حصلتم على ما تريدون.
ونحن نرى الاكتفاء بما وصلتم إليه .. إن إمدادات الأسلحة لكم ولسورية هدفها ألاّ يحدث اشتباك مسلح، لأننا نريد السلام من خلال القوة".
ونقل الوزير المصري في تقريره قولاً لوزير الدفاع السوفيتي، حين كان يودعه في مطار موسكو: "على العموم أساطيلنا تحت أمركم" .
3 - أبلغ رئيس الوزراء السوفيتي وزير الدفاع المصري، في أثناء زيارته موسكو، رسالة إلى الرئيس عبدالناصر الذي عبّر عن فحواها بقوله: "إن الاتحاد السوفيتي يقف معنا في هذه المعركة، ولن يسمح لأي دولة أن تتدخل إلى أن تعود الأمور إلى ما كانت عليه عام 1956" .
4 - عندما تحركت القوات المصريـة إلى سيناء "كانوا (السوفيت) أشد الناس انزعاجاً من تحركات القوات المصرية. صحيح أن مصر كانت تتصرف بناء على معلومات تلقتها منهم، لكنهم كانوا يقصدون أن يهيِّئ تحذيرهم الحكومة المصرية نفسياً لمواجهة الموقف، أو أن يدفعها إلى إجراء مشاورات أكثر سرية، لا أن يحفزها إلى اتخاذ قرار مستقل" .
5 - سأل المشير عبدالحكيم عامر السفير السوفيتي في القاهرة إن كانت حكومته تستطيع، بواسطة قمرها الصناعي، أن تزود مصر بصورة أوضح عن انتشار القوات الإسرائيليـة على الحـدود السوريـة. وقد ردت موسكو بقولها "إنهم لم يكن في استطاعتهم أن يقرروا ما إذا كانت الحشود الإسرائيلية استفزازاً متعمداً أم هي إجراءات وقائية لمواجهة أي محاولة من جانب السوريين أن ينتهزوا فرصة عيد إسرائيل الوطني (15 مايو) لكي يشنوا هجوماً". كانت فكرة أن تحركات القوات الإسرائيلية دفاعية أكثر منها هجومية، التي وردت من موسكو شيئاً جديـداً تماماً.
كانت موسـكو عندئـذ تتكلم في الحقيقـة لغتين، في الوقـت نفسه: لغـة التحذيـر ولغـة ضبـط النفـس.
6 - استقبل المشير عامر السفير السوفيتي، عصر يوم 6/6/1967، وذكّره بإيقاظه الرئيس عبدالناصر فجر 26 مايو ليبلغه رسالة من رئيس الوزراء السوفيتي تفيد بأن الأمريكيين "اتصلوا به ونقلوا إليه تقريراً يقول إن مصر، حسب ما نقلته مصادر إسرائيلية، كانت على وشك الهجوم عند الفجر، وإنهم كانوا يناشدون مصر أن تكفّ عن القيام بهذا". فقال عبدالناصر: "إن مصر لم يكن لديها مثل هذه الخطة .. إنكم أنتم الذين منعتمونا من توجيه الضربة الأولى. وقد حرمتمونا من أخذ زمام المبادرة. وهذا تواطؤ" .
هذا عن الاتحاد السوفيتي، أمّا عن الولايات المتحـدة الأمريكية، فقد استمرت في سلوكها العدائي، بصورة عامة، ضد العرب في ما يتعلق بشؤون إسرائيل وقضية فلسطين ، وذلك قبل حرب 1967 وفي أثنائها وبعدها. فقبل الحرب، عارضت حشد القوات المصرية في سيناء، وسحب قوات الطوارئ الدولية، وإغلاق خليج العقبة. ودعت مصر إلى ألاّ تكون هي البادئة بالقتال. في حين أنها لم تتخذ موقفاً مماثلاً حيال إسرائيل، ولم تردعها عن الاستفزازات والاعتداءات والتهديدات، التي كانت تمارسها طوال أشهر سبقت الحرب، بل إنها ساعدتها على تهيئة المناخ الدولي تمهيداً للحرب، إضافة إلى مساعدات أخرى غير مباشرة، قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية إلى إسرائيل في فترة ما قبل الحرب.
لقد كان قيام الولايات المتحدة الأمريكيـة، في الأيام القليلة الحاسمة التي سبقت الحرب، بخـداع مصر وتضليلها، العامل الرئيسي والحاسم في نصر إسرائيل، من طريق توفير عنصرَي المبادأة والمفاجأة، اللذين كانا العامل، الذي قرر مصير الحرب آنذاك، وذلك بمنع مصر من أن تبدأ هي بالضربة الوقائية. فقد بعث الرئيس الأمريكي، ليندون جونسون، برسالة إلى الرئيس عبدالناصر في 23 مايو، قال فيها إن مصر تستطيع أن تتأكد بيقين، وأن تعتمد على أن الولايات المتحـدة الأمريكية تعارض معارضة صارمة أي عدوان في المنطقـة من أي نوع، سواء أكان مكشوفاً أم في الخفاء، وسواء أقامت به القوات المسلحة النظامية أم قوات غير نظامية. ولمزيد من الخداع، اقترح جونسون إيفاد نائبه، هيوبرت همفري (Hubert Humphrey) ، إلى مصر لإجراء محادثات مع الرئيس عبدالناصر.
وفي حين كانت مصر تستجيب لمقترحات جونسون بإعلان تمسكها باتفاقيات الهدنة، تعهد الرئيس عبدالناصر للأمين العام للأمم المتحدة، يوثانت (Sithu U Thant) ، عندما زار القاهرة، بأن مصر لن تبدأ بالعمل العسكري. وقد حصل جونسون بذلك على تعهد آخر من طريق الأمم المتحدة.
أبلغت مصر السفير الأمريكي ترحيبها باستقبال نائب الرئيس الأمريكي. ولإبداء حسن النية، اقترحت مصر إيفاد نائب الرئيس، زكريا محيي الدين، إلى واشنطن. ورأى جونسون أن يحصل على تعهد آخر من الرئيس عبدالناصـر من طريـق السوفيت. "وكان ذلك يتم فـي الوقت، الذي كان جونسون يجتمع فيـه مع أبا إيبان (Abba Eban) ، وزير خارجية إسرائيل، لاستكمال الاتفاق على سيناريو العدوان. وكان الهدف السياسي المتفق عليه هو إرغام العرب على إنهاء حالة الحرب مع إسرائيل، أي تحقيق مبدأ السلام مقابل الأرض، التي ستحتلها إسرائيل". وثمة أدلة كثيرة تثبت تواطؤ الولايات المتحدة الأمريكية في التكتم على قرار إسرائيل بشن الحرب، وأن توفر لها الظروف والشروط المناسبة لتكون هي البادئة بالضربة الأولى، إضافة إلى مساعدات أخرى في مجالات التسليح والمعلومات والاستخبارات، وخاصة حماية إسرائيل من أي ردة فعل تؤثر في كيانها أو تعرضها للهزيمة.
ومن بين تلك الأدلّة، ما أبلغـه نائب وزير الخارجية الأمريكيـة للسفير المصري، في 25 مايو، حين قال: "إنني أخاطبك باسم الرئيس، لقد جاء إيبان، وزير الخارجية الإسرائيلية، إلينا .. وقال إنه كان لديه معلومات من إسرائيل بأن مصر سوف تقوم بشن هجـوم هـذه الليلة. ولا بد لي أن أحذركم من أنه إذا كان هذا صحيحاً، فإن الولايات المتحدة سوف تقف ضد مصر" .
تحرك الأسطول السادس الأمريكي في مياه البحر المتوسط
تحرك الأسطول السادس الأمريكي في مياه البحر المتوسط في تظاهرة عرض للقوة، ولردع الاتحاد السوفيتي، ومنعه من التفكير في التدخل. وعبرت حاملة طائرات أمريكية قناة السويس في طريقها إلى البحر الأحمر. وكرّست الاستخبارات الأمريكية نشاطها الخاص بالمعلومات في الشرق الأوسط، قبل الأزمة وفي أثنائها، لخدمة إسرائيل. ومن قبيل ذلك، أن الاستخبارات الأمريكية أكدت لوزير الخارجية الإسرائيلية، في أثناء اجتماعه بالرئيس الأمريكي، جونسون، أنه إذا نشبت الحرب، فسوف تنتصر إسرائيل، وأن مصر لا تنوي القيام بالهجوم . كما أن معلومات استخبارات حلف شمال الأطلسي (NATO) ، قد سُخّرت لخدمة إسرائيل.
"ومن المقبول لدى الكثيرين ـ حتى من بين الباحثين الغربيين ـ أن التحذيرات الأمريكية لمصر بعد بدء القتال من ناحية، والاتصالات التي أخذت مظهراً توفيقياً تعاونياً بمصر من ناحية أخرى، كان لها دور مهم في قرار الرئيس عبدالناصر بعدم المبادرة بتوجيه الضربة الأولى ضد إسرائيل. كما أن عدم اعتراض الولايات المتحدة الأمريكية صراحة على قيام إسرائيل بعمل عسكري منفرد، منذ 27 مايو ، قد كان بمثابة الضوء الأخضر لإسرائيل" . ففي ذلك اليوم، وُجّه سؤال إلى وزير الخارجية الأمريكية عمّا إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية تبذل أي جهد لمنع إسرائيل من المباشرة بالتحرك العسكري، فأجاب بأنه لا يعتقد أن من مسؤولية الولايات المتحدة أو الاتحاد السوفيتي كبح جماح أي هجوم إسرائيلي محتمل على مصر.
1 - الاتحاد السوفيتي هو المصدر الرئيسي للمعلومات عن حشد إسرائيل قواتها على الحدود مع سورية .
2 - في اجتماعَيْن عقدهما وزير الدفاع المصري، شمس بدران، مع رئيس الوزراء السوفيتي، أليكسي كوسيجين (Alexei Kosygine) ، ووزير الخارجية، أندريه جروميكو (Andrei Gromyko) ، ووزير الدفاع المارشال، أندريه جريشكو (Andrei Grechko) ، في موسكو، يومَي 26 و 27/5/1967 ، طمأن وزير الدفاع المصري الجانب السوفيتي بأن الموقف العربي "في غاية القوة"، وعرض مجموعة التدابير، التي اتخذتها مصر منذ نشوء الأزمة في 14/5/1967 حتى الحشد في سيناء وسحب قوات الطوارئ الدولية، وإقفال خليج العقبة أمام الملاحة الإسرائيلية:
وقال: "نحن مستعدون لإسرائيل ومن هم وراء إسرائيل. ولا يهمنا أمريكا ولا غير أمريكا... نحن لن نبدأ بالعدوان. فقد عدنا إلى وضعنا قبل 1956.. نحن لا نريد الحرب، ولكن لا نريد أيضاً التراجع تحت الضغوط". وقال كوسيجين: "معلوماتنا تؤكد وجود نشاط كبير في إسرائيل.
وقد تقوم بعمليات عسكرية في نهاية مايو، فهم يجهزون لتوجيه ضربة .. لا يصح أن تبدأوا بأي عملية عسكرية. فقد حصلتم على ما تريدون.
ونحن نرى الاكتفاء بما وصلتم إليه .. إن إمدادات الأسلحة لكم ولسورية هدفها ألاّ يحدث اشتباك مسلح، لأننا نريد السلام من خلال القوة".
ونقل الوزير المصري في تقريره قولاً لوزير الدفاع السوفيتي، حين كان يودعه في مطار موسكو: "على العموم أساطيلنا تحت أمركم" .
3 - أبلغ رئيس الوزراء السوفيتي وزير الدفاع المصري، في أثناء زيارته موسكو، رسالة إلى الرئيس عبدالناصر الذي عبّر عن فحواها بقوله: "إن الاتحاد السوفيتي يقف معنا في هذه المعركة، ولن يسمح لأي دولة أن تتدخل إلى أن تعود الأمور إلى ما كانت عليه عام 1956" .
4 - عندما تحركت القوات المصريـة إلى سيناء "كانوا (السوفيت) أشد الناس انزعاجاً من تحركات القوات المصرية. صحيح أن مصر كانت تتصرف بناء على معلومات تلقتها منهم، لكنهم كانوا يقصدون أن يهيِّئ تحذيرهم الحكومة المصرية نفسياً لمواجهة الموقف، أو أن يدفعها إلى إجراء مشاورات أكثر سرية، لا أن يحفزها إلى اتخاذ قرار مستقل" .
5 - سأل المشير عبدالحكيم عامر السفير السوفيتي في القاهرة إن كانت حكومته تستطيع، بواسطة قمرها الصناعي، أن تزود مصر بصورة أوضح عن انتشار القوات الإسرائيليـة على الحـدود السوريـة. وقد ردت موسكو بقولها "إنهم لم يكن في استطاعتهم أن يقرروا ما إذا كانت الحشود الإسرائيلية استفزازاً متعمداً أم هي إجراءات وقائية لمواجهة أي محاولة من جانب السوريين أن ينتهزوا فرصة عيد إسرائيل الوطني (15 مايو) لكي يشنوا هجوماً". كانت فكرة أن تحركات القوات الإسرائيلية دفاعية أكثر منها هجومية، التي وردت من موسكو شيئاً جديـداً تماماً.
كانت موسـكو عندئـذ تتكلم في الحقيقـة لغتين، في الوقـت نفسه: لغـة التحذيـر ولغـة ضبـط النفـس.
6 - استقبل المشير عامر السفير السوفيتي، عصر يوم 6/6/1967، وذكّره بإيقاظه الرئيس عبدالناصر فجر 26 مايو ليبلغه رسالة من رئيس الوزراء السوفيتي تفيد بأن الأمريكيين "اتصلوا به ونقلوا إليه تقريراً يقول إن مصر، حسب ما نقلته مصادر إسرائيلية، كانت على وشك الهجوم عند الفجر، وإنهم كانوا يناشدون مصر أن تكفّ عن القيام بهذا". فقال عبدالناصر: "إن مصر لم يكن لديها مثل هذه الخطة .. إنكم أنتم الذين منعتمونا من توجيه الضربة الأولى. وقد حرمتمونا من أخذ زمام المبادرة. وهذا تواطؤ" .
هذا عن الاتحاد السوفيتي، أمّا عن الولايات المتحـدة الأمريكية، فقد استمرت في سلوكها العدائي، بصورة عامة، ضد العرب في ما يتعلق بشؤون إسرائيل وقضية فلسطين ، وذلك قبل حرب 1967 وفي أثنائها وبعدها. فقبل الحرب، عارضت حشد القوات المصرية في سيناء، وسحب قوات الطوارئ الدولية، وإغلاق خليج العقبة. ودعت مصر إلى ألاّ تكون هي البادئة بالقتال. في حين أنها لم تتخذ موقفاً مماثلاً حيال إسرائيل، ولم تردعها عن الاستفزازات والاعتداءات والتهديدات، التي كانت تمارسها طوال أشهر سبقت الحرب، بل إنها ساعدتها على تهيئة المناخ الدولي تمهيداً للحرب، إضافة إلى مساعدات أخرى غير مباشرة، قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية إلى إسرائيل في فترة ما قبل الحرب.
لقد كان قيام الولايات المتحدة الأمريكيـة، في الأيام القليلة الحاسمة التي سبقت الحرب، بخـداع مصر وتضليلها، العامل الرئيسي والحاسم في نصر إسرائيل، من طريق توفير عنصرَي المبادأة والمفاجأة، اللذين كانا العامل، الذي قرر مصير الحرب آنذاك، وذلك بمنع مصر من أن تبدأ هي بالضربة الوقائية. فقد بعث الرئيس الأمريكي، ليندون جونسون، برسالة إلى الرئيس عبدالناصر في 23 مايو، قال فيها إن مصر تستطيع أن تتأكد بيقين، وأن تعتمد على أن الولايات المتحـدة الأمريكية تعارض معارضة صارمة أي عدوان في المنطقـة من أي نوع، سواء أكان مكشوفاً أم في الخفاء، وسواء أقامت به القوات المسلحة النظامية أم قوات غير نظامية. ولمزيد من الخداع، اقترح جونسون إيفاد نائبه، هيوبرت همفري (Hubert Humphrey) ، إلى مصر لإجراء محادثات مع الرئيس عبدالناصر.
وفي حين كانت مصر تستجيب لمقترحات جونسون بإعلان تمسكها باتفاقيات الهدنة، تعهد الرئيس عبدالناصر للأمين العام للأمم المتحدة، يوثانت (Sithu U Thant) ، عندما زار القاهرة، بأن مصر لن تبدأ بالعمل العسكري. وقد حصل جونسون بذلك على تعهد آخر من طريق الأمم المتحدة.
أبلغت مصر السفير الأمريكي ترحيبها باستقبال نائب الرئيس الأمريكي. ولإبداء حسن النية، اقترحت مصر إيفاد نائب الرئيس، زكريا محيي الدين، إلى واشنطن. ورأى جونسون أن يحصل على تعهد آخر من الرئيس عبدالناصـر من طريـق السوفيت. "وكان ذلك يتم فـي الوقت، الذي كان جونسون يجتمع فيـه مع أبا إيبان (Abba Eban) ، وزير خارجية إسرائيل، لاستكمال الاتفاق على سيناريو العدوان. وكان الهدف السياسي المتفق عليه هو إرغام العرب على إنهاء حالة الحرب مع إسرائيل، أي تحقيق مبدأ السلام مقابل الأرض، التي ستحتلها إسرائيل". وثمة أدلة كثيرة تثبت تواطؤ الولايات المتحدة الأمريكية في التكتم على قرار إسرائيل بشن الحرب، وأن توفر لها الظروف والشروط المناسبة لتكون هي البادئة بالضربة الأولى، إضافة إلى مساعدات أخرى في مجالات التسليح والمعلومات والاستخبارات، وخاصة حماية إسرائيل من أي ردة فعل تؤثر في كيانها أو تعرضها للهزيمة.
ومن بين تلك الأدلّة، ما أبلغـه نائب وزير الخارجية الأمريكيـة للسفير المصري، في 25 مايو، حين قال: "إنني أخاطبك باسم الرئيس، لقد جاء إيبان، وزير الخارجية الإسرائيلية، إلينا .. وقال إنه كان لديه معلومات من إسرائيل بأن مصر سوف تقوم بشن هجـوم هـذه الليلة. ولا بد لي أن أحذركم من أنه إذا كان هذا صحيحاً، فإن الولايات المتحدة سوف تقف ضد مصر" .
تحرك الأسطول السادس الأمريكي في مياه البحر المتوسط
تحرك الأسطول السادس الأمريكي في مياه البحر المتوسط في تظاهرة عرض للقوة، ولردع الاتحاد السوفيتي، ومنعه من التفكير في التدخل. وعبرت حاملة طائرات أمريكية قناة السويس في طريقها إلى البحر الأحمر. وكرّست الاستخبارات الأمريكية نشاطها الخاص بالمعلومات في الشرق الأوسط، قبل الأزمة وفي أثنائها، لخدمة إسرائيل. ومن قبيل ذلك، أن الاستخبارات الأمريكية أكدت لوزير الخارجية الإسرائيلية، في أثناء اجتماعه بالرئيس الأمريكي، جونسون، أنه إذا نشبت الحرب، فسوف تنتصر إسرائيل، وأن مصر لا تنوي القيام بالهجوم . كما أن معلومات استخبارات حلف شمال الأطلسي (NATO) ، قد سُخّرت لخدمة إسرائيل.
"ومن المقبول لدى الكثيرين ـ حتى من بين الباحثين الغربيين ـ أن التحذيرات الأمريكية لمصر بعد بدء القتال من ناحية، والاتصالات التي أخذت مظهراً توفيقياً تعاونياً بمصر من ناحية أخرى، كان لها دور مهم في قرار الرئيس عبدالناصر بعدم المبادرة بتوجيه الضربة الأولى ضد إسرائيل. كما أن عدم اعتراض الولايات المتحدة الأمريكية صراحة على قيام إسرائيل بعمل عسكري منفرد، منذ 27 مايو ، قد كان بمثابة الضوء الأخضر لإسرائيل" . ففي ذلك اليوم، وُجّه سؤال إلى وزير الخارجية الأمريكية عمّا إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية تبذل أي جهد لمنع إسرائيل من المباشرة بالتحرك العسكري، فأجاب بأنه لا يعتقد أن من مسؤولية الولايات المتحدة أو الاتحاد السوفيتي كبح جماح أي هجوم إسرائيلي محتمل على مصر.